مقالات

قراءة فى ازمة الخطاب السياسى الاعلامى بين ( المغلق والمفتوح) او الخطاب المرفوض المنبوذ(3-3):حامد أود

26-Jun-2010

المر

الحلقة الثالثة والأخيرة
الخطاب فى دائرة الحجة والاقناع
كنت قد اشرت فى مقالى السابق الى ان (ان الغرماء هم الذين علمونا ان نهتم ونتعرف بعقلانية الى الواقع بكل تجرد، حين اكدوا ،ودون خوف من الحاضر والمستقبل، ان لهم دين غير ديننا ، وان العمل به (اى التفريق) يعتبر قمة الاهداف، وسنة الحياة نفسها، ماذا تريدون اكثر من ظلم معلن؟.) وهو الامر الذى لايحتاج منا الى الاقناع والحجة اصلا.

اما النفعيين والانسلاخيين هؤلائى الذين يلونون خطابهم ،حيثما تولدت تجلياتهم الجديدة، انهم ، مثل جمل المعصرة ،يراوح مكانه، لا يعرف ما ينتج او لما ينتج اصلا. لذا فان اى خطاب هلامى عائم ذات اليمين وذات الشمال، لايركن للواقع، مصيره النسيان، وحتى الخطابات الجادة ،طبعا ،مثل تقرير المصير/ حكم ذاتى / فيدرالية/ خيار العنف/ وغيرها، فان الجاهل او الانسان البسيط قد لا يفهم لماذا تطرح الناس افكار تبحث عن مخرج من الاختناق ،وبالتالى يعتبرونه نوع من عدم الوطنية، مثلا . فالاستقوائى سيصفها بالياس والرجعية،ويوكد لنا هذا وببساطة، انهم ينسون او لا يفهمون ،ان المواطنة هى توفر الامان والسلامة، وتحقيق تبادل الاحترام و المصالح . لذا ومتى ما فقدها الانسان المتضرر يبدا بالبحث عن حلول ممكنة ،وهذه هى الحقيقة الاساسية. فاسياس كما ترون جفف البحرعلى العفر ،مصادر رزقهم ،فهل نتركهم يموتون (مئنتى مجوجو تحلف انجوا) من اجل والوطن فليهن كل شئ.والدليل ان الخطاب المغلق يجد نفسه محاصَراً بذات الاسئلة ،من دون أن يخرج بتصور محدد وثابت للمشكلة ومقوماتها وشكلها وطريقة قيادتها. لذلك نراه يتوه او يلتزم الصمت، واذا تحدث نراه تارة يقدم عاملاً من عوامل التوحيد الوطنى، فيعتبره الأول والأصل الذي به وعلى أساسه تقوم الديمقراطية ، وطوراً يلغيه أو يراه ثانوياً ،ليدفع بالأولوية إلى عامل آخر(تخبط). ومن يراجع مسار الخطاب المغلق ، تطالعه دائماً مفارقات وتناقضات بينة في بنيته وأسُسه، وحتى المفاهيم والمسلمات والبديهيات تصبح الغازا، ولا يجد لها جواباً عقلانيا يخرجه من حيرته وتساؤلاته إزاءها. وهنا يتضح مدى مجانية الادعاءات التي يقوم بها هؤلاء، وخاصة بالاكثار من التعبيران ( وطنية) و(الشراكة) وفي أغلب الأحيان- يلجأ الخطاب المغلق إلى استثارة الرموز في عقول ونفوس المخاطبين من أفراد الشعب، كي يتمكن من تحقيق هدفه فى الارباك.طبعا انها تخيلات او تخبطات او على احسن حال رواسب تعشعش فيه من الماضى، وهكذا نجدهم يسوقون افتراضات مفادها ،ان الخصومة الحادة تجعل الطرف الاخر اكثر تحفظا وابتعادا، وهذه هى السذاجة نفسها، نحن حتى عهد قريب لم نحاسبهم فى كل الجرائم التى ارتكبوها ضدنا.- عندما قاموا فى الاربعينيات بقمعنا عن طريق الشفتا- عندما لحقوا قسرا البلاد بالمستعمر الاثيوبى- عندما حملوا السلاح ككماندوس لانهاء الثورة- عندما ابتدعوا عام 70 الطائفية الجهوية فى الثورة- عندما اشركوا قوى اجنبية فى تصفية قوة وطنية ( الجبهة)عام 81 ،- والان يقمون بكل الجرائم البشعة، هذا كله، ولم نعلن الخصومة معهم حتى اليوم .ويقول فولر عن الخصم الذى يسعى للاستحواذ والذى دوما يضع العقبات “ ايما كان ما تعرضه ومهما قدمت من تنازلات،فان من يتبعون اسلوب كهذا، الاسلوب لن يجيبوا سوى ب”لا” ومواصلة فى حديثنا عن الانسلاخيين والنفعيين إذ بينما يطرح بعضهم الدين أساساً للوحدة، لا يلبث أن يحيله إلى عامل مساعد أو حتى عامل تفكيك وشر، إذ تفاجئه العصبيات الطائفية والأقلوية الناخرة في جسد المجموع وهشاشة اندماجها الاجتماعي (وخاصة مرتع السودان)، فيعتبر هذا الواقع المؤقت مثل محورالشر(حين يستدل بواقع مجموعات الجهاد مثلا ،وعدم توحيدها رغم راية الدين). فيعتبرها عامل خسران لا يمكن جبره، وبالتالى يفضل الخنوع والاستسلام ،(للسلب والاستلاب). حتى ان احدهم كان فرحا عندما اشرت الى السلوك الرعوى المؤثر فينا (كخلفية)، وظن اننى ابارك له اعجابه بالتغرنيا ،حتى يتثنى له مواصلة العوم ضد التيار الطبيعى. وفي حين يربط بعضهم بين الوحدة الوطنية والديمقراطيّة وعدم المساس بهما، لان فى اعتقادهم ،ان الوحدة باى ثمن والديمقراطية باى سبيل لهما التقديس ، وان المطالبة بالحقوق يعتبر حجرعثرة فى طريق التقدم .هؤلاء يصنعون الفرقة بين الديمقراطية ومطالب الحقوق ،حتى انهم يبدو لا يدركون الفرق بين العدالة والانصاف، لهذا يبتعدون عن جوهر اى ادراك ،الذى يتمثل فى تدعيم مصالح جماعتك وامتلاك عقل منفتح تجاه اهداف خصمك غير السوية، والايمان بكل الخيارات المتاحة لتحقيق المطالب. والمصيبة حين يعتقدون انهم حريصون لابعد الحدود ،سوى بوعى او غيره عندما يتنازلون عن الحقيقة، لكن بكل تاكيد ان القارئ يتفق معى على ان هذا فى حد ذاته تقديم تنازل بلا مبرر.مقتطع ثالث= نتاج وخلاصةأن الانتهازية، ليس لها موقف صريح وواضح، وتعني التضحية بالأهداف الاستراتيجية من اجل تحقيق أهداف مرحلية مؤقتة للمنفعة الشخصية.وانطلاقا من النموذج الذى عرضته ،اعتقد أنه أصبح من المنطقي، إعادة النظر في هذه “الحرية المطلقة” التى نمارسها كثيرا دون ادراك للتاثير الذى يخلقه خطابنا فى تشكيل مجتمعنا، ولهذا يعتبر الخطاب المغلق تشويشا علينا ايما تشويش، و هو ما نعنيه بهذه الفئة هي الوصولية و الانتهازية التي أصبحت اليوم من أخطر الآفات التي تنخر في أوصال المجتمع و أسسه ، و معولا هداما يعمل على القضاء على ما تبقى من القيم و المبادئ.ولكن ايضا يمكن القول انه مازال أمام كل طرف فرصة سانحة للمراجعة والبحث عن مخرج من أزمته التي يعيشها ،دون مكابرة، وبأسلوب عملي واقعي يقربه على أقل تقدير من النجاح فى مسيرة العمل المشترك لشعبه.واقول لاهلى، اطمئنوا، الخير موجود ولا احد يمكن غشه ،حيث نلاحظ اليوم بارتياح بان الاقلام بدات تتمحور نحو تثبت الوعى وتوجهه نحو مركزية الادراك الجمعى (المصلحة)، وايضا شق طريقه نحو العقلانية (نبذ العواطف)، وهذا ما جعل ضرورة أن ينتقل اهتمامنا بالخطاب كنسق موضوعي منفتح للمعلومات الممكنة ،بل بدا يسرع إلى العلاقة التواصلية التي تربط المنتج والمتلقي فى انسجام.مقطع رابع = تعليق وتعلقوفى الوقت الذى تتوجه فيه الاقطاب السياسية العاملة (غير المتفرجة ) اتجاه بلورة رؤية سياسية واضحة شاملة من خلال التفاكر(موتمر الحوار مثلا)، تقوم فئات غير منضبطة بالهرولة تجاه صنع تجارب جديدة، وهو هروب الى الخلف.وحتى لا نرمي القول علي عواهنه ،ربما قد يتعللون تماهيا، ان صناع المقاومة نفسهم بعيدين عنهم، وان قنوات التواصل ضعيفة حتى ينخرطوا او يحاولوا الاسهام المباشر،وحتى امكانية احداث تغيير المطلوب غير متاح لهم، وهذا مما يضطرهم الى الاعلان وتاسيس مجموعات معارضة ضمن المحيط الذى يعيشون فيه، هذا كله صحيح ونعايشه ونتفق/نختلف عليه بشكل واخر، وتعرفه هذا ايضا التنظيمات المقاومة التى يزدرونها،والتى تعترف هى الاخرى بعجزها تجاه التواصل المباشر واللصيق مع القواعد، وترجع السبب فى انفصالها عن الجماهير ،بانه خارج عن ارادتها – فى الشرق الاوسط بشكل واضح – وتؤكد ان هذا العجز نتيجة شح امكانياتها ليس الا،وان الجزء المفقود تتحمله امتنا نفسها.طبعا كلنا نسلم بهذه الوضعية التى لا نحسد عليها، لكن المنطق لا يرقى الى الاستسلام له وخلط الاوراق لكى يستمر،والذى اوصلنا الى مستوى تاسيس دكاكين او يافطات جديدة بالوان الطيف ،لدرجة لا نعرف نهاية هذا المطاف ،ومن ثم ياتى التشويش ولانعرف الاجابة ، لماذا اقيمت وجدوى منفعتها من ضررها، ومن الحرى بنا ان نضم سواعدنا الى الموجود.وفعلا اذا كنا ذوات قيمة فكرية وعملية نستطيع تغيير المسارات وضبط التوجهات نحو ما نرقب داخل هذه التنظيمات، (ويجب ان يكون هكذا)، وليس بتفريخ مجموعات جديدة (بالمناسبة ان ما يدعو تاسيس منظمات جديدة هو استحالة اصلاح القديم منها ) ما يعجبنى فى الارتريين فى استراليا انهم يدعمون كل هذه المنظمات القائمة، ويشدون من ازرها، ويعتبرون كلها تمثلهم رغم ما لديهم من احلام فى توحدها.وهذه احدى الساحات الابية فى الشتات ،التى اصبحت املا نتعلق به حتى ينتشر فى كافة بقاع المهجر الغربى.مقتطع اخير :جمع وطرحان المصيبة الكبرى التى نعانيها هى ان مثقفينا التائهين منهم ، لديهم الشعور بالاحباط المتواصل بسبب شئ واحد هو عجزهم فى التواصل مع شعبهم،1- لانهم لم يبذلوا الجهد لتقريب بينهم وبين شعبهم.2- لعجزهم من طرح افكارهم بحيث يستوعبها غيرهم.3- لان معظم قراءاتهم ليست عميقة، بل هى قشور الحقائق فقط.4- طبعا واكبر خطا يقع فيه هؤلاء هو هرولتهم واهتمامهم بالتوصل الى اتفاق مع الطرف الاخر بمجانية، وهذا من عوامل عدم الثقة فى انفسهم.5- فهؤلاء لم يستطيعوا أن يدركوا بأنه لا وجود لهم بلا جماعة و بلا مجتمع متماسك يحميهم و يحفظ لهم تطلعاتهم، ومستقبل ابنائهم واحفادهم.وخير مثال قريب ،ان مؤتمر لندن،وباعتبار ان جميع اجندته وتقاريره معدة سلفا وغير قابلة للتغير(الزوبعة الفنجانية ) يجعل منه مغلقا امام اى تطور او نية حسنة، وبالتالى يجعله صفقة سيئة، لذا رفضه جملة وتفصيلا يعد نجاح فى حد ذاته.وللتاكيد من جديد ،لا ادعي في هذا العرض ،تقديم إجابة شافية عن مختلف التساؤلات العميقة التي يطرحها موضوع الخطاب، وإنما ينحصر دورى في محاولة الرصد والتتبع قبل الاستنتاج، مثل غيرى،ولست مدعيا المعرفة ، وعليه:- علينا عدم رفض مبادئ المنطق والاسس العلمية التى توكد بان الواقع هو من يحدد مستوى الوعي الاجتماعي ومتطلباته، وليس التمنيات والتخيلات.- ان تتجاهل التمايز والتباين الثقافى السلوكى للشعب الارترى، من قبل اى كان، يعتبر تناقض روحا ومضموناً ووظيفيا،لاى عمل مستهدف ،وهذا لن يمنع- فى حالة الاعتراف به- التعايش بوئام اذا اعتبر ثروة متنوعة.- ان من يتغاضى عن الواقع ،ثم لا يضيف للقارئ إي قيمه معرفيه تحليلية أو خبرية مواكبة في سياق الصراع المحتدم، بان نكون او لا نكون، ما هو الا ( صم بكم عميى لايفقهون).- ان انسداد الافق ، ياتى من عدم تتبع صيورة الواقع ،وبالتالى فقدان العلاقة به ،والذى بدوره يودى الى الانفصال بين الواقع وبين المدعى بالمعرفة به.- الفكر لا ينجز الا من خلال المعايشة و التأمل بهدوء (زمانيا وجغرافيا ) يحتاج الى المكان المتامل منه، وهو ما لا يوجد لهؤلاء المنظرين المتخيللين.وهذا هو العيب الاساسى فى تقدير الموافق، وايضا ادراك الحاجات واستنباط الحلول.- ان الاستغناء عن المعرفة الحقة، يخلق الانطباعية، والتخيل لوقع الاحداث.- ان الانتفاع /الانتهاز الفردى هو الالتفاف على كل القيم و المثل و سحقها تحت الأقدام و التلاعب حقوق الناس.- ان القاعدة او بؤرة التركيز يجب ان تكون نزع الاعتراف بالجرائم التى ارتكبوها فى حقنا على مدى التاريخ،ثم تاكيد حقوقنا المسلوبة،ثم التفكير فى كيفية ضمان الشراكة.- ان الوصول الى لحظة تجلى ذاتية،تجعل المرؤ ينزع نحو تقييم غيره بالدونية، وتجعله يبحث عن مخرج جديد، ويصاب بحالة (ارخميدس.. وجدتها وجدتها)، وينسى انه فعلا يمارس ( إعادة انتاج للأزمة). وكان من المفترض ،ان حالة التجلى هذه، ان توصله اقناع الاخرين اذا كانت ذات جدوى.- ان التحكم فى المقدرات وقناعة امكانية الفعل ،تخلق الثقة وتزيل السلوك الانهزامى،ويقول مولر( ان كيفية ادارتك لنفسك،ترتبط ارتباطا وثيقا بقدرتك فى الاقناع).* وشكرا للقارئ الكريم الذى جرجرته معى عبر هذا المقال الطويلawedgaddi@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى