مقالات

أكاد لا أصدق هذه المأساة .. بقلم: أ. د. معز عمر بخيت

5-May-2011

المركز

مدبرة منزلي بالبحرين امرأة رائعة من أريتريا تتحلى بالأمانة والصدق والإهتمام بكل صغيرة وكبيرة في المنزل. وهي محل ثقتي وائتماني وأعتمد عليها في كل ما يخص تدبير المنزل خاصة في ظروف عملي التي تتطلب وجودي خارج المنزل طول اليوم وحتى آخر الليل حيث أتنقل بين عملي في المستشفى والجامعة ومركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي وعلوم الجينات. وكذلك وجود أسرتي حالياً بين بريطانيا والسويد والإمارات الأمر الذي يستوجب سفراً متواصلاً بين هذه الدول بالآضافة لمتطلبات السفر الطويل المتعلقة بالعمل واللإلتزامات العلمية والثقافية الأخرى.

هذه المرأة الأمينة والمخلصة جاءتني بالأمس وأنا كنت واصلاً للتو من زيارة اسرتي ببريطانيا وهي تبكي بحرقة ولا تستطيع ان تتحدث من شدة اجهاشها بالبكاء فأيقنت ان امراً عظيماً قد حدث لها وحاولت بصعوبة أن افهم منها ما حدث. بعد تأوهات عميقة وحزن يخرج من دواخلها وكأنه يغمر الأرض جميعها حدثتني أنها تلقت اتصالاً هاتفياً من شخص بجمهورية مصر العربية وطالبها بدفع فدية ثمناً لحرية ابن أختها البالغ من العمر أربعة عشر عاماً والذي تم اختطافه من معسكر للاجئين الأريتريين بالسودان وتم تهريبه بواسطة عصابة اريترية سودانية مصرية لسيناء بمصر. أبلغها المتصل بأنها إن لم تدفع مبلع اثنى عشر ألف دولار في ظرف أسبوع فسيقومون بقتله وبيع أعضائه. قالت لي لم أتمكن من جمع هذا المبلغ خلال فترة وجودي خارج البحرين وحين قامت بالإتصال بهم لاحقاً للإطمئنان عليه أبلغوها أنهم بالفعل قتلوا هذا الطفل بعد انتهاء المهلة وأن الأمر قد انتهى.بعد ذلك اتصلت بها قريبتها وأخبرتها بأن ابنها أيضاً قتل وأن هناك أكثر من 500 طفل موجودون الآن تحت قبضة هذه العصابات بسيناء ومن بينهم أطفال يعرفون أسرهم وهم في انتظار الفديات أو القتل والمتاجرة بالأعضاء وطلبت مني المساعدة عبر الإتصال بالسلطات السودانية وان لديها ارقام هواتف للعديد من أفراد هذه العصابات الذين يتجارون بالبشر عبر خطفهم من معسكر يسمى الشجراب بشرق السودان أثناء وجودهم به أوحتى قبل وصولهم إليه عبر رحلة الهروب الطويل.قمت بعمل بحث سريع لتقصي الحقائق حول هذا الأمر فوجدت معلومات مذهلة وأن المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعلم بما يحدث في هذا الشأن. تبدأ المأساة من لحظة الخروج من أريتريا أو أثيوبيا عبر الحدود مع السودان حيث يطلبون اللجوء السياسي ويتم جمعهم في معسكرات لللاجئين. ويخصص معسكر الشجراب للاجئين القاصرين بمعدل قدوم يومي بين 8 و12 طفل.يتعرض هؤلاء الأطفال لعمليات الإختطاف من قبل عصابات مختلفة من أجل الحصول على فديات مالية خاصة للذين لديهم أقارب في الخارج. وتعرض هؤلاء الأبرياء للتعذيب والضرب لحظة الإتصال بذويهم في الخارج حتى يستمعوا عبر الهاتف لصرخاته فيسرعون بارسال الفدية، هذا غير الجرائم الأخرى كالإغتصاب مثلاً. مثل هذه الأعمال غير الإنسانية توضح يجلاء ما يعانيه هؤلاء الأطفال حيث يصبحون هدفاً لهذه العصابات التي تتاجر بهم وبأعضائهم وتعتدي عليهم جنسياً.أتمنى أن نسمع من المسئولين على مختلف المستويات في الدولة أو مفوضية اللاجئين ما يرون في هذا الأمر، وهذه السيدة الأريترية على استعداد لتزويدهم بأرقام هواتف هؤلاء المجرمون عسى ولعل بالقبض على أحدهم يمكن متابعة الآخرين والقبض عليهم أيضاً وإنقاذ هؤلا الأبرياء.بالتأكيد للمشكة أصول وجذور تبدأ من أسباب هروب الأطفال وتعرضهم لكل مخاطر الهجرة والبحث عن اللجوء السياسي سواء كانوا من أريتريا أو أثيوبيا أو السودان فالحال واحد والأمر مرير والمأساة مشتركة محصلتها عصابات تتاجر بالبشر في هذه المنطقة بين أثيوبيا وأريتريا والسودان ومصر وحتى اسرائيل.مدخل للخروج:كم كان بيني و الخواطر في عيون النجم حلم ظل يطرق باب بيتي في اندهاشِ يحتويني في رباه.. أنا قد سكنت البحر قبلك يا مياه.. برقت عيون الموج في شط الجزيرة أدركت جوف النواة الطفل أعشاب الرجاء.. كم هزني عصب البراءة جددت تلك التلال حريقها و تجمدت سحب الخواء.. النار و الزبد المشتت في جروف النهر دغدغ صمته لحن الصبابة و اكتسى بالصبر و الرمل المسافر في عيون الشوق يحلم بالرغيف و بالكساء.. جاع النهار فجف حلق العصر و انتحب المساء.. و الليل يبحث في الدجى عن فجره المنثور في كل المدى و بكل زاوية تحلق في الفضاء..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى