مقالات

التحالف الديمقراطي .. محاولة التحليق بأجنحة معطوبة (2-2) : عبد الله محمود*

25-Jun-2011

المركز

تناولنا في الحلقة الماضية إشارات حول جوانب القصور التي تنتظم عمل التحالف الديمقراطي الإرتري في المجالين الدبلوماسي والإعلامي والتي تسببت في إهدار الكثير من الفرص التي أتيحت في هذين المضمارين المهمين .

وسنقوم في هذه الحلقة بالتركيز على المجال الإعلامي وخاصة المرئي منه والمسموع إذ أن لجهازي التلفاز والمذياع الدور الكبير في تشكيل الرأي العام خاصة في المجتمع الإرتري وذلك لارتفاع معدلات الأمية وتحكم الدولة في خدمات الإنترنت ، وارتفاع معدلات الفقر بما يحول دون تغطية نفقات الإنترنت الباهظة ،وعدم توفر خدمات الكهرباء ، ولهذا فإن الإعلام المسموع ( المذياع) هو الأكثر شعبية في إريتريا في حواضرها وأريافها يليه في ذلك الإعلام المرئي ( الفضائيات ) خاصة في المدن الإرتري .
وأهم العوامل التي أسهمت في شعبية هذين الجهازين قلة التكلفة المادية وعدم الحاجة إلى توفر الكهرباء ( بالنسبة للمذياع) وعدم قدرة الدولة البوليسية القائمة على مراقبة هذين الجهازين والتحكم فيهما ، وسهولة المتابعة لكل قطاعات المجتمع بمختلف فئاتها العمرية والتعليمية.ولقد توفرت للتحالف الديمقراطي خلال الأعوام الماضية فرصاً ثمينة في هذين المجالين تمثلت في فترة بث يومية (نصف ساعة)على الفضائية الإثيوبية التي يغطي بثها أرجاء واسعة من الكرة الأرضية ، بالإضافة إلى بث إذاعي يومي .
ولكن التحالف لم يغتنم هذه الرياح التي هبت عليه ،ولم يستطع توظيف هذه الفرص والسوانح المتاحة في هذا المجال المهم ،فانفض سامر المشاهدين والمستمعين من حول البث الإذاعي والتلفزيوني للتحالف ، وذلك لعدم توفر الحد الأدنى الذي يغري بالمتابعة شكلاً ومضموناً ، إعداداً وتقديماً ، إخراجاً وتصويراً ، فضلاً عن اضطراب الرسالة الإعلامية المطلوب إيصالها للمستمع والمشاهد.
ولا أعتب هنا على العاملين في البث الإذاعي والتلفزيوني فهم -على قلة عددهم -يبذلون قصارى جهدهم من أجل تقديم الأفضل ، ويعملون في بيئة عمل غير ملائمة في ظل عدم توفر أبسط المعينات التي تنهض بالعملية الإعلامية وتدفع بها إلى الأمام .
من أهم الواجبات التي ينبغي أن يضطلع بها التحالف خلال المرحلة الراهنة هي العمل الجاد لإصلاح هذين الجهازين وإعطاءهما الأولوية القصوى ،تخطيطاً ومتابعة ، إدارة وتوجيهاً وذلك من أجل المواكبة الإعلامية للمستجدات وتسارع الأحداث التي تنتظم الساحة الإرترية بما جعل وزارة الخارجية الإرترية تصدر البيان تلو الآخر، في فترات متقاربة ،حول قضية العقوبات والاتهامات بإشعالها للتوتر في المنطقة . فضلاً عن التطورات والثورات التي يشهدها العالم العربي والتي تجاوب معها الشعب الإرتري في الخارج .
ولإصلاح العملية الإعلامية في التحالف ندفع بهذه المقترحات :
•إنشاء هيئة مستقلة تختص بإدارة البث الإذاعي والتلفزيوني للتحالف ، وتنهض بأعباء العمل الإعلامي المهني ، ويعتبر المكتب التنفيذي للتحالف بمثابة مجلس إدارة يقوم بصياغة موجهات السياسة الإعلامية والدور الرقابي من خلال تقارير الأداء التي تقدم لاجتماعاته الدورية ، مع الابتعاد الكلي عن تفاصيل العمل الإداري والإعلامي اليومي ، على أن تسند إدارة الهيئة إلى شخصيات مهنية متخصصة تتوفر لديها الخبرة في إدارة العمل الإعلامي ، ويمكن الاستعانة بنموذج إذاعة الشرق التي كانت تبث من السودان ، مع إدخال التعديلات المناسبة.
•صياغة خطاب إعلامي متماسك وتحديد الرسالة الإعلامية بشكل واضح مع متابعة تنفيذها عبر فريق استشاري متخصص.
•الاستعانة بمتخصصين لوضع الخارطة البرامجية من أجل الاستفادة القصوى من زمن البث وعدم إهداره في التقارير والحوارات المطولة عن الأنشطة الروتينية للمعارضة، والتركيز على معاناة الشعب الإريتري في الداخل والخارج.
•زيادة أعداد العاملين في الحقل الإذاعي والتلفزيون بالتركيز على الوجوه الشابة التي تتوفر لديها الشروط المهنية المطلوبة .
•التمييز الإيجابي للعاملين في الإذاعة والتلفزيون بتحسين أوضاعهم المعيشية نسبة للأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقهم .
•التركيز على القضايا المحورية مثل انتهاكات حقوق الإنسان ، التغيير الديمغرافي ، دور افورقي في زعزعة الاستقرار في دول الجوار ، أعمال المقاومة الإرترية في مختلف أشكالها ، ملف اللاجئين .
•الابتعاد عن الخلافات البينية للمعارضة الإرترية والعمل على تحسين صورتها لدى الإرتريين في الداخل والخارج ضماناً للاصطفاف خلف برامجها .
•تدريب العاملين في الإذاعة والتلفزيون في مختلف المجالات( الإعداد ، التقديم ، التصوير، الإخراج ، اللغات ، الحاسوب) وذلك بالاستعانة بالدول الصديقة .
•إقامة ورشة عمل موسعة يدعى إليها المختصين في المجال الإعلامي ، خاصة الإذاعي والتلفزيوني ، من أجل التفكير الجمعي حول السبل المثلى لتطوير العمل الإعلامي للمعارضة الإرترية .
وقبل هذا وذاك يجب ان تتوفر الإرادة للإصلاح والتطوير والتغيير وعدم الركون لما هو سائد برفع شعار ( ليس بالإمكان أفضل مما كان ) ، وإنما يجب أن تتوفر لدينا الثقة أولاً في إمكانية التطوير . والله الموفق
* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية -24يونيو2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى