مقالات

سينآريو و خِوآر : حنان مران

26-Aug-2012

hglv;.

غنت فيروز ” للقدس سلامٌ آتٍ ” هو آتٍ لا محالة ، إظعاناً لوعد الحق ، لكنه لم يأت بعد، ربما لأن الأغنية لم تحدد متى وكيف ، وحتى لا ننتظر “سلامُ آتٍ من أديس” كإنتظار القدس (!)،

لابد من قراءة سيناريو أفلام “التغيير” فى إفريقيا بواقعية قبل الدخول فى تفاصيل حوار فيلم العيد السياسى الأفريقى الأخير “رحيل زيناوى “، فإفريقيا ــ وهى ” الأفقر والأجهل والأعتى ” فى أنظمة الحكم الدكتاتورى بين قارات العالم قبل الإستعمار وبعده ــ نادراً ما تتغير أنظمتها إلا بالقوة الجبرية ، ويتم تغيير حكامها عنوة فى حين غفلة منهم سواء بقهر من القدر ” الموت ” والذى يمثل 10% من أساليب التغيير المضمونة بلا منازع ، أو من البشر متمثلاً فى الإنقلابات العسكرية التى تمثل 90% من أساليب إفريقيا الناجحة فى تغيير أنظمتها العسكرية ــ 186 إنقلاب حتى الآن ــ والتى تُفضى غالبا لإنظمة عسكرية دكتاتورية مستنسخة من سابقتها ، وغالبا ما تتم هذه الإنقلابات بتحريض ومباركة من قوى أجنبية إما لغرض حفظ مصالحها العظمى أو لخلع نظام معادٍ، وخلق نظام موالٍ فى المنطقة ، وهذا النوع من الإنقلابات ذو الأجندة الخارجية غالبا ما يكون ناجحا لتمهيد الأيادى الخارجية طريق الإعتراف به بعد تمكينه من سبل إنجاح صفقة الإنقلاب، أما الإنقلابات الحرة والتى تنبع من الداخل لمصلحة الوطن خالصا وخاليا من أى أجندات خارجية ينجح بدرجة متفاوتة وأحيانا يصعب عليه تحقيق النجاح حيث يضيق عليه الخناق إن لم يجد ترحيبا دولياً ، بحيث لا يتم الإعتراف به حتى يضطر لتسليم السلطة لآخرين عبر صناديق الإقتراع . وأما أحدث أساليب التغيير فى إفريقيا فهى ثورات الشعوب متمثلة فى الربيع العربى وهذا الأسلوب الدخيل على إفريقيا بثلاثيها المرح ” الفقر والجهل والمرض” يمثل 0.1% من الأساليب الفاعلة لأنه وإن كان سهلاً لا يحتاج إلى عدة وعتاد وقوى خارجية إلا إنه ممتنع بما يحتاج له من العلم والوعى والثقافة والإيمان الكامل بالآدمية والحرية وحق الحياة وهو ما لا تعيه شعوب كثيرة فى إفريقيا أو تعيه ولا تقدر عليه برغم شجاعة وقسوة الشعوب الإفريقية فيما بينهم كأفراد ومجتمعات ، وهناك أيضا أساليب تغيير حديثة مماثلة لثورات الشعوب أو بالأحرى محاكية ، وهى ثورات ” التمنى” و” الغضب” غير الساطع ويندرج تحته كل ثائر ومناضل يؤمن بالمقولة ” أوقد شمعة ولا تلعن الظلام” برغم أن غالبية الثوار والمناضلين لديهم كهرباء وإنترنت ” ولابتوب” كعوامل ثورية أساسية تُغنى وتُسمن عن الشمعة . وبرغم إفريقية كل من أثيوبيا وإرتريا المشهود لهما بالحكم الدكتاتورى الفيدرالى طويل العمرأو المؤقت الأطول عمراً، ورغم فظاظة يتمتع بها الشعبين المتجاورين على مستوى قلوب الأفراد والجماعات ، إلا أن معظم الخيارات السابقة فى التغيير لم تطرح فى الساحتين ، اللهم إلا ” ثورة التمنى والشمعة ” ربما لأنهما فى المتناول ، وأما صفقات الإنقلابات العسكرية وغير العسكرية فإنها لم تعقد فى الدولتين ربما أيضاً لأنهما بسياستيهما ينالان رضى كثير من القوى ذات النفوذ والمصالح فى المنطقة ما يمثل صمام أمان لبقاء السلطة على ما هى عليه، ولا يسببان إزعاجا كبيراً سوى لشعبيهما فقط ، لذلك عكف كل من النظامين لحماية نفسه من أعدائه المفترضين من أبناء شعوبهم عامة و ” المعارضة المفترضة ” بتركهم يرتعون فى كنف الجارة صديقة الأمس القريب ، فكما أن مصر والسودان كانتا تعاتبان بعضهما سياسيا بإستضافة المعارضة لسنوات خلت ، وكذلك كان أسلوب أسمرا مع الخرطوم فى حالات الخصام والذى إذدهرت فيه وتتألقت المعارضة السودانية فى شوارع أسمرا لسنوات والعكس بالعكس لمعارضة إرتريا فى الخرطوم ، ثم ما إن صفت نفوس رأسي النظام فى البلدين فى مزاجية سياسية تكتيكية ، إلا وإسودت سماء المعارضتين فى العاصمتين وأرعدت وأبرقت وأمطرت فوق رأسيهما لؤلؤاً عبثياً من نرجسٍ سياسياً ، وبناء عليه يكون سيناريو التصور الأولى للتبادل المعارضاتى بين اسمرا وأديس فى توقعاتى كالآتى ؛*التصور الأول : إما هو إتفاقُ بين الدولتين لإستضافة معارضتيهما ليأمنا شرهما ويوافيان كل منهما الآخر بالمستجدات فى معارضته ووضعها تحت مجهرالسيطرة بحيث لا يحقق أياً منهما نجاحا يذكر إلا حصده منه نظام دولته فى غمضة عين وخير شاهد على ذلك: 1ــ الإختراقات والتجاوزات التى منيت بها المعارضة فى أى مؤتمر تعقده فى أثيوبيا ومعرفة النظام بقدر وحجم معارضية وتفاصيلهم. 2ــ إستقطاب إثيوبيا لأى تحرك أو حراك معارض أيا كان سواء حزب جديد أو حراك شبابى أو شيبى وربما البراعم مستقبلا من يدرى، رغم وجود أحزاب ذات قيمة نوعية وتحالفات زعامية تحت يدها ، ومجلس ” لامؤاخذة ” إنتقالى ” لامؤاخذة ” منتخب ، وهو للحق لا زال ينتقل وينتقل حتى يكتب فى صفحة التاريخ منتقلاً قبل أن ينتقل إلى رحمة الله ، ثم تطمع أديس أن تستزيدَ … 3ــ عدم إتخاذ اديس اى خطوات لتفعيل المعارضة سوى عقد مؤتمرات تلى المؤتمرات دون جدوى سوى إهدار أكبر وقت ممكن لإطالة عمر النظام وتنغيص أى نجاح مكتسب للمعارضة على ضئآلته بكسرها معنويا سواءا بشرخها من داخل تحالفاتها أو بتهميش دورها أحيانا عند التخطيط لإستمالة أى خط معارض جديد يلوح بالأفق. * التصور الثانى : أن يكون هناك عداءاً فعلياً بين النظامين لكنه لا يتعدى التبادل الكيدى لمعارضتيهما بحيث يلوح كل منهما للأخر بعصاً يقهره بها قهرا معنويا لا غير ويستخدمها كوسيلة ضغط إذا لزم الأمر وإحتدم الوطيس ولكن دون خسائر كبيرة تتكبدها الدولتان اللهم سوى بضع حفنات من الدولارات ترميها هنا وهناك من وقت لآخر لتغرى بها ضيوفها المعارضين لتحمل مشاق ومرارة ” أكل العيش الرغيد” ، وفى مثل هذا التصور أو ذاك ، فإن النظامين الحاكمين هما المسيطران على مقاليد الأمور، وبقاؤهما على قيد الدكتاتورية كل هذه الأعوام خير دليل على شبه صحة أحد التصورات إن لم يكن كليهما كُلاً حسب توقيته ومآربه ، وفى هذه الحالة أو تلك ، تعددت التصورات والنتيجة واحدة منذ عقدين من الزمان، فيما مضت الحكومتان قدماً فى تنفيذ مخططاتهما وما هما إلا وجهان لعملة واحدة تتراقص أحياناً على واحده ونص.الآن وقد خرج زيناوى من التاريخ قبل أيام من كتابة هذه المقالة بزهوٍ لا يراه إلا مؤيدوه كما دخل فى ذات مقالة التاريخ زهواً ، فماذا تنتظر تُرى معارضتنا مِن عهد مَن بعده من السناريوهات التى توافق عليها المعارضة بدون قرآءة متعمقة وبنفس راضية ” بالواقع مرضية ” باللذى منه” وبدون حتى حوار ولا جدال ، وبكامل ” خِوار” يناسب السيناريو ويُثرِيْه.لا يفوتنى فى النهاية أن أٌعزى أسمرا فى فقد رفيق النضال والإنتصار والإنتشاء والإنتماء الكبير إن كان لغياب زيناوى ورحيله معنىً بالدلالة أونهنئها عطفاً على تصور العداء وإن كان مزعوماً، كما لا يفوتنى تهنئتها بفوزبعثتنا الأوليمبية بذهبية “الإختفاء” بين ضباب أولمبياد لندن وهى ميدالية مستحقة ومتوقعة نالها أبطال اللجوء الأوليمبى بجدارة مع سبق التدريب والتمرس، وعلى الرغم من أن هذا الأمر ليس ببالغ التأثير والأهمية فى إنقاذ الساحة السياسية الإرترية المتحجرة فى قلبيها والمتجمدة فى قطبيها ” نظاما ومعارضة” حيناً من الدهر كان ولا زال شيئا مريرا ، إلا إنه حدث إعتدنا عليه فى مثل هذه المناسبات وينتظره الكثيرون بشىء من الفرحة والإنتشاء أكثر من الإبتهاج بفوز حقيقى يرفع علم إرتريا الدولة فى منافسة رياضية عالمية كبرى كالأليمبياد، وهو كسيناريو متوقع ــ تم تنفيذه بهدوء مع سبق الإصرار والترصد ــ أمراً يحرج أسمرا وكبريائها كثيراً فتلوذ بالإستسلام التام والسكوت المستدام ،،، وطاب لها ولكم ،،،، وعيدكم مبارك.حنان مران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى