وداع لا يليق بشيخي الجليل ولكن …. !! جمال همد
31-Oct-2014
عدوليس ـ ملبورن ـ
( الموت لايوجع الموتى .. الموت يوجع الأحياء ) ــ محمد درويش ــقد أوجعتنا شيخ أبوماجد برحيلك المفاجيء . يحتويك ومنذ الوهلة الأولى ، يحتويك دون طغيان .. دون تجبُر .. لقاء شيخ تركي لايمر دون ان يترك فيك أثر .
يُرسخ عندك ، صورة الأب .. الأب الهاديء .. الحكيم .. الوقور .. بحنو نظراته ، ورقة يديه وهو تلامسك .. ببهجة روحه .تعرفت علي شيخ تركي في منتصف تسعينات القرن الماضي أو نحو ذلك ، ومنذ ذاك الحين ونحن نلتقى ما بين الخرطوم وأديس ابابا .شخص منسجم مع نفسه ومع من حوله .. بحبوره الذي يوزعه على الجميع ، يتناغم داخله مع خارجه .. جوهرة مع مظهره .. نبرات صوته مع مفردات لغته ، متصالح مع الماضي ، ومتوافق مع الحاضر ، لايتحدث إليك ببطولات الماضي ، إلا ليذلل لك صعوبة الحاضر .في الإجتماعات تظهر صورة الرجل السياسي القوي ، والمحاجج اللًبق الذي يستخدم حكمته وتجاربه ،ومعارفه اللغوية والقانونية للوصول لأهدافه .. لا يُسيء .. لا يجرح .. لايقع تحت سطوة التاريخ القديم ، ليصفي حسابات قديمة ، ولا تحت طائلة الحاضر وتعقيداته .لايكل ولا يمل ولا يفًتر .. يقول عنه البعض عندما يعجزون عن مجاراته ( متعنت ) ويوصفه البعض بـ ( الشيخ المُتعب ) لانه لا يضع حدود للحوار ، لذا يضيق صدر البعض منه . مرن يرواغ محاوره ، يطوع فكره لمقتضيات الحاضر دون ان يفقد إتزانه . ودائما لاينسى شيخ حامد أبوته .. تلك الأبوة الذي يمنحها بسخاء ، دون تمييز .يغادر حامد تركي قبل الإجابة على الأسئلة الكبرى .. وكما استلمها مع غيره من الرواد ـ رواد النضال الوطني الإريتري ـ يتركها لنا لنجيب !! يتركها وقد بذل دون كلل طوال نصف قرن كل جهده بل كل عمره .جيل شيخ تركي هو جيل دون إستراحة ولا راحة ، سوى راحة الغياب الأبدي .. فهم مثلا لم ولا يسافروا للإستمتاع بمشاهدت العالم والدنيا ، بل يترحلوا بين القارات ،وهم يحملون هموم شعبهم ، لاتلتمع عيونهم بمشاهد خلابة ، أو لرؤية بركة صافية أو وجه حسن ، بقدر إلتماعها عندما ينتزعون موقفا لصالح قضيه لهيبها لا يخبو في افئدتهم . اسمح لي سيدي الشيخ انني أحس بضآلة ما أقول .. تتقاصر المفردات ، فهي ليست بقدر سموك ونُبلك وتطهرك ، ولا أملك ، إلا ان أدعو لك :رحمك الله واسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء .