مقالات

مفاتيح: ارتريا : حال الحكم وحال المعارضة 1ـ2 :جمال همد*

26-Mar-2008

المركز

لايختلف اثنان في توصيف المأزق التاريخي الذي يعيشه الشعب الارتري في هذه المرحلة من عمر مسيرته السياسية لينهض سؤال مشروع وكبير يدور حول مستقبل هذا الشعب ومستقبل الكيان الذي اعلن عن نفسه في 24مايو 1991م في ظل مستجدات اقليمية ودولية وداخلية قلما تتوافر مرة اخرى ، هذا المأزق يتمثل في مهددات جمة داخلية واقليمية ودولية وقد ساهم النظام القائم في اسمرا بفعالية في صنع معظمها بمزاجاته الحادة وقراراته الإرتجالية حينا وبالإستهانة بها حيناً آخر وتتعامل معها المعارضة بعدم الإدراك لخطورتها حيناً وبعدم مغادرتها لتفكير مرحلة التحرر الوطني نتيجة ظروفها الذاتية أو الموضوعية.

نفصل فنقول إرتريا الدولة الوليدة رشحت من قبل كثير من الاوساط المراقبة الدولية ان تعيش الى حد ما في رخاء اقتصادي واستقرار سياسي في منطقة مضطربة ومرشحة لذلك ، لأسباب أجملت في أن التعاطف العالمي والاقليمي سيدر عليها الكثير من الاموال بجانب وقوعها وسط عملاقين هما اثيوبيا والسودان وتقديم الخدمات تجارية لهما من تجارة المرور واستخدام الموانيء فضلا عن الخدمات السياحية بكافة أوجهها بجانب شعب يقدس العمل اكتسب خبرات من جيرانه وخاصة السودان والسعودية ودول الخليج طوال العقود الثلاثة الماضية ويتوق للأمن والاستقرار والسلام ويحترم جيرانه الذي عاش بينهم طوال السنوات الماضية بسلام ولم تسجل اضابير الشرطة السودانية حالات كتعكير الأمن العام أوالعنف بينه والسكان الاصليين في كل اقاليم السودان وخاصة في الولايات الشرقية وهذا رصيد كبير للدولة الوليدة كما أنها- أي الدولة الوليدة – يفترض على قادتها ان يكونوا قد خبروا جيداً نتائج الصراع السياسي والعسكري في مرحلة الكفاح المسلح مما يتيح لهم استخلاص العبر ، كما أن الفصيل الذي انتزع الاستقلال يحمل برنامجه السياسي الذي ناضل من أجله الكثير من مفاهيم ديمقراطية والكثير من الحقوق المفضية الى التعددية السياسية والحزبية وقد شرع في تطبيق ذلك فعلا الا انه سرعان ما تراجع عنها ليتكرس دور الفرد القائد الذي يجمع كل الصلاحيات ، كما أنه وقع على العديد من الاتفاقيات الدولية دون ان ترى النور حتى الآن ، بل وأدخل الرئيس البلاد والعباد في نفق طويل ومظلم فمن قمع طال الجميع ولم يستثن القيادات التاريخية للحزب وحتى الاطفال الى هجرة نحو الحدود في ظاهرة مسكوت عنها عالميا وضائقة اقتصادية مستحكمة حولت ثلثي الشعب الارتري الى متسول للإغاثة الى حروب مع جميع جيرانه ولا زالت تعتمل و طال شررها الى الضفة الأخرى من المحيط أدت الى عزلته داخليا وأقليميا ودوليا تتبرع بعض الانظمة العائلية العربية الرجعية فكها من حين لآخر ، كما ان الإتحاد الاوربي ترك الباب مواربا واسرائيل التي تحرص على مصالحها هذا الخليط يتفق على استمرار وجود النظام.اما المعارضة فهي نتاج مرحلة الكفاح المسلح بهياكلها وبنيتها وبرامجها وخطها السياسي وقياداتها وبالتالي فهي مثقلة بكل ما اعترى تلك المرحلة من مشكلات وعوائق وصراعات بعضها موضوعي وأغلبها غير موضوعي ولم تنج من ذلك بقية التنظيمات والاحزاب التي تكونت فيما بعد أو قبيل التحرير الا في النذر اليسير .بهذا الارث الثقيل ودون التخفف منه دخلت الى باب مرحلة المعارضة لنظام سياسي وطني خالطة بين ادوات النضال في مرحلة طرد المحتل مع ادوات مقاومة نظام إرتري بل واستخدمت نفس الادوات التي خبرها النظام واستخدمها هو نفسه أضف الى ذلك الكثرة الكمية لا النوعية لفصائل المعارضة ، فالفصائل التي كانت مرشحة لمقارعة النظام الشمولي وأعني فصائل جبهة التحرير الارترية استنزفت طاقاتها البشرية طيلة سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي لظروف موضوعية تمثل في المطاردات للقيادات والكادر ومصادرة الممتلكات الخ لبعض الدول المحيطة وذاتية تمثلت في تقوقع وجمود وتكلس فكري وتأثير الانقسام وهجرة كبيرة للكادر الى أوربا والسعودية ودول الخليج الى الانزواء في المدن السودانية والانسحاب من الحياة العامة الخ ،هذا الامر دفع بعدد كبير من الاعضاء العاديين في التنظيم المعين الى الصعود الى الصف الاول ومن دون مؤهلات سياسية واكاديمية وعلمية فتصور معي عزيزي القاريء فيما يحدث من حركة داخل هذا التنظيم أو ذاك هذا في فصائل جبهة التحرير ، اما الحركة الاسلامية وان كانت بمنأى جزئي عن ذلك الا أن هناك أسباب أخرى محلية واقليمية وذاتية من برنامج وخطاب سياسي وبنية تنظيمية واجتماعية لم تدفعها للصفوف الامامية للمقاومة وأخيرا يمكن الحديث عن تنظيمات نشأت في التسعينات وبداية الالفية وهي في مجملها ضعيفة المبنى والمعنى وبعضها نشأ بعوامل خارجية يستثنى من ذلك الحركة الشعبية الارترية وفيما بعد كونت مع تنظيم المؤتمر الوطني والحركة الديمقراطية الارترية جبهة الانقاذ وكذلك الحزب الديمقراطي الارتري وعماد عضويته هممن المغادرين الحزب الحاكم بعد الانشقاق والحركة الفيدرالية الديمقراطية الارترية وقوامها عدد من المثقفين والأكاديميين الإرتريين في أوروبا .ونواصل * نشرت في صفحة رسالة ارتريا في صحيفة الوطن السودانية -21مارس2008م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى