مقالات

ملتقى الحوار : بين الخوف من المجهول والسعى وراء المأمول(3-3 ) :عمر جابر

21-Aug-2010

المركز

أولا : العلاقات الأرترية – الأثيوبية الجدار النفسى موجود تجاه العاصمة الأثيوبية – تراجع وتوارى بعد الأستقلال بسبب موقف النظام الأثيوبى الجديد واعترافه بأستقلال ارتريا ومشاركة رئيس الوزراء الأثيوبى فى أعياد الأستقلال. ولكنه برز مرة أخرى بعد حرب بادمى وتسويق النظام الأرترى للصراع باعتباره صراع وجود وسيادة وليس صراع حدود.

يضاف الى ذلك ضعف المعارضة الأرترية ومحاولات بعض مكوناتها التسابق لكسب رضا السلطات الأثيوبية حتى على حساب وحدة قوى المعارضة واستقلالية موقفها.فى أيام الملتقى حاولت بعض تنظيمات التحالف تسويق برنامجها بادعاء أن الأثيوبيين يدعمونه!؟ثم يأتى آخر ويطرح برنامجا معاكسا ويقول ان الأثيوبيين يؤيدونه!؟ المفاجأة ان القرار الذى خرج به الملتقى رحب به الأثيوبيون فى حين عارضته المنظمات المحسوبة عليهم ( حقا أو باطلا) !؟أما ان تلك المنظمات ليس لها علاقة خاصة مع الأثيوبيين أو أن أثيوبيا لم تتدخل فى الأمر منذ البداية وتركته لأصحاب الشأن – الأرتريين كلهم— أو أنه كان ادعاء من تلك المنظمات لتقوية موقفها داخل جسم المعارضة الأرترية. اثيوبيا دولة وليس مجموعة عصابات تهريب تبنى علاقاتها مع أفراد ومجموعات عابرة لتحقيق أغراض ومصالح طفيلية. دولة لها استراتيجية ودوائر لصنع القرار ومصالح قومية تتجاوز مشاعر وشعارات الأخوة وحب الجار – اذا التقت مصالحها مع مصالح حركة المعارضة الأرترية دعمتها وقدمت لها يد العون واذا تقاطعت تلك المصالح فلا علاقة – ولم يكن لأثيوبيا برنامج لتغيير النظام فى أسمرا كما ثبت أخيرا والذين ينتظرون الدبابة الأثيوبية لتحملهم الى أسمرا واهمون وسينتظرون طويلا —كانت تلك القراءة واضحة فى مخيلتى وأنا فى طريقى الى لقاء غير رسمى جمعنى مع أحد أبرز قيادات الحزب الحاكم وأحد مؤسسيه. ناقشنا العلاقات فى مرحلة الثورة – ولم تتطابق آراؤنا – لهم قراءة يبررون بها تحالفهم مع الجبهة الشعبية ولنا ( جبهة التحرير) قراءة مختلفة. ثم ناقشنا علاقة الحاضر – عبرت عن قلق المعارضة الأرترية من ظاهرة القوميات – وموقف الحكومة الأثيوبية المزدوج بدعمها للتحالف من جهة وللقوميات من جهة أخرى – شرحت له الفرق بين قضية القوميات فى ارتريا وبين مثيلاتها فى اثيوبيا.وهنا اتفق معى الرجل تماما فى التحليل وقال: نحن أيدنا حق تقرير المصير للشعب الأرترى وليس لقومية بعينها – تحدينا المجتمع الدولى ومنظمة الوحدة الأفريقية فى ( أبوجا) فتمسكنا بحق الشعب الأرترى فى تقرير مصيره – ثم ذهب رئيس الوزراء الى ارتريا ليشارك الشعب الأرترى فرحته بألاستقلال –وفى عام 2007 وفى لقاء مع قيادات التحالف قال لهم رئيس الوزراء: قضية حق تقرير المصير للقوميات يجب تركها لبرلمان ارترى منتخب ديمقراطيا – هذا ليس أوانها !قلت للرجل: مع كل تلك المواقف الوضحة والحجج المقنعة – يحضرنى المثل وعذرا للمقارنة— أسمع كلامك يعجبنى وأرى أعمالك أستعجب! كيف يعقد مجلس القوميات فى مقلى برعاية رسمية ويخرج بتلك القرارات اذا لم تكن هناك مباركة من الحزب؟ لم ينزعج الرجل من الملاحظة فقد عركته الحياة وواجه مواقف وأحداث منحته مناعة وصفاءا ذهنيا ونظرة ثاقبة للآمور – قال: لا تنسى انكم فى اثيوبيا – هامش الديمقراطية المتاح يسمح لأى شخص أو تجمع أن يفعل ويعلن ما يشاء حتى ضد موقف ورأى الحزب الحاكم! هناك أحزاب اثيوبية تعارض حتى اليوم استقلال ارتريا – لا نستطيع منعها من النشاط – ثم ان قيادة التحالف الديمقراطى الأرترى ( المعارضة الأرترية ) شاركت وباركت اللقاء ! ذلك نشاط ارترى لا دخل لنا به – انه شأنكم الداخلى – واذا كان البعض يعتقد انه يرضينا بهذا الموقف أو ذاك – نقول أننا قادرون على تحديد مواقفنا بوضوح ونحن مع الشعب الارترى ووحدته.ما لم يشأ أن يقوله ذلك المناضل المخضرم – أقوله أنا من قراءة متكاملة لحركة الدولة الأثيوبية: هناك دوائر ومراكز لصنع القرار فى الدولة الأثيوبية مثلها فى ذلك مثل أى دولة فى العالم – قرار اقتصادى – قرار سياسى – وقرار – أمنى. اثيوبيا بعد حرب بادمى أصبح الهاجس الأمنى لديها يأخذ أولوية قصوىولو دققنا فى مكونات المجموعات القومية التى تتهم اثيوبيا باحتضانها لوجد نا انها قوميات حدوديةالكوناما والعفر وأخيرا دخلت قومية الساهو فى المثلث الأمنى بعد حرب بادمى ( أكلى قزاى).وماذا عن القوميات الأخرى؟ انها مجرد ديكورات لأكمال الصورة – خيال مآ تة القصد منه كان تخويف النظام الأرترى ولكنها أصبحت طلقة طائشة أخافت المعارضة الأرترية! الموقف الأثيوبى الرسمى لم يتغيروحتى التعامل اليومى مع تلك المجموعات القومية لا يمس ذلك الخط الأحمر – وحدة ارتريا أرضا وشعبايبقى على الأرتريين تحديد خياراتهم وتوجهاتهم دون التمسح بالعباءة الأثيوبية— وحتى حق الأنفصال للقوميات الأثيوبية الذى أقره الدستور الأثيوبى حق نظرى لن يرى النور فى الواقع العملى بسبب شروطه وقيوده.هنا حدث خلط – عن قصد أو دون قصد– والتباس سببه سوء التنسيق والقصور الأدارى – وهو جزء من الهنات والعثرات التى خلقتها اللجنة التحضيرية – سامحها الله – لملتقى الحوار. أثناء أيام الملتقى تم توزيع وثيقة باسم( اعلان أديس أببا) بصورة غير رسمية وكان يطلب من الحضور خارج قاعة المؤتمر التوقيع للتعبير عن تضامنهم مع قومية العفر! كانت تلك الوثيقة هى النسخة الأرترية لأعلان ( سمرا) الذى أصدره عفر اثيوبيا! كان الهدف هو ارسال الوثيقة بعد التوقيعات الى الأمم المتحدة – كانت مبادرة عفرية لا علاقة لها بالملتقى ولا بأجندته – وكان يقف خلفها خبير كندى يعمل مستشارا لرئيس الحكومة التنفيذية فى اقليم العفر الأثيوبى!؟ لا أحد يعرف كيف جاء الرجل ولماذا — ولم يسمع الملتقى تبريرا ولا تفسيرا غير الأعتذارات التى توالت من اللجنة التحضيرية حتى كادت ان تصبح أجندة ثابتة فى كل جلسة!حتى هنا كان يمكن ان تنتهى تلك الظاهرة التى تم اقحامها فى أعمال المؤتمر – ولكن الوثيقة النهائية للملتقى – القرارات والتوصيات – صدرت تحت عنوان ( اعلان أديس أببا ) !؟ هنا حدث اللبس والألتباسوما كان فى الوثيقة العفرية انسحب على الوثيقة النهائية!؟ – مرة أخرى انه سوء تنسيق وقصور ادارى. هناك وثائق أساسية خرج بها الملتقى ولا يلتفت اليها أحد: المرحلة الأنتقالية – الوحدة الوطنية – الميثاق الوطنى لا يوجد فى أى منها سطر واحد عن حق تقرير المصير للقوميات! أين الموقف الرئيسى : فى الوثائق الأساسية أم فى القرارات والتوصيات؟ حق تقرير المصير يتطلب تمثيلا كاملا وحقيقيا للقومية التى تطالب بذلك – القيادات الحالية مؤقتة لا تملك تلك الشرعية الكاملة.ومن الذى يعطى؟ بقية مكونات التحالف؟ انها أيضا لا تملك الشرعية ولا التفويض – كيف يعطى من لا يملك لمن لا يستحق؟ تلك للأسف تخريجات بعض مكونات التحالف والتى تتناقض مع ما يحتويه ميثاقهم اما انها كانت استجابة عاطفية غير مدروسة لمطالب تلك القوميات واما انه ارباك وارتباك فى فهم الأولويات وترتيبها وصلاحية الملتقى فى اصدار مثل تلك القرارات.–— كل التنظيمات الرئيسية فى التحالف الأسلامية منها والعلمانية لا تقر مبدأ حق تقرير المصير للقوميات— كذلك منظمات المجتمع المدنى فى أوربا وأمريكا وكندا والسودان – كيف تم اقرار القرار؟ انه الأرباك والأرتباك وصياغات اللحظات الأخيرة بدليل انه لم يظهر فى النسخة التقرنية عند القراءة! كل ذلك سيتم حسمه فى المؤتمر القادم وفى النهاية لا يصح الا الصحيح.تلك مسئولية تاريخية لقوى المعارضة والتى أثبتت حتى الآن انها تمتلك الرؤية الواضحة والفهم الصحيح لطبيعة الصراع رغم ما تشهده الساحة من حين الى آخر من تعرجات وتخريجات لا تمت الى روح المعارضة ومبادئها بصلة.البرلمان الأرترى المنتخب ديمقراطيا هو الذى يملك الصلاحية لأعطاء أو منع ذلك الحق – ولا يمكن لملتقى ان يأمر جهة تشريعية أكبر منه أن تفعل كذا وكذا – هل هذا هو التغيير الديمقراطى الذى تنشدون؟ثانيا : ملاحظات وتوصيا ت للمفوضية@ لا بد من وضع معايير ومقاييس واضحة ومتفق عليها لتمثيل الأعضاء فى المؤتمر الوطنى القادملا يجب ترك ذلك للصدفة واجتهادات الأفراد – المحاسبة ستكون جماعية وليست مسئولية فرد واحد –واذا وجد عضو ما نفسه غير قادر على تغيير اعوجاج ما أشرف له أن يعتزل فى منزله الى حين انعقاد المؤتمر ويأتى شاهدا على ما حدث.@ منظمات المجتمع المدنى – ليس لها أسس ولا معايير – لا بد من البداية الجديدة والصحيحة وجمع الموجود فى مدينة واحدة ثم فى قطر واحد وبعدها يكون التمثيل قاريا – والمعيار ماذا فعلت تلك المنظمة فى النضال ضد الدكتاتورية؟ هل شاركت فى مظاهرة أم وقعت على مذكرة احتجاج او أثارت قضية سجين اوتحدثت عن ظروف اللاجئين؟@المنظمات خارج التحالف – لا يجب شغل المؤتمر الوطنى بهذه القضية – على المفوضية حلها وعدم ترحيلها الى الأمام. أما قضية القوميات فذلك اختراع اللجنة التحضيرية السا بقة ولا أحد يستطيع الأجابة لو سئل ما هى الأسس التى وضعت و على ضوئها تمت دعوة تلك المنظمات القومية؟ أبناء تلك المجموعات القومية فى التنظيمات الأسلامية والعلمانية أكثر بكثير وأقوى تأثيرا من مجمل أعضاء تلك القوميات فى التنظيمات الجديدة؟ باستثناء الكوناما والعفر ليس هناك من مبرر لوجود تلك المسميات – والا ستكون سلسلة لا نهاية لها.@ فى الحكم النهائى على الملتقى ما زال البعض يقول لماذا لم تنجح المشاريع الأخرى؟ انها الديمقراطية – الستم من أنصار التغيير الديمقراطى؟ والبعض الآخر لا يريد حتى رائحة تلك المشاريع ويقول لماذا قلتم مجلس وطنى فى المؤتمر الوطنى القادم؟ يا قوم – المؤتمر الوطنى القادم سيد نفسه يستطيع ان يغير أجندته كما يشاء ويعلن من الأسماء والمسميات ما يريد!@ أتمنى أن تنجح المفوضية فى تنمية وتقوية صندوق الدعم الأقتصادى الذى أوصى به الملتقى لتأمين الأكتفاء الذاتى وعقد المؤتمر القادم فى مكان آخر ( أوربا) – ليس تشكيكا فى مركز التحالف ( اثيوبيا) فقد قدم الأخوة الأثيوبيون الكثير ولكن لتخفيف الأعباء عنهم وفتح مجالات جديدة تزيد من مساحة حركة المعارضة الأرترية وتساعد على تنمية وبناء روح الأعتماد على النفس لدى المواطن الرترى خاصة المعارضين منهم.وليس بالضرورة ان تحضر الحشود الكبيرة – اذا تم تنظيم المؤسسات ومنظمات المجنمع المدنى يمكن تقليص العدد الى النصف ( لو نذكر مؤتمرات المعارضة العراقية والأفغانية فى الخارج قبل تغيير تلك الأنظمة) – كذلك يمكن تكليف بعض الأعضاء القادرين بتحمل نفقات سفرهم والطلب من الأرتريين فى البلد الذى يستضيف المؤتمر تحمل جزء من تكاليف الأعاشة والأقامة. الأعتماد الكلى على مصدر واحد يقيد حركة المعارضة ويلقى بالظلال على استقلالية قرارها.وفى الختام نتمنى للمفوضية التوفيق فى اداء مهمتها وان تتمتع بالشفافية وتبتعد عن نهج الأقصاء والتهميش.وسيقاس نشاطها ونجاحها بمدى مشاركة وحضور التنظيمات والمجموعات المعارضة التى غابت والتى غيبت عن الملتقى فى المؤتمر الوطنى القادم.الى الذين قاطعوا وتغيبوا خوفا من المجهول— والى الذين شاركوا سعيا وراء المأمول نقول: لنكتسب فضيلة الصدق مع النفس ومع الآخر – ونمارس الصراحة مع تقديم الدليل والبينة وان نحترم الرأى والرأى الآخر. لنطوى صفحة الماضى دون ان نمزقها ونفتح صفحة المستقبل دون ان نفرضها ولنجعل من الحوار وسيلتنا للآقناع والأقتناع. وكان الله فى عون الشعب الأرترىوكل عام وانتم بخير ورمضان كريم – سأبدأ من الأسبوع القادم كتابة سلسلة ( رمضانيات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى