مقالات

بـادمـي…. حـقٌ وراءه مُطـَالِـب

8-May-2005

المركز

بقلم/كـرار هيـابـو
احدى التصريحات التي أطلقها الأثيوبيون بشأن قضية السلام مع ارتريا كانت تلك التي وردت في الإعلام المصري إبان زيارة ملس للقاهرة ، حيث وعد القيادة المصرية وبحسب ما ذكرته الصحافة المحلية هناك ، أن تنفذ بلاده قرار محكمة العدل الدولية الخاص بنزاع الحدود مع أرتريا، بعد نهاية الإنتخابات الأثيوبية القادمة.

وثمة خبر آخر من القاهرة أيضا يتعلق بلقاء قمة مرتقب بين الرئيسين الأرتري والسوداني بمساع حميدة بذلها العقيد جون قرنق ، ثم توالي التصريحات من عدة جهات ذات صلة بالموضوع ، خاصة حول الخبر الثاني المتعلق بلقاء القمة ، وجاء أول تلك التصريحات نفي من الحركة الشعبية لتحرير السودان على لسان الناطق الرسمي باسمها ، ثم تصريح آخر مماثل من الحكومة السودانية على لسان وزير الزراعة وأمين دائرة السياسات بالحزب الحاكم ، حيث قال معلقا على الخبر: (هذه مجرد أحاديث سياسية ).واذا ما اعتبرنا الخبر الثاني بالون اختبار ربما أطلقه رجال العلاقات العامة لقياس اتجاهات بعينها تساعدهم على قراءة مستويات الأجواء ، فان الخبر الأول يظل الأهم لأن الأمر فيه يتعلق بقضية الحرب والسلام ، وقضية تنفيذ مقررات دولية كانت نهاية مطاف لطي صفحة النزاع ، ومن هنا فان السؤال هو ما الذي يمنع أثيوبيا من تنفيذ هذا القرار الآن ، وقبل اجراء الانتخبات .لقد أعلن البرلمان الأثيوبي في بداية هذا العام عن قبوله قرار محكمة لاهاي وقبوله بذلك تبعية منطقة (بادمي)- محل النزاع- الى السيادة الأرترية وهو ما يعني اتخاذ أثيوبيا كافة الخطوات والإجراءات اللاحقة لقرار القبول ، والقيام بسحب قواتها واداراتها التي اقامتها في المنطقة ، وانهاء كل ما يتعلق بوجودها ، بل وان تساهم في استتباب الأمن. وعوضا عن ذلك فقد قررت الحكومة الأثيوبية الهروب الى الأمام ، فاعلنت النقاط الخمس التي اشترطت تنفيذها قبل تنفيذ القرار الأممي ، وهو الأمر الذي ابقى الحال على ماهو عليه ، بل وأفرز مزيدا من التوتر ، وساهم في ظهور حمم من التحرشات العسكرية التي قد تفجر الأزمة من جديد .لقد حسم ملف النزاع في محكمة العدل الدولية ، وصدر القرار الدولي منصفا ارتريا ، وبذلك أصبحت (بادمي) جزءً أصيلا من الوطن الأرتري ، وتوافقا مع هذا الواقع فقد حسم الشعب الأرتري الأمر من جانبه ، وظل يطالب المجتمع الدولي بحمل أثيوبيا على تنفيذ هذا القرار ، وقبله طالب اثيوبيا بالامتثال للارادة الدولية ، والخضوع لها طالما ارتدت ذلك بنفسها. وفي ظل استمرار التعنت الأثيوبي الذي لا يسنده أي مبرر قانوني أو حتى أعراف ، تستمر معاناة الشعب الأرتري خاصة ممن هجروا الديار ، وقد تقطعت بهم السبل بعد أن تحولت حياتهم الى ضيق وضنك على امل العودة لمناطقهم ، تلك العودة التي ظلت تتلاشى أمام أعينهم وتتوارى خلف سراب السلام الذي لم يتحقق بعد .ان أثيوبيا بوضعها الشروط المسبقة انما تقدم على سابقة ربما تعد خطيرة من ناحية انها جاءت بعد تسليم أمر النزاع الى المحكمة الدولية ويبدو الأمر الآن كما لو أن الأثيوبيين فطنوا الى بعض (الشطحات) التي لم يتنبهوا لها في حينه ويريدون من خلال هذه النقاط تحقيق ذلك . وازاء هذا التطور الخطير ، فلا غرابة اذاً أن يتمسك الشعب الأرتري بـ (بادميته) ، ويرفض الشروط الأثيوبية ، فالمسألة ليست تطبيع علاقات سياسية وتبادل ممثلين دبلوماسيين ، وليست مجرد فتح حدود ومعابر أمام القوافل التجارية مثلا ، بقدر ما هي أمر يتعلق بسيادة وطنية ، وأملاك لا يمكن التفريط فيها أو التنازل عنها أو المساومة بها .وعلى الرغم من الظروف الضاغطة على الشعب الأرتري في الوطن وانعكاس ذلك على المهاجرين ، الا أن صمود هذا الشعب وتحديه للتعنت الأثيوبي انما ينم عن الوعي والإدراك الحقيقي لمخاطر المهددات التي تحدق بهذا الوطن ، ولا يتوقف الأمر ، أمر المخاطر على احتلال اثيوبيا لمنطقة حدودية ، أو تدهور الأوضاع الإقتصادية ، وانما صمت المجتمع الدولي ، وعدم اتخاذه الخطوات اللازمة التي تجبر أثيوبيا على احترام تعهداتها وتنفيذ القرار والعمل على انهاء معاناة الشعب المتمثلة في جميع مناحي الحياة .ان ما يجب الإشارة اليه بالبنان في هذا الموضع هو موقف الإتحاد العام للطلاب الأرتريين بالسودان الذي وجه بيانه الى المجتمع الدولي يطالبه فيها بالضغط على أثيوبيا لحملها على تنفيذ القرار ، فضلا عن تنبيه الشعب الأرتري وقواه السياسية على الحذر من الوقوع في فخ النوايا الأثيوبية ، والتحلي باليقظة تجاه مخططاتها التي تستهدف هذا الوطن وسيادته .واذ أحيي في الإتحاد الروح الوطنية العالية التي جاء بها بيانه ، فان هذا الموقف وفي هذه الظروف بالذات يعتبر بمثابة الرد القوي تجاه المماحكات الأثيوبية ، واذ هو يصدر من فئة مستنيرة ومدركة للأمور ، فانه يفترض على كافة قطاعات المجتمع أن تحذو حذو هذا الإتحاد وأن تضع في الإعتبار أن (بادمي) حقٌ أرتري أصيل لا يقبل المساس به ، وهي أولا وأخيرا حقٌ وراءه مُطَالِب .آخر الهتاف:لن يضيع حقٌ وراءه مُطَالِب——-و…. ردؤو ردؤو أبَـايْ هـلّا دِ يْـب عَــدْ نـَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى