بواسطة موقع شفقنا
رغم الخطة الإسرائيلية المعلنة لتحقيق اختراقات سياسية وأمنية في القارة الأفريقية، لكنها أصيبت مؤخرا بسلسلة انتكاسات دبلوماسية في عدد من دولها، كان آخرها أريتريا، التي مارست ما وصفته دولة اسرائيل “إذلالاً” عليها، لأنها لم تؤكد وصول المندوب الإسرائيلي منذ عامين إلى العاصمة أسمرة.
وما زالت السفارة الإسرائيلية مهجورة، مما دفع الأوساط المهنية بوزارة الخارجية لتقديم توصية لرئيس الحكومة ووزير الخارجية يائير لابيد لفصل عمال السفارة، وإغلاقها نهائياً.
تشكل هذه الخطوة الإسرائيلية عرقلة لافتة للجهود الدبلوماسية والأمنية التي لا تتوقف عن مد نفوذها في القارة الأفريقية، خاصة وأن الحكومة المحلية الأريتيرية قررت تأجيل وصول السفير الإسرائيلي منذ عامين رغم موافقتها على تعيينه، وبالتالي بقيت السفارة الإسرائيلية في أسمرة مهجورة منذ أبريل 2020، ومنذ ذلك الحين تدفع وزارة الخارجية الإسرائيلية عشرات آلاف الدولارات شهريًا مقابل إيجار المبنى، وأجور العمال الجالسين في منازلهم عاطلين عن العمل.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، كشف في تقرير ترجمته “عربي21” أن “آخر سفير إسرائيلي غادر أسمرة كان في أكتوبر 2018، ولم يكن هناك سفير لدى أريتريا منذ ما يقرب من 4 سنوات، حيث أرسلت وزارة الخارجية الإسرائيلية مشرفًا مؤقتًا، وفي العامين الماضيين حاولت إسرائيل إقناع أريتريا بالموافقة على وصول السفير الإسرائيلي، وهو أول دبلوماسي بدوي يدعى إسماعيل الخالدي، عينته الحكومة في يوليو 2020، ومع ذلك، لا يمكن للسفراء الوصول إلى البلد الذي سيخدمون فيه حتى يوافق البلد المضيف على تعيينهم، وهو الإجراء الدبلوماسي المقبول”.
وأضاف أن “وزارة الخارجية الإسرائيلية أرسلت دبلوماسيًا من شعبة أفريقيا إلى إريتريا بهدف حثّها على الموافقة على التعيين، وفي الآونة الأخيرة فقط استضاف الرئيس الأريتري مجموعة من السفراء الأجانب الذين قدموا طلبات انتدابهم، لكن إسرائيل استُبعدت من القائمة، مما اضطر الخالدي للعمل كسفير غير مقيم بوزارة الخارجية، وحتى أبريل 2020، كان ضابط أمن السفارة هو الممثل الإسرائيلي الوحيد في أريتريا، وزوجته مسؤولة عن الأعمال الإدارية”.
تبدو غريبة هذه الأزمة الدبلوماسية بين الاحتلال وأريتريا، لأنهما ارتبطتا سابقا بعلاقات وثيقة، لكن هذا التوتر ترك تأثيره من وجهة نظر سياسية، لأن السفارة الإسرائيلية في أريتريا توظف عمالاً محليين، بمن فيهم حراس أمن، تتكفل دولة الاحتلال بدفع رواتبهم، رغم أنهم يجلسون في المنزل، باستثناء عدد من الحراس وموظفين وسكرتيرة السفير وسائق يقومون بأعمال إدارية، ولا أحد في إسرائيل حتى الآن يعرف سبب تأخر الموافقة الأريترية على استقبال السفير الإسرائيلي الجديد.
في الوقت ذاته، برزت في دولة الاحتلال تكهنات حول أسباب هذه الأزمة، من بينها تنامي علاقتها مع السودان مما يزعج أريتريا، وربما تكون الحرب في إثيوبيا تسببت بتراجع العلاقات الإسرائيلية الأريترية، وهناك تقديرات بأن الأريتريين يشتبهون في أن إسرائيل تساعد الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيغراي التي تقاتل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والاحتمال الثالث أن الأريتريين وضعوا إسرائيل في نفس السلة مع الولايات المتحدة، التي لم يكن لديها سفير لدى أريتريا منذ 12 عامًا.
عنصر الاستهجان الإسرائيلي أن عدم استقبال سفيرها في أريتريا شيء، وسلوكها الإذلالي تجاه دولة الاحتلال شيء آخر، مع أن أريتريا لديها بالفعل سفارة في تل أبيب، مما حدا بمصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى مطلع على العلاقات الإسرائيلية الأريترية لوصف الأخيرة بأنها “مثل الجدار، لا يمكنك تحريكها”، ومع مرور الوقت تضاءلت أهمية أريتريا لدى تل أبيب، خاصة بسبب دفء العلاقات مع السودان وجيبوتي، والحل لهذه الأزمة هو افتتاح سفارة في موزمبيق لأول مرة بديلا عن أريتريا.