مقالات

القرن الإفريقي.. استشراف عام جديد :عبد الله محمود*

31-Dec-2010

المركز

المشهد السياسي في القرن الإفريقي ، ونحن ندلف إلى عام جديد، يحتشد بأحداث مفصلية ستلقي بظلالها وستكون لها تداعياتها الخطيرة والمؤثرة خلال العام الجديد الذي تفصلنا عنه ساعات

يأتي العام الجديد والصومال يواصل انزلاقه في مستنقع الدم مع توقعات بتزايد حدة المواجهات العسكرية خاصة بعد تلاشي الحزب الإسلامي وحله إثر انضمام مجموعات كبيرة منه لحركة الشباب المجاهدين وبقاء أعداد أخرى على رصيف الانتظار يتدثرون بقلق الخيار بين الانضمام إلى حكومة استمدوا وجودهم من الطعن في شرعيتها ودمغها بالعمالة لبعض دول الجوار ، أو الانضمام إلى حركة الشباب التي يخالفون توجهها إلى ما يعرف بالأممية الإسلامية سيما وأنهم يتمسكون بحصر أعمالهم القتالية داخل الصومال و يرفضون بشكل قاطع مشاركة غير الصوماليين .
أما على صعيد الحكومة الإنتقالية الصومالية فهي ما زالت تعيش على التمويل الهبات والإعانات مع تفشي الفساد المالي والإداري بصورة لا تخطئها العين علاوة على الخلافات التي تتجدد بين الفينة والأخرى بين أقطاب الحكومة مما جعلها لا تستطيع أن تمسك بمفاصل الأمر في البلاد وتحتمي بقوات حفظ السلام .
أما إريتريا فتدخل إلى العام الجديد وقرار العقوبات الصادر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب عدم إنسحابها من الأراضي المتنازع عليها مع جيبوتي ودعمها للمسلحين الصوماليين و الذي صدر بتاريخ 23ديسمر2009م قد أكمل عامه الأول ، والحكومة الإريترية تسعى جاهدة لإحداث ثقوب على جدار القرار دون أن تستطع إلى ذلك سبيلا . والوساطة القطرية بين إريتريا وجيبوتي التي مهدت لانسحاب القوات الإريترية من الأراضي المتنازع عليها تأتي في هذا الإطار ، على الرغم من عدم تبادل وزيري الخارجية الإريتري والجيبوتي وثيقة الاتفاق وبالرغم من تقليل الرئيس الإريتري اسياس أفورقي في جميع حواراته من شأنها وعدم تغطية تطوراتها في وسائل إعلامه على عكس الطرف الجيبوتي .
وتحاول الحكومة الإريترية الإتجاه عربياً لتجاوز المأزق الذي تعيشه جراء قرار العقوبات وتحاول حشد الدعم العربي عبر الزيارات المتكررة لأفورقي إلى كل من ليبيا ومصر وقطر وغيرها من الدول العربية ، بالإضافة إلى الجولات التي يقوم بها وزير الخارجية الإريتري ، واستضافة مناشط عمالية وشبابية عربية وإفريقية يأتي في صدر أجندتها رفض القرار الأممي،هذا غير التظاهرات التي يسيرها منسوبي الجبهة الشعبية الحاكمة في مختلف دول العالم لرفض القرار .
وفي الشأن الداخلي تتواصل انتهاكات حقوق الإنسان في إريتريا باستمرار الاعتقالات والخدمة القسرية غير المحددة بسقف زمني.. الخ بالإضافة إلى الضائقة المعيشية التي تضرب أرجاء البلاد مما أدى إلى تواصل هروب الإريتريين إلى دول الجوار ، واستمرار معاناتهم على يد عصابات تهريب البشر في الحدود السودانية الإريترية وسيناء .
بالمقابل يطل العام الجديد على المعارضة الإريترية وقد عقدت ملتقى الحوار الوطني وتترقب أن يعقد مؤتمر للتغيير الديمقراطي خلال العام القادم يسعى لتوسيع مظلة المعارضة لتشمل القوى المدنية والشخصيات الوطنية .
ويأتي العام الجديد وإثيوبيا قد أجرت إنتخاباتها البرلمانية التي اكتسحها الحزب الحاكم و أعاد انتخاب رئيس الوزراء ملس زيناوي الذي أجرى تغييرات هيكلية في طاقم وزارته خرج بموجبها وزير الخارجية سيوم مسفن من التشكيلة الوزارية وسط دهشة المراقبين خاصة وأنه قد رافق زيناوي منذ مرحلة الثورة ،وبعد وصول تحالف (الإهودق) إلى سدة الحكم في أديس أبابا إثر سقوط نظام منفستو تم تعيينه وزيراً للخارجية التي غادرها في التشكيلة الأخيرة ليتم تعيينه سفيراً .كما أن أديس أبابا قد أحدثت اختراقا مهماً في ملف المعارضة الأوغادينية بتوقيع أحد فصيليها الرئيسيين لاتفاق سلام مما يتوقع أن يكون لها تأثيره على الأوضاع في إقليم الأوغادين .
جيبوتي بدورها تستحث الخطى خلال العام الجديد لتعقد انتخاباتها الرئاسية في أبريل 2011م والتي سيترشح فيها الرئيس الجيبوتي اسماعيل قيلي لولاية ثالثة .
أما السودان ،أكبر دول القرن الإفريقي مساحة ً ، سيهل عليه العام الجديد ليصل إلى المرحلة الأخيرة لاستحقاقات اتفاقية نيفاشا بإقامة الاستفتاء لتخيير المواطن الجنوبي بين البقاء في إطار السودان الموحد أو الانفصال ، وتشير جميع التوقعات إلى أن نتيجة الاستفتاء ستكون الانفصال ونشوء دولة جديدة في جنوب السودان .
ختاماً وحتى لا نفرط في رسم صورة سوداوية للعام لا ننسى أن نرى أن هنالك ثمة أضواء تنبعث من النفق تجعلنا نطرق الباب للولوج إلى عامنا وكلنا أمل أن تنقشع سحب الأزمات من سماء منطقتنا ويعمها الأمن والسلام والاستقرار ، وكل عام وأنتم بخير.
•نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى