وتقبل أنت سبتمبر نعانق وجهك الأسمر . بقلم / أمال علي
1-Sep-2016
عدوليس ـ ملبورن
…….وفي نهاية شارع الحرية (كمبشتاتو) الشارع الرئيسي الذي يشق قلب اسمرا ،وتاريخها ويشهد على عهود استعمارية – عنصرية قاسية من ايام حكم الطليان ، وامبراطور اثيوبيا هيلي سلاسي الى العهد الإجرامي لمنجستو هيلي ماريام …وصولاً الى تحرير البلاد ودخول مقاتلي جيش التحرير الارتري العظيم الشارع والمدينة والبلد ومرور بعهد ديكتاتورية افورقي … تجد ساحة الفاتح من سبتمبر .
وهذه الساحة ، الفاتح من سبتمبر أو (سبتمبر سكوير ) واسعة ومفتوحة لا مداخل لها سوى المدخل المؤدي الى المنصة التي تتوسطها .
.أنشئت الساحة ( بالأصح تم ترميمها )حديثا بعد التحرير في بداية التسعينيات .. و بالمنصة التي تطل على فسحة كبيرة ، مفتوحة ايضا على احتمالات كثيرة من ساحة للتجمعات والمواصلات الرئيسية في المدينة ، إلى مركز تجاري صغير بعدد من المحلات التجارية الموزعة امام الساحة وخلفها ، وموزع على عدد من رجال ونساء من ملاكها ذوي الإمتيازات الخاصة…..خلف المنصة بُنيت مدرجات من الإسمنت . خُصصت لتسع أعدادا منظمة لجمهور المحتفلين في المناسبات (الوطنية )..!
تقيم حكومة افورقي ومنذ عام ١٩٩١ أي بعد تحرير البلاد من الاستعمار الإثيوبي الذي دام النضال ضده ل٣٠ عاماً ، احتفالات عدة فيها من حين لآخر بما فيها الاحتفال بعيد الاستقلال .بعد ثلاثون عاماً من النضال التحرري كانت بدايته طلقة من بندقية ( ابو خمسة) ومن علو كتف مناضل شجاع وصلب ومقاوم عنيد. جابه الاثيوبيين وحارب مشروعهم لضم ارض ارتريا لاثيوبيا وتنكيلهم بالإنسان وكرامته ..انحدر عواتي عالياً من سهول بركة الى قمة جبل ادال ليعلن مع عدد قليل من رفاقه انطلاق الكفاح المسلح في الفاتح من سبتمبر ١٩٦١. ثلاثون عاماً بعد سبتمبر وكثير من التضحيات والبطولات الشعبية وبإمكانيات محدودة ودعم معدوم في البدايات وتعتيم إقليمي ودولي استمر لزمن طويل حتى عُرفت بسببه الثورة الارترية بالثورة المنسية رغم ما سيشهد تاريخها لاحقاً بأنها واحدة من أهم وأعظم الثورات التحررية في القرن الماضي .
…. ساحة الفاتح من سبتمبر . للمفارقة التاريخية ، لم تشهد ولا لمرة واحدة احتفالا يمجد هذه الذكرى وتلك التضحيات .. سبتمبر لم يمر من هناك .. تجاوزته خطب افورقي على مدى ٢٥ عاماً من منصة الساحة التي تطل على كل إنجازاته الناقصة وقمعه المكتمل واختطافه المعلن لنصف التاريخ بتغييب سبتمبر ورموزه وللتاريخ النضالي كله بتغييب ما تبقى من مسيرة تحررية طويلة ..بلا نهاية . تحولنا معها الى شعب بنصفين من التاريخ ومن الحرية ومن أشياء كثيرة ، كلها نصف مقتطع .
خمس وخمسون عاماً ونحن نعيش في التاريخ ، نراجع تفاصيله وأسماءه ، نختلف حوله ونتحرك من خلاله بكل ما فيه من تضحيات ومآسي وحروب مع العدو وحروب مع بَعضُنَا . خمس وخمسون عاماً إلا قليلا منها ، ما بعد التحرير ، وبعض الأمل في ارتريا. وطن حلمنا خطأ أن نمارس فيه حياتنا اليومية ونعيش حاضره بدل ماضيه ونمضي به نحو مستقبل مُتخيل ، وأن يكون أفضل لإبناء الثورة وأحفادها .!!ساحة سبتمبر لم تشهد ايضا مرور رفاق عواتي ، من بقي منهم على قيد الحياة بعد التحرير وعادوا الى ارتريا (زوار، مدعوين) !! المناضل الكبير أبو شنب والمناضل محمد ادريس كلباي والمناضلة اول إمرأة قامت بعملية فدائية سعدية تسفو وغيرهم .
عادوا وماعادوا .. ضيوف زوار بدعوة من افورقي ، وهو يريد استلابهم حق العودة ، مناضلون منتصرون ،،وهم وكعادتهم لايقبلون بنصف حق ونصف وطن وانصاف الحلول .. عادوا الى نضالهم في منافيهم من أجل عيش بكرامة ووطن لم يحرر بعد . منهم من توفي حاملا تاريخه وحلمه معه ومنهم من ينتظر ..
سبتمبر مجدداً. كي لا نفقد ما تبقى لنا من ماض مضيء في واقع مظلم .المجدُ والخلود لشهداء الثورة الارترية العظيمة.
المجدُ لك عواتي ولرفاقك الآماجد ولمناضلات ومناضلي ارتريا جيلا وراء جيل …سنفرح يوماً بعيد النصر .