مفاتيح : دعوة للسلام بمناسبة الأعياد: جمال همد
30-Dec-2007
ecms
أكثر من أي وقت مضى تعيش الإنسانية هذه الأيام جو من الفرح والاحتفاء والتفاؤل ، وذلك لتزامن الأعياد الكبيرة للمسلمين والمسيحيين ، حيث أحتفل العالم الإسلامي بعيد الفداء بكل كما يحمل من معاني وقيم كبيرة للإنسانية ، وهو بقدر ما هو سنة إسلامية سنها الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه في ذات الوقت تخليد لذكرى سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو جد العرب واليهود ، كما يحتفل المسيحيون بأعياد الميلاد المجيد ، إذ يعتبر ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام معجزة حقيقة ، ورسالته قيمة إنسانية كبيرة .
إن هذا التزامن في هذه الأعياد يستوجب الغوص في معانيها بأكثر مما هو ماثل الآن ، فالأديان في جوهرها هي دعوة للسلام ورخاء البشرية في الدنيا ، ومن ثم النعيم الدائم في الآخرة ، ولكن أينما التفتنا نجد ممارسات تناقض جوهر الدين هنا أو هناك من الحروب والقتل والظلم والاعتداء .وفي إرتريا التي كان يمكن أن تشكل المثال في التعايش من حيث توازن الأتباع للديانتين المسيحية والإسلامية ، وكذلك عمق التدين لدى كل فئة منهم نجد الحال غير ذلك ، فالوطن كله سجن كبير لا يصدق من يجد فرصة الفرار منه على أي مستوى كان وإلا أنتهز الفرصة ، ولا يوجد في الأرض قاطبة وطن طارد لأهله ومواطنيه مثل إرتريا اليوم ، ولا يعود ذلك بالتأكيد إلى فقر الوطن أو بيئته الجغرافية أو المناخية ، فهو نفس الوطن الذي بذل فيه الشعب الإرتري أكثر من مائة ألف شهيد في سبيل حريته وتحدى المستحيل حتى رفرف العلم الإرتري في سارية الأمم المتحدة ، ولكن لأن النظام قلب كل معاني الاستقلال الجميلة إلى عكسها ، ولم يأخذ في الاعتبار معاني الدين ، ولا روابط الأخوة ، ولا وحدة المصير الذي يربط أبناء الشعب الواحد ، بل أعتبر هذا الشعب عدوه الأول الذي تجب محاربته ، وقد تفنن النظام في إيجاد وسائل هذه الحرب القذرة بمشاريع مثل التعليم بلغات الأم ، والخدمة والوطنية إلى الأبد ، والحروب المفتعلة مع دول الجوار ، والسجون غير المبررة دون محاكمات أو اتهامات أو أحكام ، وهكذا أفقد النظام هذا الشعب الأبي كل معاني الاستقلال من جهة ، وقيم الأعياد ودلالاتها من جهة أخرى .ومع كل ذلك لا نملك إلا أن نذكر شعبنا في الداخل والمهجر بأن يتمسك بالأمل ، لأن رغبة النظام هي إطفاء هذه الشمعة ، ولن يكون لنا وجود من غير أمل نعيش عليه لتجاوز هذه المحنة ، لأن هذه المحن تقوى الأمم ولا تقصم ظهرها .من هنا نتوجه بأسمى التهاني لكافة المسلمين بأعياد الفداء ، كما نتوجه للمسيحيين بالتهنئة بمناسبة أعياد الميلاد المجيد ، ونجدد دعواتنا للتفاؤل والمحبة والسلام في وطن لن يكون له وجود من غير هذه المعاني .وكل عام وأنت بخير