مقالات

24مايو وغياب لطه ومرثية لجيله : جمال عثمان همد

24-May-2008

المركز

( كنت لا تمقت إلا مواكب الطغيان
يستفحل في شوارع البلد
لا يراعي حرمة الإنسان
روحا وجسد.
لم يواسيك على الحزن الذي تحمله
في موكب الدنيا احد
ولهذا يا صديقي
فقد تأهبت إلى رحلتك الكبرى
على موج الأبد ) __كجراي_

1بهدوء القتلة أمسك بسماعة التلفون العائلي ، وبمفردات يسكن بين تلا فيفها الموت •دعوا اكبر ثلاثة من أفراد الأسرة (…….. ) لاستلام الجثة !! .•أي جثة ؟؟! .•جثة السجين السابق طه محمد نور . وفجر الفجيعة قاتلا شوق الانتظار في المنزل الأنيق ذو اللمسات الكلاسيكية الايطالية ، ليتفتق حزن قديم يربط العائلات ويشل حركة الحي الصباحية . 2بيد مرتجفة طرق العسكري الوسيم باب الغرفة مستأذنا الدخول .أتاه الصوت الأجش الخالي من كل ود•ادخل …زكمته رائحة الغرفة … هي مزيج من خمر بائت وتبغ منفر . لفحه الهواء الثقيل الذي يعبئ الغرفة والنتانة التي لا يعرف كنهها . تحاشى النظر إلى الوجه الحجري ، والذي لا يحمل أدنى التفاصيل الآدمية .•ماذا نفعل بالمرحوم ؟؟ .أتى صوته من أقاصي جسده النحيل في تناقض مع كل ما يحيط به .عقب كحة طويلة تخللتها أنفاس متلاحقة تشبه حشرجة الموت أوقفها بشربة ماء في محاولة خاسئة لإطفاء النار التي تتأجج في صدره ، لتنتظم أنفاسه ، وتمنحه اصدر مقته المجنون ، دون أن يرفع عينيه الذئبيتين من الملف .* سلموا الجثة … ولا تنسوا تواقيعهم ، وتتأكد من تدوين أرقام بطاقاتهم وعناوين منازلهم ، وتبلغهم تحذير السلطات العليا بأن يكون الدفن سريعا ، وبعدد قليل من المشيعين . ودفع إليه الملف ليودعه الأرشيف .هكذا بدت صورة ذاك الصباح الثقيل من أيام مارس ما بين السجن الذي لا يحمل اسما ومستشفى (…… ) والحي شبه الارستقراطي القديم . 3 الاسم : طه محمد نورمكان وزمان الميلاد : اسمرا 1934م أكمل مراحل دراسته في اسمرا وتعليمه الجامعي في مصر وتحصل على شهادة الدكتوراه من ايطاليا . شارك في تأسيس جبهة التحرير الارترية في القاهرة عام 19961م وأصبح عضوا في مجلسها الأعلى . رافق الزعيم عثمان صالح سبي وشارك في تأسيس قوات التحرير الشعبية وشغل منصب مسئول العلاقات الخارجية . عضوا في مفوضية الدستور .. ثم ترأس لجنة الأوقاف الإسلامية . غادر منزله الأنيق إلى مدافن الشيخ عثمان وهو يردد قول المجيد عبد الله شابو : 4 سيكتب فوق الشواهد من بعدنابأنا عشقنا طويلاوأنا كتبنا بدم الشغاف كأن لم شاعرا قبلنا ،وأنا برغم الجفاف ملأنا البراري العجافصهيلا …… صهيلا وإنا مشينا إلى حتفنا رعيلا يباري رعيلا وإنا وقفنا بوجه الردى وقوفا جميلا . سيكتب فوق الشواهد من بعدنا بانا كذبنا قليلاوإنا انحنينا قليلالتمضي الرياح إلى حتفهاوأنا سقطنا سقوطا نبيلا . 5كتب عبد الرحمن منيف عن صديقه المغربي الناهي محمد 🙁 إن الموت الذي أخذ يعصف قويا مستبدا بأعداد كبيرة من جيل الناهي ، لا بد أن يقدم درسا نموذجا لما يجب أن يعمل الآن … وقبل فوات الأوان ! فالفسحة تضيق ، والأرض تميد تحت الأرجل ، أما انتظار الوقت المثالي ، الأكثر أمنا للإدلاء بالشهادة وتدوين التجارب فانه تعويل على السراب . كما أن العزوف عن قول الحقيقة كالمساهمة في إخفائها أو التواطؤ عليها . من هنا يترتب على كثيرين مسؤوليات لابد أن ينهضوا بها ، وإلا أصبحوا من النادمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى