وضع اللغة في إريتريا ( 2من 2). بقلم / محمد نور احمد
14-Jan-2016
عدوليس ـ ملبورن
اللغة والإدارة : سبق ان ذكرت ان سكان شبه جزيرة باضع هم الذين كانوا يديرون تجارتهم وحتى حياتهم اليويمة باللغة العربية قبل دخول لغة التقري إليهم من محيطهم الجغرافي وإن كان محصورا في الأحاديث العامة اما المعاملات التجارية وقوانين الأحوال الشخصية فكانت تتم باللغة العربية ، وعندما جاء المصريون واصلوا بها لكنهم لم يمكثوا طويلا في إريتريا ، فقد سلموا المواقع التي كانوا يحتلونها للإستعمار الإيطالي بتعليمات من بريطانيا لتساهم الثانية في دحر الثورة المهدية التي عرقلت استراتيجية بريطانيا في مد خط السكة حديد من الاسكندرية إلى مدينة الكاب بجنوب إفريقيا عبر السودان ، فقد سيطرت الثورة المهدية على غرب السودان أولا من حيث نشأت ثم ةصلت للخرطوم وقضت على حياة الجنرال غوردون حاكم عام السودان واوصلت مسيرها حتى وصلت إلى كرن بإقليم عنسبا ، ولم تتمكن القوات الإيطالية من التقدم حتى بعد ان أخلت لها القوات مواقعها لأن الرأس الةلا ممثل الامبراطور يوهنس في إريتريا عرقل تقدمها ، فطلبت بريطانيا من الأمبراطور يوهنس التوقف عن عرقلة تقدم القوات الإيطالية بل الإنضمام إليها لمواجهة الثورة المهدية العدو الأساسي للأمبراطورية الإثيوبية المسيحية مما دفع الإمبراطور يوهنس للإيعاز للرأس ألولا لمواجهة الثورة المهدية وجنبا إلى جنب مع القوات الإيطالية حيث تمكنا من دحر قوات الثورة المهدية في كوفيت في منطقة مقراييب . ومن المفيد هنا القول ان الثورة المهدية هي التي قتلت الأمبراطور يوهنس في معركة القلابات ليحل محله الأمبراطورمنيليك الثاني الذي أعترف ضمنا بإحتلال إيطاليا لإريترياووقع معها إتفاقية الحدود ، كما وقعت كل من بريطانيا وفرنسا إتفاقية الحذود التي بموجبها تحدد الكيان الإريتري.
بعد استيلاء إيطاليا على إريتريا كان لابد من إعداد كادر محلي من المستويات الدنيا لإدارتها بأقل النفقات الممكنة، وذلك كتنظيم الصلة بينها وبين المواطنين عن طريق الترجمة لذا فتحت فصول داخلية ولعدد محدود من السكان باللغة الإيطالية مع التعليم باللغتين التجرنية والعربية فالأولى هي لغة نصف الشعب الإريتري والثانية عي لغة للنصف الثاني ومرغوبة من قبله ةقد وجدتها الإدارة الإيطالية متداولة في مصوع عندما سيطرت عليها.بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية وحلول بريطانيا مكانها في إريتريا لأن القوات البريطانية هي التي ألحقت بها الهزيمة في إريتريا ، لكن بريطانيا لم ترغب في إحتلال وإدارة إريتريا لما يشكله ذلك من عبيء إقتصادي وهي التي خرجت للتو من حرب أنهكتها إقتصاديا ، كما ان إريتريا لاموارد إقتصادية يمكن الإعتماد عليها ، لكم حليفتها الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية اصرت عليها لأدارة إريتريا لأنها أكتشفت العلو الجغرافي لمرتفعات الحماسين والذي تعد منطقة صالحة لإقامة قاعدة للإتصالات بها ، وكان لإيطاليا اعدة إتصالات تربطها بالاسطول الإيطالي بالبحر الأحمر ، وقد تسلمت القاعدة الولايات المتحدة الأمريكية وأجرت فيه تحديثات وعينت خبراء متخصصين لإدارته ، وكان أول عمل مم قام به هو إلتقاط برقية سفير أمبراطور اليابان لدى حكومة هتلر والذي طلب فيها زيارة الخطوط الأمامية لقوات هتلر للوقوف على درجة إستعدادها لإكتساح اوروبا ، طالبا منه ان تقوم بلاده بشن هجوم متزامن على قوات الحلفاء ولهذا أمر روزفلت رئيس الولايات المتحدة الجنرال إيزنهاورالذي كانت قواته ترابط على شواطيء النورماندي في البحر الشمالي بالمبادأة بالهجوم على القوات الهترلية والنتيجة معرف تاريخيا ، من اجل هذه الأهمية الأستراتيجية فرضت أمريكا على بريطانيا الإستمرار بإحتلال إريتريا حتى يبت في مصيرها لذا كان لابد لبريطانيا من إنتاج كادر محلي يساعدها على الإدارة ويتطلب ذلك فتح مدارس باللغة التي يتقبلها الشعب للحصول معلمين محليين لأن التعليم باللغة الإنجليزية سيتطلب إستجلاب معلمين انا من بريطانيا أو من احد مستعمراتها وسيشكل ذلك أعباء إقتصادية جديدة على الإقتصاد البريطاني المنهك، اما إذا كان التعليم باللغة التي يتقبلها الشعب فإنها ستجد معلمين محليين وبمرتبات منخفضة وسيكون عليها توفير عدد محدود من معلمي اللغة الإنجليزية ، وبالفعل قامة الإدارة البريطانية بإستشارة بعض الوجهاء في المرتفعات والمنخفضات فكان خيار المرتفعات التجرنية بينما أختار أهالي المنخفضات والمسلمين من سكان المرتفعات اللغة العربية فوجدت بريطانيا العدد الكافي من المعلمين باللغة التجرنية وعدد قليل من معلمي اللغة العربية واستكملت النقص بإستجلاب معلمين من السودان وفي فترة قصيرة أنتجت كادر تعليمي وإداري للمستويات الدنيا لتسيير عمل الإدارة في المستعمرة.لغة الإدارة في فترة الإتحاد الفيدرالي :أستمر التعليم باللغتين العربية والتجرنية في المرحلة الإبتدائية إلى جانب اللغة الإنجليزية كلغة والتي تتحول للغة لتدريس كل المواد في المرحلة المتوسطة وتستمر اللغتين العربية والتجرنية كلغتين بالرغم من ان البرلمان الإريتري قرر ان اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين للبلاد وكان في كل مكتب مترجمين من وإلى اللغتين حتى تم إلغاء اللغتين بحل البرلمان في 1962م لتحل اللغة الأمهرية كالغة رسمية .وضع اللغة العربية في الحركة الوطنية :تمسكت حركة التحرر الإريترية في برنامجها برسمية اللغتين العربية والتجرنية ووطنيتهما ، كما تمسكت جبهة التحرير الإريترية بذلك إلا أنها أقرت في مؤتمرها الاول في عام 1971م بحق كل مجموعة أثنية في تطوير لغتها لكن هذا القرار سقط في المؤتمر الثاني 1975م لأنه لم يجد القبول في الأوساط الجماهيرية وعادت الجبهة وتمسكت برسمية اللغتين . كما تمسكت قوات التحرير الشعبية عند إنقسامها عن الجبهة ، وكانت قوت التحرير تتكون من شقين هما البعثة الخارجية وكانت تدير النشاط الإعلامي والدبلماسي واللجنة الإدارية وكانت تدير العمل الداخلي بشقية السياسي والعسكري ، فينما تمسكت الأولى برسمية اللغتين في حين عقدت الثانية إجتماعا في شمال بحري في عام 1975م وقررت بعدم وجود لغة رسمية لأن من وجهة نظرها ان كل اللغات متساوية وإن الأقرار بلغة رسمية سيشكل عائقا أمام تطور بقية اللغات ، كما أقر الغجتماع المذكور بمساواة كل اللغات الإريترية . والجبهة الشعبية لاحقا هي اللجنة الإدارية سابقا وما حدث هو مجرد تغيير الإسم من اللجنة الإدارية لقوات التحرير الشعبية إلى الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا .بناء على هذا التوجه قررت الجبهة الشعبية التعليم بالغة الأم بغض النظر عن موقف الشعب وذلك في المناطق التي كانت تحت إدارتها قبل التحرير خاصة في إفليم الساحل الشمالي ومرتفعات الماريا وحاولت تطبيق ذات المنهج في بعض مناطق اللاجئين وهنا حدث خلاف بين الأساورتا من جهة والمنفري والحزو والطروعا من جهة أخرى ، ففي حين رفض الأساورتا التعليم بلغة الأم متمسكين باللغة العربية تقبل الآخرون سياسة الجبهة الشعبية وكادت ان تحدث مواجهات دموية بين الطرفين إلا ان لجنة بقيادة الشيخ محمد احمد عرفه أقنعتهم برفض التعليم بلغة الأم والتمسك بالعربية .كان الإقبال على المنهج التعليمي ضعيفا ويبدو ان الشعبية خشيت ان يكون بعد التحرير اضعف لهذا اصدرت الأمانة العامة للجبهة الشعبية في عام 1992م مرسوما يقرر التعليم في المرحلة الإبتدائية باللغتين العربية والتجرنية إلا ان اسياس عاد عنه في عام 1995م وطلب من وزير التعليم في تلك الفترة برخت قبري سلاسي اصدار تعميم لمديري جميع المدارس بان يكون التعليم بلغة الأم وهو ما رفضه الوزير براخي لأنه يتناقض مع الرأي العام من وجهة نظره مما دفع اسياسي لإقالته من وزارة التعليم وتعينة وزيرا للإعلام وحل محله الوزير عثمان صالح وزير الخارجية الحالي الذي نفذ الأمر الرئاسي .خلق موضوع التعليم بلغة الأم ردود افعال معاكسة ليس في أوساط جماهير المسلمين وحسب وإنما ايضا بين صفوف قيادات الجبهة الشعبية وقد اجرت صحيفة ( ظقيناي ) بإستطلاع في اوساط قيادات الجبهة الشعبية وكان من بينهم مجموعة الت ( 15) الذين رفضوا جميعا ذلك القرار ، لكن أسياس لم يبال بذلك فما زال القرار هو الذي يحكم سياسة التعليم حتى يومنا هذا .اما المعارضة فانها وفي جميع مؤتمراتها قررت رسمية اللغتين العربية والتجرنية .لقد فرض نظام اسياس التعليم بلغة الأم مع أنه بأستثناء اللغتين العربية والتجرنية فأن بقية اللغات بها قصور في المفردات وليس لها قواعد أو معاجم يمكن العودة ولم تدون بإستثناء لغة التجري التي كتبت بحروف جئزية ، وهذه النواقص لايؤهلها لأن تكون لغات للتعليم، اما للغة الغدارة فانها التجرنية ، ومن لايعرفها لا يستطيع الحصول على وظيفة حكومية حتى ولو كان حاصلا على درجة الدكتوراه لأن هدف النظام هو ( تجرنية )المجتمع الإريتري . إلى أي مدى سينجح في هذه المهمة ؟ هذا ما سيحكمه المستقبل.(( ملاحظة : في الأصل هي ورقةأعدت لورشة المنتدى العالمي للدفاع عن إريتريا والتي عقدت بتاريخ 27 ديسمبر 2015م بنيويورك ، لكنها لم تشارك لطروف خارج إرادة المعد )).