حوارات

في حوار صريح مع الوزير المفوض ونائب السفير الإثيوبي في السودان : نعم المعارضة فازت في العاصمة ولكننا فزنا في عموم إثيوبيا

7-Jul-2005

المركز

أجرى الحوار : جمال همد وعبدالرازق كرارالأحداث الأخيرة بعد الإنتخابات الإثيوبية شغلت الساحة الإقليمية والدولية كثيراً ولأننا في إرتريا معنين لأسباب كثيرة بما يحدث في إثيوبيا أكثر من غيرنا

سعينا لإستجلاء الموقف ومعرفة مجريات الأحداث فكان هذا اللقاء مع السيد / فسها أفورقي الوزير المفوض ونائب السفير الإثيوبي بالسودان ، والرجل يعرف تفاصيل غرتريا ومكوناتها السياسية والإجتماعية والإثنية كأحد أبنائها لذا لم نجد صعوبة في التواصل معه ، وفوق هذا كان صريحاً معنا فكانت هذه الإفادات . ماهي خلفية الإضطرابات التي شهدتها إثيوبيا بعد الإنتخابات وماهي ابعادها وتأثيراتها ، نرجو أن تضعونا في صورة ماحدث ؟ عندما جاءت جبهة الإهودق الى السلطة هازمة نظام الدرق كان هدفها الأول تأكيد الديمقراطية وتحقيق التنمية ، وخلق فص اوسع للشعب ليمارس حياته الطبيعية ، وكان من أهدافنا ايضاً حفظ الثقافات والتقاليد الشعبية للكل ، ومن أجل تحقيق ذلك كله كان لابد من وضع الدستور الذي ينظم ذلك ، وقد جاءت قوى من بقايا النظام السابق لتعرقل العمل بالدستور الذي ربما يتعارض مع مصالحها وأفكارها التي تضيق بمساواة الشعوب والقوميات ويميلون الى الشوفينية والتعصب للذات ، ورغم ذلك سمح لهم الدستو وغيرهم بالمنافسة السليمة الحرة . وبالفعل شاركت تلك القوى في الإنتخابات للدورتين السابقتين وبصورة أكبر في الدورة الحالية الثالثة ، وقد قدمت الحكومة الكثير من التسهيلات التي تيسر لكل القوى خوض تلك الإنتخابات وبفترة كافية قبل إجراءها ، فمثلا منحتهم حرية عرض برامجهم في وسائل الإعلام وسائر الوسائل الأخرى التي تمكنهم من الإتصال بالشعب والحصول على أصواته ، وقد خاضت تلك القوى الإنتخابات بهدفين هما إسقاط الحكومة والإستيلاء على الحكم عن طريق الإنتخابات أو إذا تعسر ذلك الإدعاء بأن الإنتخابات كانت مزورة وتعبئة الشعب اتحريضه ضد الحكومة ومن ثم الإستيلاء على الحكم عن طريق العنف ، وعلى الرغم من علم الحكومة المسبق بهذه الإستراتيجية إلا أنها إخترت خوض الإنتخابات جنباً الى جنب القوى المعارضة وبفرص متساوية معها وعدم الإعتراض بأى شكل من الأشكال على سير الحملة الإنتخابية بالرغم من أن المعارضة اسست برامجها الإنتخابية على العنصرية المنحازة الى قومية بعينها ومعاداة بقية القوميات ، ومحاولة إظهار قومية التغراي بأنها المضطهدة لبقية القوميات والشعوب الإثيوبية ، وأنها العدو المشترك لبقية الشعوب وبالتالي يجب إبعادها عن الحكم بكافة الوسائل .في مثل هذه الأجواء جرت الإنتخابات بمراقبة دولية وإقليمية ، وشفافية شهد بها المراقبون ، وعندما تأكد للقوى المعارضة أن الكفة راجحة لصالح الحكومة حاولوا تحريض الشعب عليها وقاموا بممارسات عنيفة وأتخذوا وسائل غير سلمية كالسلب والنهب والإعتداء على القوات النظامية وسلب اسلحتها ، وعملوا كل مافي وسعهم من الممارسات التي تثير الفتن والأحقاد في أوساط الشعب ، وقد كانت نتيجة الإنتخابات في صالح الجبهة الحاكمة ( الإهودق ) ماعدا في دوائر العاصمة أديس ابابا ، ومن ثم تأكدت المعارضة أنها مهزومة إنتخابياً ولن تصل الى أهدافها ، لذا لجأت الى تشويه العملية الإنتخابية التي جرت وطالبوا بإعادة الفرز وإعادة اإنتخابات في بعض الدوائر وأستجيب لطلبهم وعندما أعلنت النتيجة طلبوا من مفوضية الإنتخابات تمديد الإعلان وتأجيله الى فترة أخرى قادمة وقبل طلبهم أيضاً ، وفي ذات اليوم الذي قيل فيه طلبهم قاموا ببعض أعمال العنف والتحريض الطائفي والقبلى … الخ .وبما أن الحكومة كانت تعلم مسبقاً بالهدف من تلك الأعمال الإجرامية أصدرت قراراً بمنع التجمهر والإجتماعات حفاظاً على أمن الناس والممتلكات عند ذلك أعترضت قوى المعارضة على القرار وتقدمت بالطعن في شرعيته لدى المحكمة العليا زاعميين أن القرار ينتهك حقوقهم الديمقراطية وإحالتهم المحكمة الى الدائرة الفيدرالية بإعتبار أن الأمر لايقع تحت دائرة إختصاصها ، ورغم ذلك قاموا بأعمال العنف وتزوير بعض الوثائق وإستنساخها واعمال السلب والنهب والمصادمة مع رجال الأمن وإطلاق النار عليهم ، وعندما بدأت تلك الأعمال العدوانية تتزايد واصبحت خارج السيطرة اضطررنا الى التصدى لها بالقوة التي توقفها أو تخفف من أثارها . ما مستقبل الحزب الحاكم في ظل سيطرة المعارضة على مقاعد العاصمة أديس ابابا ؟ أن إستيلاء المعرضة على مقاعد العاصمة يعني في نظرنا وفق قوانين المستشارية الفيدرالية أن المعارضة من حقها أن تدي شئون العاصمة متقدية بالقوانين الفيدرالية ( الإتحادية ) وبذلك تكون حكومة الإهودق خلال هذه الدورة معرضة شرعية لحكومة الإقليم ( العاصمة ) . بالطبع سوف يترتب على ذلك إشكالات يتضرر منها الشعب إدارياً وأمنياً وإجتماعياً …. الخ إذا ماحاولت المعرضة من خلال موقعها في العاصمة المصادمة مع القوانين الفيدرالية .المقاعد (23) التي حصلت عليها المعارضة في العاصمة مضافاً اليها بقية المقاعد الأخرى لاتؤهلها لإجراء تغييرات بنيوية جذرية . نحن نعرف موقف الإهودق من إرتريا ولكن هنالك أحزاب اخرى إثيوبية ، خاصة التي تستند الى قاعدة الأمهرا التي تستخدم في دعايتها المضادة للحكومة أن التغروايين تسببوا في فقدان إثيوبيا لإرتريا وعندما اتيحت لهم الفرصة في الحرب الأخيرة ترددوا في الإستيلاء عليها وضم ميناء عصب الى إثيوبيا على الأقل ، الأمر الذي يبعث القلق في اوساط الإرتريين ، بما تعلقون ؟ رؤية المعرضة حول غرتريا رؤية سلبية ، تنطلق من شوفينية متعصبة ترى أن الحكومة قد فرطت في إرتريا أو باعتها وغير ذلك من التهم ، وهذهالأراء أطلقوها في كل منابرهم الدعائية وظلت مثل هذه الإطروحات التحدى الأكبر الذي يواجه الإهودق خلال مدة الأربعة عشر عاماً المنصرمة من عمر حكمها ، إلا أن معظم الشعب يؤيد سياستنا تجاه حل القضية الإرترية سلمياً ، وتحويل ماكانت تستهلكه الحرب لصالح التنمية ، وحوالى 85% يعرفون أين تكمن مصلحتهم أو مدى تطابق مصالحهم مع طرح افهودق ، ومع ذلك كله يدرك المعرضون في قرارة أنفسهم أنهم بهذه الدعاية الماكرة أنا يحرضون الشعب فقط على الإهودق ، ,انه ليس في إستطاعتهم إستعادة إرتريا ، ولاتوجد هنالك أى قوة تستطيع إستعاد إرتريا ، فقد هزم الشعب الإرتري النظام الذي كان يحتل ارضه وسيطر على كل إرتريا وحصل على حقه الشرعي عبر افستفتائ والشرعية الدولية ، ولن يفرط في ذلك المكتسب ، وحتى الإهودق لوحاولت التراجع عن قراراتها ومواقفها السابقة فليس ذلك بإستطاعتها ذلك أن الحقوق الإرترية أصبحت مصانة شرعياً ودولياً ، ولن تجني أي قوة إثيوبية تحاول مثل هذه المحاولات سوى الخسائر المادية والبشرية وسفك المزيد من الدماء مع خسارة القضية في نهاية المطاف ، كما لن تستطيع القوى الشوفينية التي تتاجر بهذه القضية أن تستعيد إرتريا ولو اتيحت لها كل الفرص والمعينات وأكد أن قوى قليلة فقط هى التي ترفع هذا الشعار وان معظم القوميات والشعوب الإثيوبية مقتنعة بعدالة وشرعية تصرفنا تجاه القضية الإرترية . نظام إرتريا الآن يعبئ الشعب الإرتري بأن حكومة اثيوبيا تريد غزو إرتريا بغرض إستعادتها والإستيلاء عليها ، بما تعلقون أنتم على ذلك الإدعاء ؟ هذا ديدن نظام أسياس الذي تعود عليه لأنه يجد فيه الدعاية الكافية التي يبرر ويؤمن بها بقاءه على عرش السلطة في إرتريا ، ونحن نؤمن بأن تغيير النظام في إرتريا هو من حق الشعب الإرتري فقط ، وليس في أجندتنا الحرب ، وإدعاء نظام إرتريا بحشد إثيوبيا لقواتها على الحدود بغرض تغيير النظام الإرتري هى إدعاءات بعيدة كل البعد عن الواقع ، ولكن من حقنا الشرعي أن نكون على أهبة الإستعداد المادي والمعنوي عسكرياً وسياسياً في مواجهة نظام يعمل صباح مساء على إشعال الحروب ، بل إن القانون الدولي يسمح بدفاع أي بلد عن سيادته أو رد العدوان عليه ، كما نعلم أن دعاية الشعبية لن تؤثر علينا ولا على الشعب الإرتري ، فنحن أولوياتنا وكافة أجندتنا هى التنمية فقط ،وكان المفترض أن يعمل البلدان على التعاون في إنتشال قطريهما من الفقر المدقع الذي يعيشانه ولكن نظام الشعبية الآن يعادي مصلحة البلدين والشعبين معاً ، ومن حق الشعب الإرتري أيضاً أن يقوم بتغيير النظام ولكن ذلك لايعني أن الحكومة الإثيوبية تنوب عن الشعب الإرتري في ذلك إذ أن يتوقف على رغبة الشعب الإرتري فقط . هل صحيح إن أطراف المعارضة الذين توصلت الحومة معهم الى إتفاق لتهدئة الوضع قد تخلو عن الإتفاقية وفق ما أعلن التلفزيون الإرتري الذي إستضاف بعض رموز المعرضة الإثيوبية عبر الهاتف ، ام لازال الإتفاق قائماً ؟حدث ذلك بالفعل عقب توقف بعض اصحاب التاكسي عن العمل في بعض المواقع كما اغلقت بعض المتاجر ابوابها ،بيد أن ذلك كان توخياً لسلامة النفس والممتلكات أثناء الإضطرابات التي حدثت ، وكما أسلفت كان هنالك أعمال عنف تخللتها عمليات سلب ونهب للبنوك والمحلات التجارية ، الأمر الذي اخاف المواطنين على أرواحهم وممتلكاتهم وإذا لم يتم إيقاف تلك الإضطرابات فإن عقد الأمن في البلاد سينفرط ، وسيتعرض المواطنون لمخاطر جمة ، وكان من المفترض على هؤلاء الإنتظار ما ستسفر عنه مطالبهم التي قدموها والأ يقعوا فيما وقعوا فيه من أحدث الفوضى ، وحتى بعد التوصل الى إتفاق مع القوى المعارضة بإيقاف العنف وتوقيعهم على ذلك الإتفاق ، وضعوا شرط إطلاق سراح المعتقلين على ذمة أحداث العنف ولم يكن ذلك الشرط متضمناً فيما توصلوا الية من إتفاق مع الحكومة ، ومن ثم أبلغهم حزب الإهودق بأن الشرط الأخير يعني أنهم أى المعارضة في حل من الإتفاق مع الحكومة ، ثم تم الإتفاق مجدداً على شرط وحيد هو عدم قيام أي طرف بأي تحرك تعبوي مضاد حتى ظهور نتائج الطعن . لكن الشعبية زعمت أنها التقت بالمعارضين الإثيوبين بواسطة الأقمار الصناعية وحصلت على رأى مفاده أنهم يطالبون بتكوين لجنة أخرى محايدة غير القائمة الآن تتكفل بالنظر في الطعون المقدمة الى اللجنة الحالية ، وهذا ايضاً غير صحيح . في ظل السلام الذي تحقق في السودان ووصول الحكومة الصومالية الى بلادها ، وفي ظل التحولات الديمقراطية المتقدمة في إثيوبيا ، مع إنعدام كل ذلك مع الجارة إرتريا ، كيف تنظرون الى مستقبل منطقة القرن الأفريقي ؟ نعم هنالك دلائل كبيرة على سيادة السلام في السودان ووضع حد لحرب التي دامت مايربو على العقدين من الزمان وقد حدث ذلك بعد توصل الحكومة والحركة الى إتفاق سلام وكذلك إتفاقات مماثلة مع بقية قوى المعارضة ، وقد سبقت ذلك مفاوضات مضنية وطويلة ، وإتفاق على وضع دستورينظم المشاركةفي السلطة ، كل ذلك يدل على تقدمهم قدماً نحو السلام ، وفي الصومال أيضاً تصارع الخطوات لإستباب الأمن وتحويل البلاد نحو الشرعية المحلية والدولية بعد بقاءها طويلاً في أوضاع إدارية وسياسية متفلتة ، أما في إثيوبيا فقد حاول البعض تشويش العملية الديمقراطية بإحداث تلك الإضطرابات ، ولكن نحن متأكدون من أن الأمر طارئ ولن يكتب له الإستمرار ، وبعد حسم وإعلان النتائج النهائية للعملية الإنتخابية الحالية برمتها من طعون وغيرها سوف تعمل الحكومة التي تتشكل بعد ذلك على توطيد الأمن والإستقرارا والمواصلة في مسيرة التنمية والإعمار ، لكننا نعلم أن ذلك كله ليس كافياً لتحقيق السلم والإستقرار في سائر أنحاء المنطقة ، وذلك لوجود النظام الإرتري الحالي الذي يعادي كافة دول المنطقة وليس إثيوبيا وحدها .نحن من جانبنا أبدينا الإستعداد لحل المشاكل الحدودية العالقة بيننا وبين النظام الإرتري وقد تضمنت مبادرتنا السامية ذات الخمس نقاط التوصل الى حل للمشكلة ، لكن النظام رد سلباً على تلك المبادرة ، ولكن مهما حاولوا التمرد على الحل السلمي فلا سبيل إلا الحل عبر الحوار والتفاهم حول سائر المشكلات وعليه نصل الى الخلاصة ومفادها أن المستقبل في منطقتنا واعد بالأمل ولن تعكره الإضطرابات الأخيرة في إثيوبيا والتي قامت بها قطاعات معينة لأغراض مكشوفة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى