حسن سلمان: أفورقي وضع إريتريا في حرب مع الجميع ويقودها للمجهول
4-Feb-2018
عدوليس ـ نقلا عن صحيفة الأمة
أكد الدكتور حسن سلمان الأكاديمي والمحلل السياسي الإريتري أن الشعب الإريتري دفع باهظا لمغامرات أفورقي ونزعته الاستبدادية مشيرا إلي أن أفورقي وضع إريتريا في عداء مع جميع جيرانه ومستمر في مغامراته عبر حرب الوكالة ولعبة شرط الأطراف في القرن الأفريقي ودول حوض النيل.وقال سلمان في حوار لـ«الأمة الإليكترونية» أن أزمة مدرسة النهضة فضحت مساعي ومخططات أفورقي لتذويب الهوية الإسلامية لشعبنا وتهميش اللغة العربية وفرض نسق تغريبي علي الشعب لافتا إلي أن هذه المساعي لن تمر مرور الكرام بل ستواجه مقاومة شرسة من الشعب الإريتري والحركة الإسلامية رغم العنف البوليسي والقمعي التي يمارسها النظام الاستبدادي .وشدد علي الدور المحوري للحركة الإسلامية الإريترية رغم حرب الاستئصال التي شنها أفورقي عليها منذ عقود مؤكدا أن الحركة الإسلامية تعد لاعبا أساسيا في المقاومة الإريترية بل ستكون رأس الحرب في مساعي إسقاط الديكتاتورية .بدا سلمان واثقا من أن العلاقات المصرية السودانية لن تصل إلي مرحلة الانفجار لكن وصولها إلي مرحلة التطبيع لازال مستبعد بسبب تنامي الهوة بين القاهرة والخرطوم لافتا إلي أن لغة المصالح هي من دفعت السودان للانحياز للجانب الإثيوبي وسعت للاستفادة من بناء سد النهضة لدعم محاولات التنمية في المنطقة .وحذر الأكاديمي الإريتري من خطورة حرب الوكالة وإستراتيجية شد الأطراف بين السودان وإثيوبيا من جانب والأمارات ومصر وإريتريا من جانب أخر مشددا علي أن شعوب المنطقة هي المتضرر الأول من هذه المغامرات التي لن تكون قادرة علي إخضاع الخرطوم وأديس أبابا لمحور الثورة المضادة
■ تعد إريتريا من البلدان التي تعاني من عزلة شديدة يحكمها نظام أفورقي المنتمي للقرون الوسطي هل تشرح لنا طبيعة الأوضاع في اريتريا؟
■■ منذ تسلم النظام الحاكم في إرتريا للسلطة عام 1991 م لم يتجه لبناء علاقات تقوم على الاحترام المتبادل ورعاية المصالح بين شعوب ودول الجوار بل كانت طريقته في التعامل هي افتعال الأزمات والدخول في نزاعات مع كافة دول الجوار (اليمن – اثيوبيا – السودان – جيبوتي) وأدى ذلك لعزلة حقيقية في أغلب الفترات وترتب على ذلك معاناة كبيرة وشاملة للشعب الإريتري لأن النظام جعل من الدولة الإرترية دولة محاربة للجميع وعطل من خلال ذلك عملية التنمية واعتمد سياسة التجييش الشعبي وعسكرة المجتمع من خلال ما اسماه بالخدمة الوطنية التي تعتبر نظام للسخرة وانتهاك حقوق الانسان لأنه لا يستند لقانون ومدة زمنية محدد.
■ ما تداعيات هذا النهج الاستبدادي علي الوطن والمواطن الإريتري ؟
■■ نتج عن ذلك تداعيات نفسية خطيرة في المجتمع وهو البحث عن الخلاص والذهاب الى المجهول من خلال الهروب الجماعي والفردي الذي أفرغ إرتيريا من شبابها وجعلهم عرضة لتجارة البشر وجرائمها كما جعلهم عرضة لمخاطر الطريق براً وبحراً للبحث عن الحياة في دروب الغالب فيها الموت فضلا عن أن حالة التوتر الدائم مع دول الجوار تعطلت معه عملية بناء الدولة والنظام السياسي على أسس علمية وقانونية مما جعل الدولة يسودها االقمع والقهر والسجن والاعتقال لأجال غير محددة وبعيدة عن القانون وهي أوضاع تحلت معها أريتريا لسجن لمواطنيها وهي دولة بوليسية بامتياز فلا دستور ولا برلمان ولا مؤسسات عدلية وقضائية بل تركيز للسلطة في يد الطاغية أفورقي وجنرالاته في الجيش والأجهزة الأمنية.
■ يعتبر الكثيرون إريتريا دول عربية خارج الجامعة العربية وبأغلبية مسلمة لكن الأقلية المسيحية هي من تسيطر علي المشهد؟
■■ مسألة سيطرة المكون المسيحي على مفاصل الدولة الإرتيرية تعود لعوامل تاريخية وسياسية عديدة ومنها مرحلة الثورة الإرترية وظهور تيارات وفصائل وطنية عديدة تبنت أفكارا وايديولوجيا سياسية ومن هذه الفصائل الجبهة الشعبية لتحرير ارتيريا السلطة الحاكمة حاليا وقد تبنت الفكر الشيوعي ظاهرا وعملت على تكريس وهيمنة الحالة الطائفية في المكون غير المسلم وحاربت كافة الفصائل الأخرى بحجج وذرائع مختلفة وتحالفت في ذلك مع الجبهة الشعبية لتحرير تقراي الحاكمة في اثيوبيا وبرزت حالة الهيمنة الطائفية في ارتريا بصورة واضحة وجلية في أجهزة الدولة بعد التحرير وخاصة عندما بدأ النظام في تصفية كافة الأصوات المخالفة لرأس السلطة من شركاء الثورة والمسيرة ممن خدعوا بشعارات اليسار من أبناء المسلمين لينتهي الامر أخيرا بنظام الطابع الغالب فيه هو الحالة الطائفية وغلبة العنصر المسيحي على أجهزة الدولة.
■ لماذا استسلمت الأغلبية المسلمة وقبلوا بهذا الوضع الغريب ؟
■■ وبالطبع الحالة غير مقبولة ولا مرضية ولم يستسلم المسلمون لها في كافة المراحل بل المقاومة للنظام مستمرة من المسلمين وغيرهم من الأحرار والرافضين لمنطق الهيمنة الطائفية والسلوك الدكتاتوري ودعاة الحريات والحقوق ودولة المواطنة.
■ غير أن هذه المقاومة لم تحقق شيئا علي الأرض وبقيت إريتريا بلد الحاكم الفرد بدون مؤسسات؟
■■ غياب المؤسسات الفاعلة يعود لعدة عوامل ومنها طبيعة النظام الدكتاتوري الذي يسعى جاهداً لإضعاف بنية الدولة ومؤسساتها وتكريس السلطة في يد الطاغية وتعطيل الدستور وتجميد فاعلية الحزب والمؤسسات حتى ولو كانت موجودة فمثلا هناك مجلس للوزراء لكنه مجلس معطل غير فاعل وكثير من الأعمال يباشرها رأس النظام بنفسه أو يحيلها لأشخاص يثق بهم وهذا مما جعل شخصيات الوزراء مغيبة أو باهته كما هي الحال في وزير الخارجية
■ كيف يعيش نظام حكم بهذه الطريقة ؟
■■ رأس النظام هو الرئيس ويمثل السلطة التشريعية باعتبار البرلمان معطل وهو رأس الجيش لأنه لا يوجد وزير للدفاع بعد إحالة عدد من وزراء الدفاع للسجن أو لمواقع أخرى وهو رأس الحزب الذي يتم تحريكه عند الطلب والحاجة وبالتالي فرأس النظام هو الدولة باختصار وهو من اكبر المهددات لبناء وسلامة الدولة ولا صوت يعلو فوق صوته لأنه يتعلل بأن البلاد في حالة حرب وعدم أمان وبالتالي لا صوت يعلوا فوق صوت البندقية كعادة الكثير من الطغاة ويستند في استمرارية تلك الحالة على القمع الممنهج والعقلية البوليسية التي حولت ارتريا لدولة فاشلة طاردة لشعبها ومدمرة لمستقبلها.
■ تسود مخاوف شديدة من تآكل هوية الشعب الإريتري المسلم في ظل تشديد نظام أفورقي قبضته علي السلطة بعد نهاية الاحتلال الإثيوبي؟
■■ تتابع الاحتلال على إريتريا لفترات طويلة وكان آخرها الاحتلال الإثيوبي والذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان والاحتلال بطبيعته يستهدف الشعب المحتل في هويته وثقافته وموارده وتكون المقاومة للمحافظة على كل ذلك وعليه فقد كان التعليم الديني واللغة العربية أحد مظاهر الاحتفاظ بالهوية والثقافة العربية والإسلامية واهتم الشعب الإريتري المسلم تأسيسها المعاهد والمدارس العربية الإسلامية في مختلف الحواضر والمدن الإرترية وكان من بين تلك المدارس الأهلية مدرسة الضياء الإسلامية والتي تأسست عام 1969م إبان الاحتلال الإثيوبي وظلت مستمرة بدعم أهلي ومناهج عربية وإسلامية ولم يتم التعرض لها أو إغلاقها طوال فترة الاحتلال.
■ فجرت أزمة مدرسة الضياء الإسلامية جدلا حول واقع مؤسسات التعليم العربي والإسلامي في إريتريا وواقع اللغة العربية في اريتريا؟
■■ عندما استقلت إريتريا طالبت الحكومة المدارس الأهلية بضرورة إدخال المناهج الدراسية الحكومية العلمية والأدبية دون المساس بمنهج التربية الإسلامية المقرر سلفا واستجابت كافة المؤسسات الأهلية لذلك وظلت مستمرة بالرغم من التضييق عليها في التمويل وبالتالي فقد ضعف التعليم الديني بشكل كبير، والحكومة ومن خلال متابعتنا لسياساتها تتجه نحو الهيمنة الكاملة وفرض رؤيتها العلمانية المتطرفة والتي في حقيقتها تخدم النهج الطائفي للنظام من خلال تعميم ثقافة الطرف الآخر غير المسلم على المسلمين حيث طالبت الحكومة من مدرسة الضياء بعدم تدريس مواد التربية الإسلامية والقرآن الكريم ومنع اللباس الخاص بالبنات والمعروف بالزي الإسلامي وفرض الدراسة المختلطة داخل المدرسة وجعل العطلة يومي السبت والأحد ومنع العطلة يوم الجمعة.
■ رفضت إدارة المدرسة هذه المطالب واشتعلت الأزمة.. فإلي أين وصلت حاليا؟
■■ رأت إدارة المدرسة ومجلسها أن هذه المطالب تتصادم مع خصوصيات دينية للمسلمين وبالتالي رفضت هذه المطالب وقام الشيخ موسى محمد نور رئيس مجلس إدارة المدرسة بدعوة أولياء أمور الطلاب وأطلعهم على الوضع وشرح لهم الموقف وكان رأي الجميع هو رفض المطالب ومن هنا بدأت شرارة الحراك الشعبي لأن الحكومة قامت باعتقال الشيخ موسى محمد نور وهو شيخ طاعن في السن بلغ التسعين من عمره ورأى أولياء أمور الطلاب أن اعتقال الشيخ يمسهم جميعا وبالتالي خرجت المظاهرات في اسمرا بتاريخ 31اكتوبر 2017م وبشكل سلمي مطالبين بإطلاق سراح شيخهم وترك المطالب المتعسفة تجاه مدرستهم.
■ من المؤكد أن النظام استخدم أدواته القمعية في مواجهة هذه التظاهرات؟
■■ تعاملت السلطات بشكل عنيف مع الحراك الشعبي وأطلقت النار عليهم وحاصرت المدرسة بالكامل ثم بدأت السلطات بالاعتقالات العشوائية ومداهمة البيوت ومحاصرة المناطق التي انطلقت منها المظاهرات داخل العاصمة أسمرا ولا زال الآلاف من المعتقلين في السجون، وبشكل عام فإن النظام يعمل جاهدا لتضييق مساحات اللغة العربية في مؤسسات الدولة والتعليم بحجج واهية كما يسعى جاهدا لمحاربة المظاهر الإسلامية.
■ يفتح ملف مدرسة الضياء الباب أمام تساؤلات حول الحركة الإسلامية ووضعها الحالي؟
■■ الحركة الإسلامية في صورتها التنظيمية لا وجود لها داخل إريتريا بل هناك وجود دعوى وتعليمي شعبي لا علاقة له بالجوانب السياسية والتنظيمية ومع ذلك فإن النظام لم يتسامح مع هذا الوجود بل عمل جاهدا على التضييق عليه كما ذكرت وعمل على اعتقال الدعاة والعلماء منذ بداية الاستقلال وظهور الدولة الوطنية ولا يعرف مصيرهم حتى يومنا هذا دون أن تكون هناك تهم معلومة أو محاكمات معلنة وعادلة، وأما عن الحركة الإسلامية بطابعها التنظيمي والسياسي فهي خارج إريتريا ولها نشاط مكثف وقوي بحمد الله وهي جزء أساس في المقاومة الوطنية عامة وجزء من هياكلها ومؤسساتها.
■ ما مدي قبول الأغلبية الساحقة من المسلمين بدور هذه الحركات في الخلاص من أفورقي؟
■■ هذه الحركات تحظي بقبول شعبي لأنها ومنذ البداية لم تتساهل في الحقوق والحريات العامة لشعبنا بل ظلت في مقاومة مستمرة لفترات طويلة مع النظام مما أكسبها مصداقية وقبولا لدى الكثيرين وهي حاضرة وفاعلة في مسيرة النضال والجهاد والمقاومة ورسم مستقبل البلاد بإذن الله تعالى، وأما عن الصعوبات فهي كغيرها من الحركات الإسلامية تواجه ما تواجهه تلك الحركات في منطقتنا العربية وبالتالي من الصعب الحديث عن حلفاء لها في المنطقة العربية من الحكومات كما أنها ليس كغيرها في سهولة الحركة العامة والتجاوب مع أطروحاتها خارج المنطقة العربية حتى ولو كان خطابها غير صادم إلا أن الأبعاد والخلفيات والمواقف مما يعرف بالإسلام المقاوم يظل حاضرا ولكن الأهم في كل ذلك فإنه من الصعب رسم مستقبل مستقر بعيدا عن الحركة الإسلامية في المنطقة.
■ من إريتريا ننتقل إلي منطقة القرن الإفريقي وما تشهده خلال الفترة الأخيرة من تصارع القوي الكبرى وحرب القواعد؟
■■ تشهد منطقة القرن الأفريقي عموما سواء في الصومال أو جيبوتي أو إرتريا تزايدا كبيرا في القواعد العسكرية الأجنبية بل ونوع من المنافسة في ذلك وهذا السباق بلا شك له مخاطرة على أمن المنطقة واستقرارها وإرتريا تحديدا شهدت خلال السنوات الماضية وجودا للكيان الصهيوني وكذلك وجود مماثل لإيران في تناقض غريب ثم تم التخلي عن إيران واتجهت إرتريا للتحالف العربي واستئجار ميناء عصب للإمارات العربية المتحدة وتحولت الأراضي الإرتيرية لساحة تجمع وتدريب وانطلاق نحو اليمن وصحب ذلك بطبيعة الحال الدخول في متاهات لا علاقة لها بمصالح الشعب الإرتري ونهضته واستقراره بل ربما جعل من إرتيريا ساحة صراع إقليمي وهو نشاهده في الآونة الأخيرة من تصعيد تجاه السودان .
■ لكن السودان رد علي الاجتماع المصري الإماراتي بإغلاق حدوده مع اريتريا ؟
■■ التصعيد الدائر وحرب الوكالة أدت لإغلاق الحدود بين البلدين وبدأت طبول الحرب تدق بين الشعبين الشقيقين ولا شك فإن هذه التطورات لن تخدم شعوب المنطقة وسيظل الشعب الإرتري محاصرا من كل من إثيوبيا وجيبوتي والسودان وبالتالي سيكون حجم المعاناة فوق طاقة الشعب الذي يعاني من الضائقة المعيشية سنوات طوال، وأما النظام فقد ظل يلعب طوال الوقت على التناقضات في المنطقة وربما شكلت له في أوقات مختلفة طوق نجاة من أزماته الاقتصادية والسياسية ولكن الخطورة أن بعض هذه المغامرات قد تكون نهاية مأساوية ليست للنظام فقط بل للدولة الإريترية نفسها.
■ إذا كان معسكر الثورات المضادة عاجزا عن التحرك ضد السودان فهل تراه قادرا علي لجم طموحات أديس أبابا؟
■■ كافة التحركات العسكرية والأمنية في إريتريا لا يلزم منها اللجوء المباشر للعمل المسلح ضد إثيوبيا وذلك لعوامل عديدة ولكن على الأقل تحدث هذه التحركات بعض القلق والإرباك للجانب الإثيوبي وتساهم في دعم وتحريك المجموعات الإثيوبية من الأراضي الإريترية كما أن التواجد هناك يهدف لتشكيل ضغوط للحكومة السودانية لتستجيب للمطالب المصرية في الحوار المتعلق بحوار سد النهضة وملفات أخرى.
■ إذا كان المراقبون يستبعدون اندلاع حرب بين القاهرة والخرطوم فهل هناك إمكانية لتطبيع العلاقات؟
■■ من الصعب الحديث عن تقارب سوداني مصري كما أن العلاقات التاريخية بين الشعبين يصعب معها السير في اتجاه التصعيد والتوتر الذي يؤدي لحرب مباشرة بين البلدين ولكن ستظل حروب الوكالة وشد الأطراف في سبيل تحقيق مكتسبات محددة لكل طرف والتي ستسود خلال المرحلة المقبلة.■ في ظل هذه الأجواء كيف تري سبل الخروج من هذه الأزمة؟
■■ المؤشرات الأخيرة تدل على أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات بين دول المنطقة وخاصة أن بناء السد في نهاياته كما أن التصعيد بين دول المنطقة يؤثر سلبا على كافة عمليات التنمية ويعطل التبادل التجاري بين الشعوب ويؤجج العداوات وخاصة في ظل الإعلام المهرج وغير المسئول.
■ مرت علاقات الخرطوم وأديس أبابا بمحطات شد وجذب قبل أن تصل لمرحلة ما يشبه التحالف؟
■■ يعتبر الموقف السوداني نقطة تحول كبرى في العلاقات مع مصر ورسم إستراتيجية جديدة في الأمن القومي السوداني والذي ظل طوال عقود مبنيا في التوجه شمالا نحو مصر والمنطقة العربية ليتحول شرقا نحو إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي وسيكون لذلك انعكاسات كبيرة في المنطقة وطبيعة تحالفاتها الإستراتيجية ومهم هنا التأكيد أن السودان لا يشعر بما تشعر به مصر من مخاطر في بناء سد النهضة بل ربما يغلب السودان جانب المصالح والمنافع من بناء السد على جانب المخاوف والمخاطر وهذا ما يلزم معرفته من الجانب المصري.
■ تعد أزمة الحرب بالوكالة الدائرة في البحر الأحمر أحد مظاهر انهيار منظومة الأمن الجماعي العربي بعد أن كان الكثيرون ولعقود يرونه بحيرة عربية؟
■■ بأمن البحر الأحمر مسألة شديدة الحساسية بالنسبة بالأمن الدولي حتى ولو كان جزءا من الأمن الإقليمي لأهل المنطقة ولذا تعتبر الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية أن أمنه جزءا من أمنها ويزداد الاهتمام به كلما ضعف الأمن القومي للعرب وتراجعت منظوماتهم وتفككت قواهم أو تحول البعض من دولهم لأدوات خادمة للإستراتيجية الأجنبية والذي نراه من تسابق في التواجد على سواحل البحر الأحمر وبناء القواعد العسكرية ما هو إلا محاولة للتواجد المدروس ضمن الهيمنة الدولية.
■ غير أن الحرب بالوكالة وتدويل البحر الأحمر يحمل مخاطر شديد علي أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها..
■■ الحرب بالوكالة والتدويل سيكون له مخاطره المستقبلية على أمن المنطقة واستقراره وخاصة في ظل صراعات المحاور الإقليمية والدولية وما لم يتم وضع إستراتيجية خاصة بأمن المنطقة بعيدا عن الصراعات والمحاور الخارجية والنفوذ والتبعية الأجنبية سيبقى التهديد والتدخل الخارجي مستمرا.
■ قضية حرب الوكالة بالمنطقة تفتح الباب أمام تطورات العلاقات السودانية الخليجية التي تشهد نوعا من الضبابية خصوصا في تعامل الخرطوم مع التطورات في الخليج؟
■■ العلاقات السودانية الخليجية محكومة بجملة من المعطيات ويصعب معها التمحور لأي طرف من أطراف النزاع الخليجي فعلاقاته مع السعودية مهمة جدا فيها مصالح اقتصادية حيث الاستثمارات السعودية تفوق غيرها من دول الخليج وكذلك تطورت العلاقات بين البلدين بمشاركة السودان الميدانية بجنوده في اليمن وأما العلاقات القطرية ممتدة لفترة طويلة وظلت مستقرة أكثر من غيرها وساهمت في ملفات عديدة ومنها ملف السلام في دارفور والشرق كما أنها حاضرة في المجال الاستثماري والتنموي وبالتالي مع هذه الحالة يصعب التضحية بأي طرف من هذين الطرفين يستمر طويلا.
■ العلاقات المهمة بين السودان والسعودية لم تمنع تقارب السودان مع تركيا وتأجير سواكن لحكومة أردوغان؟
■■ المخاوف الأمنية التي يمكن أن تشكلها بعض القوى الدولية والإقليمية تجعل السودان يبحث عن تحالفات مقابلة يستطيع معها إيجاد التوازن المطلوب ولعل التوجه نحو روسيا وتركيا نابع من هذه النظرة وفي كل الأحوال فإن الإمساك بكل الحبال قد لا يستمر طويلا حيث تأتي اللحظات التي يكون فيها السودان محكوما باختيارات حدية في مواقفه مع هذه المحاور المتصارعة وبالتالي تكون التضحية بالأقل مصلحة للسودان.