أخبار

تحقيق : كيف قضى الصيادون اليمنيون ايام الاحتجاز في اريتريا؟

1-Nov-2013

عدوليس

كتب / عبدالرحمن أنيس – قرصنة من نوع آخر تواجه الصيادين الذين يحملون الجنسية اليمنية.. لكنها قرصنة دولة بأكملها استضعفتهم واستمرأت استعبادهم في ظل صمت مخجل من حكومة بلدهم.. إنها قرصنة الحكومة الإرتيرية التي تعيث بوارجها وسفنها الحربية فسادا في المياه الإقليمية اليمنية في المخا وباب المندب .

قصص مأساوية لا تخطر على قلب بشر تواجه مئات المغيبين قسرا في ظلمات السجون الإتيرية, بعد أن وضعتهم الأقدار تحت رعاية حكومة لا تلقي لهم بالاً ولا تسقط دموع رئيسها لحالهم وحال أمثالهم كما تتساقط دموعه على ما يجري في الداخل.. صحيفة “الأمناء” في عددها الصادر اليوم كشفت عن العديد من المآسي التي تواجه هؤلاء الصيادين اليمنيين وفيما يلي نص المادة التي أعدها الزميل الصحفي عبدالرحمن أنيس .
قصص مأساوية
وليد محمد سعيد أحد هؤلاء الصيادين الذين يصطادون في المياه الإقليمية اليمنية في باب المندب فاجأته دورية بحرية تابعة لسلاح البحر الارتيري حينما كان هو وطفله يمارسان مهنة الصيد التقليدي. صدمت الدورية قاربه ودمرته وأخذت طفله بعد أن تركته يسبح في المياه العميقة ممسكا بـ (علبة بلاستيكية) كانت في القارب كطوق نجاة.
استمر وليد يسبح من الساعة الثانية ظهرا حتى السادسة صباحا، أما الدورية الارتيرية فقد عادت إلى داخل مياه بلده بعد أن ذهبت لمسافة نصف ميل ورمت له بالطفل دون أن تساعده حتى وهو في ذلك الوضع إلى أن أتى قارب آخر وأنقذه.
اختراق الحدود
علي الشجاع هو رئيس جمعية “الوليد” التعاونية السمكية إحدى الجمعيات التعاونية السمكية للصيادين في المياه الإقليمية اليمنية، يتحدث لـ”الأمناء” بأسى عما يعانيه الصيادون اليمنيون من البحرية الاريترية.
يقول إن أحد الصيادين اليمنيين تمت مطاردته داخل السواحل اليمنية وأخذوه بالقوة وعندما ذهب الصيادون لإبلاغ البحرية اليمنية هناك تحركت دورية يمنية للبحث عنه وعادت بعد دقائق إلى مكانها بحجة أن بنزين ماكينتها قد نفد.
يقول علي الشجاع إن الجنود الاريتريين كانوا يخيرون الصيادين “هل تريد ميسمًا (كي الجسد بالنار) مع أخذ قاربك أو تترك القارب؟”.
يشير إلى أن عددًا من الصيادين الذين كانوا يختارون الكي حتى لا يفقدوا قواربهم كان يتم إطلاقهم بعد كيهم لكنهم لا يتجاوزن سوى أميال ومن ثم يموتون ولا يستطيعون مواصلة الإبحار.
استعباد اليمنيين
أكثر من 7000 معتقل من الصيادين اليمنيين في اريتريا من حدود المملكة السعودية إلى باب المندب تم جمعهم مؤخرا في ميناء مصوع الاريتري – كما يروي أحد المفرج عنهم قريبا – وقام قائد البحرية الاريترية كاري كاري خطيبا فيهم وقال: “لن تنفعكم المنظمات الدولية ولا حقوق الإنسان ولا الرئيس هادي قادر على إخراجكم”.. ثم زاد بلهجة تحد: “نحن فقط من نملك قرار الإفراج عنكم وفي الوقت الذي نريده أيضًا” .
يروي علي الشجاع نقلا عن عدد من صيادي جمعيته المفرج عنهم أن غالبية الصيادين اليمنيين في السجون الاريترية يتم استخدامهم كعمال سخرة في تعبيد الطرقات والأعمال الشاقة بعد أن يتم اختطافهم من قبل البحرية الاريترية.
يقول الشجاع إن زملاء له أبلغوه أن ضباطًا اريتريين كانوا يحضرون إلى السجون ويطلبون من الصيادين اليمنيين المعتقلين تنظيف بياداتهم وأحذيتهم.
يأكل المعتقل اليمني في اريتريا قرصا واحدا من الروتي (بان صغير) مع كوب شاي كإفطار, أما الغداء فهو ماكرونا بيضاء خالية من أي إضافة, وعلى هاتين الوجبتين فقط يعيش المعتقلون من الصيادين اليمنيين في حين يهنأ كبار القوم في صنعاء بما لذ وطاب.
أحد الصيادين يروي أنهم قالوا للجنود الاريتريين إن الأفضل لهم أن يصوموا على هذا الأكل الخفيف فرد عليهم ضابط: “نحن بحاجة لأن تأكلوا حتى تتمكنوا من تعبيد الطرقات لدينا”.
ضياع الكرامة
وحدها الجنسية اليمنية وحاملو هويتها من تتعرض للانتهاك في السجون الاريترية, ووحدهم اليمنيون من يتم اعتقالهم من داخل مياه بلدهم وسحبهم بقوة إلى المعتقلات وتعبيد الطرقات.مؤخرًا طار وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي إلى العاصمة الاريترية أسمرة والتقى بالرئيس الاريتري أسياسي أفورقي حاملًا رسالة خطية من الرئيس هادي، وإكرامًا لتلك الرسالة وحاملها تم الإفراج عن مائتي صياد فقط من أصل سبعة آلاف صياد يمني معتقلين في أسمرة.
في 19 سبتمبر الماضي أعلنت الخارجية اليمنية الإفراج عن 1400 صياد يمني في اريتريا وهو عدد ينفيه الصيادون.. وذكرت وكالة الأنباء الحكومية أن الرئيس هادي، استقبل وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح في صنعاء وأدلى بتصريح قال فيه: “إن اليمن وإريتريا بدأتا صفحة جديدة في العلاقات والتعاون للولوج إلى مرحلة جديدة للإسهام في تقريب وجهات النظر وتجاوز التباينات إن وجدت”.
من تم الإفراج عنهم قبل شهر بعضهم له أربع سنوات في المعتقل وبعضهم له سبع سنوات قضوها حسرة في ظل سلطة لم تهتم بهم أو تلقِ لمشكلتهم بالاً.
يتحدث علي الشجاع رئيس جمعية الوليد السمكية بمرارة عن المفرج عنهم “بعضهم عادوا وهم يرتدون الجواني (الشوالات) دون الملابس، أما القوارب فإنهم يأخذون ماكيناتها كاملة ويرمون بالقارب خاويًا عند إعادته”.
دليل إدانة
كدليل إدانة على اقتحام السلطات الاريترية للمياه اليمنية واعتقال الصيادين اليمنيين من داخل مياههم, ألقت قوات خفر السواحل اليمنية الأسبوع الماضي القبض على 10 عسكريين اريتريين بعد أن وجدت هذه القوات بدء من الأسبوع الماضي في المخا وباب المندب، وحسب مصادر فإن عملية الاعتقال للجنود الاريتريين تمت أثناء محاولتهم اعتقال صيادين يمنيين داخل المياه اليمنية.
ويقول علي الشجاع في سياق حديثه للصحيفة: “لأول مرة, منذ العام 1990, يتم اعتقال اريتريين, الأسبوع الماضي, كما وجدت خفر السواحل في المياه اليمنية لحماية الصيادين من البطش الاريتري”.. إلا أن صيادين يتحدثون عن أن وجود تلك القوات غير كافٍ ولا يغطي كامل المياه اليمنية لحماية الصيادين.
يضيف الشجاع أن صيادي جمعيته يبدون تقديرا عاليا لجهود خفر السواحل الأخيرة التي بدأت خلال الفترة القليلة الماضية وكذا جهود قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء محمود الصبيحي الذي خصص خطا مناوبا لاستقبال البلاغات من الصيادين الذين يتعرضون للخطف والاعتقال من البحرية الاريترية بعد آخر عملية اعتقال لصيادين في 6 رمضان الماضي.
“زقروهم” في زقر
احتلت اريتريا جزر أرخبيل حنيش في العام 1995 في حرب سقط فيها مئات القتلى من الطرفين, وبعد اللجوء للتحكيم الدولي قضت المحكمة الدولية بأحقية الجانب اليمني في جزر الأرخبيل, وتم تحديد جزيرة “زقر” كمنطقة يحق للطرفين الاصطياد فيها, إلا أن القوة الاريترية تمنع الصيادين اليمنيين من الاصطياد فيها نهائيًا.
نقلا عن صحيفة عدن الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى