مقالات

هذه فضائلنا على التجراي …محمد نور (بركان)

2-Oct-2012

المركز

لا شك ان مشكلاتنا ومعاناتنا مسؤول عنها بالدرجة الاولى النظام الارتري وليس من الحكمة ان نحملها لاحد سواه وبالمثل ليس من الحكمة في شيء بالمثل ان نزعم ان تحقيق انجازاتنا الوطنية تحققت بفضل ملس زيناوي او قام بادنى نجاح يذكر تجاه قضيتنا الوطنية او تجاه المعارضة الارترية.

ما دفعني الى كتابة هذا المقال هو الرثائيات والبكائيات المبالغ فيها على وفاة رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي، او ان نجعل منه صاحب فضل على استقلالنا الوطني لدرجة استفزاز مشاعر المواطن الارتري الذي كان ملس زيناوي عاملاً مساعداً على معاناته. سوف اذكر شيء قليل مما فعله ملس زيناوي على الوطن والمواطن الارتري على حد سواء من قبل التحرير وبعده كما اذكر القليل من مآثرنا وفضائلنا على التجراي كشعب وثورة ونظام.اولاً : منذ نهاية السبعينيات كانت تجراي ملاذا آمنا للفارين من العدالة من الفالول وبقايا قتلة الشهيد حامد تمساح وبعض ما كان يسمى بالساقم. بعد الاستقلال كونت هذه المجموعات تنظيمات سياسية يجمع بينهم هدف واحد هو تفتيت ارتريا ككيان وتحويله الى قوميات كل قومية لها الحق بالانفصال وذلك توطئة لفصل بعض الاقاليم من ارتريا وضمها الى اثيوبيا وهذا لم يطرحه أحد غير تلك التنظيمات التي تشبعت بالايدلوجيا القومية للتجراي (حيث ان تجراي لا تفرق ايدلوجياً بين التجرنيا في ارتريا والتجرنية في تجراي) لذلك قدمت اليهم تجراي جنسيات اثيوبية وجوازات دبلوماسية حتى لا يطالب بهم النظام الارتري الذي كانت تربطه علاقات قوية بنظام تجراي الاثيوبي. واسسوا قاعدتهم التخريبية الطويلة المدى وقد ظهرت هذه النية المبطنة بصعود هذه المجموعات التي كانت تعدها الوياني كسلاح تستخدمه لضرب وحدة رتريا كما تشاء، والا كيف كان بالامكان تكوين تنظيمات ومجموعات تطالب بتقرير المصير حتى الانفصال عن ارتريا ؟ ومعظم مكوناتهم هم من القومية الحاكمة في ارتريا ؟ ثانيا: عندما اندلعت الحرب الحدودية بين ارتريا واثيوبيا في منطقة بادمي أول خطوة اتخذها ملس زيناوي هي طرد خمسون ألف ارتري من اثيوبيا بعد ان جردهم من ممتلكاتهم لم يراع علاقة الاخوة والنضال والجوار وحتى الدم. اذا كان يرى البعض ان الخلاف هو خلاف بين النظامين فما ذنب هؤلاء الذين طردوا وجردوا من ممتلكاتهم؟ لم يضر النظام بالاقدام على هذه التصرف المشين اللاانساني بل كشف عن ما يمضره من الحقد والكراهية على الشعب الارتري، أما النظام الارتري قد وجدها فرصة للتعبئة وتوحيد الصفوف في الداخل والخارج علاوة على ذلك فقد تم توطين هؤلاء المطرودين في المناطق التي لم يرجع اصحابها من اماكن لجوئهم ، لذلك تسبب زيناوي في اخلال التوازن الديمغرافي في الوطن. ثالثا: اصرار زيناوي على اخراج الجيش الارتري بقوة من المناطق المتنازع عليها دون ان يحرص على ارواح ودماء الطرفين ، وكان بالامكان المحافظة عليها ولكن انطلق ملس زيناوي من كثرة عدد جيشه الكمي ومساندة الدول الغربية وما كان يخفيه من اجندة مستغلاً السمعة السئية للنظام الارتري مع دول الجوار، اقول هذا على هؤلاء الذين يزرفون الدموع وينعتونه بالصديق والحليف، فاذا كان الشعب الارتري مهر حريته بخمسين ألف شهيد وجريح في معركة تحرير ارضه ضد هيلي سيلاسي ومنقستو هيلي ماريام ، فقد اضاف الهيم ملس زيناوي 000ر19 شهيد ولا نفرق بينهم، الفوج الاول سقط لانتزاع الوطن من براثن الاستعمار والثاني حفاظا على الوطن من الطامعين والغازين. أما الذين ينطلقون من مقولة معاوية في صفين ان من قتل في المعركة هو من مسؤولية العدو وان من استشهد بعد التحرير هو من مسؤولية النظام هؤلاء عجزوا عن مقدرة مواجهة النظام وتغييره وتبنوا مخططات الآخرين محاولين اقناعنا بان تمزيق وتفكيك الوطن هو الحل الامثل للمشكلات السياسية وفي وعيهم الباطني ادراك بان أسياس هو ارتريا والوطن هو اسياس، مغيبين وعي الانسان الارتري الذي طرد الاستعمار وقادر على ان تخرج منه طليعة قادرة على تغيير النظام المستبد قبل ان تجف دموعهم على ملس زيناوي. رابعاً : اشترك ملس زيناوي في ايلام الشعب الارتري برفضه قرارات المحكمة الدولية وعدم الانسحاب من الآراضي الارترية، اذا عللنا اصراره الاول على الحرب بانه كان من تدبير النظام الارتري الذي استطاع استفزازه وجره الى المعركة فبماذا يمكننا تفسير اختلاقه شروط جديدة لم تكن موجودة في اتفاقية الجزائر وكذلك غير موجودة في قرار المحكمة الدولية. لقد قدم النظام الاثيوبي الى النظام الارتري خدمة جليلة من جهة وضرب المعارضة الوطنية من جهة اخرى. فقد جعل النطام الارتري من هذه الشروط الجديدة مبررا لعسكرة الشعب الارتري رافعاً شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وفي نفس الوقت لم يساعد ملس زيناوي المعارضة الارترية خاصة التنظيمات الوطنية الرئيسية. لقد ضرب المعارضة الارترية وقام بتفتيتها الى مجموعات عرقية وقبلية واستلمت زمام الأمر المخابرات الاثيوبية تنفذ مخططاتها التي ليس لها اي علاقة باسقاط النظام بل اسقاط الدولة الارترية وصوملتها والمعارضة الارترية لا حول لها والا قوة في ايقاف المخطط. من اين استمد قرنليوس قوته حتى ينال من مفجر الثورة الارترية ؟ واذا كان يعلم (هو العليم بالمخطط الاثيوبي) ان اثيوبيا لن تسمح بانتهاك قدسية مفجر الثورة الارترية لما تجرأ وتفوه ببنت شفه بتلك العبارات القبيحة تجاه مفجر الثورة الارترية ورمزها الوطني. من دواعي الافتخار ان ينتسب كل تنظيم الى عواتي تقرباً ومجداً اما ان يخرج عن المألوف وفي هذا الوقت ويطعن الرمز الذي يجتمع عليه كل افراد الشعب الارتري ما هو الا دليل آخر على المنهج الذي يتبعه ملس زيناوي أو لا يرفضه على اقل تقدير.خامساً : مآثر الثورة الارترية على تجراي.أن خلق تنظيم جبهة تحرير تجراي واقناع الشعب التجراوي بالنضال من اجل نيل حقوقهم وانتشالهم من الحالة المزرية التي تلامس الابادة الجماعية لشعب تجراي هي من مفاخرنا الوطنية التي لا يتطاول عليها الا هؤلاء الذين يضربون خيم العزاء لملس في كل مكان. إن جبهة التحرير الارترية هي التي أسست نضال شعب تجراي واستقبلت افواج من المجندين وقامت بتدريبهم وتأهيلهم واعدادهم للكرامة التي كانوا يفتقدونها وتم هيكلة جميع هياكل التنظيم وتزويده بالسلاح والعتاد حتى قويت شوكتهم واشتد ساعدهم فرموا من علمهم الرماية. في منتصف العام 1983م تأزمت العلاقات بين الوياني والشعبية ووصلت الى القطيعة بينهما مما ادى الى توقف مد التجراي بالمعونات بل اكثر من ذلك منعت الشعبية مرور المعونات والمؤن التي كانت تمر عبر ارتريا، وكانت تدخل عن طريق القلابات بدلا من ارتريا.. وظلت هذه القطيعة حتى نهاية العام 1988م حيث انفرجت العلاقة بينهما وتمت بعض اللقاءات، واثناء معركة نادو إز المشهورة حاولت الوياني من استغلال الوضع الاثيوبي المنهزم في ارتريا ودخلت في معركة في مدينة شري التجراوية وخسرت المعركة وتكبد جيشها خسائر فادحة كادت ان تقسم هذه المعركة تنظيم الوياني، استنجدوا بالجبهة الشعبية واستجابت لهم الجبهة الشعبية دون تنسيق مسبق وارسلت قوات خاصة (الكوماندوس) التي كان يقودها يتودد ابرها قبل ان يتولى قيادتها ودي ممهر. ودارت هنالك اكبر معركة انتهت بهزيمة ماحقة للجيش الاثيوبي وفرار قائدها الى مقلي، هذه المعركة لم تكن كسرت شوكة الجيش الاثيوبي في تجراي فقط بل اقنعت الوياني بأن دون التعاون مع ارتريا سوف لن يحققوا اهدافهم. وبالتالي اعادوا صياغة علاقتهم مع الشعبية وقبلوا بالمقترحات التي كانت محل رفض في السابق. كان برنامج وياني تحرير تجراي وفصله عن اثيوبيا الا ان الشعبية اقنعتهم بتغيير النظام في اثيوبيا والسعي الى حكم اثيوبيا ووعدتهم بالمساعدة على تحقيقه وبالفعل قامت الشعبية بالجمع بين الوياني وفصائل المعارضة الاثيوبية الاخرى، وتأسس على هذا الاساس تجمع الأهودق الذي وافق على التنسيق الكامل مع الجبهة الشعبية في مقابل مساعدة الشعبية لهم. بعد تحرير مدينة مصوع نقلت الجبهة الشعبية جزء من قوتها واسلحتها الثقيلة التي كان يقودها رمضان اولياي الى مدينة شري التجراوية وتم تحرير كامل الريف التجراوي تحت اشراف رمضان اولياي، وتمركزت هذه القوات في تجراي الى ان بدأ الهجوم على المدن الرئيسية عندما كان ملس زيناوي يتفاوض مع كوهين في لندن، كانت طلائع الجيوش قد وصلت الى مدينة دبرزيت وكان يعلم زيناوي ان معظم هذه القوات هي قوات ارترية لذلك كان محتاراً ومرتبكاً في محادثاته ولم يكن واضحاً تجاه ارتريا. تحررت مدينة اسمرة بدخول الجيش الارتري اليها وسقطت اديس ابابا بمساعدة 000ر15 جندي ارتري بين قوات خاصة وجيش الذين سيطروا على العاصمة الاثيوبية وتم تمشيطها (زنقة زنقة) على حد تعبير القذافي. وبقت هذا العدد لما يربوا ثلاث سنوات حتى ثبت اركان نظام الوياني واستتاب الأمن وليس كان بمقدور الوياني الا الخضوع والاذعان للأمر الواقع. وإلا ان اي مناورة منهم أو مؤشرات تدل على تغيير موقفهم من القضية الارترية كانت ستفقدهم الفرصة الكبيرة التي اتيحت لحكم اثيوبيا بالمساعدة الارترية. أما الجبهة الشعبية كانت بامكانها ان تنسق مع المعارضة الاثيوبية الاخرى مثل الأرومو وهم كثر ، وكانت تستطيع بالفعل ايقاف الطموح التجراي في حدوده الطبيعية وحصره في الحكم الذاتي في تجراي. اذا اردنا ان ننصف التجربة نستطيع الجهر بالقول ان الوياني لم تقدم على خطوة ايجابية تجاه القضية الارترية الا وكانت عليها مجبرة ، واذا اردنا ان ننصف الوايني نقول إن موقف الضعيف المجبر والمكره على اتخاذ المواقف لا يمكن ان تحسب له كموقف ايجابي ولكن يمكن الوقوف على مواقفه بعد ان قويت شوكته واشتد ساعده فهل قام ملس زيناوي أو تقوم الوياني بصون وحدة الشعب الارتري وتقوية المعارضة الارترية وتقدم القليل القليل مما قدمه لها الشعب الارتري؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى