مقالات

من يمزق جبة الوحدة الوطنية …! بقلم/ محمد قناد

11-Jul-2015

عدوليس ـ الخرطوم .

معلوم ان العقل في بيئة معينة غير العقل في بيئة أخرى لان العقل هو تراكم كل بيئة وليس منفصلاً عنها لذا توطين العقل الناقد من بيئة ناقدة لبيئة غير ناقدة هو مخاطرة وضرورة رغم ان المعايير مختلفة جدا ، لكن القلب في بيئة ما هو ذات القلب في بيئة اخرى فالقلب هو القلب والعقل ليس هو العقل، وهذا يؤكد انا العقل الحقيقي لا يتحقق في مكان إلا بالخروج علي تراكم هذا المكان لتحقيق العقل الجمعي الوطني لان المكان ذاته متجزئ لامكنة كثيرة تستدعي عقلاً خارج عنها لتحقيق وحدتها وكما يقول جلال الدين الرومي غب

عن الطريق تصل اليه ، فالعقل متهم بميوله للسلطان لا للناس لان مركزية تفكيره دائماً ذات نزعة سلطوية وكأنها الفطرة التي فطر عليها . فعقلنا اصبح جزء من ازمتنا بل اساسها ، فإن حاولنا نقده اكتشفنا هشاشة وحدتنا وان صمتنا عنه تدحرجنا اكثر مما نتخيل فاصبحنا بين المر والذي أمر منه في شأن هذا الوطن ، والوطن لم يكن لاهل الله واهل القلب يوماً فيه رأي كان دائما عبر تاريخه رهن اهل السلطان وحب تملك الاخر لذا كان تراكمنا العقلي سلطوي وتاريخنا يحمل سلطات مختلفة وحين حكنا رقعة عقل جمعي وطني من عدة عقول وسلطات -كأنها جبة مرقعة- ما فتئت معاول الهدم تحاول فك ما تم حياكته وتمزيق الثوب الوطني حتى تتم تعرية ذاتنا واظهار اننا لن نتجانس يوماً نتيجة إختلاف الوان هذه الجبة . هذه الجبة رغم ما فيها من الوان مختلفة يعتقد الذين لا ينظرون إلا للاختلاف انها قبيحة ولأبد من تمزيقها حتى يستقر كل لون وكل قطعة في مكانه الذي يليق به ، لانه عقل تراكمي لا يريد الخروج من حالته القديمة التي كانت قبل الدولة الوطنية الي العقل الجمعي الذي جعل من قطع متناثرة كانت تسوقها الرياح اينما شاءت جعل منها جبة ترتديها ملامحنا وتعبر عن ثروة بشرية ومكانية نتيجة هذا التنوع لا الاختلاف ، يريد البعض تحويل هذا التناغم الي عملية تنافر بالتركيز والعمل الدؤوب في مناطق ما بين هذه القطع حتى تزيد التصدعات والشروخ التي يصعب رأبها ان تكاسل اهل القلب عن احتوائها . حتى الثورة التي تحاول بعض العقول تفريغها من العقل الجمعي الي عقل متراكم ينسون او يتناسون انها اكبر خروج عن العقل القديم لانها بالإساس -اي الثورة- تهدف الي هدم ونسف كل القيم التي نتجت عن العقل التابع للسلطان مهما كان أو من يكن هذا السلطان فإن الخروج عن ثقافته تطلب ثورة حقيقية ذات قيم انسانية تحج للفقراء لا لنخبة هي نتاج عقل السلطان التراكمي ، لان الانسان الثوري لن يستطيع العيش في القوالب الجاهزة التي لا يسأل العقل التراكمي من جهزها له والي اين تسير بملامحنا و اسوء ما في هذه الحالة هو ان تعود لعقل اجدادك واسلافك كأن رحلة الزمان عكسية لا تقدمية ، تنتجهم -اجدادك- من جديد فتصبح شاذا لا تمت لطبيعة التطور بصلة ، لذا يعتبر الثوار انبياء غرباء لانهم خرجوا عن المألوف فاصبحوا غرباء في عرف العقل السلطوي التراكمي وخارجين ومارقون . اذن هي معركة بين عقل اختار ان يكون متناغم يصنع من إختلاف الألون لوحة مشرقة ومن قطع رحيق العقول المتناثرة جبة وطنية تستر الجسد الوطني ويعتبر التاريخ المتناقض صناعة لعقل قديم ، عقل يريد ان يكون في حركة التاريخ التي تمضي للامام دون رجوع للوراء ، وبين عقل يعتقد ان الرجوع الي البداية هو الحل لأزمة تخلفه عن مركب الحضارة حتى يبرر فشله يريد العودة بقطعته من جبة الوحدة الوطنية لتستر مكان صغير في جسده -عورة عقله- ويمارس بدايته السحيقة متوحشاً قاصياً يرفض الاجتماع والتحضر والتناغم والتقدم لان هناك يجد عقله التراكمي وشريعة غابته ومبرره الوحيد هو طغيان السلطة الحاكمة فيستجير من رمضاء السلطة الحالية بنار السلطات الاكثر تخلفا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى