تقرير مختصر عن الندوة التي اقامتها منظمة سدري بمناسبة عيدها السنوي
10-Feb-2010
سدري
أحتفلت منظمة مواطنون من اجل الحقوق الديمقراطية في ارتريا (سدري/سدر) يوم 9 يناير 2010م بذكرى تاسيسها الأول في مدينة لندن بحضور عدد من ممثلي التنظيمات السياسية ونشطاء منظمات المجتمع المدني والصحافيين وجمهور كبير من الارتريين من داخل مدينة لندن وخارجها
حضر المؤتمر حضور عدد كبير تجاوز المائة والخمسين شخصاً بالرغم من الطقس البارد والثوب الأبيض الذي غطى مدينة لندن اثر التساقط الكثيف للثلوج. تم تقديم خمس أوراق في الندوة بدلاً من الذي كان مقرراً سبعة اوراق لضيق الوقت ولاتاحة اكبر قدر ممكن من مشاركات الحضور ومداخلاتهم في الاوراق التي قدمت في الندوة وكذلك وفي النهج الذي اتبعته المنظمة خلال عامها المنصرم .وفيما يلي نقدم اليكم ملخص مختصر عن ورقتي التعايش الوطني واشكالية الدين والدولة المقدمة من الأستاذ حسن سلمان (أبو البراء ) وورقة البروفيسور قيم كبرآب بعنوان بعض التأملات النقدية في السياسة اللغوية للحكومة الارترية. وسوف نوافيكم بتقارير مختصرة عن بقية الأوراق التي قدمت في المؤتمر عما قريب . هذا ونود ان نشير بأن جميع الأوراق كاملة سوف يتم تضمينها في كتاب سوف يصدر قريباً. الورقة الأولى : التعايش الوطني وإشكالية الدين والدولة ( الأستاذ حسن سلمان)
قدم الشيخ الأستاذ حسن محمد سلمان (أبو البراء) ورقة بعنوان التعايش الوطني واشكالية الدين والدولة عرف التعايش على انه وجود مشترك بين فئتين مختلفتين تتفقان على تنظيم وسائل العيش وفق قاعدة يحددانها. ويقود هذا التعريف الى معاني صنفتها الى ثلاث مستويات هي: الأول : سياسي إيديولوجي، يحمل معنى الحدّ من الصراع، أو ترويض أو احتواء الخلاف العقائدي والتحكُّم في إدارته.الثاني اقتصادي، ويرمز إلى علاقات التعاون فيما له صلةٌ بالمسائل القانونية والاقتصادية والتجارية. الثالث : ديني، ثقافي، حضاري،والمرادُ به أن تلتقي إرادةُ أهل الأديان السماوية والحضارات المختلفة من أجل أن يسود الأمنُ والسلام. وتأسيساً على المستويات الثلاثة الماضية وضعت الورقة أربعة اسس للتعايش الوطني وهي :1 – الإرادة الحرة المشتركة. 2- التفاهم حول الاهداف والغايات المحددة. 3- التعاون على العمل المشترك. 4- ثم صياغة التعايش.ثم تناولت الورقة حزمة من القيم الأساسية التي تبني على مباديء التعايش بين ابناء الوطن الواحد وهي : أ- الكرامة الإنسانية. ب- الرحمة والبر والإحسان بالخلق. ج- العدل والمساواة والتكافؤ. د- الحرية. هـ التسامح وقبول الآخر. و- الحوار. ز- التعارف والتعاون. ح- الوفاء بالعهود. ثم تناولت الورقة عدة شروط اعتبرتها ضرورية لنجاح التعايش الوطني في المجتمعات المتعددة وهي : 1- الإقرار بالتعدد الوطني. 2- الإعتراق بالآخر. 3- إحترام الثوابت والخصوصيات 4- إدارة التنوع والإختلاف بشكل سليم. 5- التمثيل العادل لكافة الإطراف. 6- النظام الديمقراطي اللامركزي. وذكرت الوقة في ختام محور التعايش بالتأكيد على ان الوحدة الوطنية وثقافة التعايش هي مسؤولية جماعية دون ان تستنثني منها طرف وكذلك نشر ثقافة العيش المشترك على أساس الأسس المشار اليها اعلاه مهمة جماعية مشتركة.المحور الثاني : علاقة الدين بالدولة:
أوضحت الورقة بوقفات عامة ومجملة طبيعة علاقة الدين والدولة في الإسلام والمسيحية . حيث اشارت الى ارتباط مفهوم الدين بالدولة عند المسلمين قائم على : أن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم مارست الرسالة الدينية والمهام السياسية دون أن يكون هنالك فصل بين الدين والسياسة والسلطة . وأكدت الورقة على أن طابع الدولة الإسلامية هو طابع مدني ، بمعنى كيان سياسي قام منذ البدء على رابطة مدنية مع اختلاف الدين ، فكانت دولة المدينة التي أقامها النبي (ص) هي دولة المواطنة، والانتساب إليها كان بالرابطة السياسية من خلال الولاء للدولة ونظامها السياسي وليس بالرابطة الدينية .وذكرت الورقة في مقارنتها بين التجربة الإسلامية وتجربة الكنيسة في الغرب بأن التجربة الإسلامية لم تعرف سلطة دينية بالمعنى الذي عليه في الغرب حيث أن الكنيسة كانت تمثل سلطة حقيقية بإمكاناتها ونفوذها وتحكمها على السلطة السياسية بل تحكمها أخيراً علي حركة البحوث العلمية والصدام مع كل ما هو جديد من الأبحاث العلمية ، في حين أن دور العلماء والفقهاء في الاسلام هو دور إرشادي تربوي يكون القبول فيه طواعية مع تنوع الاجتهادات، ولم تعرف التجربة الإسلامية تصادما بين العلم الشرعي والعلم الحديث بل بلغت الاكتشافات العلمية مداها في ظل تأثير رجال العلم الشرعي الأمر الذي تدلل من خلاله الورقة بأن مسوغات فصل الدين والدولة في الإسلام مسوغات لا تستند الى اساس. وتناولت الورقة باسهاب العنوان الثلاثة الكبيرة التالية : ظهور العلمانية في العالم الإسلامي والعلاقة بين الكنيسة والدولة في التجربة الغربية وكذلك مباديء العلمانية وغايتها.ومن خلال السرد لطبيعة العلاقة بين الدين والدولة ذكرت الورقة وجود منظومتين مختلفتين نشأة وتطوراً ، ولا يمكن بأية حال نقل وإسقاط إحدى التجربتين على الأخرى.1 – المنظومة الغربية المسيحية التي تقوم على الفصل والتفريق بين ولائين الولاء للدين والكنيسة أو الولاء للدولة والسلطة، ومنشأ الفصل ارتبط بالصراع التاريخي بين الدين والدولة في الغرب وهي فكرة العلمانية.2 – المنظومة الاسلامية والتي تقوم على توحيد الحياة لا تقسيمها ولا تعرف الفصل في تجربتها عبر التاريخ، كما انها تجربة تقوم على كتاب منزل محفوظ يتأسس عليه مفهوم الدين والاسلام وهو نظام شامل للحياة شرعت فيه الاحكام لتدور مع المكلف حيث ما كان سواء في قمة الدولة أو في قاعدة المجتمع ، وهي تجربة لا تصطدم مع العلم بل تحفزه وليس هنالك صراع بين العقلوالنقل كما ان الاسلام لا يقر بالدولة الدينية بمفهومها السائد في الغرب. بل الدولة عنده دولة مدنية تكتسب شرعيتها بالتفويض الشعبي وقابلة للخطأ والصواب والمراجعة والنقد بعيداً عن العصمة والقداسة وبعيداً عن نظرية الحق الإلهي التي سادت في الغرب.ثم تناولت الورقة العنوان الكبيرة التالية باسهاب : العلاقة بين الدين والدولة في المجتمعات المتعددة ، العقائد والعبادات ، القيم والأخلاق والشرائع.تشير الورقة بأن الدولة وهي عبارة عن( الأرض والشعب والسيادة السياسية) وبهذا المعنى فإن لا يمكن ان ينفك الشعب الذي هو ركن من اركان الدولة لأن الدين له وجود حقيقي في المعتقدات الشعبية وبالتالي فإن نظرية فصل الدين عن الدولة يتصادم مع ركن من اركان الدولة وهو الشعب.وبالنظر الى حقيقة الدين عند المسلمين فإنه يتكون من ثلاثة ركائز: (العقائد والعبادات – الأخلاق والقيم – الشرائع). فالبنسبة للعقائد والعبادات ليس له صلة مباشرة بالدولة والسلطة وكل ما يحتاجه هو الحرية والاجواء المناسبة لممارستها. وبالنسبة للأخلاق والقيم فإنها ضرورة للفرد والمجتمع ، وعلى الدولة تبني القيم الإنسانية المشتركة. أما بالنسبة للشرائع فيمكن معالجتها في إطار المشتركات العامة مركزياُ من خلال الدستور ومصادره ومرجعياته، وأما مجال الخصوصيات التشريعية فإنه يمكن معالجتها من خلال التشريعات اللامركزية لكل مجموعة دينية في إطار خصوصيتها المكانية والانسانية بحسب الإمكان . ثم ختمت الورقة بالتأكيد على أن التعايش الوطني ضرورة لا فكاك عنه ، وأن الاديان والأعراف السليمة تمثل الرافد الاول والبوابة الرئيسية لمشروع التعايش الوطني ، والمدخل الرئيس لصياغة الواقع السياسي والاجتماعي المنشود على أساس الحوار والاحترام المتبادل وتعميق ثقافة حسن الظن والتسامح ونبذ ثقافة الكراهية والإقصاء والتخلي عن التفكير بالغلبة والتفوق والتمكن لطرف على حساب الآخر. وأن التحدي الأكبر هنا الذي يواجه الإرتريين هو صياغة حياة مشتركة وسليمة على ضوء إحترام حق الاختلاف والتنوع والتعدد على صعيد الخصوصيات ونقاط التمايز العديدة.
الورقة الثانية:بعض التأملات النقدية في السياسة اللغوية للحكومة الارترية
البروفيسور قايم كبرآب جامعة ساوث بانك – لندن بدأت الورقة بموجز عن تاريخ اللغتين العربية والتجرنية في الدوائر الرسمية الارترية، حيث اشارت ان في العهد الإيطالي التعليم كان شحيحاً ومحصوراً في الجغرافيا والتاريخ الايطالي وفي العهد الانجليزي ليس فقط التعليم اصبح متاحاً بل اصبحت اللغتين العربية والتجرنية لغتان رسميتان في البلاد. حيث عرجت الورقة الى فترة بداية الخمسينات والنقاش الذي دار حول اللغات الرسمية الارترية والذي رسى في نهاية الأمر وفي المادة 38 من الدستور الارتري الذي اقر ان اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين وذلك بموافقة 37 صوتاً ورفض 6 أصوات وامتناع 10 اصوات وذلك يوم الاربعاء الموافق 11 من يونيو 1952م الذي اعتبر تاريخ اقرار اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين.وتحت عنوان العربية والنضال التحرري اشارت الورقة ان قيام جبهة التحرير الارترية في الستينيات كان يطرح الثلاثي الشيخ ادريس محمد آدم والشيخ ادريس قلايدوس والاستاذ صالح سبي القضية الارترية كقضية عربية- إسلامية وذلك من اجل جلب المساعدات العربية من جهة ومن جهة ثانية إن اختيار المسيحيين الانضمام الى اثيوبيا بسبب العامل الديني ربما وضع هؤلاء القادة لطرح القضية على اساس انها قضية عربية اسلامية في الدول العربية. وفي منتصف السبعينات عندما تدفق ابناء المرتفعات من المسيحيين الى الثورة لاقوا معاناة من جبهة التحرير الارترية والتوجس منهم على اساس انهم جواسيس وعملاء. وقد تأسس ثلاث تنظيمات سياسية قوات التحرير الشعبية مجموعة سدحو عيلا ومجموعة عالا ومجموعة عوبل. وبعد فترة مجموعة عالا بقيادة ابراهام تولدي ومن ثم اسياس افورقي اخرجوا وثيقة نحن واهدافنا (نحنان علامانان) ووضعوا فيما يختص باللغة مبدأ تساوي اللغات الارترية والحاجة الى تطوير جميع اللغات على اساس المساواة وترسيخ مباديء الوحدة الوطنية. وكذلك في المؤتمر الأول للجبهة الشعبية في 1977 ” ضمان المساواة وترسيخ وحدة وطنية من مختلف الأعراق وضمان تطوير جميع القوميات لغاتها والحفاظ عليها وتنميتها وتطويرها” واشار البرنامج الى ان أفضل طريقة لضمان المساواة بين اللغات هو تجنب خطر تفضيل لغة على اخرى أو تهميشها. المباديء والنصوص في نحن واهدافنا ( نحنان علامانان) يتعلق باللغة التي كانت تستند الى الحاجة الى تطوير جميع اللغات على اساس المساواة وتشكيل الركيزة الاساسية للبرنامج الوطني الذي اعتمدته الجبهة الشعبية في مؤتمرها الأول في العام 1977م في القسم الخامس يقول “ضمان المساواة وترسيخ وحدة وطنية من مختلف الاعراق” ورد فيه “ضمان جميع المجموعات الارترية في تطوير والحفاظ على لغاتها وتنميتها وتطويرها. وأفضل طريقة لضمان المساواة تجنب خطر تفضيل لغة على اخرى أو تهميشها. ومن المثير للإهتمام نفس المباديء الذي وضعت في وثيقة نحن واهدافنا هي نفسها الذي تحكم رؤية الحكومة الارترية فيما يتعلق باللغات. وفي المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية 1987م بخصوص اللغات اقر البرنامج (تعليم اللغة العربية في جميع مراحل التعليم). وهذه النقطة في واقع الامر تشير الى شيئين مهمين هما : اولاً هو اعتراف باهميتها كأداة حيوية لنقل المعرفة وتعزيز العلاقات الثقافية والتبادل التجاري عبر الحدود وتنمية الشبكات الاجتماعية مع الدول العربية. وثانياً : اللغة العربية ليست كوسيلة للتعليم على مستوى المدارس الخاصة بالرشايدة على عموم الوطن ولكن البرنامج هو اعتراف بأن العربية تتجاوز لغة الرشايدة.وتحت عنوان التغيير والاستمرارية: إستدلت الورقة بالكثير من المقابلات التي اجراها اسياس افورقي تارة لا ينكر الصلات الثقافية القائمة بين الشعب الارتري والأمة العربية وتارة ينفي قطعياً مساعدات قدمتها الدول العربية للثورة الارترية والدور السلبي العربي في الثورة الارترية ..الخ. ثم اشار الى المقابلة التي اجراها في أكتوبر من 1990م في الشرق الأوسط وانهالت عليه الأسئلة وماذا ستكون اللغة الرسمية في ارتريا ؟ ووجود اعضاء كثر من الجبهة الشعبية ومناضلين بين السائلين والمطالبين باللغة العربية تدلل على ان اللغة العربية تشكل مصدر قلق كبير وهم وطني لا ينبغي تجاوزه. واجاب بأن المسلمين في ارتريا تربطهم باللغة العربية مشاعر خاصة لاعتبارها لغة القرآن الكريم ولكن سرعان ما تراجع وقال بان اللغة العربية تخص كافة الشعب الأرتري. وقال لا يمكن القول بأن العربية والتجرنية لغتين رسميتين ونتجاهل بقية اللغات الارترية وقال قوة اللغة في استخدامها وليس فرضها وقال هنالك بعض ا لناس يريدون تسييس اللغة العربية. وبعيد الاستقلال اصدرت الحكومة الارترية مرسوم في 2 أكتوبر 1991م المعروف باسم اعلان السياسات التعليمية جاء فيه ” “في ارتريا سنعمل جاهدين لجسر يصل اللغات ويجسر الفجوات الثقافية الموجودة داخل مجتمعنا ، كجزء من هذا المسعى فرض التعلم في المرحلة الابتدائية سوف تعطى لجميع القوميات بالغاتها” ووصفوا ذلك القرار من أجل ” تعزيز الوعي الوطني الارتري بالوحدة الوطنية، وضمان العدالة الاجتماعية والتزام بناء الامة وزراعة المواطن الصالح” واعتبروا ان اللغة الانجليزية هي لغة تدريس في مراحل التعليم بعد الابتدائية.على الرغم انهم التزموا بتطوير لغات القوميات المختلفة وهي نقطة جديرة بالثناء الا ان للمشكلة اسباب متعددة : اولاً: الإلتزام بمبداً المساواة بين اللغات التسع لا يعني بالضرورة نفي وجود لغة رسمية في ارتريا ، وليس هنالك اي سبب مقنع يحيل بين تطوير اللغات الارترية من جهة واعادة العمل باللغتين الرسميتين من جهة ثانية.ثانيا: ما يسمى بالمساواة بين اللغات التسع أساس غير منطقي ذلك ان اللغات الارترية في ذاتها ليست في مستوى واحد حيث اللغة التجرنية لها أحرف ولها رصيد مكتوب قياساً لبقية اللغات والتكافؤ والمساواة بين المتحدثين أمر غير معقول وغير مقبول. ثالثا: على الرغم ان الحكومة لا تمنح اي صفة رسمية لأي لغة الا انها لا تعمل باللغات التسع واللغة المعمول بها هي اللغة التجرنية. حيث تفضيل اللغة التجرنية هو في واقع الأمر تفضيل لانسان التجرنية على حساب الآخرين. يقول البروفيسور قايم انه وجد بعض الحكام والعمد في مناطق نائية مثل قرمايكا حيث العمدة لا يتحدث بخلاف التجرنية في حين ان لا احد يتحدث اللغة التجرنية في تلك المنطقة ولا يستطيع التواصل مع السكان. رابعاً: ان تكميم الافواه وانعدام حرية التعبير يجعل من المستحيل ان تعبر عن رفضك للغة التجرنية المفروضة. ولم يفتح باب النقاش بعد المؤتمر الأول حول اللغات، بالرغم من ان جميع السكان تحدثوا عن اللغة الرسمية في ارتريا في فترة اعداد مسودة الدستور الا ان ليس هنالك من عمل بتلك التوصيات وتم صياغة الدستور بدون اقرار اللغة الرسمية.في الفترة من عامي 2000- وسبتمبر 2001م شهدت البلاد درجة غير مسبوقة من حرية الكلام وفيها قال احد المسؤولين المرموقين في الحكومة ومسؤول رفيع في وزارة العدل وهو السيد/ ادريس ابوعري وهو من المناضلين القدامي، حيث قدم انتقاداً عنيفاً لسياسات الحكومة التعليمية في استخدام لغة الأم واظهر ذلك الرفض الواسع من قبل الأباء والطلبة على حد سواء مما حدا بالشعب الى تهريب اولادهم الى خارج البلاد أو ارسالهم الى الخلوة (المدارس ا لقرآنية) بدلاً من مدارس الدولة واوضح ان تلك الأمور كانت واضحة ومعروفة للمسؤولين في قطاع التربية والتعليم وبالتالي لا يمكن الادعاء بأن تلك السياسات التعليمية كانت ناجحة او مقبولة. واوضح ان الادعاء بأن اللغة الأم لغة تدريس من أجل مراعاة المساواة وعدم تهميش لغات القوميات الاخرى لم يكن صحيحاً الكل مهمش دون اللغة التجرنية . وقال بان الوضع المتميز للتجرنية هو بلا شك انعكاس لعلاقات القوى السائدة وتضر بالوحدة الوطنية الارترية.وتحت عنوان التصور العام تناولت الورقة ان التصورات والصعوبات التي يتم تفسيرها من جراء هذه السياسيات واللغة التي تتولد عنها من الصعوبة بمكان ازالتها تلك الانطباعات هي بوادر خطيرة تهدد الأمن والسلم الأهلي في ارتريا. هذا التصور يشير الى ان النخبة المسلمة تزعم الآن بأن الحكومة تعمل على تمكين التجرنية والمتحدثين بها على حساب بقية السكان. في عمل ميداني لي في البلد وجدت بعض النخب من الاقليات تؤيد سياسة الحكومة في جعل تدريس لغاتهم في المرحلة الابتدائية وبالرغم من ذلك لم اجد شخصاً يعترض على وجود لغة رسمية ! ويقول البعض ان هنالك لغة رسمية للحكومة ولكنها لا تود الإعتراف بها في اشارة واضحة الى اللغة التجرنية. وقال د.قايم كبرآب إن الكثيرين من حاملي الشهادات من الشرق الأوسط وخريجوا الجامعات العربية لم يتم استيعابهم وكان عليهم تعلم اللغة التجرنية والبداية من الصفر أو العودة من حيث أتوا من جديد وسط انكسار وطني ومشاعر مريرة بأن الوطن لم يعد يستوعبهم . كل ذلك يحدث جراء سياسية الحكومة.وتحت عنوان لماذا النخبة المسلمة الارترية مع اللغة العربية؟ : من المهم الإعتراف بأن ليس فقط اسياس أفورقي الذي يشكك في شرعية اللغة العربية لتكون من لغات العمل الارترية بل هنالك الكثيرين الذين لم يوافقوا على ان تكون بنفس مستوى اللغة التجرنية حيث 50% تجرنية والتجري 31% فماذا ترتبط النخب المسلمة باللغة العربية؟ كثيرون يقولون ان الدين ليس عاملاً حاسماً في ذلك حيث اندونيسيا وايران وماليزيا ..الخ. دول اسلامية ولكنها غير عربية. يقول البروفيسور قايم : إن هنالك عدة عوامل تدلل ان تلك الامثلة غير مكتملة أوناقصة وان المقارنة غير صحيحة بالوضع الارتري حيث الحدود التي تقسم السودان وارتريا في واقع الأمر تقسم شعبا ذو ذاكرة جمعية واحدة والهوية مشتركة ونسيج عرقي وكذلك الدين ومصادر الرزق والاسواق والأراضي وموارد الغابات والمياه والرعي هذا التواصل يتم عبر اللغة العربية، ونتيجة الأراضي القاحلة وشبة القاحلة في الطبيعة البيئية بين جانبي الحدود وبالتالي تنقل العناصر كان عاملاً مهماً في التواصل وباللغة العربية ، كما ان قبائل البني عامر والحدارب الذين يعبرون الحدود الى السوان يتواصلوا مع الجانب الآخر مع اخوتهم باللغة العربية وكذلك الأمر بالنسبة للتجار على طول البحر الأحمر مثل قبائل العفر والحباب يتواصلوا مع شبة الجزيرة العربية باللغة العربية وكذلك الرعاة السودانيين والمزاراعين مثل الشكرية وغيرهم الذين يأتون بصفة مستمرة الى ارتريا والمعاملات التجارية في تسني وقضاء شهر العسل كل ذلك التواصل يتم عبر اللغة العربية هذا بالإضافة الى دراسة للحكومة الارترية تشير الى ان منذ العام 1960 الى 1980 ما يقرب من 000ر700 ارتري فروا من البلاد والمعلوم ان غالبية هؤلاء فروا الى السودان والشرق الأوسط وبقية دول العالم والأغلبية من ابنائهم ولدوا في المهاجر كما ان لغة العمل في تلك المنطقة والتعليم فيها باللغة العربية وهذا عامل اضافي حيث اعداد هائلة من متحدثي اللغة العربية من الأسر الارترية وابنائهم.هذا فضلاً الى عاملاً رئيسياً مهماً وهو الادعاء القوي الموجود بأن الكثير من القبائل والمجتمعات المسلمة في ارتريا تنحدر من اصول عربية. كل هذا يدلل إن مثال اندونيسيا – ايران مثالاً لا ينطبق مع واقع اللغة العربية والمسلمين في ارتريا.السيد موغوس تكيستي ادان صراحة السياسة التي اتخذها الأباء ايام الحكم الاتحادي الفيدرالي حيث قال بأن تعليم اللغة العربية للمسلمين وتعليم اللغة التجرنية للمسيحيين يخلق محورين في ارتريا ويهدد سلامة البلد واستقراره نتيجة الاستقطاب الذي يتولد عن ذلك. إن المسألة اللغوية في ارتريا المناصرين لهما وجهات نظر لا يتصل على نحو فعال. أحد الاهداف المركزية لمنظمة CDRiE هو بناء جسر التواصل من اجل خلق تفاهم وإيمان قوي بأهمية القضايا بين ابناء الشعب الارتري . وإن كان من المنطقي التساؤل عن دوافع اولئك الذي يمارسون الانغلاق والسلطة الغاشمة فمن المهم ايضاً تقييم وجهة نظر مضادة من المنظور الشاغل الرئيسي للوحدة الوطنية والمسألة الاجتماعي على الرغم من ان حدود العرق والدين في المجتمع الارتري غامضة ومتغير باستمرار، الا ان البلاد التي يسكنها عدد متساو من المسلمين والمسيحيين دائماً تحمل مخاوف النزاعات والقلاقل واستقطاباتها تكون خطيرة وماثلة بعكس المجتمعات التي تقطنها مجتمعات شديدة التعدد أو مجتمع فيه اغلبية ساحقة واخرى اقلية حادة فإن الصراعات والحروب فيها اقل بكثير. والمجتمع الارتري في دراسة اجرتها Garcetti غروبر بعد ست سنوات من الاستقلال وجدت ان 85% لم يذكروا الدين كأساس لهويتهم الاجتماعية ، ووجدت ان 78% من المستطلعين يشعرون بالفخر لانتمائهم العرقي مع 100% من المستطلعين يشعرون بالفخر لانتمائهم الوطني وبكونهم ارتريون و 86% يروا بأن الدين عكس العرق والهوية الوطنية شأناً خاصاً وليس أساساً للهوية الاجتماعية.والسؤال الذي يطرح نفسه ، لذلك ، هو : كيف يمكن تفادي الخطر المحتمل لدولة ثنائية متجانسة نسبيا ؟ الطريقة الوحيدة والحل الناجع الذي يجنب الثنائية الحادة ليس بزحزحة العربية أو التغرينية في الأرفف ، ولكن بدلا من ذلك خلق مجتمع يتحدث اللغتين العربية والتغرينية.هذا لا يعني إن الصلات المحتملة للغة العربية مع الإسلام والمسيحية مع التغرينية لا يعني وصلت إلى نهايتها ، لكن هذا من المرجح ان يعزز التفاهم بين الثقافات والمتبادل والإيمان والاحترام بينهما وكذلك يعزيز علاقة اريتريا التاريخية والروابط الثقافية والاقتصادية مع العالم العربي.كانت تدرس خلال الاتحاد الفيدرالي الأطفال المسلمين اللغة العربية والمسيحيين التجرنيا الأطفال في المدارس الابتدائية. والنهج في تدريس اللغة العربية للطلاب المسلمين والتجرنية للمسيحيين تجربة كانت خاطئة خلال مؤتمر الاتحاد الفيدرالي، هذا المنهج بدلاً ان يعزز الاندماج الوطني كان يؤسس لاثارة الانقسام والتفكك في داخل الشعب الارتري. هذا الخطأ ينبغي ألا يسمح بتكراره. وذلك بوجوب أن يتعلم الأطفال الإريتريين من بداية تكوينهم باللغتين العربية والتجرنية في وقت واحد بغض النظر عن الدين والعرق والمنطقة. وأثر ذلك سيكون في المدى الطويل أن يكون خلق مجتمع ثنائي اللغة ملتزم بأمة واحدة اسمها (ارتريا). أمة قادرة على العيش الكريم وبسلام ووئام دائمين