مقالات

أنجحاى” القرية التي خرجت من تحت الأرض وانطلقت إلى الفضاء ” !؟(1-6): عمر جابر عمر

2-Aug-2011

المركز

تقديم
اليوم أكتب عن تلك القرية الصغيرة في مساحتها والقليلة في عدد سكانها والنائية في موقعها الجغرافي على الخارطة الإرترية – ليس في محاولة إنصرافية عن الشأن العام وهمومه اليومية ولا من أجل البحث

عن ( استراحة عقلية )خلال شهر رمضان المبارك . وليس أيضا بأعتبارها القرية التى ولدت ونشأ ت فيها وأمضيت فيها سنوات صباى وفجر شبابى – وأن كان ذلك يمثل نوعا من الوفاء للبيئة الحاضنة والمجتمع الذى رعانى وساهم فى تربيتى – ولكن لأعتبا را ت ألخصها فيما يلى :1-أريد أن أقدم تجربة أرترية نموذ جية فى التعايش بين مكونا ت الشعب الأرترى الد ينية والعرقية والثقافية.تعايش رضائى وتفاعل أيجابى وعطاء جماعى كل بخصوصيته وموروثا ته ولكن فى أيقاع واحد وموحد يضع نصب عينه المصلحة العامة وسلامة المجتمع كله وينشر ثقافة التكا فل والتراحم والتعاون.2- تجربة الأتصال والتوا صل مع المحيط – سواء داخل أرتريا أو خارجها – وذلك من خلال أستقبا ل الوفود أو أرسالها أ و الأستماع الى أذاعات العالم ( صوت العرب – أم درمان ولندن ) أو قراءة الصحف الأجنبية ( خاصة المصرية ).كل ذلك دون التنكر للجذور أو الأنقطاع عن الأصول بل من خلال الأستفادة من تجارب الآخرين الأيجابية وأسقاط سلبياتهم.3- التخطيط الجماعى الطموح وأمتلاك الرؤية البعيدة والشا ملة وفى الأتجاه الصحيح وتوفير أدوا ت وأمكانيا ت التنفيذ.تلك هى أسباب كتابتى لقصة قرية ( أنجحاى ) – أنها قصة بناء وأبداع ونجاح تفوقت فى ذلك ليس على مثيلا تها من القرى مساحة وكثافة سكانية بل ونا فست المدن الكبرى فى التعليم والرياضة وبا لتأكيد تفوقت على الجميع فى مجا ل الأنتاج الغذائى فقد كانت ( سلة غذاء ) البلاد كلها وموطن زراعة القطن و صناعة نسيجه .تلك الخلفية وتلك الروح هى التى قا د ت خطوات الأبناء أينما ذهبوا وأينما أستقروا وفى أى مجال عملوا تركوا بصماتهم وقدموا الدليل تلو الآخر على أمكانية التعايش بين مكونات الشعب الأرترى.أنها قصة قرية وسيرة جماعية لا تخص فردا بعينه أو أسرة واحدة بل تشمل الجميع – الكل ساهم فيها بقدر مقدر. كانت الفكرة أنشاء قرية تكون مقرا ومستقرا للعما ل الذين يعملون فى المشروع الزراعى – هكذا خطط لها وتلك كانت حدودها. لكنها لم تتوقف عند ذلك الحد – لم تقصر عن أداء رسالتها الأساسية( الزراعة) بل زادت عليها وأضافت اليها – أ بدعت وأخترعت وأكتشفت طرقا ووسائلا جعلتها تتصل بكل الفضاءات الخارجية. كان ما يجمع بينهم قيم التعاون والتراحم والأيثار – كان التنافس والتسابق فى تقديم عمل الخير وتحقيق النجاح.السؤال: من هو الشخص الذى يمكن أن نطلق عليه ( أ بن القرية )؟ بعد التحرير كنت فى أسمرا وزارنى شخص فى الفندق وقدم نفسه قائلا: أ نا ابن حلقا زرؤ – من القرية !؟ لم أتعرف عليه وقد أدرك هو ذلك وشرح قائلا أنه من جيل أخوتى الصغار – بدأ يحكى عن ذكرياته وعن طفولته و با لرغم من أنه أبتعد سياسيا وأجتماعيا ( أصبح من الكوادر العليا فى الجبهة الشعبية ) الا أنه لم ينسى القرية ! ولم يدهشنى ما سمعته منه وتذ كرت صورا وأسماء من القرية …عثمان محمد سليمان ( من نايجيريا ) الذى كان رئيس شبيبة الرابطة الأسلامية فى القرية ! وزرهون تسما ( أمهرا ) الذى كان عضوا فى خلايا جبهة التحرير الأرترية وكان يحمل الطعام الى الفدائيين فى القاش … الخ كل واحد من هؤلاء أرتقى بأنتمائه من القرية الى المستوى الكلى ( الوطنى ) لذا ليس غريبا على أبن حلقا زرؤ ( ضبفى الذى أمامى ) أن يكتسب خصوصية الأنتماء الى القرية وهو ابن ذلك الفضاء الكلى ( الوطن ) – تفا عل بأ نتمائه الكلى مع الأنتماء المحلى ( القرية ) فى حين أن هؤلاء ( صعدوا ) من أسفل الى أعلى – والفرق كبير فى مسيرة الأنسان ومجا هدا ته اليومية !؟ذلك أحساس وشعور لا أحد يملك أن يمنحه أو ينتزعه من أحد – أنه أنتماء ( مقيم ) فى داخله و ساكن فى عقله الباطن وهو جزء من التكوين النفسى والثقافى . أنه ذلك الخيط الرفيع والمتين الذى يشد هؤلاء الى ذلك المكان ويشكل جزءا من ذاكرة الزمان التى لا يستطيعون نسيانها أو محوها. تعددت الأصطفافات السياسية فما غيرت من وحدة مشاعر أبناء القرية – تباينت الأجتهادات الدينية لكنها ما أوقفت تواصلا أو أتصالا أو تفاعلا بينهم – بقى شىء واحد يجمع بينهم ولا يعرفه أحد غيرهم – أنه ( سر ) ذلك المكان وسحره !؟ أذن أبن القرية هو :@ كل من ولد ونشأ فيها.@ كل من أتى اليها صبيا وكبر فيها.@ كل من درس فى خلاويها وتعلم فى مدارسها.@ كل من زرع فى أرضها وأمتلك فيها أرضا أو منزلا.@ كل من عمل بعرق جبينه وأستقر فيها.@ كل من شارك فى أحتفالاتها وأحزانها وأنشد المدائح والأغانى فى لياليها القمرية.@ كل من أنتسب اليها با لزواج أو الولاد ة من أم وأ ب من القرية له حق الأنتساب.لقد أخترت العنوان من واقع نشأة القرية – فقد خرجت با لفعل من تحت الأرض – الحفر وأستخراج الصخور وتكسير الجبا ل الى حجارة صغيرة بيضاء وقد أصبحت صفة ملا زمة لها ( أنجحاى )وهى تعنى بلغة التقرى الحجارة البيضاء الصغيرة وهو الأسم القديم للقرية . أما أسمها الحديث فهو ( على قد ر) ويقول الرواة أن أصل التسمية كان بسبب وجود رجل فى جبل مجاور أسمه ( على ) وكان يقوم بخدمة القوافل التجارية وقوافل الماشية التى تمر با لمنطقة . كان يطبخ فى أناء كبير ( قد ر ) يحضر فيه ( البليلة ) لذا أطلق على المكان ( على قدر ) والله أعلم !؟هناك ثلاثة مرتكزات توفرت للقرية سا همت فى نشأ تها وتكوينها بداية وفى نموها وتطورها ثانيا وفى شهرتها وسمعتها فى البلاد فى نهاية المسيرة:1- الزراعة – سبب النشأة والأستقرا ر وأبتكار وسائل وأساليب حياة عملت على صياغة علاقات سكانها وشكلت محتوى النسيج الأجتماعى فى القرية.2- التعليم – ليس من خلال المعاهد والمدارس الأكاديمية فحسب بل التعليم والتعلم المهنى والحرفى من خلال الأحتكاك مع القادمين الجدد من داخل أرتريا ومن البلاد المجاورة أو بأرسال البعثات عبر الحدود للحصول على العلم من كل بقاع العالم.3- الأرتباط بالوطن والمواطنين فى المناطق والأقاليم الأخرى أجتماعيا وثقافيا وأخيرا التفاعل من خلال القضية الوطنية ( بداية من الكتلة الأستقلالية وحتى الثورة المسلحة ).سأ تناول قصة القرية من خلال ثلاثة محا ور :المحور الأول – المشروع الزراعى – بدايته وتطوره و تأ ثيره على التكوين الأقتصادى والثقا فى والأجتماعى للقرية..المحور الثا نى – حيا ة القرية الأجتماعية والأقتصادية – التعليم – الصحة – الرياضة والفنون — الدين والثقافة والأرتبا ط با لحركة الوطنية.المحور الثا لث – ما بعد الهجرة والأغتراب – ماذا جرى للا بناء والأحفا د ؟ هل حافظوا على الجذور وقاموا بتنفيذ وصايا الآ باء و الأجداد ؟ ما أريد توضيحه هو أن هذا الجهد ( المعلومات ) يعود الى كل أبناء القرية وما أنا الا منسق قمت بترتيب الأحداث وصياغتها – الشكر لكل من ساهم فهو عمل يؤرخ لقرية يحبها الجميع وتوثيق لأحداث ستنتقل من جيل الى آخر حتى لا تسقط من الذاكرة الجمعية. وأخيرا أتوجه بهذا النداء مجددا الى كل أبناء القرية خاصة من يملكون معلومات حول المحاور التى ذكرتها أن يرسلوها على العنوان التالى :omarjabir@hotmail.comرمضان كريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى