مقالات

بولونيا .. وبداية إنكسار القيد بقلم/ محمد علي موسى

11-Jul-2014

عدوليس نقلا عن إذاعة المنتدى

بدأ القيد يتكسر ..ومن يشكك في ذلك فليسأل التاريخ البعيد منه والقريب . لشهور عديدة إِنشغلت وزارات وسفارات العصابة الحاكمة في ارتريا ، للإعداد لمهرجان غنائي بمدينة بولونيا الإيطالية،وتغنت بالإنجازات الماضية للشعب الارتري على الحضور المختطف ذهنيا وعاطفيا أو بمصلحة ضيقة ، وكما يقال الإستعانة بالماضي دلالة ضعف الحاضر، واعتبرت ذلك إنجازا. وللعين الفاحصة كان ذلك مؤشرا حقيقيا لحالة الضعف والرعب التي تنتاب العصابة جراء تنامي الوعي الشعبي وتبلوره على هيئة فعل منظم . ففنانوا السلطان رغم أدائهم الساحر لم ينقذوا من قبل عتاة الدكتاتوريين. تستطيع أن تكذب مرة، وقد تستطيع ان تَخْدَع مرات ولكن ليس كل مرة ، فكل دور إذا ما تم ينقلب ، نعم تضخم المهرجان فولد فأرا. إذا غنى هذا الفنان أوذاك ذات يوم للحرية لا يعني بأنه يغني دوما للحرية ، الحرية كيان قائم بذاته له شروطه ومواصفاته غير مرتبط بالافراد سواء سياسيين أو فنانيين،ومن هنا الدعوة لضرورة تحرر العقل. فالانسان عرضة للتغيرات جراء نقص المعلومة أو المصلحة والتعود والحب الاعمي وغيرها من أسباب

الضعف البشري .كما أن المسألة في هذه المرحلة وخاصة للقوى المحركة للمشهد تجاوزت ضبابية الرؤية إلي إصطفافات واضحة بين معسكر الحرية ومعسكر الإستبداد . فلمصلحة مَنْ الهتاف للطاغية الدموي ؟! القضية لم تعد محصورة في هل أَنْجَز أم لم يُنْجِز…رغم أن الشعب لم يكلفه بشيئ ! القضية مرتبطة بآمال شعب في الحرية التي قد مَهرَها لعقود من الزمن بآلاف الشهداء، المسألة مرتبطة بسرقة حلم شعب في الإستقرار والنماء والعدالة والديمقراطية ، كما إنها مرتبطة بجرائم إغتيال أُ ناس وأي أُناس، ذنبهم الوحيد مطالبتهم بتحقيق دولة القانون .هؤلاء الذين تم قتلهم ليسوا كائنات من المريخ ولا هم بالصراصير ليتم طئ أمرهم بمهرجانات الصراخ والهستريا .شعبنا وفيٌ والدم عنده غالٍ. تحدث زمار العصابة أسملاش منتشياً وكأنه إكتشف كوكباً آخر، حيث قال بلونيا معجزة الحب الوطني والوحدة! نعم قال الوحدة وحاول تأكيد قوله بصورة إلتقطتها كاميرا يقف خلفها عقل متآمر …والحقيقة أن المشاركة في المهرجان كانت من لون إرتري واحد ! هكذا حاول حجب الشمس بيديه . نعم بلونيا مدينه جرت فيها أنشطة داعمة للنضال الارتري ، لكنها ليست المحطة التي تمثل كل شيئ، وليست المحطة التي تمحو ما قبلها وما بعدها. ما ذا عن الريف الارتري الذي حضن الثورة الارترية بأجساده وممتلكاته وثروته وإستقراره؟! ماذا عن أُسَر الرعيل الأول والرعيل الثاني؟! ماذا عن المدن السودنية التي إلتأمت في لياليها إجتماعات الإرتريين منذ الخمسينيات وحتي مجئ بولونيا عام 1974م ؟!. إن الجبهة ماتت لمن جردها في شخوص وإنحرافات، والشعبية ماتت لمن جردها في شخوص وإنحرافات، ولكن النضال الشامخ الذي تم من خلالهما هو للشعب الارتري وستبقي هذه النضالات وللابد مفخرة لكل الشعب الارتري مُشَكِلَةً هُويته ووجدانه وثوابته . أشار يماني قبرآب في كلمته بالمهرجان بأنهم بصدد التمسك بقيم الشعبية. يجئ هذا الحديث بنبرة عالية، رغم أن العصابة ظلت ولأكثر من عقدين من الزمن تنتهك تلك القيم ميثاقاً وتنظيماً،اليوم بعد أن تعرت تسعى في محاولة بائسة للبحث من جديد عن الشعبية كحاضنة ، نقول قد فات الأوان…فمحاولة إحياء نعرات شعبية وغير شعبية غدت فاشلة.. الشعب الارتري فطن للأمر وتوحد ضد الإستبداد، لا تختبئوا خلف شعارات الشعبية التي مزقتها أفعالكم، الشعبية كانت النصر للجماهير .. وأنتم قمتم بقهر الجماهير، الشعبية كانت للعدل والديمقراطية .. وأنتم وعلى رؤوس الاشهاد قمتم بإغتيال العدالة والديمقراطية. هذا بإعتبار الشعبية رؤية وبرامج ومقررات. أما إذا كانت تعني لديكم شخوص ونضال.. يمكننا محاججتكم في هذا أيضا.. أوليس محمود شريفو مناضلاً ومن الشعبية ؟! أوليس هيلي درع وعقبي أبرها وصالح كيكيا وبراخي وحامد حمد وإدريس أبعري وبيطروس وعبدالله جابر وأحمد الحاج ومحمد علي عمرو والقائمة الطويلة للشرفاء الاوفياء لأمانة الشهداء.. أليسوا مناضلون ومن الشعبية ؟! ثم ما الفرق بين الشهيد سعيد علي حجاي وفلبوس من حيث الصلة بالشعبية ومبادئها؟! ألم يجسد ودحجاي القيم التي ناضل من أجلها في أبهى وأسمى صورها ؟! ألم يجسد فلبوس رئيس أركان العصابة أفعال الجنرال الاثيوبي المُستعمِر في أدق تفاصيلها ؟! وبالأساس لِما تقسيم المواطنة على هذا النحو ؟ أوليس الشعب الارتري بكل شرائحه وتنظيماته من أحرز الإستقلال ؟ ألم يولد الجميع من رحم الجبهة ؟ أم هي عقلية الدكتاتورية لا ترى في الشعب والوطن إلا بقائها ومن غيرها الطوفان؟! نعم قد صَدَقَ التنظير الفكري فيكم عندما قال: الدكتاتورية بوابة تمزيق الشعب وإنتهاك سيادته بل وضياع الاوطان، لأنها تعطي الاولوية لمصلحتها. إن هذه المقاربات الهادئة هامة لإظهارالحقيقة، والعمل السياسي ما هو إلا إصطراع حجج، نفند من خلاله غوغائية العصابة الحاكمة، وإلي جانب ذلك وبذات القدر تنظيم جهد النضالات الديمقراطية لصناعة القوة الشعبية، لأن الإستبداد الدموي لا يستسلم إلا قهراً. عصابة الإستبداد بعثت بأشباه البشر ممن تسميهم وزراء إلي مدينة بولونيا بإيطاليا صحبة كتيبة طبول الزار لممارسة الإلهاء وحشد الدعم لمصداقية تآكلت. بهكذا تَهافتْ تَعاملت حكومة إسياس مع غرق 369 من شباب ارتريا، في حين أن حكومات العالم ومن منطلق إعلاء قيمة الإنسان نكست الأعلام تقديرا لروح الإنسان وقدسيتها، إنه لامرٌ عُجابٌ حقاً ، ولكن كما يقال بَطُلَ العجب إذا عُرِف السبب. فما دفع هؤلاء الشباب لهذا الموت المُر هو واقع أَمر فرضته عليهم حكومة الاستبداد في إرتريا، ولكونها الجاني سعت لتغطية آثار جريمتها بمهرجان الإلهاء. لكن انتظرها في مسرح الجريمة معسكر الحرية من شباب وشابات شعب إرتريا العظيم ففضح أمرها ، فتهانينا لأصحاب الضمائر الحية الذين تحولوا إلي مربع الفعل الميداني المباشر، وسجلوا إنتصارا كبيرا لصالح مسيرة الحرية، بإقامتهم مهرجانا لقيم الحرية والقيم الإنسانية الرفيعة ، وهتفوا بملئ أصواتهم لا للدكتاتورية في إرتريا ولا لمهرجان التجهيل والتخدير والخديعة والتشرذم، وعبر الندوات قاموا بتعرية أساليب وسياسات نظام إسياس الإستبدادي الدموي. النصر قادم لا محالة، فمسار المقاومة الشعبية الارترية للاستبداد في تفاعل متزايد، ومسار الحرية لم تُهزم رآياته على مدى العصور ولن تُهزم، وواهمٌ من يعتقد ان شعب الشهداء قادر للتعايش مع الظلم ، لكن هكذا دأبَ الطغاة، لا خط رجعة لديهم، ليس لبطولة منهم ولكن لعلمهم ما صنعت أياديهم، فيستميتون بكل ما لديهم من وسائل للبقاء حتي تزف لحظة مآلاتهم التي يعلمها الجميع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى