أخبار

رغم الأمواج العاتية :منتدى صنعاء يبحر بسلام.. لكن لم يبلغ بعد شاطئ الأمان!

29-Aug-2010

المركز

بقلم : محمد صالح عبد الله
* أنهى مؤخرا تجمع صنعاء للتنمية والذي يضم “إثيوبيا اليمن السودان الصومال وجيبوتي” اجتماعه الثاني عشر على المستوى الوزراء في العاصمة اليمنية صنعاء بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء.

وتناول الاجتماع والذي يعقد في ظل تحديات كثيرة العديد من القضايا التي تهم دول التجمع ومستقبل التعاون فيما بينها. وشارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء (السودان إثيوبيا اليمن الصومال وجيبوتي الوافد الجديد ).وبحث الوزراء التطورات على الساحة الإقليمية وفي مقدمتها الوضع في الصومال والأوضاع في دول التجمع ودور دول التجمع في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ومكافحة التطرف والإرهاب والقرصنة.وأشار البيان الختامي لوزراء خارجية دول التجمع إلى التطورات المتعلقة بتفعيل تجمع صنعاء للتعاون وضرورة التزام دول التجمع بتنفيذ قرارات قمة السودان في مختلف المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية وتعزيز التواصل الرسمي والشعبي بين بلدان التجمع.وتناول الاجتماع بتفصيل مجريات الأحداث الداخلية في دوله الأعضاء، فقد أكد دعمه ووقوفه إلى جانب الشعب الصومالي وحكومته الانتقالية في مواجهة “التطرف” رافضا أية حلول للأزمة الصومالية بالقوة، مشيدا بالخصوص بدور الإيقاد في الصومال. وجدد المنتدى تمسكه بوحدة السودان كعنصر أساسي من اجل أمن واستقرار المنطقة، معلنا رفضه لمذكرة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني واعتبرها انتهاك لسيادة السودان. وأشاد بنجاح الانتخابات الإثيوبية الأخيرة، ورحب بالحوار الذي تجريه الحكومة الإثيوبية مع واحدة من أهم الحركات المسلحة في الاوغادين.ورحب الاجتماع بالوساطة القطرية لحل الخلاف الحدودي بين اريتريا وجيبوتي. وأكد على تمسك دول تجمع صنعاء بوحدة اليمن وأمنه واستقراره ورفض أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية وإدانتهم لكل الأعمال “الإرهابية والتخريبية”.ويلاحظ المراقبين ان ما يميز تجمع صنعاء هو مواقف دوله المتطابقة في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية وحشد الدعم لبعضها البعض في المنابر الإقليمية والدولية ما يعزز الثقة بين دوله.صحيح ان التحديات الأمنية كانت وراء إنشاء تجمع صنعاء خاصة في الفترة التي سبقت اندلاع أزمة إقليم دارفور وتوقيع اتفاق السلام الشامل في السودان، حيث كانت المنطقة تشهد الكثير من التحديات الأمنية، كما ان الحرب على الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت في ذروتها، وسط العديد من التقارير التي كانت تتحدث عن تهديد تشكله خلايا نائمة لتنظيم القاعدة في المنطقة في تلك الفترة وانتقال عناصر الجهاديين من أفغانستان إلى القرن الإفريقي وشرق أفريقيا بصفة عامة.وكان يغذي تلك المخاوف تدهور الوضع الأمني في الصومال بعد انهيار حكومة الرئيس الصومالي الأسبق صلاد حسن بعد ان تعرضت لضربات من قبل أمراء الحرب وكان ذلك بدعم أمريكي صريح، ولما لم تكن حكومة الرئيس السابق عبد الله يوسف قد تكونت بعد، فمؤتمر نيروبي كان في بداياته، في وقت كانت المقاتلات الأمريكية تشن ضربات هنا وهناك داخل الأراضي الصومالية وفي جزر قبالة المياه الصومالية في إطار الحرب الأمريكية على ما تسميه الإرهاب الكوني.هذا فضلا عن الحرب التي كانت تدور في جنوب وشرق السودان قبل توقيع اتفاق السلام الشامل ومصالحات الشرق، في وقت كانت نذر الأزمة الكبيرة تلوح في سماء إقليم دارفور حينها، إضافة إلى السلام المتعثر على الحدود الإثيوبية الاريترية التي كانت تشط فيها قوات حفظ سلام دولية تعرف بـ”UNMEE”، وغير ذلك من دواعي القلق الأمني التي كانت تنتاب المنطقة وتشكل عامل قلق رئيسي لقياداتها.فكل ذلك وغيره، جعل بعض دول المنطقة وهي “اليمن إثيوبيا والسودان” في اكتوبر 2002 تتداعى لإطلاق هذا المنتدى، ما جعل قيام المنتدى هو لمواجهة التحديات الأمنية بامتياز، بيد ان التجمع بات يتحول تدريجيا نحو توسيع نطاق اهتماماته لتشمل مجالات أخرى كالتنمية الاقتصادية والبشرية وتنشيط التجارة البينية، فضلا عن الهموم السياسية لدول المنطقة سواء على مستوى الأمم المتحدة او على المستوى الإقليمي، فقد تم تشكيل العديد من اللجان المتخصصة التي تعنى بقضايا ومجالات التعاون المتخلفة بين دول التجمع الذي كانت تنحصر عضويته في دوله المؤسسة، فيما بقي بابا الانضمام إليه مفتوحا أمام دول المنطقة خاصة كينيا وجيبوتي واريتريا والصومال، حيث انضم إليه الصومال قبل عامين، قبل ان تنضم إليه جيبوتي هذا العام، فيما ظلت اسمرة تنظر إليه بعين من الريبة وتعتقد انه تحالف مناوئ لها ووجد لفرض عزلة عليها نظرا لتوقيت تأسيسه، حيث كانت علاقاتها الثنائية مع معظم دول التجمع تمر في ذلك الوقت بأزمات كثيرة، فكانت على خلافات مع السودان واليمن وإثيوبيا، رغم ان دول التجمع أكدت ان باب المنتدى مفتوح أمام اريتريا للانضمام إليه على اعتبار أنها تجمع يخدم مصالح شعوب المنطقة وليس حلفا منافسا أو موجها ضد احد غير ان ذلك لم يبدد مخاوف وهواجس اسمرة رغم عودة علاقاتها مع بعض دول التجمع.واليوم وبعد زهاء سبعة أعوام من الوجود، يصر تجمع صنعاء على القول بأنه انتقل إلى ملفات أكثر عمقا تتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والتنموي بين دوله، بيد ان الأمن لا يزال الهاجس المسيطر برأي الكثيرين، فلا تزال الملفات الأمنية هي المهيمنة على اجتماعاته فالوضع في السودان والصومال والأزمة الاريترية الجيبوتية والوضع بين إثيوبيا واريتريا وتعاظم ظاهرة القرصنة في محيط دول التجمع، كل ذلك وبحسب المتتبعين لتطورات مسيرة تجمع صنعاء يأتي على حساب ملفات التعاون الأخرى في المجالات الإنمائية والتجارية، ونظرا لأنه لا مجال لتحقيق التنمية او خلق فضاء اقتصادي وتجاري سليم ومعافى دون السيطرة على التحديات الأمنية الموجودة فان الأمن سيظل البند رقم واحد والذي يحظى بالأولوية في اجتماعات هذا المنتدى برأي المراقبين.يمكن القول، ان منتدى صنعاء للتعاون بات يكتسب أهمية على مستوى المنطقة، وذك بانضمام دولة جديدة إليه، والإشارة هنا إلى جيبوتي التي انضمت إليه مؤخرا بعد ان ظلت عضوا مراقبا منذ تأسيسه، وترجع ذلك الأوساط إلى تماسك كتلة المنتدى ونجاحه في تأسيس الكثير من اللجان المتخصصة لمعاجلة العديد من القضايا المهمة في المنطقة والتي تعتبر جيبوتي جزاء أسياسيا منها، وبالتالي فان اخذ مكانها داخل التجمع يتيح لها إمكانية الاستفادة وبصورة كاملة من الانجازات التي يمكن ان يحققها في المستقبل على كافة المستويات التي تعد مجال عمل المنتدى والذي بات حتى استمراره وسط كل التحديات التي تواجهه والخطوات المهمة التي يخطوها إلى الأمام تكسبه احترام الدول من حوله ويحفزها للانضمام إليه ما يساهم في توسيع منظومته ويجعله جسما مؤثرا في المنطقة وجسراً للتعاون بين الفضائين العربي والأفريقي، فالبرغم من انه لم يحقق بعد الكثير ليصل إلى شاطئ غاياته التي أسس من أجلها نظرا للكثير من التحديات التي واجهته لكنه قطعا يسير بثبات في ظل توافر عوامل وعناصر رئيسية لاستمراره والتي تشكل قوة الدفع له.* كاتب متخصص في شؤون القرن الإفريقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى