متـاهـات وهتـافـات… كرار هيابو
13-Apr-2005
كرار
في المتاهات الواسعة، التي تحاصرنا شعوبا وحكومات من كل جانب، التقِي القراء تحت هذا العنوان لنبحث عن المخارج. إن وجدناها هتفنا فرحا، وإن أخفقنا وتهنا، هتفنا أيضا لنلتقي ونعاود الكرة من جديد.
قـرار متحــامل: كـرار هيــابـوبصدور القرار رقم ( 1593 ) من مجلس الأمن الدولي المتعلق بمحاكمة السودانيين المتهمين بالتورط في جرائم حرب دارفور بمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، يكون هذا المجلس قد وضع الحصان أمام العربة، وهو ما يعني اعلان الحرب على السودان عاجلا كان أم آجلا، حرب من نوع مختلف، بدءً من حظر سفر المسؤولين، والحصار الإقتصادي وانتهاءً بمواجهات عسكرية كتلك التي رأيناها في أماكن أخرى قريبة منا.وبإعلان السودان موقفه الرافض لهذا القرار مبديا استعداده بمحاكمة المتهمين في محاكم سودانية يكون قد وضع مجلس الأمن في حرج ومعه المجتمع الدولي بالطبع، وقد جاء القرار الدولي متحاملا على السودان ومتحيزا بشكل يقلل من مصداقيته، ويفضح المعايير المزدوجة التي يكيل بها. غير أن رفض حكومة السودان لهذا القرار وإعلانها عدم تسليم اي سوداني، تنطوي عليه كثير من المخاطر التي ستواجهها، كون القرار صدر من أعلى جهة دولية، الأمر الذي يحتم على المعنيين التعامل معه بحساسية عالية من أجل تفادي المواجهات التي قد لا تحمد عقباها.من ناحية أخرى فان موقف مجلس الأمن الدولي السلبي تجاه السودان سيلقي بظلاله على مساعي السلام التي تطرح في أروقة الحكومة السودانية والمعارضة، ويهدد بقية الجهود والمساعي الرامية الى إنزال إتفاقية السلام بين الشمال والجنوب على أرض الواقع، ويجعلها في محك حقيقي.القرار لم يكن موفقا من جهة لأنه إستهدف طرفا مهما من أطراف إتفاقية السلام، وهو الحكومة، وما ينطوي عليه هذا الإستهداف انه يضعف موقفها على حساب الشريك الآخر، كما انه لا يخدم كافة قضايا السلام لأن أحد طرفيها مهدد كما أسلفنا، وكان حري بمجلس الأمن أن يطرق أبوابا أخرى لتسوية الموضوع ، لا أن يصدر قرارا متحاملا ومتحيزا، وما أكثر طرق البدائل.المواقف السودانية المعلنة حتى الآن تجاه هذا القرار من معارضة وموالاة تندرج في اطار تصفية الحسابات ليس إلا. وما أعلنه السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة حول تاييده قرار المحكمة يندرج ايضا في هذا الإطار، وهذا برأي إسهام آخر في صب مزيد من الزيت على النار، وكان يمكن أن يكون له رأيا مغايرا خاصة أن ظروف صدور القرار ليست طبيعية وإلا كيف تستثنى دول يرتكب قادتها وجنودها أبشع الجرائم بحق الإنسانية امام عدسات التصوير ومن ثم يخلى سبيلهم ليلتقط الشرك ممن ليس لهم حماية دولية ولا حيلة ذاتية.لا شك ان تداعيات هذا القرار لن تكون سهلة ولن تتوقف على النحو الذي تسير فيه الأمور حتى اللحظة، بل أن النوايا الأمريكية المبيتة تجاه السودان قد مُهِدَ لها الطريق وفُتِحَ أمامها المجال وتهيأت لها الظروف لتفعل ما تشاء استنادا على هذا القرار ودعما لمجلس الأمن بعد أن ضمنت لجنودها ممن يرتكب الجرم وينتهك الحقوق والمواثيق بعدم التعرض له أو مساءلته. وهنا تتجلى إزدواجية المعايير التي يكيل بها المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة، وما أكثر التجاوزات التي ترتكب بحق الشعوب في نفسها وارضها من الأمريكان والصهاينة على حد سواء، وإزاء هذه التجاوزات والصمت الدولي، فإن الشعب السوداني لن يكون آخر من توجه اليه السهام الأمريكية التي قد تنطلق من وراء هذا القرار المتحامل، ولن تكون أولى السهام، وقد انتهكت من قبل اراضيه وسيادته ودمرت مصالحه ولبنات مؤسساته الإقتصادية عندما ضربت الصواريخ الأمريكية مدينة الخرطوم وأحالت مصنع الشفاء الى كومة رماد في العام 1998م ولم يجرؤ مجلس الأمن على محاسبتها.آخر الهتاف:نعم للمساءلة والمحاسبة، ولكن بصدق وشفافية ودون تحامل.hiabu1_k@yahoo.com