هذا ما لزم توضيحه حول ما كتبه الأستاذ حامد تركي :مكتب الإعلام – المؤتمر الإسلامي الإرتري
13-Nov-2009
المركز
إن من سمات الحركة الإسلامية وآدابها المرعية وضع الاعتبار لأهل السبق والبلاء الذين شهدوا ولادتها الأولى ، ورعوا نشأتها ومراحل تطورها بكل صدق واحتساب ، وفي هذا السياق يبرز ضمن آخرين الأستاذ حامد صالح تركي كأحد قادتها ورموزها ، والذي نكن له الاحترام الكامل والتقدير التام ، فمهما يكن من اختلافنا معه في وجهات النظر ، و تقديرالمصالح والمفاسد يظل الشيخ تركي أحد القامات الكبيرة في ساحات العمل الإسلامي .
ومن آداب الحركة الإسلامية وثوابتها الأخلاقية أنه لا أحد فوق الاستدراك والتصويب مهما علت مكانته وتسامت قامته ، فالكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .والمؤتمر الإسلامي كغيره من الكيانات الإسلامية أكد أكثر من مرة أن تجربته العملية وممارسته الفعلية تجربة بشرية محضة ليس لها أي قداسة أو عصمة ، وتظل مواقفه السياسية قابلة للصواب والخطأ ، وبالتالي قابلة للنقد بأصوله وضوابطه الشرعية المعروفة ، فالمؤتمر الإسلامي الإرتري لن يستنكف عن النصيحة ، وقادر على التعامل الإيجابي مع النقد الموضوعي المبني على الحقائق والوقائع ، ومن حق الآخرين أن يختلفوا أو يتفقوا مع مواقفه وفق تحليلاتهم وتقديراتهم الخاصة ، وهو حق مشروع في حدود الأدب والاحترام .ومن أصول العمل السياسي أن لأي تنظيم خياراته ووسائله التي يقدر بها المصالح والمفاسد ، وبالضرورة هنا التنبيه بأنه لا أحد يملك فردا كان أو تنظيما أن يحدد الثوابت ، وأن يرسم الاتجاه أو يضبط البوصلة للآخرين فتلك حقوق أصيلة لمؤسسات أي تنظيم وعضويته . ولأي تنظيم مواقفه التي يراها الأصلح والأسلم لحل مشكلات البلاد المستعصية ، وهو حق مشروع حتى لو لم يطمئن له الكثيرون ، وأن يختار الموقف الذي يراه وفق تقديراته ومرئياته ، حتى وإن لم يقتنع بها الآخرون ، طالما لم يهدم بها أصلا متفق عليه ، أو يتجاوز بها ثابتا مجمع عليه من الجميع . وتأسيسا على ذلك فإن المؤتمر الإسلامي الإرتري يوضح في هذا المقال حول عدد من المسائل التي أثارها الأستاد حامد تركي في سياق مقاله الذي جاء تحت عنوان ( رسالة مفتوحة إلى المناضل / حامد ضرار ) في الحلقة الثالثة من موضوعه ( الحوار الوطني خلفياته وأهدافه ) تناول فيه مواقف المؤتمر الإسلامي الإرتري دون التصريح باسمه لكن من الحيثيات والقرائن التي أوردها تؤكد أن في مقدمة المعنيين في كثير مما تناوله المؤتمر الإسلامي ، وقد أظهر قدرا كبيرا من التحامل عليه حتى يخال القارئ أن الشيخ تركي قد أخطأ في اختيار العنوان لمقاله.ويبدو أن المشكلة التي أثارت حفيظة الشيخ تركي ودفعته للتحامل على المؤتمر الإسلامي بوتيرة زائدة خارجة عن المألفوف هي تحفظ المؤتمر الإسلامي في الإلتحاق بجبهة التضامن الإرترية التي تأسست في مايو 2009م ، وبالتالي اعتبر ذلك بالضرورة الوقوف ضدها . وقد أورد الشيخ تركي الكثير من المعلومات والمفاهيم التي تستدعي التصحيح خاصة ما يتعلق منها بالمؤتمر الإسلامي الإرتري ، وبحسب ما تخضع له حلقاته التي يكتبها في الحوار الوطني لرقابة تنظيمية كما أشار إلى ذلك بقوله : ( … حدث تدخل يمنع نشرها ــ يعني الحلقة الثانية ــ من مستوى تنظيمي أعلى مني ) ، وبما أنه من قيادات الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية فإن ما سمح بنشره في الحلقة الثالثة موافق عليه بالضرورة تنظيميا ، ويمثل قناعة التنظيم ورؤاه ، كما أن ذلك أيضا بعكس رؤية جبهة التضامن التي يعتبر الشيخ تركي أحد منظريها .والمؤتمر الإسلامي الإرتري لم يكن في مراده أن يدخل في ساحة الردود في المنابر الإعلامية ، ابتعادا عن الاتهامات وتوسيع الهوة بين الفرقاء وتعميق أزمة عدم الثقة التي تعاني منها الساحة الإرترية ، وكنا نأمل أن يكون ما أثاره من قضايا موضوعات لحوارات معمقة بين المعنيين لتقريب وجهات النظر أو التعرف على الحيثيات التي تأسست عليها المواقف ، بدل أن تبنى المواقف والرؤى على التحليلات والظنيات بعيدا عن الحقائق الواقعية . لكن نجد أنفسنا مضطرين لأن نصحح الكثير من المعلومات والمفاهيم المغلوطة التي وردت في الحلقة الثالثة ، ونعرف الراي العام الإرتري على سياسات المؤتمر الإسلامي ومفاهيمه ، ليحكم عليها عن بينة .الفكرة المحورية للشيخ تركي :بنى الشيخ تركي تحليلاته واستنتاجاته على فكرة محورية واضحة التأثير على مباني مقاله ، وهي تتمثل في قوله : بـ ( أن المثقف المسيحي قد حسم خياراته وليست له حيرة ويقوم بواجبه كما ينبغي لخدمة الأهداف التي يؤمن بها … ) ، ولهذا يتجه في مقاله إلى اختزال خيارات المثقف في المشروع الإقصائي للجبهة الشعبية ، بينما ذلك تبطله الوقائع والشواهد التي تؤكد على وجود عدد ضخم من المثقفين المسيحين خارج سياق مشروع الجبهة الشعبية ، فالقول بأن المثقف المسيحي قد حسم خياراته قول مجاف للحقيقة .ونلاحظ الإضطراب في التوصيف في حالة المثقف الارتري والحالة السياسية الارترية عموما ، فتارة يتجه الأستاذ إلى توصيف هذه الحالة بالحالة الطائفية ، وتحميل العنصر المسيحي مسئولية كثير من المشكلات ، وتارة يبرز حالة اليسار كحالة فكرية أيدولوجية تسعى إلى جمع الشتات الديني خارج سياقات الدين وروابطه .كيل الاتهامات بغير حق :كما أن اتهام كافة المخالفين في الرأي والاجتهاد السياسي بطلب الاستجارة أو السعي وراء فتات السلطة وبالإرجاف والانهزام النفسي والاستسلام للسير في موكب الاقصائيين والطائفيين من ابناء المجتمع المسيحي إلى غير ذلك من الاتهامات التي ألصقها على المخالفين لرأيه دون النظر إلى الدوافع والخلفيات ، ودون استصحاب الحالة الارترية المعقدة التي جعلت من أمثال الأستاذ تركي أكثر اضطرابا في مواقفه الفكرية والسياسية من داعية ومنظر لفكرة الحوار والتعايش مع الآخر المسيحي باعتبار أن ذلك ضرورة وطنية إلى ما نلاحظه اليوم من انقلاب في اطروحاته السياسية .إشكالية التمثيل :ويطالب الأستاذ تركي ( معاشر المثقفين والسياسيين من أبناء المسلمين بالاجتماع والتحاور في حال المجتمع المسلم وتحديد الرؤى ، ومن ثم محاورة الطرف المسيحي من أجل الوصول إلى مفاهيم مشتركة لتصحيح معايير ومعادلات الشراكة الوطنية ). وهنا يطرح سؤال : من يعبر عن الطرف المسيحي ؟ هل هو النظام باعتباره حقق للمسيحين كافة تطلعاتهم كما عبر الأستاذ تركي وبالتالي لا اعتبار للقوى الأخرى باعتبار النظام هو الممثل الشرعي الوحيد ؟ أم أن هنالك قوة وطنية مسيحية لها وزنها واعتبارها ؟ والنظام لا يعبر عنها لا فكرا ولا ممارسة . وإن سلمنا بذلك بطلت مقولة حسم المسيحيين لخياراتهم ، وإن كانت الأخري فلا معنى للحوار خارج إطار النظام ، وبالتالي كل الجهود المبذولة للحوارات والتحالفات بما فيها التحالف الديمقراطي لا معنى لها . وفي المقابل يطرح أيضا سؤال : من هو الممثل المخول من كل المسلمين ليعبر عنهم ويتحدث بإسمهم ؟وإن اعتبار كافة الجهود التي بذلت في تطوير الخطاب السياسي للإسلاميين وعموم المسلمين في التعايش والحوار غير مجدية ، وبالتالي يجب البحث نحو خطاب سياسي جديد من خلال مشروع التضامن لتحديد سياسات ومواقف جديدة ، يجعلنا نقف طويلا حول مدى نضج هذه الفكرة وفاعليتها والخوف من أن تكون نابعة من حالات اليأس والإحباط مما يجعلنا نتراجع عنها بعد حين، وهذا نجده في قوله (كما أن استهلاك مداد كثير في تحبير التقارير والمقررات الداخلية لتنظيماتنا وتحالفاتنا طوال عشرات السنين لإصلاح الشأن الإرتري ، ما أغنى عنا ذلك شيئا ) .التصريح الصحفي للتنظيمات الخمسة :إشارته غير المباشرة إلى التصريح الصحفي الذي صدر من التنظيمات الخمسة وأن التصريح كان بإرادة من حزب الشعب والحزب الديموقرطي لتحسين صورتهما وما الأطراف الأخرى إلا مجموعة من المغفلين والمستدرجين الذين لا يحكمهم فكر ولا رؤية سياسية ولا برنامج عملي ولا مؤسسات حاكمة ففي هذا تجن عظيم على المخالفين في الرأي والنظر إليهم بمنطق الأستاذية والوصاية واعتبارهم قصر ، ولو أعدنا النظر إلى التاريخ سنجد أن الأستاذ تركي كان من أكثر الساعين إلى الحوار مع الآخر المسيحي والعلماني ويقول في مقاله : ( وحين تحركت حركة الجهاد الإسلامي لرأب تصدعات التنظيمات المعارضة الإرترية وتوحيد صفها لمواجهة الخطر المشترك من النظام الإرتري الدكتاتوري ، وبدأت لتحقيق هذا الهدف في حوارات ثنائية وتوقيع اتفاقيات وتفاهمات معها ) ، فهل الأوصاف التي ذكرها هي حكم على هذه التجربة بأثرها ؟ أم هو الكيل بمكيالين ؟أما عن تساؤلات الاستاذ للأطراف المستدرجة ــ حسب قوله ــ حول مواقف اليسار المتطرف وهل غير موقفه أم لا حتى نقيم معه تحالفات ؟ فإننا نقول بأن السؤال موجه إليه ومقلوب عليه ، حيث أن نظرتنا لليسار حسب ما ذكره الأستاذ تركي نفسه موزع بين التنظيمات الإرترية ، وهو موجود في التحالف الذي تشكل تنظيمات التضامن جزءا فيه ، فالسؤال المطروح لماذا التفريق بين المتماثل ؟ ولماذا الانتقائية في التعامل ؟ أما عن توصيف الأستاذ لما جرى من تفاهمات بين التنظيمات الخمسة هو تحالف في مقابل جبهة التضامن فليس بدقيق ، لأنه ليس هنالك تحالف بالمعنى الصحيح بقدر ما هنالك تفاهمات حول قضايا معينة تم الإعلان عنها في حينها ، وما يربطنا بالتضامن ليس بأقل مما يربطنا بالآخرين في إطار التحالف إلا اذا تم التعامل مع الموقف وفق مقولة ( من ليس معنا فهو ضدنا ) ، ولا نعتقد أن ذلك صحيحا في العلاقات مع الآخر التنظيمي .وإذا فهم الأستاذ تركي أن محاورة الآخرين والبحث معهم عن قواسم مشتركة لتعزيز الثقة هو تفتيت للمسلمين واختراق لجبهتهم فهو فهم بعيد عن الصواب . ومتى كان إدارة الحوار مع هذا أو ذاك يحتاج إلى قبض ثمن كما يقول ، ومتى كان التفاهم أو الاستعداد لفتح بعض الملفات الخلافية ومناقشتها يعتبر الاختباء تحت ( حصان طروادة ) .هاجس استلام السلطة :وأما القول : ( بأنه ليس هناك بصيص أمل لوصول موكب استلام السلطة ووراثتها من نظام الجبهة الشعبية ) فإن كان الأمر كذلك فلماذا القلق واتهام المخالفين بكل هذه الاتهامات ومنها التهافت إلى السلطة وفتاتها وبيعهم دينهم بدنياهم ؟ ولكن الذي نرجحه هو وجود تخوفات في أذهان البعض بوجود ترتيبات خارجية مع طرفي حزب الشعب والحزب الديموقراطي لتسليم السلطة في ارتريا ، وهذا ما نلاحظه في التصرفات والملاحظات والتحالفات المفاجئة ، ويشير الاستاذ تركي الى ذلك بقوله ( علما بأن ترتيبات تجري في الأفق الإقليمي والدولي منذ فترة ليست قصيرة تتحرك لحل معضلة تغيير الرئيس اسياس وانتقال السلطة عنه بشكل سلمي وسلس ضمن إطارات تضمن استمرار السلطة تحت قبضة حزب الجبهة الشعبية الديمقراطية والعدالة ) . لسنا جبناء في إبراز مواقفنا :أما عن قضية التبرع بالإساءة والتجريح لكيان جبهة التضامن تحت أسماء حقيقية أو مستعارة فإننا نقول أن من امتلك الإعلان عن مواقفه صراحة وبكل شجاعة رغم الحملات المسعورة والتشهير المتعمد قادر على الدفاع عن وجهة نظره ومواقفه السياسية علانية ، وبهذا نقول نحن لسنا أوصياء على من يكتبون وبأي شكل يكتبون وقد يكون التخفي دلالة على مقدار و حجم الإرهاب الفكري الذي يمارس في إطار الصف المسلم ، غير أنه ليس هناك أحد يعبر عن وجهة نظرنا غير مؤسساتنا وقياداتنا ، والمتابع لأطروحاتنا ومواقفنا الفكرية والسياسية يعرف تماما أننا لسنا جبناء في إبراز مواقنا وتبني قناعتنا .الجمع بين المدح والذم :أما عن دعوى الأستاذ بأنه يحترم خيارات الآخرين ويحترمهم في أشخاصهم كمناضلين ومواطنين شرفاء فهذا ما لا يساعد عليه طبيعة مقاله وخاصة إذا تعاملنا مع الأمر بمنطقه هو ، حيث حاصل الذم والمدح هو الذم ، وهذا ما لا نقول به منهجا وسياسة قال الله تعالى : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ) ، فيمكن أن يجتمع المدح والذم ، والعبرة في النهاية للأغلب .أين المشكلة ؟ :كانت المفاجأة فيما ختم به الأستاذ مقاله بالقضايا الجديرة والملحة للمناقشة والتي أجملها في القضايا الخمسة الآتية :1.اسقاط النظام الدكتاتوري وطبيعة شكل الديموقراطية ونظام الحكم الذي يناسب ارتريا . 2.الاتفاق على نظام ديموقراطي يضمن الحريات العامة والخاصة والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة . 3.الإقرار بالهوية الثنائية للشعب الإرتري واستحقاقاتها في الدين واللغة والثقافة وكافة حقوق المواطنة ، على أساس من المشاركة والمساواة في جميع مؤسسات الدولة السياسية ، والمدنية والعسكرية . 4.الاتفاق على وقف التغيير الديموقراطي ( للاستيطان الداخلي) ، الذي يجرى في اراضي السمسلمين ظلماً وعدوانا وعودة اللاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم وأراضيهم التاريخية وإدانة النظام الإرتري لأسياس افورقي الذي يزرع الكراهية بين مكونات الشعب الارتري . والبحث في مقترحات جادة لايجاد حلول عادلة لمشكلة ضيق الاراضي في المرتفعات الإرترية . 5.مناقشة اية موضوعات أخرى يتفق المتحاورون – من السياسيين والمثقفين – على طرحها ومناقشتها، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بضمانات العيش الإيجابي المشترك للشعب الإرتري .والسؤال المطروح ألسيت هذه القضايا محل اتفاق بين المعارضة ؟ أوليس ميثاق التحالف قد حسم هذه القضايا؟ ومن هي القوى التي لا تتفق مع هذه الاطروحات المذكورة في إطار التحالف ؟ وهل هذه الحملة التي خاضها الأستاذ ضد كافة الأطراف كانت لتأكيد هذه الثوابت المتفق عليها ؟ أم ان هنالك قضايا لم يعلن عنها الأستاذ وستطرح في حينها ؟ .موقفنا من جبهة التضامن :لعل الحملة التي وجهت إلينا هي بسبب عدم دخولنا في التضامن ولذلك لا بد ان نوضح موقفنا حتى يكون الجميع على بينة من أمرنا وذلك على النحو التالي :•إن طبيعة العمل الساسي وتقديراته تختلف بين شخص وآخر ومؤسسة وأخرى ، حيث كل يتخذ موقفه وفقا لمرجعياته وما حباه الله من عقل وفهم لمقاصد الدين وبحسب قراءته للمعطيات السياسية التي أمامه ، ووفقا لما توفر لديه من معلومات . وتأسيسا على ذلك فليس بمستغرب أن تتباين وجهات النظر سواء بين المسلمين أو غيرهم في المواقف والتقديرات السياسية .•الوضع الارتري معقد إلى حد كبير ، ومن الصعب جدا لأي طرف أيا كانت قدراته وإمكاناته أن يزعم أنه بمتلك ناصية الحقيقة ليخون أو يتهم بعد ذلك مخالفه ، وليس أدل على ذلك من طبيعة التغيرات في المواقف السياسية بين فترة وأخرى لكافة التنظيمات ، لأن الموقف السياسي في أصله موقف لحظي أي يقرأ في لحظته بناء على معطيات اللحظة نفسها ، وما تراه اليوم صوابا ربما تراه غدا خطأ بناء على حيثيات أخرى تكشفت وحقائق تجلت ، وهنا لا يلزم جلد الذات ولا التباكي على ما مضى حتى لا تتعطل عملية الإبداع وروح المبادرة ، بل الصحيح أن نقول إنما هو أجر أو أجرين ، فللمخطئ أجر الاجتهاد ، وللمصيب أجر الاجتهاد والصواب .• وتأسيسا على ما سبق فإننا ننظر إلى موقف جبهة التضامن بأنه خيار من الخيارات السياسية سواء للمسلمين والمهمشين أو غيرهم ممن انضووا تحت لوائها ، ولكنها ليست الخيار الأوحد، ولا الموقف الصائب الذي لا يحتمل الخطأ ، والقول بخلاف ذلك هو نوع من الإرهاب الفكري والوصاية السياسية على الآخرين ، ولأننا نؤمن بأن كل تنظيم أو جهة لها الحرية الكاملة في تقدير المصالح والمفاسد وبناء المواقف عليها ، خاصة في المشكلة الإرترية بتعقيداتها المحلية والاقليمية والدولية التي يصعب معها اختزال الموقف السياسي للمسلمين والمهمشين أو غيرهم في قالب واحد ، لأن في ذلك تبسيط لما هو معقد ومركب .•اطروحة التضامن بالرغم من أنها خيار من الخيارات السياسية إلا أنها في نظرنا لم تكن دقيقة في قراءة الواقع السياسي وتلمس مصلحة المسلمين على وجه التحديد ، حيث إن المعطيات المحلية والإقليمية والدولية تستدعي الحرص على التوفق الوطني والعمل على توحيد الصف الإرتري ، وأن الحرص الشديد على الخصوصيات والعزف على وتر مصالح الخاصة لا نعتقد أنه سيعجل بإسقاط النظام بقدر ما سيؤدي الى القلق المحلي الاقليمي والعالمي وهذا في تقديرنا لا يصب في باب المصالح على احسن الأحوال .•وبناء على ذلك فإن المؤتمر الإسلامي يرى أن مصلحة المسلمين والمهمشين تكمن في التأكيد على القضايا الوطنية الجامعة التي تصلح لأن يلتقي عليها الفرقاء وتجد المساندة من كافة القوى الحادبة على الحقوق والحريات وتحقيق أمن المنطقة واستقرارها ، ونعتقد أن إسقاط النظام أو تعديله لما يضمن حقوق الجميع هو أكبر مصلحة يجب أن يتوخاها الجميع ، ونرى أن أي انحراف عن هذا الهدف السامي هو انحراف في البوصلة الأساسية ، وادارة للمعارك في غير ميدانها ، ومحاولة لصناعة انجازات متوهمة غير حقيقية سيدرك أصحابها بعد فترة أنهم أضاعوا جهودا وإمكانات في غير ميدانها. •والناظر إلى الوضع السياسي بعد بروز التكتلات داخل التحالف ، وانصراف كثير من الجهود عن ميدان المواجهة مع النظام ، وتفرغ المعارضة لبعضها ، ومحاولة السعي من الكل لتقوية جبهته وكتلته ، وتجاهل ما هو مشترك جامع في اطار التحالف ، والذي نخشاه من خلال التصعيد والتصعيد المضاد على المستوى السياسي و الاعلامي هو انقسام التحالف أو شله إذا بقي على حاله ، وهذا ما يصب في مصلحة النظام بالنتيجة النهائية .هل تمثل التضامن المسلمين ؟إن القول بأن طرفا ما يمثل المسلمين وآخر يمثل المسيحيين قول يحتاج إلى دقة وتمحيص ، حيث إن التمثيل يحتاج إلى التفويض الرسمي أو القبول الشعبي العام ، ونحن في هذه المرحلة لا نحسب أن هذه الخاصية تتوفر لطرف ما ، خاصة في ظل التعدد الفكري والسياسي والتنظيمي وتوزع مكونات المجتمع، ووفقا لذلك فالصحيح أن كل طرف تنظيمي في أحسن أحواله يمثل المنضويين تحته ، فمثلا المسلمون اليوم يتوزعون في كافة التنظيمات ( تنظيمات إسلامية ، وتنظيمات قاعدتها مسلمين ، وتنظيمات خليطة ) وبأحجام متفاوتة ، ولا نستطيع أن نجرد أي فرد مسلم بعض النظر عن انتمائه التنظيمي من هويته ومشاعره وأحاسيسه ، كما لا نستطيع أن نقول بأن المكون الفلاني هو الذي يعبر عن المسلمين ، فإن في ذلك اختزال مخل وافتئات على الآخرين وتحميل الأمور ما لا تحتمل ، وهذا يعني أن فشل تجربة من التجارب هو فشل لأصحابها وليس للقطاع الذي تزعم تمثيله .مكتب الإعلامللمؤتمر الإسلامي الإرتري12/11/2009م