حوارات

الأب الروحي لجبهة تحرير التقراي سبحت نقّا:نعمل لحل قضية الفشقة والقلابات عاجلاً

16-Sep-2006

المركز

أديس أبابا : أحمد يونس التقيت به في مكتبه في العاصمة أديس أبابا دون حراسة، كان اللقاء يوم أحد فاعتذر لي عن ضياع عطلتي، كان يقود سيارة دفع رباعي متواضعة بنفسه، كان مكتبه بسيطاً وأنيقاً، ساعد في الترجمة الدبلوماسي جيسي أنجلو بعربية فصيحة وإنجليزية لا تقل عنها فصاحة وأناقة. قال محدثي الدبلوماسي السوداني إن الرجل كان يلعب ذات الدور الذي لعبه الدكتور حسن الترابي في الإنقاذ، بيد أنه اختار الأبوة الروحية ونأي بنفسه عن السلطة وصراعاتها، فكسب إحترام رفاقة وتلاميذه الذين يحكمون إثيوبيا اليوم. ويعد مسؤول الشؤون الإقتصادية في جبهة تحرير التقراي الحزب الحاكم في إثيوبيا سبحت نقّا، أباً روحياً للتحرك العسكري والسياسي الذي نجح في إطاحة حكم منقستو هيلا مريام، رأس الرجل جبهة تحرير التقراي منذ العام 1975م إلى العام 1989م حين اختار الإستقالة وتخلي عن الرئاسة للرئيس الإثيوبي الحالي ملّس زناوي، وقال إنه لا يريد سلطة ويمكنه الإكتفاء بعضوية المكتب السياسي في الجبهة والتحالف الحاكم.

هل تأثرت العلاقات السودانية الأثيوبية بالتقارب السوداني الإرتري؟ ـ لا أعتقد بنشوء علاقات متينة بين السودان وإرتريا، لأن النظام الحاكم في إرتريا ضد الديموقراطية والسلام التنمية، والحكومة السودانية تعي هذه الحقيقية جيداً، لذا فالتقارب السوداني الإرتري لن يؤثر على علاقتنا مع الخرطوم. × هل أنتم قلقون من مجرد احتمال تطور العلاقات السودانية الإرترية؟ ـ لقد أجبت على هذا السؤال.. × ما زال السؤال يحتاج لمزيد من التوضيح، فأنا أسأل عن مدى القلق.. ـ علاقاتنا قوية بما فيه الكفاية، ولن تتأثر بالعلاقات المؤقتة التي تحكمها طرائق تفكير رأس النظام الإرتري التي لا تخضع لنظرة سياسية واضحة، فهو يتعامل مع دول الجوار بمنطق مزاجي لا يستقر على شئ، وتاريخ علاقته مع هذه الدول يقول هذا. × هل نقلتم وجهة نظركم هذه للخرطوم؟ ـ الحكومتان تعرفان طبيعة الحكم الإرتري، فهو يقوم بتحركات يائسة بحثاً عن مخرج لأزمته الراهنة، دون جدوى لأن طبيعته لا تنسجم مع بناء علاقات قوية مع الجوار، نحن مقتنعون بأن العلاقات التي تحاول الحكومة الإرترية بناءها لن تدوم، لأن الطبيعة المتأصلة في الحكم الإرتري لا تسمح له بإقامة علاقات دائمة. × إذن كيف هو واقع العلاقات السودانية الإثيوبية الآن؟ ـ العلاقات بيننا جيدة ومتطورة، ولا يمكن أن تتدهور. × هنالك قضايا خلافية بين البلدين، كقضية ترسيم الحدود، كيف يمكن الوصول لحلول ترضي الطرفين؟ ـ لا أملك تفاصيل دقيقة، لكن هنالك لجنة مشتركة لترسيم الحدود تعمل بشكل سليم، ولا تواجهها أي تعقيدات. × ما هي وجهة النظر الأثيوبية بشأن ترسيم الحدود بالضبط، سيما وأن قضية الأراضي الزراعية في (الفشقة والقلابات) واحدة من قضايا التفاوض الذي يدور في أسمرا بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق؟ ـ نأمل أن تنجح الحكومة السودانية في التوصل لحل لقضية شرق السودان عبر التفاوض، جبهة الشرق وضعت قضية الحدود كقضية الفشقة والقلابات في أجندتها التفاوضية، وهذا شأن تعمل الحكومتان السودانية والأثيوبية من خلال لجنة مشتركة في الوصول لحل عاجل له. × هل تشاورت الحكومة الأثيوبية مع الجانب السوداني ودول حوض النيل حول نيتها في إنشاء سدود جديدة على مجرى النيل؟ ـ سيتم التشاور حول إتفاقية مياه النيل مع بلدان الحوض، لا أملك تفاصيل، لكني أعتقد أن مياه النيل يجب أن تستغل لفائدة بلدان الحوض، وتوزيع الأنصبة يجب أن يخدم التنمية في كل الدول، فإذا توافرت إمكانية بناء سدود في إثيوبيا تولد طاقة كهربائية كبيرة، فيمكن أن تستفيد منها دول الحوض كطاقة رخيصة، لكن وجهة النظر الأساسية: (يجب أن تكون مياه النيل مصدر تنمية لكل دول الحوض). × في شأن النزاع الإثيوبي الإرتري، هنالك قرار دولي قضى بتسليم منطقة (بادمي) لإرتريا، لماذا رفضتم تنفيذ القرار، سيما وأنه يمكن أن يسهم في خلق استقرار في الإقليم؟ – نعم هنالك قرار دولي منح إرتريا منطقة بادمي، قبلنا القرار الصادر عن لجنة ترسيم الحدود الدولية، وقبلنا إتفاقية الجزائر، لكن التطبيق لا يتم إلاّ عبر الحوار، هذه وجهة نظرنا، كل القرارات الدولية حسب تقديرنا تطبق عبر الحوار، لقد قبل منّا المجتمع الدولي هذا المنطق، لأن الحوار هو الطريق الأمثل لتطبيق القرارات ، لكن إرتريا ترفض الحوار. × تدعم كلا الدولتين معارضة الأخرى، هل تعتقدون أن مثل هذا السلوك، يمكن أن يقود لاستقرار الإقليم؟ ـ فنياً : الدولتان في حالة حرب منذ 1999م، وتستخدم كل منهما عدداً من وسائل الحرب، من بينها دعم المعارضين، وبالتالي فإن دعم المجموعات المعارضة هو نتيجة فرعية لحالة الحرب، من الناحية الأخرى تنتشر المعارضة الإرترية في كثير من الدول، في الجوار وأمريكا وأوروبا، وهي انعكاس للوضع الداخلي، وتمثل الشعب الرافض للوضع في بلاده، أما المعارضة الإثيوبية فهي مجموعة من العصابات والأشخاص الغاضبين، وهم لا يعبرون عن تطلعات شعب. × الجانب الآخر يقول بذات وجهة النظر..! ـ نعم.. لكن هذا يعتمد على التقدير الحصيف.. × بمنطق الحرب بين البلدين، عقد في أديس أبابا مؤتمر توحيدي لفصائل معارضة إرترية، هل تنظرون إليه ذات النظرة، أم أن هنالك أفقاً إستراتيجياً للتعامل مع الأمر؟ ـ كل شعب يملك الحق في اختيار الحزب الذي يحكمه، بشرط توفير فرصة سياسية لعقد انتخابات ديموقراطية يتم من خلالها انتخاب الممثلين، أثيوبيا لا تملك أية نوايا في إيصال حزب معين للسلطة في إرتريا. × تقول التقارير إنكم أدخلتم قواتكم إلى الصومال، لحماية الحكومة الإنتقالية، تحت زعم أن الحكومة الإرترية تدعم إتحاد المحاكم الإسلامية، ما مدى صحة هذه التقارير؟ ـ لم ترسل إثيوبيا أية قوات للصومال، لكنها تدعم الحكومة الإنتقالية في الصومال لأنها مقبولة دولياً، نفعل هذا احتراما للشرعية الدولية، منذ خمسة عشر عاماً ظللنا نعمل لوحدة الصومال واستقراره، وإثيوبيا من الدول الحريصة على الاستقرار في الصومال ووحدته، لأن ذلك يمسها مباشرة، اتهامات إتحاد المحاكم الإسلامية سببها أنها لم تستوعب حقيقة أن إثيوبيا هي أفضل صديق لشعب الصومال ولا يهمها أمر من يحكم الصومال، فهذا قرار الشعب الصومالي. لا تؤمن إثيوبيا بالحل العسكري للخلافات، ولا يوجد خلاف بين إثيوبيا والصومال، هذا شأن صومالي ترى إثيوبيا إن حله يجب أن يكون عبر الحوار. × موقفكم ـ حسب بعض التقارير ـ هو نقل للصراع الإثيوبي الإرتري من الحدود المشتركة بين البلدين إلى الصومال لأن التقارير تقول إن إرتريا تدعم المحاكم الإسلامية؟ ـ تدعم إثيوبيا الحكومة الإنتقالية لأنها معترف بها، لا أملك تفاصيل عن التطور في المناطق التي تحكمها المحاكم الإسلامية، وإذا حدث واتجهت الصومال نحو الاستقرار يجب الاتجاه نحو تكوين الدولة عن طريق الحوار بين المجموعات، إذا أراد إتحاد المحاكم استقرار الصومال ينبغي عليه الاعتراف بالحكومة الشرعية ويشرع في حوار معها، ولا يجب التفكير بمنطق الإقصاء. × لكن الحكومة المؤقتة هي التي ترفض الحوار.. ـ لا أدري ما يدور بالتفصيل داخل الصومال، وأيّ الأطراف يرفض الحوار، الموقف الإثيوبي يدعم الحوار، الوسائل العسكرية أصبحت غير مجدية وغير مقبولة، حتى حين تستخدمها القوى العظمي تؤدي لكوارث، ومن باب أولى على الدول الأصغر عدم اللجوء إليها.. × أريد إجابة قاطعة ومحددة.. ألا توجد قوات إثيوبية تقوم بحماية الحكومة الإنتقالية في مدينة (بيدوا) الصومالية وما حولها؟ ـ لم يفوضنا أحد لحماية الحكومة الصومالية الإنتقالية، لذلك لا توجد قوات إثيوبية في مدينة بيدوا! × في الوضع الداخلي الإثيوبي تقول تقارير غربية إن قيادات الأحزاب المعارضة رفضت قبول نتيجة الإنتخابات، فقامت السلطات بوضعهم في السجون، إلى أي مدى تصح هذه التقارير؟ ـ هنالك مجموعة من الأحزاب تتطلع للوصول للسلطة بفرصتين: عن طريق الإنتخابات، وحال فشلها في الوصول لأغلبية برلمانية تلجأ للعصيان المدني والعنف للوصول للسلطة، بعد فشلها في الحصول على الأغلبية المطلوبة، ورفضت بعض الممارسات التي ـ ربما ـ رافقت الإنتخابات واتخذتها ذريعة لبداية عصيان مدني للإخلال بالاستقرار وإثارة العنف في الشارع للوصول للسلطة، وهو أمر ينافي الدستور والقوانين الإثيوبية، وبالتالي فإن وجود قادة سياسيين، ورجال أعمال، وإعلاميين، في السجون يجئ وفقاً للقوانين الإثيوبية التي تمنع الوصول إلى السلطة عن طريق العنف، لا أملك معلومات عن تبريرات تقدمها دوائر غربية لما قاموا به من أعمال، لكن كل الدوائر تطالب الآن بمحاكمات عاجلة وعادلة للمتهمين بأحداث العنف، بينما تطالب بعض الدوائر الصغيرة بالعفو. × هنالك (همس شعبي) يقول إن الجبهة الشعبية لتحرير التقراي الحاكمة تولي اهتماماً خاصاً لإقليم التقراي وتهمل بقية الأقاليم.. ـ جبهة تحرير التقراي مثلها مثل المجموعات الأخرى تكونت لتخدم مصلحة إقليمها، وهذا أمر طبيعي، لكن كل هذه الأحزاب مجتمعة في تحالف الجبهة الإثيوبية الديموقراطية الثورية الحاكمة، تعمل من أجل مصلحة الأمة، ومن حق أي حزب داخل التحالف أن يعمل لمصلحة قواعده. × لكن إذا سخّر حزب ما الدولة لمصلحته وإقليمه، ألا يعد هذا مساساً بفكرة الدولة الإتحادية؟ ـ التحالف الحاكم مكون من كل القوميات، الأمهرا والأورومو، وغيرهما من القوميات والمجموعات، واحدة منها فقط هي جبهة تحرير التقراي، ليس من المنطقي أن تقبل المجموعات الأخرى بالمحاباة، كما أن البرلمان يتكون من مجلسين، المختص منها بتوزيع الميزانية لا تتجاوز عضوية جبهة تحرير التقراي فيه (1/50)، فكيف تسمح بقية الأحزاب بذهاب الميزانية لإقليم دون آخر؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى