مقالات

مقاربة حول : العلاقات الإرترية السودانية في سياق التاريخ والجغرافيا السياسية بقلم /علي محمد

17-Apr-2006

المركز

مداخل مدخل (1) لا أحد يمتري أو يخالجه الشك أو الريب حول ضرورة وحتمية العلاقة بين أي كائنين متجاورين في الدنياذلك إن هذه من سنن الحياة ونواميس الوجود جبلت عليها الخلائق ، سيما بين البشر ،والعلاقة الإرترية السودانية تندرج ضمن هذا السياق التاريخي المجتمعي المعلوم بالضرورة والبدهية .

مدخل (2) إن ما يعزز العلائق والتواصل بين الشعوب والدول هو وجود العديد من القواسم و المشتركات سواء كانت في بعدها المادي أو المعنوي وهي بالضرورة تحتاج إلى رعاية وحماية من الأطراف المتداخلة علاقاتيا وهذا أحسب إنه متوفر بين إرتريا والسوادن سواء في بعده الفلسفي أو الإجرائي ، وهذا سياق تاريخي ينبغي أن يتوافر له قدر من الحساب والتقدير عند تعاطي ملف العلاقات بين مكونات الشعوب والدول في كل الحالات وعبر كل تطور في سير العملية السياسية خاصة إذا كادت أن تنحو منحى البراجماتية ضبطاً لوتيرة التحرك وتحسباً للآمال والمقاصدمدخل (3) تنشأ ظروف ما بين الشعوب والدول المتعالقة والمتجاورة فتكون تلك الظروف والعوامل وطائد تركيز وتدعيم للعلاقات أو تكون عوامل زعزعة و تفتيت ، وقد تطال تلك العوامل ركائز العلاقات ومقوماتها الأساسية أو تكتفي بالجوانب العابرة دون أن تعتدي على ثوابت الجغرافيا والتاريخ وأحسب إن الحالة الإرترية السودانية كادت مؤخراً أن تتجاوز الظرفيات والطوارئ وتؤثر حتى في ركائز العلاقة وذلك بفعل تحول مناخ الجغرافيا السياسية بين الدولتين صعوداً وهبوطاً منذ أن وصل نظام أفورقي إلى سدة الحكم في إرتريا ولم يكن بإمكان اللاعبين الآخرين توجيه مسار العلاقات أو الحد من الاتجاه السالب بالقدر الذي يوقف التصرفات السالبة لأفورقي حتى لا تؤثر في تاريخية العلاقة بين الدولتين ولكن وبلا شك كانت لمواقفهم وتبصيرهم لجهات الاختصاص في السودان وبقية دول الإقليم الأثر الكبير في عدم معاملة هذه الدول الإرتريين بتصرفات حاكم إرتريا الأخرق الذي أحرق الأخضر واليابس . مدخل (4) أنا أفترض وعلى خلاف السائد في العلاقات الدولية حالياً بأن الذي يتحكم في العلاقات الدولية بين الدول والشعوب ليس المصالح وإنما الفكر والثقافة والعقيدة المشتركة أيا كان نوعها ثم تأتي المصالح في الدرجة الثانية مهما حاولت السياسة المعاصرة تغليب جانب المصالح أو إيهام الرأي العام العالمي بأن المحرك الوحيد للعلاقات الدولية هي المصالح المتبادلة بين الدول والشعوب مع استصحاب حالة الضعف الثقافي والديني وأعني (التدين) وليس الدين في إطاره الفلسفي العقدي الذي تعيشه أمتنا وكل ما يحدث في تقديري هو انعكاس طبيعي لهذه الحالة . وقبل أن أدخل في تناول الموضوع عبر المفردات التي سأذكرها لا بد من الشكر الجزيل للأستاذ الصحفي الكبير سيد أحمد خليفة الذي يعتبر من الكتاب السودانيين القلائل الذين ينفعلون بقضية العلاقة الإرترية السودانية حيث كتب مؤخراً في جريدة الوطن السودانية في 29/8/2005 م، 14/12/2005م عن موضوع العلاقات بين البلدين محذراً جهات الاختصاص في السوادن من الانجرار وراء نزوات أفورقي ومزاجه المتقلب داعيا جهات الاختصاص والقرار السوداني أن تحسب كل خطوة تخطوها ما دامت إرتريا تحكم بعقلية أفورقي، فله مني الشكر الجزيل نيابة عن الإرتريين المنفيين عن ديارهم وأحبابهم بفعل أفورقي .وتأسيسا على المداخل التي ذكرت قبلاً فإني سأتناول الموضوع من خلال ما يلي : أولاً التطور التاريخي لعلاقة البلدين في بعدها الشعبي والرسمي ثانياً : نظرة نظام أفورقي للسودان من خلال مكوناته الأساسية في بعدها القيمي الاستراتيجي . ثالثاً : المعارضة الإرترية المواقف والأدوار رابعاً : أين تتجه قواعد اللعبة في منطقة القرن الأفريقي في ضوء معطيات التاريخ والجغرافية السياسية .خامساً : مؤشرات نحو الغد بعيداً عن تناول قضايا تاريخية رقميا أو فكريا بصورة معمقة حتى لا نخرج بالمقالة عن اتجاهها العام وهو التأشير والتوجيه العام فإنه يمكن القول بالنسبة للنقطة الأولى :-1/ إن العلاقة بين البلدين قد تطورت بتطور شعبي البلدين منذ الأزل وهي من بدهيات ما يعرف ويعلم في هذا الاتجاه ولا تحتاج إلى ما يؤكد ذلك فليس عبثاً الارتباط الوجداني والشعور الذي يتنامى بين الشعبين بصورة متزايدة إلا دليل على ذلك ، وما الانحياز الثقافي التاريخي والاجتماعي خاصة عند الملمات إلا برهان على ذلك ؛كانت العلاقات عند ما كان الراعي يتحرك بمواشيه ميمماً تلقاء السودان والعكس صحيح ، عندما يتوجه أهل السودان إلى إرتريا دون حواجز أو نقاط عبور على الحدود أو تصاريح سفر أو.. أو :- كانت العلاقات عندما التقى الشعبان في ظل طرق إسلامية واحدة بمختلف مسمياتها من خليج زولا إلى الدامر وحتى أبو حمد ومروي ، كانت العلاقات عندما كان الجميع يتبع إدارة حكومية واحدة أيام الدولة العثمانية كانت العلاقات عندما حصل الانصهار والتزاوج والترحال التلقائي والإقامة هنا أو هناك دون شعور بغربة أو شعور بظلم ، كانت العلاقات وستبقى رغم أنف كل من يريد أن يخرجها بعوامل الجغرافيا السياسية ما دامت علاقة رحم وقربى وثقافة مشتركة وهوية جامعة . 2/ عندما تعرضت المنطقة للاستعمار الأوربي الحديث بدءا بالإيطاليين ثم البريطانيين وبدأت تلوح في الأفق عوامل الجغرافيا السياسية والتقاطع في المنطقة بفعل الغزاة المستعمرين إذ تعرضت منطقة القرن الأفريقي ذات الثقل الإسلامي إلى هجمة شرسة ومنظمة لكسر شوكة الإسلام إذ يعتبر الغزاة هذه المنطقة هي منطقة تخوم عربي إفريقي وهي بوابة الإسلام إلى شرق أفريقيا وبالتالي لابد من احتواء هذه المنطقة وتفتيت قواها وشعوبها بمشاكل جانبية حتى لا تتفرق لمهمتها الرسالية عبر التاريخ والزمان فكانت الحرب العالمية الأولى إذ هزم فيها النموذج الإسلامي الوحيد المتمثل في الخلافة العثمانية ودب الخلاف بين المستعمر الأجنبي في الشرق الأوسط خصوصاً ودول الجنوب عموماً وكانت منطقة القرن الأفريقي من المناطق الخطرة و يحسب لها ألف حساب . وبعيداً عن التفاصيل دخلت الدول الأوربية الحرب العالمية الثانية وهي حرب أوربية أوربية دافعها الأساس هو لمن تكون السيادة والكلمة الأخيرة في العالم ؟!فوقعت الحرب بعد أن تم من قبل ذلك تحديد مناطق للنفوذ وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو . فكانت إرتريا من نصيب إيطاليا وكان جزءا من القرن الأفريقي ( جيبوتي )من نصيب فرنسا والجزء المهم منها كان من نصيب بريطانيا ( السودان ) وبعد أن اشتد أوار حركات التحرر الوطني عقب سقوط محور الدولة عند المسلمين ممثلاً في الخلافة العثمانية واقنعوا المثقف العربي بأن الخلافة العثمانية كانت عبارة عن استعمار تركي للعرب وأنه لا بد من مناهضته فخرجت تركيا و سقطت الخلافة ولكن كان البديل هو الاستعمار الأوربي الحديث متمثلاً في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأخيراً أمريكا . وبعد أن تغيرت قواعد اللعبة وأصبحت مقاليد الأمر في أيدي الغزاة وازدادت قوة الحركات الوطنية بحثاً عن الانعتاق في إطار الدولة القطرية وفقا لقواعد اللعبة التي حددها المنتصرون في الحرب فكانت المجاهدات هنا وهناك في عموم دول الجنوب ومنها منطقة القرن الأفريقي وتحديداً إرتريا والسودان . وقد وجد أحد مكونات المجتمع في المنتصرين الجدد سنداً وظهيراً بالإضافة إلى السند المحلي المتمثل في إثيوبيا ولكن الطرف الآخر من الشعب لم يجد السند ولا الدعم بمعناه المباشر فالسودان أو الصومال الذي يفترض أن يكونا ظهرين له كانا مشغولين في تلك الفترة بترتيب أوضاعهما فظهر في إرتريا وعقب الحرب العالمية الثانية حزب الرابطة الإسلامية مطالباً بالحقوق السياسية لإرتريا ضمن مكوناتها الطبيعية ورفض الربط مع الجارة إثيوبيا ولكن الإرادة الدولية وقتها قررت عكس إرادة الشعب فكانت فترة الكفاح السلمي ثم الدخول في مرحلة الثورة المسلحة في مطلع الستينات وفي فترة الثورة تجذرت العلاقة السودانية الإرترية وفق الحقائق التالية :-أ / هاجر معظم شعب غرب إرتريا والساحل وبلاد السمهر إلى السودان دون غيرها ليس لسهولة الوصول فقط وإن كان هذا أحد العوامل إلا أن هناك دلالات ودوافع أخرى كانت وراء هذا الاختيار فمثلا (بارنتو) ليست في الحدود السودانية ولكن سكانها لجأوا إلى السودان .فهل يدرك أصحاب الدراسات في مجال العلاقات السودانية الإرترية أو القادة السياسيين أسباب هذا الانحياز الطبيعي غير (المسيس) ؟!! ب / كانت الجبهة السودانية مفتوحة للإرتريين على طول الحدود بكل ما تعنيه هذه الكلمة فقبل أن تصل المنظمات الدولية آوت الأسر السودانية إخوانها من المهاجرين من إرتريا وتقاسمت معهم لقمة العيش والدواء ومقعد الدراسة ، ولم تشعر الأسر الإرترية بأي غربة لا في اللون ولا في اللسان ولا في الثقافة والعادات والتقاليد ولا في الدين . ج / من خلال الواقع الجديد في بعده الشعبي وليس الرسمي تشكلت حالة جديدة في صيرورة العلاقة الإرترية السودانية لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها ، فهذا العدد الذي يتجاوز (المليون) من المتواجدين في السودان سواء جاءوا صغاراً فتربوا هنا أو ولدوا في البلد الطيب لهم ثقافتهم ولهم همومهم ولهم تطلعاتهم ولهم كلمتهم فيما يجري في إرتريا ويعتبرون ما يحدث الآن في الداخل ما هو إلا حالة طارئة وستزول حتماً رغم أنف أفورقي وزمرته الحاقدة الموتورة فهل أدركتم سر عدم استعجال أفورقي إعادة اللاجئين المتواجدين في السودان إلى إرتريا ؟!! فبعودتهم ستقل مظاهر التجرنة الحالية وبعودتهم سيرتفع صوت المؤذن – كما هو الحال الآن – عالياً في كل الأرياف والقرى الإرترية وبعودتهم سيعلوا اللسان العربي والزي العربي والثقافة العربية .د / ومن خلال الواقع المذكور أيضا ظهرت على خارطة الجغرافيا السياسية في إرتريا حركات إرترية تغييرية هي محبوسة الآن خارج الحدود سواء في السودان أو غيره تحمل رؤى وأفكاراً تريد أن ترى النور وتحكم من خلالها إرتريا وتعيد للدولة الإرتريه هيبتها ومكانتها في الإقليم ، وهو واقع لا يمكن تجاهله أو تجاوزه مهما حاول نظام أفورقي التقليل من الظاهرة أو عدم المبالاة أو التظاهر بذلك. هذه حقائق على الأرض لا يمكن القفز عليها أو محوها من الوجود وهذه الحركات هي نتاج طبيعي من نتائج التراكم المهجري الذي عاشه أبناء إرتريا في دول المهجر وجزء من هذه الحركات هي ممن تعلم أفورقي النضال على يدها وبالتالي عند قراءة خارطة الجغرافيا السياسية حاليا بين إرتريا والسودان يجب أن تستصحب كل هذه الحقائق الماثلة على الأرض حتى لو لم يعتبر البعد الرسمي ومواقف الحكومات السودانية من قبل أفورقي حالا أو سابقا فعليه أن يعتبر الحقائق الإرترية الموجودة في السودان شعباً ومعارضة معبرة عنه هـ / من خلال واقع الاستعمار والهجرة إلى السودان و ازدياد وتيرة المعارضة للاستعمار في فترة تقرير المصير أو فترة الكفاح المسلح أو ما بعد خروج المستعمر الإثيوبي من إرتريا مرت علاقات إرتريا والسودان بالعديد من المنعرجات والتحولات وكانت تحكم كل مرحلة ظروفها الخاصة تفاعلاً أو تقاصراً دون المطلوب ما قبل التحرير أما ما بعده فكانت مواقف حكومة الإنقاذ مع أفورقي في غاية الإيجابية و” اللطافة” السياسية ولكن أفورقي لم يعتبر كل ذلك وحسبه “بلاهة” سياسية ولكن هل كان يفعل أفورقي مع السودان كل ما فعل أو ما يمكن أن يقوم به من خلال معرفة ؟! أم أنه يتصرف دون علم ودراية ؟! وهذا ما يقودني للحديث عن النقطة الثانية . ثانياً :- نظرة نظام أفورقي للسودان من خلال مكوناته الأساسية في بعدها القيمي الاستراتيجي لا أريد أن تكون ما أذهب إليه في هذه النقطة مثار جدل ، ولا أريد أيضا أن تكون من مسلمات القول ولكن أرجو التأمل فيها دون عجلة بعيداً عن التفسير السياسي لها وسأحاول أن أكون قدر الإمكان موضوعيا في الطرح هنا أو فيما سبق ويأتي من القول .أنني أذهب إلى أن أفورقي ينظر إلى السودان من خلال زاويتين مزدوجتين لا يستطيع تغليب إحداهما على الأخرى ، الزاوية الأولى زاوية الرهان على القادمين الجدد إلى الخرطوم من (الرفاق) فأفورقي يعتبر نفسه قد قدم لهم معروفاً ينبغي أن يكافوءه به ، والزاوية الثانية وهي من شقين الشق الأول وهو الأهم عندي الشق الشعبي في بعده الثقافي الفكري الحضاري والشق الثاني نظرته إلى حزب المؤتمر الوطني (الحركة الإسلامية) الجناح الحاكم حالياً وشريكا مع آخرين مهما أبدوا له من المرونة والتعاطف والتعامل فإن أفورقي له مواقف مبدئية مبنية من خلال قراءته أو معلوماته لا تتغير بالسهولة ومن ثم عندما يتعامل أفورقي مع السودان الحكومة والشعب فإنه يستحضر هذه العقلية دائماً فيقدم رجلاً ويؤخر الأخرى لأنه يدرك بأن مجرد الانفتاح إلى السودان يعني بالنسبة له العديد من المتاعب السياسية حتى ولو كانت تبادل زيارات الأسر السودانية إلى إرتريا فهو يريد إرتريا جزيرة مغلقة دون تواصل أو استحقاقات حتى يكمل مشروعه الذي بدأه (بتجرنة) مجتمع الداخل خاصة وأنه ومن خلال تصرفاته الحمقاء قد خسر ظهره الأيمن والأيسر فهو يعتقد بأن التقارب مع السودان ينبغي أن لا يتجاوز الإطار الدبلوماسي الضروري له فقط ولعل ما يعزز هذا القول موقف أفورقي من قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت بالخرطوم في 23/ يناير 2006م ، حيث قاطع حضور القمة وأكتفى بمتثيل أقل من درجة وزير مما يعني الاستهتار بكل الجهود والمحاولات السودانية التي بذلت مؤخراً في هذا الصعيد .إذ ليس مهما ما يعود به العلاقة إلى إرتريا الدولة والشعب والأرض ولكن ينبغي أن تكون العلاقة بقدر ما تحقق أغراض و متطلبات سلطته وقبضته فهل يدرك أهل الإنقاذ ذلك ؟! أعتقد بأنهم يدركون ذلك وأكثر ولكن من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين . و أفورقي يعول كثيراً على استغلال الظرف الدولي الراهن وظروف تحولات السودانية الداخلية ظناً منه بأنه يمكن أن يحقق خلال هذه السانحة فرصته ويجد ضالته خاصة وأن رفاقه قد دخلوا القصر في الخرطوم وهم أيضاً قد يتحركون ضمن رهانات ومعطيات الساحة السياسية المعاصرة إذا أرادو ذلك إلا أن أفورقي يتعامل مع ملف علاقته مع الخرطوم بحذر شديد مغلباًَ في غالب الاحيان البعد الأيدلوجي الفكري وليس المصلحي البراجماتي لعلمه بأن حكومة الإنقاذ ليست ممن يمكن أن يتعامل معها باستغباء سياسي كما يدعي أحياناً وقد نجحت الإنقاذ في تجاوز مطبات السياسية وامتلكت دربة سياسية كبيرة يمكن أن تؤهلها للتعامل مع أمثال أفورقي بكل سهولة ويسر ولا يسبب لها “صداعا”ً إذا قرأت أفورقي في سياقه المحلي الحقيقي ولكن قد يتدخل في قراءتها عوامل أخرى تغلب من خلالها المفضول مع وجود الفاضل وخلاصة القول في هذه النقطة إن أفورقي ينظر إلى السودان في بعديه الشعبي والرسمي خصماً حقيقياً من نظامه وطائفته ، ويشعر المسلمون في إرتريا ممن ليسوا على السلطة أو مهمشين فيها إن السودان هو العمق الحقيقي والسند الفعلي لهم فكيف يمكن أن نصل في هذه النقطة الجوهرية إلى التعادل أو التكافؤ وهذا ما يقودني للانتقال إلى النقطة التالية : ثالثاً : المعارضة الإرترية بين المواقف والأدوار العرف السائد في الدول المعاصرة أن الدولة والقوى المناهضة لها معارضة تنشأ داخل القطر تتناوب في إدارة الدولة بصورة متناغمة متوازنة لما يحقق الصالح العام للشعب أما في الدول المحتلة احتلالاً غاشماً قد تضطر المعارضة للهجرة من ديارها وقد تنشأ في الخارج فكان من المفترض أن تكون المعارضة الإرترية داخل البلاد بغض النظر عن الظروف التي واكبت التحرر الوطني فالفترة ما بعد التحرير كفيلة لترتيب الوضع السياسي في دولة إرتريا بيد أن نظام أفورقي سد كل أفق يمكن أن يجمع الشمل الإرتري ويتفاعل الجميع داخل القطر ويطرح كل واحد وجهته ورؤيته في حكم البلاد ولم يكتف بسد الأفق السياسي في وجه الأحزاب الإرترية بل شمل ذلك حتى الشعب العادي دون أن تكون له عليهم أية مبررات أو مستمسكات قانونية فبدل أن تكون المعارضة أحد ركائز السلطة في البلاد أصبحت معارضة من خارج الحدود إلا ما كان من العمل العسكري الجهادي الذي يخوضه المجاهدون طيلة فترة حكمه لتخليص الشعب من هذه القبضة الحديدية واسترداد الحقوق غلابا والرئة العسكرية هي الوحيدة التي تتنفس من خلالها المعارضة وبالطبع ليس أمراً مريحاً أو وضعاً مستقراً أن تعيش المعارضة في المنافي والفيافي ولكن الظروف القاهرة والديكتاتورية الظالمة المسنودة دولياً هي التي فعلت فعلها فما المواقف المبدئية التي تنطلق منها المعارضة ؟ وما الأدوار المطلوبة ؟ ومن هي المعارضة قبل ذلك ؟!أبدأ بالشق الأخير من التساؤل فماذا أعني بالمعارضة وهذا رأيي الخاص إن المعارضة عندي هي المعارضة الواطئة على جمر القضية طيلة فترة حكم أفورقي وعندي لا اعتبره معارضاًُ من كان شريكاً في ظلم الشعب ومن كان ديكتاتوريا في تعامله مع الشعب ولا أعتبره معارضاً من يستهجن بقيمنا ويريد أن يزيلنا من على الخارطة السياسية في إرتريا ولا أعتبره من المعارضة من خرج نتيجة ظروف طارئة أو خلافات لا في البرنامج والنهج ولكن خلافات في الأدوات والأساليب والطريقة ، والمعارضة عندي هي التي وطأت على الجمرة خلال فترة النضال والكفاح وما زالت ، والمعارضة عندي هي من تتوجع لوجع أهلنا في معسكرات اللاجئين في السودان وفي غير السودان حتى ولو لم تجد ما تقدمه لهم نظراً لعدم القدرة والحيلة ولكن تتألم لألمهم وتفرح لفرحهم والمعارضة عندي هي ذات التوجه المناهض للنظام منهجاً وبرنامجاً تغييراً وليس وسيلة في الحكم وإدارة الدولة إن المعارضة الإرترية التي وصفت تنطلق من خلال مواقف أحسب أنها مبدئية أخلاقية وأخرى محكومة بعوامل وظروف ورهانات التحرك فمنذ أن بدأ الكفاح المسلح في بكريات أيامه كان السودان المأوى والملاذ وكان السند والظهر كما مر سابقا فكيف كانت مواقف المعارضة ماعدا (حزب الجبهة الشعبية) مع السودان شعباً وأرضاً ؟ 1/ احترمت المعارضة الإرترية حرمة الأرض السودانية مبدءا فلم يحدث أن تسببت في أية انفلاتات أمنية داخل الأراضي رغم المرارات التي كانت تتعرض لها أحياناً في السودان من بعض الجهات لأنها تعتبر ذلك ديناً لا يمكن أن تتجاوزه ولا يمكن أن تعرض أمن البلد المستضيف لزعزعة وعدم استقرار مع توفر الأجواء لذلك وتوفر الإمكانات حتى من باب رد الفعل فالمعارضة كانت ضابطة لنفسها وسلوكها وتصرفاتها في فترة الثورة وإلى الآن إلا حزب الجبهة الشعبية الذي مارس الاغتيالات و الأختطافات من الأراضي السودانية .لأن الجبهة الشعبية لا تعير لقضية الأخلاق والفضيلة أي اعتبار ما دام يحقق لها هدفها الحزبي ، فهذا الموقف المبدئي ينبغي أن يحسب لصالح المعارضة الإرترية التي تغلب الاستراتيجي على الآني في علاقتها ولا تنظر إلى تحت أقدامها كما يفعل الآخرون !! . 2/ إذا كان ذلك في الإطار الأمني فالمعارضة الإرترية أيضا احترمت القيم والعادات والتقاليد السودانية الأصيلة أولا لأن ذلك مما يجمعها مع السودان ، وثانياً احترام ما يمكن أن يكون من خصوصيات السودان احتراماً للمضيف على ضيفه والمستجير لمن أجاره في ساعة الرمضاء . 3/ تصرفت المعارضة في كل الحقب والأدوار في السودان بمسؤولية مع العلاقات السودانية الإرترية مفرقة بين التقلبات التي يمكن أن تحدث أحياناً معذرة الدولة السودانية في مختلف الحكومات بدءاً بحكومة عبود وانتهاء بالإنقاذ الحالية فلم تتعامل بتشنج أو تغطرس أو بخلق أهل السياسة وإنما تعامل بمسئولية مطلقة من عدم إضاعة القائم بحثاً للمأمول ، إذا تعارضت المصلحتان في الظاهر فكانت تقدم حق الجار وتراعي خياراته ومواقفه مع إبداء ما تراه مناسباً للجهات المختصة وهذا بالطبع ليس من أدب الحركات الثورية ولكن الثورة هنا منضبطة بالقيم والخلق الراكز في الضمير والمحرك للخطوات فلا مجال للانفلات أو الأعمال غير المسئولة . رغم اعتقاد العديد من دوائر القوى المعارضة في مناقشتها بأن طريقة إدارة العلاقة مع المعارضة ليست بالصورة المثلى في كثير من الأحيان مما كان يفقدها العديد من الفرص لو استغلت كما تعتقد بأن الحكومة الحالية لم تطرح ورقة المعارضة مع حكومة أفورقي بصور ة علنية وواضحة وتتبناها كما يتبنى أفورقي معارضي السودان حتى من باب التعامل بالمثل فينظر البعض إلى هذا الأمر بشيء من القلق وعدم الوصول إلى إجابات مقنعة في هذا الاتجاه ولكن لعل قابلات الأيام تتغير وقواعد إدارة الصراع أيضا فإذا كان أفورقي يعد نفسه شريكاً في ترتيب الشأن السوداني أليس السودان أحق بذلك ؟! وهو يملك العديد من كروت الضغط على الأرض حتى لو تجاوز المعارضة السياسية أليس قضية (مليون) لاجئ إرتري في السودان يمكن أن تكون ورقة ضغط رابحة للسودان ومزعجة لأفورقي؟! أرجو أن ينتبه أهل الإنقاذ إلى مواطن التأثير في التعامل مع القضية الإرترية ، ورسالة إلى الحركة الشعبية السودانية أوجهها من هنا إن مما تعلمناه من الثورية إن المطالبة الحقوقيةحق مشروع ينبغي أن يعان من يسعى للأخذ به فأرجو أن يعطى هذا الحق للشعب الإرتري وأن تكون الحركة الشعبية اليد الضاغطة على أفورقي إذا كان يتشكك في نوايا حزب المؤتمر الوطني هذه ناحية، والناحية الأخرى للحركة الشعبية أيضاً إن مطالب المعارضة الإرترية مطالب حقوقية وأنتم خضتم معركة حقوقية لأهلكم في جنوب السودان أليس هذا حقاً عاماً للجميع؟! بالتأكيد الإجابة عندكم بالإيجاب فأرجو أن توظف المعارضة الإرترية علاقات الحركة الشعبية لصالحها وتطالبها بمواقف مبدئية للشعب الإرتري في المهجر وعلى السودان بمختلف ألوان طيفه السياسي أن لا ينظر إلى قعر المرآة بزاوية واحدة قد تتغير معطيات الجغرافية وقد يتحول ميزان القوى !! ومطلوب من المعارضة الإرترية الجادة أن تتحرك بفاعلية وتوظف المشروعيات القائمة لصالح أجندتها وتتجاوز مرحلة العمل الرتيب والروتين القاتل الذي صاحب ظروف النشأة وأنا أعتقد بأن الجولة لصالح قوى المعارضة إذا ما عرفت من أين تؤكل الكتف؟! وكيف تستغل إمكاناتها الجغرافية والسياسية والتاريخية وخبرتها العريقة في العمل الثوري وتوجه طاقات شبابها نحو الأهداف والمقاصد الكلية ؟! لا أن تنشغل بصوارف الأمور في كل دورة انعقاد ولم تزل تتجاوز مرحلة وضع الثوابت الوطنية أو الحقوق الأساسية في ميثاقها السياسي !!ومطلوب من المعارضة لعب أدوار حقيقية وفاعلة ومؤثرة في قواعد اللعبة بعد معرفة مواطن التأثير والقرار في منطقة القرن الأفريقي لا أن تنتظر ليتنزل عليها النصر من السماء أرجو أن لا يفهم كلامي التقليل من العرق المصبوب ومن قله الدماء المبذولة في المسيرة ولكن نطمح في المزيد و أرجو أن ينصب هذا في خانة الاستفزاز الإيجابي .ومطلوب من المعارضة الإرترية التعرف عن قرب وبصورة مستمرة عن أوضاع اللاجئين ومعاناتهم ومشاكلهم والسعي الحثيث لحلها ومطلوب من المعارضة أدوار قانونية وتعليمية لقضايا الطالب الإرتري والشاب الإرتري و مطلوب منهم أن يكونوا الأب الحاني والأم الرؤوم لأهلهم وذويهم ويسعون بكل تفان في وضع حد لمعاناة الأهل التي طالت كل شيئ وكادت الناس أن تنسى الوطن الأم ؟!! ولكن مطلوب منها قبل كل ذلك معرفة أين تتجه قواعد اللعبة في المنطقة حتى لا تقف الموقف الخطأ وهذا ما يمكن تناوله في النقطة التالية ؟!! رابعاً : أين تتجه قواعد اللعبة في منطقة القرن الأفريقي في ضوء معطيات التاريخ والجغرافيا السياسية ؟! قبل أن أحاول الإجابة عن التساؤل أعلاه لا بد من التذكير بالأتي : 1/ إن منطقة القرن الأفريقي وعبر سياقها التاريخي فالجغرافية البشرية فيها تقول إن هذه المنطقة هي أحد المعابر والبوابات الرئيسة للمدّ الإسلامي لمنطقة شرق ووسط أفريقيا ، وقد شهدت منطقة الهضبة الحبشية في هذه المنطقة قيام حوالي ( 11) مملكة وإمارة إسلامية عرفت تاريخياً بممالك الطراز الإسلامي مما يدل ويعزز عراقة الإسلام في هذه المنطقة بدءاً بالهجرة الأولى التي قام بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الحبشة إذ ذاك (النجاشي رضي الله عنه) ووصولاً إلى ممالك الطراز المذكورة قبلاً ، وبالطبع هذه المملكة لا تشمل السودان الحالي بحدوده الراهنة ولكن لا يمكن إغفال دور الإسلام والدعوة في السودان أيضا قدماً وعراقة وانفعالاً بالإسلام . اعتقد هذه من حقائق التاريخ وسياقه الطبيعي بعيداً عن الأجندة السياسية للقرن الأفريقي .2/ بناءا على تلك الحقائق التاريخية واستصحاباً للموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به منطقة القرن كانت هذه المنطقة ومازلت إحدى نقاط الارتكاز المتقدمة لمواجهة المد الصليبي أو الغزو الأجنبي للقرن الأفريقي تدافعاً وتصارعاً حتى عرفت مؤخراً في قاموس الجغرافيا السياسية بقوس الأزمات فهي معبر حيوي بين قارات العالم وتطل على أطول شواطئ البحار في المنطقة مما يجعل حركة الملاحة الدولية في غاية الصعوبة إذا لم يشهد هذا القرن استقراراً سياسيا واجتماعياً ولذلك يدخل دائماً في مقدمة الأجندة الدولية في ظل التفاوض بين الأقطاب المتصارعة على المنطقة سواء في فترة الاستعمار المتعاقبة أو فترة ما بعد الحربين العالمتين إبان فترة الحرب الباردة أو حتى في ظل أحادية القطب في عهد القيادة الأمريكية للعالم بدءاً ببوش الأب وحتى العهد الحالي لبوش (الصغير) !! وهذا يسوقني إلى حقيقة سياسية تاريخية في المقام الأول إلى افتراض إن ترتيب هذه المنطقة لا يترك لأهلها وحدهم وقد يكون التدخل الخارجي المسنود محلياً – غالباً – هو الذي يحسم الصراع ولكن هذا الافتراض ليس على إطلاقه . وبالنظر إلى المكونات البشرية الموجودة في هذه المنطقة في سياق تاريخي مجرد نجد بأن أغلب سكان المنطقة يدينون بالإسلام السني باستثناء الهضبة الحبشية وجزء من إرتريا وحتى الذين يدينون بالنصرانية ينتمون في غالبهم إلى الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية ويوجد ضمن هذا السياق أقليات وثنية من سكان المنطقة ولكن قد تعايشت وانصهرت مع الأكثرية عيشا وجواراً ومن ثم لا تشعر بالغربة أو الاضطهاد الديني .4/ وإذا انتقلنا بالحديث إلى المكونات الاجتماعية والعرقية والثقافية فتقول لنا الحقائق في ذلك بأن شعوب منطقة القرن في غالبهم ينتمون إلى الأصل السامي مع وجود نسبة مقدرة ممن تنتمي إلى الأصل الحامي ، أما الشعب الغالب خاصة المسلمين فالوجدان عربي والانتماء عربي وحتى القسمات والسمت العام ذلك لأنهم ينتمون إلى العربية نسبة وثقافة وضميراً ومصير اً .وليس عبثاً هذا الانفعال القوي في شعوب هذه المنطقة إلا دليل لهذه المكونات والأصول التاريخية وإذا أضفنا إلى ذلك بأن الفاصل المائي بين منطقة جنوب الجزيرة العربية وحتى نهاية حوض (البحر الأحمر) إلى مصر إنما حدث في فترة جيولوجية متأخرة ولم يكن هذا الأخدود المعروف الآن بالبحر الأحمر موجوداً بهذه الصورة مما يعني ذلك سهولة التواصل والتداخل الثقافي والاجتماعي ، وهذا يعزز عندي حقيقة تاريخية سياسية وهي إن هذه المنطقة مرتبطة ارتباطاً مصيريا بالمنطقة العربية في الشرق الأوسط ومن ثم فإن كل ترتيب سيتم في المنطقة إنما يتم وفق هذه التراتبية المتلازمة دون أن يكون ذلك مطرداً إطراداً ظرفيا بصورة حدية مائة بالمائة . مما سبق ما أريد الوصول إلى المقاربات التاليه :- أ/ تأكد من خلال السياق التاريخي أن شعوب هذه المنطقة لا يمكن أن تحل مشاكلهم من خلال التدخل الخارجي مع أنه أحد أهم عوامل استقرار المنطقة تاريخياً . ب / في نظري لا أعتقد وهذا الاعتقاد ليس ملزما لأحد بأن المصالح وحدها أو التسويات السياسية بين دول المنطقة يمكن أن تؤدي إلى الاستقرار والسلام مما يعني ضرورة الارتكاز على حقائق التاريخ والتعامل بواقعية وعقل مفتوح وعدم محاولة القفز فوق الحقائق تحقيقاً لمكاسب آنية وقد أثبتت الأحداث الجارية بأن أي ترتيبات سياسية تتم دون إرادة القوى المحلية الفاعلة مصيرها الفشل والتعثر مهما كانت الجهة الراعية لهذه الترتيبات والتسويات مما يحتم على أبناء المنطقة ضرورة النظر العميق في قضاياهم بصورة متوازنة . ج / أذهب إلى أن عوامل التكامل الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي متوفرة في هذه المنطقة ولكن ما يعانيه الإقليم هو عدم توفر الإرادة السياسية النابعة من حقائق الأرض وليس من منطلقات حزبية ضيقة . د / أذهب إلى أن منطقة القرن حاليا لا تقع ضمن أولويات السياسة الدولية مالم تترتب أوضاع العراق وتحسم ولو جزئياً قضية فلسطين لأن المحافظين الجدد الذين يحكمون الآن أمريكا ومعهم الصهيونية العالمية ينطلقون من منطلقات عقدية دينية توراتية انجيلية قديمة تدفعهم إلى مزيد من الاهتمام بمنطقة الوسط في الشرق الأوسط دون الخوض في تسويات جانبية وهذا ما يعزز عندي الذهاب إلى بقاء الوضع الإثيوبي الإرتري كما هو عليه منذ ديسمبر 2000م ذلك لأن هذه المنطقة ليس بها مصالح حيوية مهددة الآن وتاريخياً ليس لديهم ما يشجعهم للإقدام إليها دينيا كما في الشرق الأوسط . ولكن متى ما تغيرت الأوضاع في الشرق الأوسط وفي وسطه تحديداً ستكون هذه المنطقة في صدارة الأحداث الدولية فما ذا أعد أبناء المنطقة لحل مشاكلهم حالاً ومستقبلاً سواء في المستوى القطري الضيق أو على مستوى الإقليم ؟!! خامساً : وأخيراً : مؤشرات نحو الغد إن الحديث عن الغد ولا أعني به الغد القريب وإنما الغد المأمول الذي يأتي نتيجة تغيير تراكمي بعيد مما يعني صعوبة التنبؤ به على وجه الدقة والحقيقة ذلك لأنه أولا ً في رحم الغيب وهو من علم الله و وثانيا يصعب تغليب لأي العوامل تكون الحاكمية هل للمبادئ أم للمصالح ؟ وهل يكون التغيير محلياً أم نتيجة القوة الخارجية الباطشة ومع ذلك يمكن القول بشأن العلاقات السودانية مقاربة سياقية من زاوية نظر الكاتب : 1/ أنظر إلى الاستقرار في البلدين بصورة متلازمة تلازماً مضطرداً بالضرورة والحتمية فما لم تترتب الأوضاع بصورة صحيحة في إرتريا لن يتم الاستقرار في عموم الإقليم سيما إرتريا والسودان وعندما أقول الاستقرار فإني أعني أن يأخذ المسلمون في إرتريا حقوقهم السياسية بصورة تتناسب مع حجمهم ودورهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولى في إرتريا وليسوا وافدين ثقافة وفكرا كما يزعم البعض و يدعي !! 2/ إذا كان الناس ينظرون إلى القرن الحادي وعشرين إلى أنه القرن الأمريكي أو هكذا تريد الولايات المتحدة إقناعنا به فإنني أنظر إلى هذا القرن بأنه قرن الأصالة والتجدد في إطار الثوابت ، في بعده القيمي وقرن المطالبة بالحقوق لأنه عصر يشهد حالة من التطور المعرفي وليس هو من عصور الجهل .وفي إطار المعرفة إذ كلما أزدادت المعرفة وسبل الحصول عليها تقلصت بعض الأنماط القديمة التي كانت تسلم بكل ما تسمع وزادت نسبة الوعي إن على مستوى الفرد أو الجماعة البشرية وبالتالي هذا يؤدي إلى نسبة المطالبة الحقوقية ويؤدي إلى نسبة معرفة الفرد مكانه ودوره في الحياة . 3/ أنظر إلى الوضع في إرتريا وطبيعة صيرورة علاقات إرتريا الدولة بالسودان وكل دول الإقليم باعتبارها حالة نشازاً غير طبيعية قابلة للزوال ولكن أدعو أن لا يكون البديل بذات المنهج وبذات اللاعبين القدامي الجدد إن كان على مستوى التفكير والنهج والانطلاق أو على مستوى الممارسة والعمل لأن ذلك لن يضع حداً للوضع المتأزم في المنطقة أو في إرتريا . 4/ العلاقة السودانية الإرترية في سياقها التاريخي لا يمكن أن تتغلب عليها عوامل الجغرافية السياسية دائماً وتكون لها الكلمة الفصل بل أن السياق التاريخي المبني على حقائق الأرض سيكون عاملاً حاسماً في صيرورة العلاقات ومن ثم على متخذي القرار في البلدين وعلى من يريد الاستقرار للمنطقة والدولتين عليهم عدم تجاوز حقائق التاريخ ولا بد من أخذها في عين الاعتبار ووضع كل التحوطات .وختاماً : فإنني أنظر إلى العلاقة الإرترية السودانية في سياق مقاربتي في بعديه التاريخي والجغرافي بأنه ينبئ بخير متى ما كانت التصورات والخطوات مبنية على الأسس الصحيحة ووفق الإرادة المحلية وليس قافزة فوق الحقائق أو متعاملة مع الملف بصورة عجلى أو سطحية . فعلى المعارضة الإرترية والحادبين من أبناء الإقليم على مصلحة الشعبين السوداني والإرتري من كل ألوان الطيف السياسي في السودان أو بقية دول الإقليم ضرورة العمل بسوية واطراد لوضع حد لمعاناة الإنسان الإرتري الذي طال انتظاره وكاد أن يفقد الأمل ويتخوف على مصيره ووضعه عند سماع أي تقارب للعلاقات مع نظام أفورقي الديكتاتوري . وأخيرا كانت تلك كلمات على شكل وقفات حول العلاقة الإرترية السودانية لعلها تساهم مع كلمات غيرها من الكتاب والزملاء لتشكيل نقطة ارتكاز للانطلاق وصولا إلى الزاوية المنفرجة في علاقات الشعبين الشقيقين عساها وعساها Alisaed30@hotmail.comمجلة النفير العدد( 97-98) -ابريل 2006م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى