أخبار

إلى متى تعيش إرتريا على فوهة البندقية*

5-Jan-2008

ecms

لكل سكان المنطقة الوسطى من الحدود الإرترية مع إثيوبيا ،وبالتحديد مناطق ( سرونا ) وما حولها كان يوم الأربعاء الأخير في السنة الماضية يوماً عصيباً جداً ،

إذ سمعت في الساعات الأولى من الصباح الباكر تبادل عنيف لإطلاق النار بأسلحة متوسطة وخفيفة ، ولم يدر بخلد هولاء السكان المساكين الأبرياء أن الحرب قد تبدأ من منطقتهم ، ولكن الذي لم يعتقدوه مطلقاً أن هذه الأصوات ستتوقف ، وستكون معركة محدودة .سكان سرونا وما جاورها أصحاب تجربة وخبرة في هذه الحرب العبثية التي لم يعرفوا مطلقاً لماذا قامت وكيف انتهت ، وهم من فترة يتابعون الإعلام الرسمي الذي لا يتوقف عن حديث الحرب إلا ليبث أغنية عن الحرب ، ومن هنا كانوا يتوقعون اندلاع الحرب في كل لحظة ، لكن توقع الشئ مختلف عن رؤيته ، وليس من سمع كمن رأى .هذه تجربة عاشتها تلك المنطقة ، وتتوقعها مناطق أخرى في مناطق القاش ، وزالمبسا ، وبوري ، وبدا ، غيرها من المناطق المتاخمة للحدود الإثيوبية.الشعب الإرتري شعب لا تنقصه الوطنية ، فهو من صناعها وتشهد على ذلك حرب التحرير الطويلة التي سجل من خلالها إنجازاًَ سيظل محفوراً في ذاكرة التاريخ بأحرف من نور ، ولكنه هذه المرة يخاف الحرب ، يخاف من تفاصيلها المرة حيث فقد الأرض والولد والكرامة ، ومع ذلك تجده سلبياً تجاه هذا المتوقع ، كل همه هو تهريب أبناءه خارج الحدود ، إلى السودان أو إثيوبيا أو اليمن .أنه وطن بكامل شعبه يعيش مأساة الانتظار المر لمستقبل مجهول ، أوضاع اقتصادية متردية إلى مستوى الحضيض ، أوضاع أمنية منهارة وجنرالات يتصارعون مثل الصقور البرية على جثمان الوطن ، وحرب وشيكة يكتسب منها النظام شرعيته أمام نفسه والجماهير بعد أن سقطت كافة مبررات وجوده ، ومن هنا نجده يعزف على وتر الحرب في كافة الوسائط الإعلامية محاولاً إظهار نفسه بأنه حامى حمى الوطن ، دون أن يدرك أن الوطن هو الإنسان تفاعل الإنسان مع الأرض ، وطالما لم يجد الإنسان كرامته ، فلا كرامة للوطن .لغة الحرب التي أصبحت وجبة الرئيس اسياس في كل منابره وهو لا يدرك أن وقود هذه الحرب هم شباب لكل منهم أب وأم وأسرة وطموح ، ورغم كل المحاولات لإظهار غير ذلك من أهمية الحفاظ على سيادة الوطن وحريته ولكن يظل الإنسان هو الأهم ، خاصة إن كان هنالك أكثر من وسيلة للحفاظ على هذه القيم، ولكن متى كانت الجبهة الشعبية تضع بالاً لمشاعر هذا الشعب ، فليس مقبولاً مثلاً كما حدث في شهداء الحرب الأخيرة مع إثيوبيا أن تمنع الحكومة أسر الشهداء من البكاء على فقدهم ، وتطالبهم بالزغاريد ، فذلك ما يتعارض مع التركيبة البشرية ، وليس مقبولاً أن تجمع الحكومة الجماهير لتتلو عليهم قائمة الشهداء في اجتماع أقرب إلى الاحتفال دون احترام خصوصية كل أسرة في التعبير عن فقدها ومراعاة مشاعرها في تبليغها بفقدها .إن الجبهة الشعبية تجاوزت إعتداءتها المال والقانون والأرض إلى إيذاء مشاعر الشعب وهو ما سيكون له تأثير كبير في مستقبل هذا الشعب ، وقد حدثنا أحد الذين فروا بجلدهم من جحيم الجبهة الشعبية أن الشعب الإرتري في الداخل يحتاج إلى صياغة نفسية وروحية جديدة ، وبالتالي فإن فساد النظام تجاوز ما هو مادي إلى ما هو ابعد من ذلك .تساءل آخر نطرحه بصراحة ، ما هي مصلحة شعبنا في هذه الحرب ، ومتى سيبدأ هذا الشعب في الاستراحة من وضع السلاح ، ومتى سيتجه الوطن إلى البناء والنماء ، وتساؤل أخير متى سيشبع دراكولا إرتريا من الدماء .* نشرت كأفتاحيية لصفحة إرتريا في صحيفة الوطن عدد 4 يناير 2008م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى