يكتب: تيتانيكات أفريقية لعاشق ليبيا أبي بكر حامد كهال.. تبحر بين اللغات ولا غرق بقلم / محمد الأصفر
9-Nov-2014
عدوليس ـ ملبورن ـ
عاش الروائي أبوبكر حامد كهال في ليبيا سنوات طويلة. عمل في مقر رابطة الكتاب والأدباء الليبيين وحضر النشاطات الثقافية والفنية، الأمر الذي حوله من مناضل سياسي في جبهة التحرير الإيريترية، إلى صوفي حرفاً ولوناً ومعنى. تشكل فنياً وثقافياً من خلال مشاركته العيش مع كتاب وشعراء ليبيين بهم مس إبداعي، مثل الجيلاني طريبشان، ورضوان بوشويشة، ومنصور بوشناف وغيرهم.
صدرت همؤخراً روايته ( تيتانيكات أفريقية ) باللغة الانجليزية عن دار دارف في بلندن، بتوقيع المترجمة كارس بريداين. وقبلها بعدة شهور صدرت بالتركية عن دار مانا بإسطنبول بتوقيع المترجمة عليا أفغان.وهناك عروض قيد الدراسة من الروائي ومستشاريه للترجمة إلى الروسية والماليزية، ومن قبل سبق أن رفض كهال عرضاً لترجمتها إلى العبرية. كان قد وصله من إحدى دور النشر الاسرائيلية.تيتيناكات أفريقية، ربما تكون الرواية الأولى عربيا، التي تتناول موضوع الهجرة غير الشرعية عبر طريق الصحراء إلى الشاطئ ثم طريق البحر إلى شاطئ أوروبا. كانت قد حققت أعلى المبيعات حين صدورها عام 2008.الرواية تعاطت مع موضوع هجرة العرب والأفارقة إلى أوروبا باستفاضة من خلال مرحلتين: الأولى برية عبر الصحراء، الثانية بحرية عبر البحر. في كلا المرحلتين يعيش المهاجر الأهوال والشدائد، سواء من غدر الطبيعة أو من عجرفة الإنسان من بوليس وسماسرة ونخاسين.لم يكن الروائي أبوبكر بعيدا عن عوالم الهجرة، فهو قد عاشها شخصيا، من خلال هجرته من إريتريا إلى ليبيا ثم معايشته للمهاجرين الأفارقة في طرابلس أو في عدة مدن ليبية أخرى، يزورها ككاتب مشارك في أنشطة ثقافية هناك، أو مؤخرا من خلال عيشه نازحا في مخيمات اللاجئين بتونس بسبب ثورة فبراير عام 2011 واضطراره كأجنبي إلى مغادرة ليبيا التي يعتبرها وطنه. ونجاحه مؤخرا في الظفر بلجوء في الدنمارك حيث يعيش حالياً. صدر لأبي بكر “رائحة السلاح”، عن مجلة المؤتمر، ثم أعقبها برواية “بركنتيا” التي صدرت عن مجلس الثقافة العام، وكلاهما تغذتا بشكل كبير على الصراع بين المستعمرتين الإيطاليتين السابقتين إريتريا وطن الكاتب، وأثيوبيا جارته. كذلك صدر للكاتب عن منشورات مجلة المؤتمر كتاب تناول فيه سيرة حياة صديقة الشاعر الراحل جيلاني طريبشان بعنوان “القصيدة الإنسان”.روايته تيتانيكات افريقية نص مترع بالشعر وبالأساطير الإفريقية والعربية وبخليط من مفردات اللغة السواحلية وما تضمنته من أسماء لأعلام وتوصيفات مناخية وتعابير مشحونة بالشعر وتداعيات كلها مؤلمة ومميتة ، ورغم النقص العددي الذي يطرأ على أفراد الرحلة ، إلا أن هناك من هو مؤمن بالأمل ومتمسك به لعبور المرحلة الأولى قبل ركوب البحر ” اللعنة السائلة ” .الناقد والشاعر البلجيكي المعروف ” أقذافيا لوفين” يقول: “رواية أبو بكر حميد كهال تعطينا شهادة من الداخل. هي رواية أفريقية وعربية في الوقت نفسه، تعطي الأدب العربي بعداً جديداً. إنها رواية عالمية، عبرت الحدود كأبطالها”.أبوبكر حامد كهال يظل صديقا وظهيرا لكل الكتاب الليبيين خاصة الشباب، حيث كان يحتفي بنصوصهم ويشجعهم ويوفر لهم المأوى، أحيانا في مقر رابطة الكتاب، وكذلك الطعام والقهوة، مما يعرضه للتوبيخ من بعض المسؤولين بالرابطة، والذين معظمهم ضباط أمن ثقافي، وعلى علاقة متينة بالنظام الديكتاتوري السابق.عن آخر مشاريعه الإبداعية يقول: “لقد بدأت في رواية جديدة. بدأتها بقصيدة لم تكتمل لصديقي الحميم الشاعر الراحل جيلاني طريبشان. أحزنني جدا وأغضبني اعتقال ابنيه من قبل إحدى الأطراف المتصارعة في طرابلس”. توقفت دموعه وشرع في قراءة القصيدة: “صار بيني وبينك تذكرة مرور / وجواز سفر / غير أني تذكرت في ردهات المطار / أن قلبي حجر / أن روحي ملطخة بالأسى / فمتى يا رفيق الضياع / تنبت الأجنحة / أنت يا صاحبي / صرت لي هاجسا مغربيا / فقرانا التي أينعت في العقول / أحرقتها رياح الجنون / إن سر تواجدنا العبقري يشبه الملحمة”.