مقالات

مفاتيح :منظمات المجتمع المدني ( 2من 3 ) : جمال همد

13-Jul-2011

المركز

5 ) عدم السعي للوصول إلى السلطة:على الرغم من كون أنشطة وأهداف المجتمع المدني لا تبتعد عن مجالات الشأن العام، وأن بعض الجمعيات تشكل أحيانا قوة ضاغطة على السلطات العمومية، وتقوم بانتقاد العمل الحكومي، فإنها لا تسعى من خلال ذلك للوصول إلى السلطة، ومن هذه الزاوية يتميز المجتمع المدني عن الأحزاب السياسية التي من طبيعتها أن تعمل للوصول إلى الحكم.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك من يتوسع في مفهوم المجتمع المدني فيعتبر الأحزاب السياسية جزءا منه، غير أن أهداف الأحزاب ومنهج عملها مغايران، فهي تتنافس في الاجتهادات والبرامج التي تهم مختلف مجالات الشأن العام، وتقوم بعرضها على الرأي العام، وعلى الناخبين لنيل ثقتهم، والوصول بالتالي إلى الحكومة لتنفيذ تلك البرامج؛ بينما أي جمعية من المجتمع المدني لا تتدخل في كل المجالات، وإنما تختار أن تقدم خدمات معينة في مجال محدد، ولا تدخل في المنافسة الانتخابية التي تعني الأحزاب السياسية.6) عدم اللجوء إلى العنف:إذا كان من حق منظمات المجتمع المدني أن تقوم بالاحتجاج على السياسة التي تتبعها السلطات العمومية في مجال ما، أو في مواجهة إحدى الظواهر السلبية في المجتمع، ومن حقها أيضا ممارسة الضغوط لتحقيق فوائد للمجتمع، ومكتسبات للشرائح الاجتماعية التي تدافع عن مصالحها، فإنها لا يمكن أن تستعمل في ذلك إلا الوسائل السلمية المتحضرة، والمتمثلة في رفع المطالب، وإبداء الملاحظات، والحوار مع الجهات المعنية، واستعمال وسائل الإعلام والاتصال لتوضيح مواقفها، ويمكنها أن تلجأ إلى التظاهر السلمي إذا اقتضى الأمر ذلك؛ ولا يمكنها مطلقا اللجوء إلى العنف، لأن المجتمع المدني من المفروض أن يساهم في تهذيب السلوك العام، وليس في ترهيب المجتمع، ويعبئ الطاقات لخدمة الصالح العام، ولا يهيج الناس من أجل التخريب، ويعمل على نشر قيم التضامن والتسامح، ولا يزرع الحقد والكراهية.ولذلك فإن التنظيمات التي لا تتورع عن استعمال العنف، وتمارس الإرهاب بأي شكل من الأشكال، مهما كانت أهدافها المعلنة، لا يمكن أن تندرج ضمن المجتمع المدني، لأنها تجعل نفسها ضد أمن وسلامة واستقرار المجتمع، وبالتالي تكون ضد الأهداف النبيلة، والرسالة الحضارية التي يضعها المجتمع المدني على عاتقه. مزايا المجتمع المدنيويعد المجتمع المدني في العصر الحاضر من المكونات الأساسية لكل مجتمع ديموقراطي حداثي، ويضطلع بدور حيوي في تعبئة الطاقات لخدمة الصالح العام، والمساهمة الفعالة في تحقيق التنمية والتقدم، حيث يشتمل في تنظيماته وفي أدائه لمهامه على مزايا كثيرة وفوائد متعددة، نشير إلى أهمها فيما يلي:1) ترسيخ الثقافة الديموقراطية، والتربية على المواطنة، وما يعني ذلك من حرية، ومسؤولية، وتنظيم، ومشاركة، وتعدد، واختلاف، وحوار، وخضوع للأغلبية، وتسامح، واحترام الرأي الآخر، وتعامل في إطار مؤسساتي وقانوني.2) توسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة، وتقوية الشعور بالانتماء الوطني، وروح التطوع، والعمل الجماعي المنظم، والحد من النزعة الفردية والأنانية، وتحقيق الاندماج والتعاون بين أفراد تجمعهم الرغبة المشتركة في خدمة المجتمع. 3) امتصاص حالات الاحتقان السياسي والاجتماعي، والتنفيس عنها بتفجير الطاقات بصورة إيجابية، واعتماد النهج السلمي في اتخاذ المواقف المختلفة، والتعبير العلني عن القناعات المتباينة. 4) تلبية الاحتياجات المتعددة والمتنوعة للأفراد من خلال انخراطهم في الأنشطة الجمعوية التي تتلاءم مع تخصصاتهم وميولاتهم وتطلعاتهم، وبضمان حرية تكوين الجمعيات، والانخراط فيها بدون تمييز، لا يبقى المجال لأي تيار أو فئة لاحتكار العمل في المجالات الاجتماعية والثقافية والحقوقية وغيرها.5) تكوين النخب وإفراز القيادات الجديدة، حيث تتيح منظمات المجتمع المدني لأعضائها التدريب على الخدمة العامة، والتمرس على العمل الجماعي المنظم، ومن خلال أدائها لوظيفتها، تبرز المواهب والكفاءات في التدبير، ويتم اكتساب المهارات الجديدة، وتعميق الخبرة والتجربة، كما أن تبوء مواقع المسؤولية، والقيام بتوزيع الأدوار، وتنظيم العمل، وتدبير الاختلاف، والتوفيق بين الآراء، يساعد على امتلاك فن القيادة، وبذلك يصبح المجتمع المدني منجما للنخب المؤهلة، والقيادات المدربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى