أخبار

مقابلة مع المناضل إبراهيم محمد علي

5-Sep-2009

المركز

حاوره بدمشق :محمد ادريس عبد الله
عند اللقاء بالمناضل إبراهيم محمد علي رئيس جبهة التحرير الإرترية (المجلس الثوري سابقاً) تنازعك أسئلة كثيرة، عن الثورة الارترية وجبهة التحرير الإرترية التي ظل أحد مناضليها وقياداتها التي صنعت الأحداث وهو من القيادات الإرترية التي تزن أفكارها وتموضعها ضمن الواقع الاجتماعي الإرتري المتنوع

برؤيته الوطنية الديمقراطية وثرائه الفكري النهضوي وهو من هؤلاء الذين ثقلوا وعينا الوطني وغرسوا فينا حب إرتريا وتظل الوحدة الوطنية والديموقراطية وحقوق الإنسان هواجسه التي تحدد بوصلته الفكرية والسياسية وهو رفيق أجمل من رحل عنا – شهداء الثورة الإرترية – الذين خضّبوا الوطن بدمائهم الزكية.إنه مشكوراً رغم وضعه الصحي عمل جهده للإجابة على معظم الأسئلة التي نعتقد أنها تؤرّق الإرتريين وبالأخص قواعد جبهة التحرير الإرترية والجبهة الشعبية الذين يناضلون ويبحثون عن وطن مغاير لذلك الذي شيده الدكتاتور أفورقي؛ وطن لكل الإرتريين، ديمقراطي المحتوى. وآمل أن تثير هذه المقابلة مناقشات، خاصة من هؤلاء الذين يمتلكون قناعات مخالفة. وهي ستنشر على جزئينوعذراً لطول المقابلة لأنها شملت مراحل تاريخية كثيرة. الجزء الأولأولاً: من هو ابراهيم محمد علي؟ التولد، المستوى التعليمي، الالتحاق بالثورة، المسؤوليات التي تقلدها في الجبهة؟ج1: من مواليد 1942 تقريباً، ولا أستطيع أن أحدد تاريخاً معيناً، وأن السلطات الإيطالية الاستعمارية آنذاك لم تضع سجلات للمواليد، فكما تعلم فإن إقليم الساحل الشمالي حيث مسقط رأسي يعتبر من المناطق الأكثر تهميشاً في البلد، فكان محروماً من أية مؤسسة تعليمية من أي مستوى كان، لذلك لم تكن الفرصة متاحة لجيلي للحصول على التعليم ولكن بالنسبة لي شخصياً كان حظي أفضل من غيري فقد درست في المستوى الأوسط خارج أرتريا، واعتمدت على القراءة والتثقيف الذاتي والخبرات المكتسبة من تجارب الحياة وانتسبت إلى جبهة التحرير الأرترية في العام 1964م، وأول مسؤولية قيادية تقلدتها هي تعييني بواسطة المجلس الأعلى في العام 1967 عضواً في فرع القيادة الثورية بمدينة بورتسودان، شاركت في مؤتمر عواتي عام 1971 وانتخبت عضواً في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الأول فعضواً في المجلس الثوري الأول وعضو في اللجنة التنفيذية في المؤتمر العام الثاني 1975م ورئيساً للجنة التنفيذية في المؤتمر الرابع لعام 1994م.س2: حركة تحرير أرتريا، أوجه الصراع مع الجبهة؟ج2: /إبراهيم/ لم يكن الصراع بين حركة تحرير ارتريا والجبهة التحرير الأرترية تعبيراً عن خلافات عقائدية سياسية أو في الأهداف والغايات، لأن الطرفين كلاهما كانا يرفعان شعار الاستغلال الوطني، وإنما كان يتمحور بصورة أساسية في الاختلاف على الأساليب والوسائل النضالية التي ينبغي اتباعها، فحركة تحرير أرتريا كانت تعارض بقوة فكرة الكفاح المسلح، لأنها كانت ترى فيها إسلوب يتعارض مع استراتيجتها السرية المعروفة (بالثورة الانقلابية) بيد أن الجبهة كانت ترى في الكفاح المسلح وسيلة ناجعة للمقاومة. س3: اندلاع الكفاح المسلح بقيادة الجبهة لم يأت في ظروف مناسبة وإنه كان فعل يعنى طائفة معينة من الأرتريين (الظروف لم تكن ناضجة للثورة)؟ج3: /إبراهيم/ كانت الظروف الموضوعية مهيئة للثورة، عند اندلاع الكفاح المسلح سيبتمبر 1961م، لأن التناقض مع الاحتلال الأثيوبي كان قد وصل إلى ذروته عبرت عنه المظاهرات والاضطرابات التي عمت أرجاء الوطن كافة وحملات الاعتقالات والقمع التي أعقبتها، ولكن الظروف الذاتية لم تكن ناضجة بما فيه الكفاية، نظراً لغياب قوى سياسية منظمة ومؤهلة ومستعدة لقيادة الكفاح المسلح، لأن الساحة السياسية آنذاك كانت تعيش فراغاً تنظيمياً جراء تلاشي واندثار الكيانات السياسية القديمة وموقف حركة تحرير أرتريا المعادي للكفاح المسلح – وبالمناسبة لم يندلع الكفاح المسلح بقيادة جبهة التحرير الأرترية عكس ما يعتقد البعض، بل سبق وجودها، لأن الجبهة تأسست في العام 1962م بالقاهرة أي بعد اندلاع الكفاح المسلح في سيبتمبر 1961م. وصحيح أن الكفاح المسلح قد بدأ في مناطق إسلامية لسببين الأول، هو بعد تلك المناطق جغرافياً عن المركز وتوفر الحماية الطبيعية فيها، وثانياً: لأن المسلمين ربما كانوا يشعرون أكثر بالتهميش في ظل الحكم الفدرالي الذي كان يسيطر عليه ممثل الأمبراطور الأثيوبي وجيشه، والجبهة رفعت منذ البداية شعارات وطنية استقلالية ولم ترفع شعارات لصالح هذه الطائفة أو القبيلة أو ضد مصالح تلك ولم تكن توجد سياسة منهجية معتمدة تنظيمياً لاضطهاد أفراد أو جماعات طائفية أو عرقية بعينها، وكل ما كان يحدث من هذا المسؤول أو ذاك هو ممارسات فردية تعود لخصومات شخصية أو حساسيات اجتماعية موروثة يتحمل مسؤوليتها مرتكبوها. وبالمناسبة إن من دأبوا على إطلاق هذه الدعايات والترويج لها، خاصة فريق عثمان سبي وقيادة قوات التحرير الشعبية لاحقاً هم أنفسهم كانوا يشكلون جزءاً أساسياً في جبهة التحرير الأرترية في تلك المرحلة ولذلك فهم يتحملون نصيبهم مما كان يحدث فيها سلباً وإيجاباً سوية مع غيرهم، ومحاولة تبرئة أنفسهم وإلقاء المسؤولية كاملة على خصومهم السياسيين فيه تهرب من تحمل المسؤولية وتزييف للحقائق التاريخية.س4: خلافات الستينات:يقول البعض أن الجبهة قامت باضطهاد مجموعات (عرقية ودينية) (الماريا – التجرنية المسحيين – البحر الأحمر “سمهر”) مما أدى إلى ظهور (قوات التحرير الشعبية) كحركة (إصلاح) وأخيراً الجبهة الشعبية؟ ما حقيقة ذلك؟ وإن القيادة العامة هي التي فجرت الوضع الداخلي في الجبهة.ج4: /إبراهيم/ لم تكن أهداف قوات التحرير الشعبية إصلاحية بأي حال من الأحوال وإنما قامت تجسيداً لتوجه الانشقاق لفريق عثمان سبي وتعبيراً عن نزعته وطموحه للانفراد بالسيطرة على الساحة اعتماداً على قوته العسكرية الخاصة بعد أن عجز في استخدام جيش التحرير الأرتري لتحقيقها. وغير صحيح إطلاقاً أن القيادة العامة هي التي فجرت الوضع الداخلي في جبهة التحرير الأرترية، بل على العكس من ذلك فقد ورثت وضعاً داخلياً منفجراً وممزقاً، بدليل أن الانقسام في المجلس الأعلى برز إلى العلن عام 1965م والانقسام في الميدان الذي برز إلى الوجود بقيام نظام الوحدة الثلاثية والمنطقتين، وبالنتيجة انقسام القاعدة المدنية بين مؤيد لهذا الطرف أو ذاك، قد جاء نتيجة انعقاد مؤتمر عنسبا 1968م. ومعروف أن كل هذه الأحداث وقعت قبل انعقاد مؤتمر أدوبحا الذي انبثقت عنه القيادة العامة، فكيف تكون هي السبب في تفجير الأوضاع الداخلية قبل أن تولد وترى النور.س5: الجبهة كانت تغرر بالفلاحين والمواطنين ولم تكن تسمح بالمشاركة؟ج5: /إبراهيم/ لست أدري حقيقة عن أية جبهة يتحدثون، فإن كان الحديث يعني الجبهة ما قبل انشقاقهم عنها في العام 1970م فهم بمزاعمهم هذه يدينون أنفسهم لأنهم كانوا جزءاً منها في تلك المرحلة ويتقاسمون السراء والضراء فيها مع الآخرين، أما إن كان الحديث عن الجبهة ما بعد المؤتمر الوطني العام الأول وأثنائه فيكفي رداً على مزاعمهم الكاذبة مشاركة ممثلين منتخبين ديمقراطياً للفلاحين والعمال والمقاتلين في المؤتمر على قدم المساواة مع الأجهزة القيادية. وقيام إتحاد الفلاحين في مؤتمر بمدينة مندفرا في العام 1978م بقيادة الشهيد سيوم عقيامكئيل، ويكفي نفاقاً أنهم رفضوا المشارك في المؤتمر الأول لوجود ممثلين للجماهير فيه بحجة أنها متخلفة وقبلية ولا تعرف مصالحها، كما يروجون الآن في رفضهم للديمقراطية بالحجة ذاتها.س6: كعضو لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني العام الأول للجبهة عام 1971م لماذا لم تحاوروا مجموعات (عوبل + سلفى ناطنت _ سبي “البحر الاحمر”)؟ج6: /ابراهيم/ لقد قام مؤتمر عواتي بتكوين عدة لجان للحوار مع الأطراف المنشقة ومن ضمنها اللجنة التي أرسلتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول برئاستي شخصياً، كما فعل لاحقاً المؤتمر الأول، غير أن جهودنا كلها باءت بالفشل جراء عدم رغبة المنشقين للحوار من أجل الوحدة وإصرارهم على السير في طريق الانشقاق إلى نهايته.س7: يقول البعض أن المؤتمر الوطني العام الأول للجبهة هو الذي كرس أزمة الثورة بتبنيه شعارات أيديولوجية لا تعالج أزمة الثورة وبني على محاصصة قبليه أتت بالشيخ المرحوم إدريس محمد آدم رئيس المجلس الأعلى رئيساً للمجلس الثوري هذا استمرار لنهج الفساد هذا ما يقول به البعض ما صحة ذلك؟ج7: /ابراهيم/ ألاحظ أولاً بوجود تناقض بين اتهام المؤتمر برفع شعارات أيديولوجية ماركسية إلى جانب وجود محاصصة قبلية فيه وهما نقيضان لا يلتقيان، وثانياً: تم انتخاب إدريس رئيساً بالإجماع في المؤتمر تقديراً لدوره الوطني المشهود وليس إرضاءاً لقبيلته وهو يستحق ذلك بجدارة لأنه إذا كان عواتي هو مفجر الكفاح المسلح فإن إدريس محمد آدم هو أبو الكفاح المسلح لأنه هو الذي تولى رعايته وحمايته حتى وقف على قدميه. أما من وجه باتهامات القبلية أولاً هو عثمان سبي الذي سبق له أن وجه نفس الاتهامات إلى مؤتمر أدوبحا وإلى كل من اختلف معه في الرأي كسلاح سياسي ناسياً أنه نفسه ينتمي إلى قبيلة معينة في أرتريا بل وإلى قرية ينحاز إليها ولذلك فإنها اتهامات تفتقد إلى الأمانة والنزاهة والصدقية. ثالثاً: أود أن أنتهز هذه الفرصة لأضم صوتي إلى أصوات كل الذين استنكروا وأدانوا الإساءات بحق الشيخ المرحوم ادريس محمد آدم وابنه ابراهيم التي وردت فيما كتبه أحمد دين إبراهيم لأنها بعيدة كل البعد عن واقع الحياة المعروفة التي كان يعيشها الشيخ إدريس وأسرته في القاهرة أو دمشق. وما كان ينبغي على أحمد دين الإساءة إلى الشيخ ادريس بهذه الخفة المقصودة، وحتى إذا كانت الرسالة المنسوبة إلى (عبد الحق شحاته) صادرة منه حقاً، فإنه مشكوك في نزاهتها وحياديتها، لأن بعض الأصدقاء غير الأرتريين الذين ارتبطوا بجبهة التحرير الأرترية في البداية أصدقاء متعاطفين تحولوا في مراحل لاحقة إلى جزء من صراعاتها وأبرز مثال على ذلك هو الصديق السوداني محمد أبو القاسم حاج حمد الذي عندما احتدم الخلاف في المجلس الأعلى انحاز إلى عثمان سبي ثم انحاز فيما بعد إلى أسياس أفورقي ضد عثمان سبي عندما أصبح الصراع بينهما، لأن الأصدقاء هم بشر كذلك. ولهم خيارات أيدلوجية وسياسية ومصالح ولا يمكن أن يكونوا أحرص من الإرتريين أنفسهم على قضيتهم، وعلى كل حال ما كان ينبغي على (أحمد دين) الإساءة إلى رموز النضال الوطني بهذه الخفة المقصودة، وعليه أن يعلم بأن من فتح أبواب الشرق الأوسط للتعليم والعمل لكثير من الشباب الأرتريين خاصة المسلمين منهم هي تضحيات من تحملوا أعباء النضال الوطني بدءاً من أعضاء المجلس الأعلى وعلى رأسهم ادريس محمد آدم وأجيال المراحل اللاحقة وأرواح الشهداء ودمائهم الزكية التي لولاها لما كان بإمكان أحمد دين ابراهيم نفسه مغادرة قريته ويصل إلى القاهرة ليتعلم القراءة والكتابة ويكتب، أليست هذه هي الحقيقة يا أحمد دين (فما جزاء الإحسان إلا الإحسان) وأنا كلما أتوقعه من أحمد دين هو أن يراجع ضميره إن بقيت لديه ذرة من الضمير ويمارس النقد الذاتي لتبنيه ونشره رسالة مشكوك في مصدرها وفي محتواها وتسيء إلى رمز وطني يستحق منا جميعاً كل الاحترام والتقدير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى