عامان على الصراع.. محادثات السلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تيغراي هل تؤتي ثمارها؟
إبراهيم صالح27/10/2022
أديس أبابا- انطلقت محادثات سلام، تستضيفها جنوب أفريقيا، بين وفدي أديس أبابا وجبهة تحرير تيغراي، لإيجاد “حل سلمي ودائم” للحرب الدامية شمال إثيوبيا، والتي خلفت مئات القتلى والجرحى وآلاف اللاجئين والنازحين، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وأكد فانسان ماغوينيا المتحدث باسم رئيس جنوب أفريقيا أن محادثات السلام هذه بدأت الثلاثاء وتنتهي الأحد المقبل، مبديا استعداد بلاده لتقديم المساعدة، وقال إنه يأمل أن تؤدي إلى تحقيق سلام دائم لشعب إثيوبيا.
فرصة تاريخية
وتعد هذه المحادثات -التي انطلقت برعاية الاتحاد الأفريقي- أول محادثات رسمية منذ اندلاع الحرب قبل عامين، وتأتي في ظروف مغايرة للأوضاع الميدانية العسكرية بين الطرفين، حيث حقق الجيش الإثيوبي تقدما ملحوظا من خلال سيطرته على مدن كبرى في إقليم تيغراي.
ويرى الكاتب والباحث الإثيوبي علي عمر أن المفاوضات تأتي في سياق تفادي الضغوط الدولية سواء على الحكومة أو جبهة تيغراي، وقال إن الحكومة تتبع إستراتيجية (التفاوض مع استمرار الحرب) أيهما نجح أولا وحقق أهدافه، فسوف تتكئ عليه وتمضي في تنفيذه، حسب قوله.
ولفت عمر، في تصريحات للجزيرة نت، إلى وجود مخاوف من تأثير ما أسماهم “الشركاء الغربيين” في مسار التفاوض، متمنيا أن يقوموا بدور إيجابي من غير أي تحيز لطرف دون الآخر، حيث الغرب يحابي جبهة تيغراي، وفق تعبيره.
ووصف الباحث الإثيوبي قرار الحكومة بالانخراط في المفاوضات بالصعب والجريء، في ظل الظروف والسياقات التي صاحبت الحرب، مشيرا إلى أن هناك من اعتبر القرار بمثابة الخيانة دون أن يشير لجهة بعينها.
وأضاف أن قرار الحكومة يعتبر فرصة تاريخية لجبهة تيغراي لابد من اغتنامها، والتوقف عن وضع العقبات والشروط المسبقة، مستبعدا أن تحقق المفاوضات اختراقات فورية، وموضحا أن السلام عملية شاقة ومحفوفة بالصعوبات “وقطعا سيكون هناك مفسدون من الداخل والخارج، هي مجرد بداية، ورحلة السلام ستكون مليئة بالمطبات والأسلاك الشائكة، وتتطلب وقتا ومثابرة”.
وتأتي المحادثات بين أديس أبابا وجبهة تيغراي، بعد تجدد القتال في أغسطس/آب الماضي في خرق لهدنة استمرت 5 أشهر، مما أثار قلق المجتمع الدولي الذي يخشى من العواقب الإنسانية للنزاع.
وكانت الحكومة الفدرالية الإثيوبية أعلنت، قبل أيام، أنها سيطرت على 3 بلدات كبرى في تيغراي (شيري وألماطا وكوريم) وتعهدت باستعادة السيطرة على المطارات في الإقليم.
ومن جانبه قال الباحث والمتخصص بالشؤون الأفريقية موسى شيخو إن مجرد النجاح في عقد مفاوضات بهذا المستوى وبشكل مباشر أمر يبعث على الأمل في تحديد وجهتها، مؤكدا أن المفاوضات تنعقد تحت ضغط دولي وإقليمي للطرفين.
ولفت شيخو إلى أن جبهة تيغراي استجابت لضغوط أميركية بعد أن اكتشفت أن الكفة ترجح لصالح الحكومة في جبهات القتال.
وحول أبرز مطالب وفدي الحكومة والجبهة في المفاوضات بجنوب أفريقيا، قال شيخو للجزيرة نت إن الوسيط الرئيسي لم يحدد أجندة المفاوضات التي “تبدو صعبة ومعقدة”.
وتابع شيخو أنهم لم يسمعوا بأي تصريحات من الحكومة أو الجبهة بخصوص قائمة المطالب التي تقدموا بها كشروط للتسوية، واستبعد أن تؤتي المفاوضات ثمارا عاجلة بالجولة الأولى لأسباب تتعلق بطرفي النزاع خاصة أن الجبهة مصنفة إرهابيا لدى الحكومة، حسب قوله.
وكانت الجبهة أعلنت الاثنين وصول وفدها إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في محادثات السلام، وقال المتحدث باسمها كنديا جبريهيوت إن أهداف الوفد في المباحثات تتمثل في “الضغط لوقف فوري للأعمال العدائية، والسماح غير المقيد لوصول المساعدات الإنسانية، وانسحاب القوات الإريترية من الإقليم” مشددا على أنه “لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في البلاد”.
مسارات معزولة ومستقلة
وفي ذات السياق، قال عاد الكاتب والباحث عمر ليقول إن نجاح المفاوضات مرهون بتطوير “إستراتيجية ذات خصوصية إثيوبية” مضيفا أن القضايا المتوقع طرحها ليست مترابطة ببعضها، فضلا عن أن الحكومة الفدرالية ليست الفاعل الوحيد بهذه الأزمة، وتوقع أن تكون المفاوضات ضمن مسارات معزولة ومستقلة.
وأردف أنه رغم التعتيم المضروب على أجندة المفاوضات، فإنه يجب أن تتناول المحادثات مسار “غرب تيغراي” حيث تدعي كل من عرقية الأمهرة والتيغراي الملكية التاريخية لهذه المنطقة، وكذلك المسار المتمثل في رغبة الجبهة ممارسة نفوذ سياسي ووضع خاص في حكم إثيوبيا، وهذا يعتبر أصل الصراع -حسب الباحث- إلى جانب المسار المتمثل بحق الشعب الإثيوبي في الحصول على العدالة.
وأشار الباحث الإثيوبي لضرورة إشراك الحكومة الإريترية، موضحا أنه “عندما اقترح المبعوث الأفريقي أوباسانجو إشراك أسمرا في المفاوضات، لم يكن ترفا، وإنما من باب الواقعية السياسية، حيث إننا لا نتصور الانفكاك من دوامة الحلقة الشريرة دون فض هذه القضية المفخخة، فهناك أزمة غائرة بين جبهة تيغراي والحكومة الإريترية”.
وكان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي أعلن، في بيان الثلاثاء، دعم جميع الأطراف للالتزام بالسلام، مشيرا إلى أن ممثلين لكل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة يشاركون في المفاوضات مراقبين.
ويقود الوساطة المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي الرئيس النيجيري السابق أولوسون أوباسانجو، إلى جانب الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، وكذلك فومزيلي ملامبو النائبة السابقة لرئيس جنوب أفريقيا
.المصدر : الجزيرة