مقالات

اللاجئون الارتريون : المأساة والحلول-مليكة يسين شيخ الدين*

31-Jul-2010

المركز

*دكتوراة فى علوم البحار من جامعة ديكنز –استراليا
عضوة المجلس الاسترالى لشئون اللاجئين …
مديرة قسم توطين اللاجئين فى ولاية فكتوريا
هذه دراسة تلخص الأوراق والمداخلات التى قدمتها الى مؤتمرات الأمم المتحدة فى جنيف حول اللاجئين فى العالم. وباعتبارى عضوة فى مجلس شئون اللاجئين الأسترالى قدمت من خلال مشاركتى فى مؤتمرات الأمم المتحدة فى أعوام — 2007– 2008 – 2009 – 2010 قضية اللاجئين الأرتريين المنسيين فى شرق السودان وطالبت الجهات المختصة ( الأمم المتحدة – المنظمات غير الحكومية – والدول المانحة ) ايجاد الحلول السريعة والمناسبة لمأساتهم. )) وفى عام 2008 تم انتدابى ضمن وفد الأمم المتحدة لزيارة معسكرات اللاجئين فى شرق السودان واعداد تقرير عن أوضاعهم.

وقد تم اعداد التقرير وتضمن شرحا وافيا عن المأساة التى يعيشها اللاجئون وأوصى بايجاد حلول دائمة وعملية لمشكلتهم. وفى مؤتمر عام 2010 قدمت ورقة عن وضع المرأة اللاجئة فى العالم والارترية بصفة خاصة والمخاطر التى تواجهها كما تحدثت نيابة عن المنظمات غير الحكومية وشرحت رؤيتها ومطالبها من الدول المانحة.المأساة : مأساة اللاجئين متعددة الوجوه وعميقة ومزمنة – ولكننى سأتناول المظاهر الأساسية التى تم رصدها والتى تؤثر على اللاجئى الارترى فى حياته اليومية.التعليم متوفر حتى المرحلة الثامنة– ولكن حتى هذه يطلب من الآباء المساهمة فى نفقاتها – ولكن من أين؟ والنتيجة هى خروج غير القادرين من صفوف التعليم وكذلك الأطفال الذين يشاهدون الآباء غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم فيبادرون الى ترك الدراسة لمساعدة ذويهم وهؤلاء يشكلون الأغلبية.وقد كانت فى السنوات السابقة فرص الحصول على منح دراسية وقد توقف ذلك الأمر الذى جعل الطلاب الارتريين لا يستطيعون مواصلة تعليمهم وحتى لو حدث ذلك لا يجدون فرصا للعمل.اما البنات مشكلتهن أكثر صعوبة – حيث ان ظروف مجتمعات اللاجئين (المعيشية والأجتماعية والأقتصادية) فان الخيار لتخفيف أعباء المصاريف يذهب لصالح الذكر دون الأنثى وبالتالى تترك هى المدرسة.الصحة العيادات قليلة العدد وبعيدة فى مواقعها ما يفرض على اللاجىء السفر عبر مسافات طويلة وبعد ذلك قد لا يجد الدواء الذى يبحث عنه واذا وجده يطلب منه دفع الثمن – من أين؟ كما ان الأطفال لا يجدون أمصال لتطعيمهم ضد الأمراض المعدية ولا لحمايتهم من الأمراض المزمنة مثل الملاريا.الأعاشة التموين اليومى لا يكفى واللاجىء ليس لديه مصدر دخل أو معونات من جهات أخرى غير الأمم المتحدة. كما ان المياه ملوثة وتتطلب ان يذهب اللاجىء مسافات طويلة لاحضارها أو يدفع مبلغا للحصول على الماء – من أين؟الحياة الأجتماعية ليس هناك برامج أو علاقات تساعد اللاجىء على تنظيم وبناء حياته بصورة صحيحة ومنتجة – سن الزواج للفتيات هو الخامسة عشر خوفا على مستقبلها – والحماية الأجتماعية مفقودةواللاجئون يعيشون وكأنهم فى معسكرات اعتقال يسكنهم الخوف من المستقبل وحتى الأحتفاظبثقافاتهم أصبح متعذرا وهوياتهم تنازعتها العوامل المحيطة بهم ومضاعفات الأغتراب والبعد عن الوطن.ومع تدفق موجات اللاجئين الجدد من ارتريا – بعد الأستقلال – نشأت مشاكل جديدة حيث ان طبيعة القادمين الجدد تختلف : معظمهم من المدن وأعمارهم تتراوح بين 18—28 عاما. ذلك جعلهم لا يطيقون حياة المعسكرات وبالتالى يهربون مما يعرضهم للمطاردة والأعتقال والتعذيببل والمخاطرة بحياتهم حيث مات بعضهم وهم يحاولون الوصول الى مناطق آمنة.الحلول : بصفة عامة فان الحلول لكل اللاجئين فى العالم متشابهة وتتلخص فى الآتى:@ العودة الطوعية الى الوطن@ الاندماج فى المجتمع المحلى من خلال انشاء مشاريع تنموية لتنظيم حياتهم وجعلهم يعتمدون على أنفسهم@ توطينهم فى بلاد أخرى جديدةبالنسبة لوضع اللاجئين الأرتريين فان الخيار الأول شبه مستحيل بسبب غياب التنسيق والتعاون بين الحكومة الأرترية والأمم المتحدة . وحتى الذين عادوا منهم طوعيا بعد الأستقلال لم يجدوا الوسائل والأمكانيات التى تساعدهم على الاستقرار والعيش فى وطنهم فكان ان عادوا مرة أخرى الى السودان.أما الخيار الثانى فانه يتطلب توفير مصادر تموينية تضمن ديمومة المشاريع ونجاحها وتأهيل اللاجئين واعدادهم لكسب مهارات أساسية وأولية وتمليكهم لرأس المال وأصول المشروع بحيث يصبحون شركاء لا أجراء. بالأضافة الى ذلك فان البرامج التعليمية والأجتماعية والصحية ستحدد مدى استقرار وانتاجية اللاجئين فى مناطقهم الجديدة وهذا يفرض على الدولة المضيفة – السودان – ان تعامل اللاجئين على أسس تقرها وتضمنها المواثيق الدولية وتساعد على اندماج اللاجئين فى المجتمعات التى يهاجرون اليها.الخيار الثالث يتوقف على مبا درات الدول المانحة وأن تعطى أولوية لأوضاع اللاجئين المأساوية والاقتداء بدول مثل استراليا وأمريكا وكندا ونيوزيلندا والسويد والنرويج والتى سجلت أرقاما قياسية فى استيعاب اللاجئين من مختلف أنحاء العالم.ومن أجل تطبيق ذلك البرنامج فقد بدأ تسجيل اللاجئين على مراحل وذلك من خلال التعاون بين الأمم المتحدة وحكومة السودان:المرحلة الأولى بدأت فى معسكرات اللاجئين فى شرق السودان وانتهت فى نهاية ديسمبر 2008المرحلة الثانية بدأت فى المدن المحيطة والمتاخمة لمعسكرات اللاجئين – كسلا – القضارفبورتسودان …الخالمرحلة الثالثة ستكون فى العاصمة السودانية – الخرطوم.وبعد اكتمال التسجيل الرسمى سيبدأ تنفيذ الخيارات المطروحة والتى أشرنا اليها سابقا.وفى هذا الأتجاه فقد التقيت بالمسئولين المذكورين أدناه لمناقشة تطورات قضية اللاجئين الأرتريين معهم:1-اريكا فيلر – مساعدة الأمين العام للامم المتحدة لحماية اللاجئين2-جورج أوكوفس أوبو – مدير المكتب الأفريقى3- فنسنت كوشيتل – نائب مدير قسم الحلول الشاملة.4-رضوان نصير – مدير قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا5-فولكر تيرك – مدير قسم الحماية الدولية.ناقشت مع هؤلاء قضية اللاجئين الأرتريين فى ليبيا والخطر الذى كان يواجههم بالترحيل الى ارتريا وبالفعل قاطعت السيدة أريكا فيلر جلسات المؤتمر فى جنيف وسافرت الى ليبيا واستطاعت أن تحل المشكلة مع السلطات الليبية وعادت الى جنيف وقدمت تقريرها الى المؤتمر. كما ناقشت مع الأربعة الآخرين أوضاع اللاجئين فى كل من مصر واسرائيل.كما التقيت برؤساء وفود كل من السويد والنرويج باعتبارهما كانا ضمن وفد الأمم المتحدة الذى زار معسكرات اللاجئين فى شرق السودان عام 2009 وقدما توصيات عملية للبدء فى حل مشكلة اللاجئين.كل تلك الجهود لا تنتهى بعد صدور قرارات بعينها ولا تتوقف عند مؤتمر واحد – بل تتطلب مواصلة الأتصال والتواصل مع الجهات المعنية على أعلى المستويات للتذكير وتقديم المعلومات والمستجدات بحيث تبقى قضية اللاجئين حية حتى يتم ايجاد الحل النهائى والدائم لمأساتهم وذلك بعودتهم الى وطنهم والعيش بسلام واستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى