مقالات

وزير العدل في ارتريا : المتهم مدان حتى تثبت براءته بقلم/ فتحي عثمان

12-Nov-2014

عدوليس ـ ملبورن ـ

شاركت وزير العدل في الحكومة الارترية السيدة فوزية هاشم في افتتاح مهرجاني الرياض وجدة السنويين. جاءت الوزير لافتتاح هذا المهرجان السنوي بعد غياب الشخصية التي كانت دائمة التواجد في افتتاح هذا المهرجان سنويا ونقصد به السيد عبد الله محمود جابر مسئول الشئون التنظيمية في تنظيم الجبهة الشعبية والذي تم تغييبه في السجن مباشرة بعد أحداث يناير 21 والمعروفة

بأحداث فورتو. والمفارقة أن السيدة الوزير تأتي للمشاركة في هذا المهرجان في ظل غياب الشخص الذي اعتاد الحضور فيه وهو مغيب بشكل غير قانوني وغير عادل في غياهب السجون وهي وزير العدل المعنية بتحقيق العدالة له ولزملائه من سجناء الضمير.بالطبع لم تقوم السيدة الوزير بالإتيان بشيء جديد حول الأوضاع العامة المتدهورة في البلاد. فهي كررت نفس الاسطوانة القديمة والمشروخة بأن كل ما تتعرض له ارتريا هو نتيجة لمؤامرة دولية تتمثل في العقوبات المتكررة من المجتمع الدولي والتي تتم بإيعاز مباشر من الولايات المتحدة وربيبتها في المنطقة اثيوبيا، وهو نفس الكلام الذي يردده الرئيس اسياس ويكرره كل موظفي الحكومة الارترية بنفس الوتيرة ونفس الكلمات ونفس الإيهام في خداع الذات والآخرين.ولكن وكما نعرف جميعا فإن السيدة الوزير وكل زملائها في مجلس الوزراء لا يستطيعون تقديم تفسير لما وصلت إليه ارتريا عامة بدون الرجوع لنفس الكلمات التي يكررها الرئيس في مقابلاته العامة والخاصة..ولكننا وبغرض الانصاف سوف نركز تعليقنا على الجانب الذي يتعلق بصميم عمل السيدة الوزير ونركز على العدل والقضاء. وجه أحد المشاركين في الاجتماع الجماهيري الذي عقدته السيدة الوزير في الرياض سؤالا لها حول السجون الممتلئة بالمواطنين وموقف القضاء والجهاز العدلي من أوضاعهم: قالت السيدة الوزير بأن المسجونين في ارتريا ينقسمون إلى قسمين الأول هم المسجونون على ذمة قضايا جنائية وهؤلاء يطبق عليهم القانون الجنائي الارتري ويقضون فترات سجن بمحكومية يحددها القانون.أما السجناء الآخرون فهم المسجونين على ذمة قضايا تتعلق بالأمن الوطني، وبالنسبة لهؤلاء قالت السيدة الوزير بأن لكل دولة سياسة محددة فيما يتعلق بمن يهدد أمنها. وبذلك انهت ردها على السؤال وتحولت إلى نقطة أخرى قالت فيها أن وزارتها معنية ومهتمة فقط بتطوير آليات حل الخلافات التقليدية مشيرة إلى المجتمع الارتري لديه أعراف تليدة في حل القضايا والخلافات دون الرجوع إلى القضاء والمحاكم وأن وزارتها تعمل على تطوير هذا العرف حتى لا يلجأ المواطنون إلى المحاكم في حل خلافاتهم. إلى هنا انتهي كلام السيدة الوزير، ونلاحظ فيه أن تنصلت من أي دور لوزارتها فيما يتعلق بالجرائم التي تهدد الأمن الوطني، إذا سلمنا جدلا بأن كل السجناء الضمير في ارتريا هم من مهددي الأمن الوطني. وباعتبار أن السيدة الوزير أشارت لهم بأنهم مهددين للأمن الوطني، وباعتبار أنهم لم يقدموا إلى أي جهة قضائية أو أنهم يقضون فترات سجن بناء على أحكام قضائية فإن هذا الحكم سياسي ولا علاقة له بالقانون لا من قريب ولا من بعيد، وهو بذلك حسب التصريح الضمني للسيدة الوزير لا يقع ضمن اختصاص وزارتها التي تعني بالعدل، والذي حسب هذا الكلام غير مستحق بالنسبة لأي شخص يهدد الأمن القومي للبلاد. مع العلم أن القانون الجنائي لأي دولة يشتمل على فصل خاص بالعقوبات التي تهدد أمن الدولة حتى انه هناك مادة تتعلق بالخيانة العظمى وهي أكبر جرائم تهديد الأمن القومي. ولكن السيدة الوزير تشير ضمنا إلى أن وزارتها لا علاقة لها بهذه الجرائم.وهذا ليس مستغرب، فعندما سئل الرئيس اسياس حول أوضاع سجناء الضمير أشار اليهم بأنهم مهددون للأمن القومي والدولة لها حق التعامل مع الجرائم التي تهدد أمنها القومي ومرتكبيها، وأشار إلى موقف الولايات المتحدة الامريكية وسجناء غوانتانامو. ويبدو أن السيدة الوزير تكرر وبشكل آخر نفس مقولة الرئيس والتي جوهرها أن سجناء الضمير في ارتريا هم مهددون للأمن القومي للبلاد وهم لذلك لا يستحقون الوقوف أمام القضاء وأن يحاكموا وأن تعرف مدد سجنهم أو السجون التي يقضون فيها فترات العقوبة. وبهذا نقول أن القياس على الخطأ لا يؤدي إلى نتيجة صحيحة: فاحتذاء مثل الولايات المتحدة في سجن وتعذيب سجناء الأمن القومي خطأ فادح، الولايات المتحدة ترتكب خطأ قانونيا فادحا في كل ما يتعلق بسجن غوانتانامو وتتعرض نتيجة لذلك لانتقادات لا حصر لها، وكون الانسان ارتكب جرما مهما كان حجمه أو مجاله فإن له الحق في المثول أمام جهة قضائية لا تحرمه حقه، لأن ذلك حق انساني أساسي. وفي ارتريا نحن نرفض تقليد الولايات في أي شيء إلا في الخطأ، وحسب كلام الرئيس وكل الوزراء ومسئولي الجبهة الشعبية فما دام الولايات المتحدة تسجن الذي ضربوا وهددوا أمنها القومي بدون محاكمات وتعذبهم فلماذا لا نفعل نحن ذلك أيضا. حقيقة على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في أوضاع هذا المعتقل المشئوم لأنه أصبح أيضا قدوة يحتذى بها في الدول القمعية.والسؤال الصحيح وليس المقلوب للسيدة الوزير : ألا يحق للسجناء أو المتهمين بتهديد الأمن القومي الحصول على محاكم عادلة؟تعتبر السيدة فوزية هاشم والتي أكملت دراسة الحقوق في مصر من أول المناضلات التي تلقين تعليم متقدم والتحقن بالثورة في وقت مبكر. ونتيجة لخلفيتها القانونية استملت وزارة العدل خلفا للمناضل رمضان محمد نور في سنة1994. عشرون عاما وهي في هذا المنصب: فما هي المؤهلات الخاصة التي تبقيها في هذا المنصب الوزاري؟تعتبر وزارة العدل في ارتريا من الوزارات التي تدار مباشرة من مكتب الرئيس وتتعرض لانتقادات واسعة لأنها لا تمارس الفصل بين السلطة القضائية والتنفيذية، وللسيدة الوزير نجاح منقطع النظير في هذا الجانب، وربما إجابتها على السؤال تؤكد هذا المعنى حيث قالت وبوضوح: لماذا نحن نستخدم قاعدة المتهم برئ حتى تثبت إدانته بدلا من المتهم مدان حتى تثبت براءته. وبموجب هذا الفهم وفيما يتعلق بسجناء الضمير في ارتريا فإن السيدة الوزير تقول وبلا لبس أن كل المساجين متهمون حتى يثبتوا براءتهم مما أتهموا به. وهي بهذه تأخذ الناس بالشبهات وهو تماما ما يفعله مكتب الرئيس وما تنفذه وللأسف معالي السيدة الوزير حرفيا.عندما قام مكتب الرئيس بتكوين المحاكم الخاصة لمكافحة الفساد، لم يسمع للسيدة الوزير أي اعتراض على القرار والذي يهدم صميم عملها القضائي والعدالة، وعلى العكس منها قام القاضي طعمي بيني رئيس المحكمة العليا في اسمرا بانتقاد تكوين هذه المحاكم الخاصة واعتبرها غير شرعية، وانتقد كذلك تدخلات مكتب الرئيس في شئون القضاء وكان أن دفع الثمن مباشرة بعد أن قام الرئيس بدسكلته إذا جاز الاشتقاق من المصدر مدسكال.هذا الاعتبار المثالي لمواصفات السيدة الوزير هو الذي أبقاها على سدة الوزارة عشرين سنة وربما يبقيها لسنوات أخرى عديدة أخرى. والقاعدة المقلوبة مرة أخري وللتذكير فقط هي:المتهم مدان حتى تثبت براءته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى