مقالات

مفاتيح : حصاد العشرينية .. !! : جمال همد*

1-Jun-2011

المركز

عشرون عاما والسؤال يزداد الحاحا ويتفرع ! عشرون عاما عمر لجيل كامل ولد في ربيع البلاد وتبرعم في حريتها وشب جسده وروحه وهو يرى ذبول الربيع ليخوض غمار مجاهيل وهو غض أخضر . عشرون عاما ودعنا خلالها الآلاف من الرجال والنساء الذين ناضلوا من أجل غد أجمل لشعبهم ولبلاد أحبوها … عشرون عاما والسؤال يدور في رؤوس الجميع . لماذا أنتهت التجربة الإريترية من أجل التحرر والإنعتاق الى ما هي عليه الآن ؟ أين يكمن الخلل ؟ .

أسمرا الرسمية حسمت أمرها مبكرا ورفضت كل ما من شأنه العيش بهدوء وسلام وإختارت طريق المخاطر والمهالك لشعبها . حكومة خارج القوانين الدولية أكتفت بالعلاقات السرية والغير طبيعية مع الافراد والمنظمات والجماعات، ويشتم الجميع . وماذا عن التعددية الحزبية في إريتريا؟ (هي مجرد سلعة تستخدم لتمزيق مجتمعات, ولكن هذا لا يعني أننا لا نريد ديمقراطية ولكننا لا نريد فتنة علي سبيل المثال بين المسلمين والأقباط. نحن في مرحلة انتقالية نحتاج للديمقراطية أكثر من أي بلد آخر ولكن السلعة التي تباع في أوروبا وأمريكا للاستفادة من الأزمات لا تفيدنا التي تخلق من خلال هذه التوجهات وتستغل الخلافات. نحتاج مجتمعات تنهض اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسي) .هكذا حسم الرئيس أسياس رؤيته لمستقبل بلاده في حواره مع صحيفة الأهرام المصرية تاريخ 22مايو الجاري … هي هكذا مريحة له ولبطانته، دوله بدون دستور بدون قوانين بدون حريات .. الخ . دولة عكس كل المتغيرات العالمية وكل سنن الكون ، ولا تعليق ! . ماذا عن المعارضة ؟ المعارضة ممثلة في مظلتها الرئيسية تعيش اسوء سنواتها. بدأته بالانحدار قبل خمسة سنوات تقريبا ولم تستطع تدارك مشكلاتها قبل الاستفحال ، بل لعبت بعض التنظيمات والأفراد أدوار سلبية في ذلك وأعاقت كل محاولات التصحيح،وبدخول العامل الخارجي تعقدت المشكلات القديمة وتم إنتاج مشكلات أخرى . سيطرت التنظيمات المرتبطة باديس أبابا مباشرة بالتحالف مع تتنظيمات صغيرة إنتهازية على التحالف واصبحت التنظيمات الكبيرة في وضع لاتحسد عليه . والخطوات التي تجري الآن هي خطوات خاطئة في طريق صحيح ! . والمطلوب هو البحث عن إجابة للسؤال الملح، لماذا أنتهت تجربتنا الى ماهي عليه الآن ؟ للإجابة نحتاج الى دراسة جدية وعميقة لبدايات تكون الكيان الإريتري مرورا بأربعينات القرن الماضي فمرحلة الكفاح المسلح وصولا الى إعلان الدولة الوطنية آخذين في الإعتبار كل المتغيرات داخل البلاد وخارجها وليس بإعادة انتاج نفس الفكر السياسي وبذات اللغة القديمة واستخدام أدوات غير علمية ، وهذه العملية تحتاج الى أكاديمين ومثقفين عضوين حسب تعبير الفيلسوف غرامشي وليس لتقنين خلافات القيادات السياسية التي أنتجت الأزمة حتى وصلت لطريق مسدود. عندما تضيع معالم الطريق تلجأ الشعوب إلى الحكماء والمستنيرين ليقولوا كلمتهم ويقدموا الحلول وعلى الحكومات ان تلتزم بذلك وتسترشد بما يتوصلوا إليه . ومن واقع مقدمة الورقة التي أعدتها اللجنة السياسية للمفوضية الوطنية للتغيير الديمقراطي والمسمى ( الميثاق الوطني والسياسي للمجلس الوطني الإريتري الإنتقالي ) ـــ تحصلنا على نسخة منها ــ والتي سيقرها المؤتمر المزمع عقده في أكتوبر القادم لانجد الأجابات الشافية لسؤالنا الذي أراهن انه يدور في رؤوس الجميع . وبعد مقدمة عادية جدا قليلة الجهد تشبه المداخل السياسية لبرامج التنظيمات ، دلفت الورقة لما اسمته بالمنطلقات وهي مادة تجميعية من البرامج السياسية للتنظيمات ( خلافات التنظيمات ) لتنتهي بمسودة النظام الاساسي ( للبرلمان ) الإريتري هكذا …!! كحل لكل الأزمة الإريترية .. لم أطلع على ما يفيد استنتاجا لتحليل الأزمة ولا مسبباتها ولا الحلول .. وهذا ما قصدته بقولي الخطوات الخاطئة في الطريق الصحيح !. علما بأن الفصائل الاريترية تعتقد جازمة ان خلافاتها هي تعبير عن خلافات المكونات المجتمعية في اريتريا، وهي دون غيرها ممثلة للشعب الإريتري كما ان النظام يدعي ذلك ، وصاحب الشأن لم يقل كلمته . المفوضية تسلك نفس سلوك اللجنة التحضيرية في طريقة الإعداد والأستقطاب ( مع وضد ) بل والأدهى من ذلك انها تحولت لتنظيم سياسي يصدر البيانات ويشارك في الإحتفالات الخ ، هذا الجسم الجديد المنتج من التحالف الديمقراطي الاريتري يحمل كل جينات التحالف وأبن شرعي له ولكن بضلع أعوج . الأخطاء التي أرتكبت اثناء الإعداد لما سمي بملتقى الحوار والذي تحول لمؤتمر ماثلة أمام الجميع وهي مثار خلافات كبيرة وقد تنصلت عدد من التنظيمات الكبيرة من نتائج المؤتمر فيما بعد لأن المؤتمر تحول الى مطية لتمرير برامج البعض وأجنده لاعلاقة لها بالمنطلقات الاريترية . كل ذلك هام والأهم في طريق التغيير ان تراجع التنظيمات المعارضة تجاربها وتعيد هياكلها وتمارس الديمقراطية في مؤتمراتها وحياتها اليومية، وفقدان ذلك مقلق جدا لجهة الاجابة على سؤال المستقبل فلا يمكن ان يستمر رئيس تنظيم ما في قمة تنظيمية دون ضوابط لثلاثة عقود!! ونصدق انه من المطالبين بالديمقراطية ؟!. الفئة المستنيرة من المثقفين والكتاب والأكاديميين البعض منهم أنخرط في مهمته القديمة أيام الكفاح المسلح وأعتصم بجناح السياسي في الحكم والمعارضة ، والكثيرين يتفرج، وكأن الأمر لا يعنيه ! . هذه هي الصورة ونحن ندخل العام العقد الثالث من عمر المأساة . * نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية – 27مايو 2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى