مقالات

الصراع في إريتريا ليس طائفيا ….. حقيقة أم تمني ؟!! بقلم / عبدالرحمن طه النور

3-Mar-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ

اطلعت مؤخرا على مقال للاستاذ / فتحي عثمان صادر بتاريخ 2015-02-27 م محتلا نافذة اخترنالكم بموقع عدوليس تحت عنوان مثير ( الصراع فى اريتريا ليس طائفيا ) وقد يعتقد البعض انه مستفز اكثر من انه مثير ، وانا اتفق مع الرأيين من حيث انه مثير ومستفز . مثير من حيث الموضوع وحساسيته واهميته ، ومستفز بحيث انه إجابة مبنيه على قناعات راسخه تتضح من خلال الدفوعات الدينيه والعقلانية وغيرها من ضروب الفكر التي حفل بها المقال ، وليست دعوه للنقاش ، أو تساؤل من شاكلة هل الصراع فى ارتريا طائفي ؟؟ واعتقد انها قيمه كتابيه مواكبه من حيث فنون الكتابه وادواتها الحديثه . وفيه ايضا الكثير من الوضوح والشفافيه . فلك مني التقدير والاحترام استاذ فتحي عثمان ولغيرك من الكتاب الذين يعبرون بمقدرة ويحاورون بموضوعيه ومسؤوليه وطنيه وإن اختلفت الرؤى والمواقف .

كمدخل مهم وملح فى هذه الحوارات التى تتناول قضايا مصيريه تبني على فهمها الاستراتيجيات والمواقف المصيرية ، وهى قضايا اصبحت كثيره ومتشعبه وضاربه بجذورها مع استمرار هذا النظام سيدا وحيدا للموقف فى اريتريا .من يطالب بحق من الحقوق هل يصبوا الي العدالة أم الثأر ؟؟ فى الكثير من المواقف لبعض الكتاب نرى انهم يتعسفون فى رايهم ويخافون من شيء متوهم في مخيلتهم ، نتيجة لمقارنه غير موفقة لما يحدث فى المنطقه او العالم ، و بعيدا عن الحقائق التاريخية والواقع المعاش لمئات الاعوام فى اريتريا ، واحيانا اخرى ينطلقون من حرص زائد على الوطن ومكتسباته ، من استقلال ووحدة وطنيه وغيرها ، ويزايدون فى ذلك على الاخرين ، مما يفقدهم ذلك الموضوعيه فى احسن تقدير . فى حين انهم يزيدون الامر تعقيدا واستقطابا ، خاصة عندما يحاكمون النيات ويتنبؤن بتشاؤم بعيدا عن الواقع والموضوعيه ، علي سبيل المثال فى المقال الذى بين ايدينا ، هل بالضرورة عند وصف النظام بانه طائفي يستدعى ذلك حربا طائفيه ؟ أم يستدعى تصحيح ومعالجة لهذا الإخلال الذى يتعارض مع مبدأ التعايش والسلم والديمقراطيه . وكذلك عند تناول هيمنة الثقافه المسيحية بكل ابعادها ، هل يعنى ذلك محاربه هذه اللغه والثقافه أم منح اللغه العربيه وثقافتها وغيرها من اللغات نفس الحقوق التى تتمتع بها التقرينجة والمسيحية . وقد تبدى هذا المسلك ايضا عند الحديث عن موضوع الارض وقضية الاستيطان والتغيير الديمغرافي ، فهل اثارة هذه القضايا يستوجب تهجير تعسفي لكل من سكن واستقر واستثمر فى اقليم ليس اقليميه من حيث المنشأ بطريقه طبيعيه وقانونية أو غير قانونية ؟ هل يقصد ذلك عند المطالبه بوقف هذا الاستيطان والتعدي على اراضي الغير ، أم يقصد منه تحقيق العداله وحفظ الحقوق لاصحابها !! وغيرها من القضايا التى يتصورون فيها سفك للدماء غزير ، واستهداف مميت لاعضاء الجبهة الشعبية وقاعدة وخلفية النظام الاجتماعية والدينية والثقافيه ، وينسون فى غمرتهم هذه ان الشعب الإريترى قد اعيته سنين العذاب والنزيف ولم يعد يحتمل المزيد . خاصة المهمشين منهم ، وكل مايصبون اليه ويحلمون به هو العدل فى ظل دولتهم التي سقوها بدمائهم …… لااقلل في ذلك من سلبية الاستخدام السيء لهذه القضايا فى مجال التعبئة الجماهيريه لبعض القوى السياسية والاجتماعيه وذلك موضوع يعالج بقدر اهمية مانتحدث عنه ، وذلك بتشذيب السلوك وتهذيب الممارسه وليس بالقفز على الحقائق وإنكارها . قضية اخرى اكثر اهمية و موضوعيه ، هل تستند هذه المخاوف على معطيات التاريخ والواقع ، أم هنالك نموذج يمكن القياس عليه خلال العقود السابقة أو القرن الفائت ؟ وهل التجرد في مثل هذه القضايا يلزم ادانة طرف وتبرئة الآخر … كثيرا مانحس من تناول هذه القضايا ان هناك منطقا معوجا حيث يبني الكثيرون من مثقفي الهامش الاريتري على احداث تشهدها المنطقة من حولنا ولاتمت بصله الى تاريخ الصراع فى اريتريا ولا الواقع المعاش . ونجد انه عند التحدث عن التطرف والارهاب يستدعي عقلهم الباطن الاسلام والمسلمين ، واليهم تتوجه الانظار . فى حين ان تاريخ الاسلام فى الحبشة القديم والمعاصر، واريتريا جزء منها تاريخيا ، كانت تمثل اول موطأ قدم للمهاجرين من صحابة رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم .. بالعوده الى ذلك التاريخ والحقب التى تلته وانتشر فيها لاسلام هل نجد فيها السيف كما الفتوحات الاخرى للاسلام . مايميز الاسلام فى هذه البقعه على وجه الخصوص هو انتشاره بالسلم وعلى هذا عاش وانتشر . وعلى العكس النصرانية هي من مارس الارهاب بابشع صوره عبر كل العصور والى وقتنا هذا ، باختلاف الوسائل . فكيف يستقيم اتهام الاسلام والمسلمين بالتطرف او الخوف والتخويف منهم . ومتى كان هناك تطرف للمسلمين فى ارتريا ، وهم الذين كانوا ولايزالون فى وضع الدفاع .. إذن العبقريه التي يدعيها النظام واتباعه فكريا باستخدامهم شواهد الاخرين لتوفير مبررات بقائه واطالة عمره ، وبتخويف الشعب الاريترى من مغبة التغيير والوقوع فيها من إقتتال اهلي على اساس الهوية الدينية والقبلية مثل الصومال وغيرها من نماذج ، وان الارهاب والارهابين هم من سيخلفه فى حال سقوطه ، وغيرها من فزاعات تنطلي على بعض طلاب التغيير الديمقراطي ، ويسوقهم بذلك لتبني نمط وطريقة التغيير التى يضمن سلامتها وحده النظام ، وبالكيفية التى يراها مناسبة ليعبر الى مرحله تناسبه ولاتتناسب بالضرورة مع الارترين جميعا ، ومن هنا ينشأ الاختلاف على نوع وأسلوب التغيير الذي نناضل من اجله . فإن كان تغييرا جذريا ، فهذا يستدعي الاعتراف بكل مستويات الصراع وإفرازاته على الواقع ، لانه المدخل الوحيد لتصحيح جميع الاختلالات حتى ولو بعد حين . شئ آخر فى هذه الملاحظات تتعلق بالرمزيات والدلالات التى كدنا ان نألفها دون وعي لمآلاتها مثل استخدام مصطلح القوميات التسع والتقرنجة والتقسيم الإقليمي الجديد بمسمياته وحدوده الجديده وغيرها فى هذه الجزئيه بالذات ، احس ان هناك اقرار بمشروعية هذه المسميات والتقسيمات ، وأنها تمتاز بالقبول ، رغم الرفض القاطع لغيرها من امور اقرها النظام دون شرعيه ، وكأن الشعب الإرترى قد تم اخذ موافقته عبر استفتاء شعبي او عبر ممثليه فى البرلمان . إذ التعاطي الخاطئ مع هذه المسميات وإلباسها الشرعيه عبر تداولها التلقائي والمستمر لايقل شأنا من الاعتراف بشرعية النظام وقراراته الاخرى ويكرس لاستمرار الصراع في جميع مستوياته من جديد . وبالاشارة الى المقال موضوع تعقيبنا فمن الجيد ان نناقش الفكرة والخلاصة التي انتهى اليها الكاتب دون الخوض بالتفصيل فى طريقة الكاتب والوقوف على كل كلمة وسطر منها . و رغم ذلك أجد ان بداية دعم الفكرة بمنهج ديني والاستدلال بمقاصد الشريعة يعيدنا لنعايش فترات سابقه من صراع المثقفين ، بين تيار التنوير والظلامين كما كان معروفا حينها واعتقد انه استرجاع غير موفق ، وهى تأتي ضمن استراتيجية هزم العدو بسلاحه ، وفيه ادعاء ان المسلمين عموما والاسلاميين خاصة تفوتهم هذه المفاهيم الجوهريه لتعاليم الدين الاسلامي . والايجابي فى الامر انه يدعوا بالحاح التنظيمات الايدلوجية ان تنفض الغبار عن خطابها السياسي لتكون اكثر واقعيه ووضوحا واكثر عزما فيما تؤمن به. هذه المقدمه ورغم عدم شمولها لمسائل اخرى مهمه قصدنا منها التصحيح ، من اجل الموضوعية واستخدام اسس الحوار السليمة بعيدا عن الارهاب الفكري واحتكار الرؤية واستصغار المجتمعات ببمارسة الابوية الوطنية ، حتي تؤدي الي نتائج مفيدة للمجتمع الاريتري ، وليس من المهم ان ننتهى جميعا الى نتيجة ورؤيه واحدة ، فالاختلاف بموضوعيه افضل فى حالتنا بدل الاختلاف على قضايا هامشية واخرى مستفزة تقطع علينا الحوار العقلاني ، وهو المبدأ المقدس الذى يجب ان نلتزم به لحل جميع قضايانا الآنيه والمستقبليه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى