مقالات

مقومات نجاح المشروع الوطني. بقلم / صالح اشواك

8-Oct-2016

عدوليس ـ ملبورن

في أطار نقاش حواري يدور في هذا الفضاء الإسفيري دار نقاش أعتقد أنه علي قدر كبير من الأهمية و محوره كان ( المشروع الوطني ) و حتماً كل التنظيمات الوطنية التي منشأها الحركة الوطنية الإرتيرية منذ الرابطة الإسلامية و صولاً علي حركة تحرير إريتريا و من ثم إعلان الكفاح المسلح في الفاتح من سبتمبر 1961م عبر ميلاد جبهة التحرير الإرتيرية لها برامجها السياسية الوطنية من حيث مضامينها و التي تعبر عن رؤيتها السياسية و أزعم أن هذه البرامج تصل إلي درجة التطابق في الثوابت خلا ما يتعلق منها بالوسائل و السبل و تختلف من تنظيم إلي أخر و بالتالي فأن الإجماع علي مشروع وطني تعمل تحت مظلته كل التنظيمات الوطنية متاح في حده الأنى في إطار من التحالف أو العمل الجبهوي الموحد و المجلس الوطني الإرتيري الذي كان نتاج مؤتمر (أوسا) يعبر عن ذلك و بشكل كبير علي الرغم من عدم الإجماع حوله نتيجة و جود تنظيمات خارج المجلس علاوة علي ما ظهرت فيه من إشكالات لاحقاً و لكنها تظل تجربة صالحة لأن تتطور و ضمن هذا الفهم فأنني آثرت أن أرمي بسهمي في تحديد المرتكزات التي يجب أن يستند إليها المشروع الوطني كمقدمة لما يجب أن يتم التوافق حوله.

المشروع الوطني الإرتيري الحقيقي المعافى عليه أن يرتكز علي جملة من المسلمات لتكون الروافع التي يشيد عليها حتى يكتب له النجاح و التوافق عليه فبدون أستناده إلي هذه القواعد ربما تجعل منه غير راكز و لا يقف علي أقدام.
و هنا لابد من الإشارة إلي الشعب الإرتيري الذي قدم أرتال من الشهداء في سبيل تحرير الأرض سوف لن يقبل أن تكون حريته كشعب رهينة لرغبات و نزوات أي كائن سواء كان تنظيماً سياسياً متسلطاً أو فردأ دكتاتورياً أو مكوناً أو ثقافة واحدة و هو أيضاً علي استعداد لتقديم مزيد من التضحيات لمقاومة أي طغيان يقيد حريته كما أنه سوف لن يغامر بوحدته نتيجة أي طيش سياسي لا يدرك حقيقة تلاحمه أبان فترة الكفاح المسلح و هذا الأساس الوجداني للشعب الإرتيري الذي يجب أن نؤسس عليه مقومات المشروع الوطني.
و علينا أيضاً إدراك البعد الديني الذي يشكل وجدان الشعب الإرتيري بكل دياناته و طوائفيه المذهبية في إطار الدين الواحد.
*توفر الإدارة السياسية* :
من شروط أي عمل يستند علي التوافق لابد أن تكون الإرادة حاضرة و حتمية الانتصار من خلال استهاض كل المجتمع يجب أن تكون قناعة راسخة ، و كذلك الإقرار بكل التباينات الفكرية و السياسية و الاجتماعية و الدينية و اعتبار أن الوطن محور الالتقاء لكل هذه التباينات و ضرورة الإقرار به يحتم علينا أن يكون الاحترام المتبادل حاضراً علاوة علي التأكيد علي أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار و كل ما يؤدي إلي التعايش السلمي إذا لم يكن خصماً من طرف لصالح الأخر يجب أن يتم إقراره لأن الاتفاق علي تقديم حلول للمشكلة الاجتماعية في بعدها الثقافي و الديني يشكل الحل الأمثل للأزمة السياسية و بالتالي كل ما يتم التوافق عليه من مواقف لا بد من مبادئ تحكمها وتدير أمورها وتكون بمثابة “محكمة دستورية”.
*المؤسسات الإعلامية*:
إن فقدت لن يستطيع الخطاب السياسي أن يقدم رؤيته للقضية ولا حتى أن يظهر رأيه في الأحداث ومزاحمة إعلام النظام الذي قد ينفرد بالساحة الإعلامية الداخلية و إن كان أثر خارجياً ضعيفاً وبالتالي يضلل ويكذب كما يشاء ولا معقب عليه جراء عدم وجود إعلام يقابله، ورغم ما يقال من أن الإعلام يجب أن لا يكون تحت تأثير أي وصاية سياسية أو فكرية و لكن في ظل المشروعات الوطنية التي تهدف إلي خلق مناخ يحرر الإنسان من ما يقيده يجب أن يتحرك الإعلام وفق الرؤية السياسية وليس العكس لأن العكس يفتت الموقف السياسي ويدمره، فلا بد من منصات إعلامية مستقلة لا تعير الخلافات الثانوية أي بال و أن يكون جل همها العمل علي رفع وتيرة دعم المشروع الوطني وفق رؤى التصورات الاستراتيجية للعمل السياسي.
*العمل المدني الإنساني (البعد الاجتماعي):*
بموازاة العمل السياسي والإعلامي لا بد من هيئات اجتماعية مهمتها إغاثية، تؤمن الحاجات التي يحتاجها الشعب لتدعيم صموده وثباته في وجه ما يتعرض له من معاناة حقيقة ، وخاصة في معسكرات اللاجئين التي تتعرض فيها الهوية الوطنية للتذويب في ظل بلوغهم لمرحلة من اليأس ، والغرض من ذلك المحافظة علي ملامح الهوية الوطنية لأن الأغلب حتى الآن حلم العودة حاضر لأن تذويبهم في المجتمعات المستضيفة و تجنيسهم في ظل التسجيل الإلكتروني الذي يتم عبر بصمة الخصائص الحيوية ربما يحرمهم الاستفادة من حقوقهم كلاجئين إذا الأمر سيكون معقداً جداً في ظل الحوكمة الإلكترونية التي أتخذها السودان سبيلاً لحصر اللاجئين مع إبقاء خيار تجنيسهم و أن هذا سيسهم في تقهقر للمشروع الوطني الذي نرجومنه معالجة الاختلالات الاجتماعية علي صعيد معالجة ما خلفته سياسات النظام من تعديلات ديمغرافية في البنية المجتمعية و بشكل أسهم في توليد حنق و ضجر من الأخر. ومن أبرز هذه المقومات المطلوبة و الدعامة للمشروع الوطني الاهتمام بالجيل الذي ولد خارج الوطن من خلال التعليم و تأطيره ضمن مشاريع جماهيرية تخلق منه مواطن ينتظر منه الكثير و هذا لا يمكن أن يتم إلا عبر الاهتمام بالصحة و التعليم عبر بناء المدارس ومستشفيات ولأندية الإجتماعية التي ستسهم في بلورة الوحدة الوطنية عبر الارتباط بوشائج الصدقات المبنية علي الإهتمامات المشتركة.
*الدعم المالي* :
المال هو كلمة السر التي إن فقدت يصعب تنفيذ الأعمال السياسية والعسكرية والاجتماعية والإعلامية وبالتالي يبقى الحراك مقتصرا على الجانب الشعبي، ومع أهميته إلا أن بقاءه بشكله الشعبي التقليدي سيؤدي إلى اليأس من مواصلة التصدي والمواجهة و بالتالي فأن المشروع الوطني إذا لم يتم إقناع الدول و الهيئات و المنظمات بأنه سيحقق السلم الاجتماعي الذي سيحقق بينة صالحة للإستثمار لما تتميز به إرتريا من خصائص حيوية في المجالات الإقتصادية و أهميتها الكونية كونها تتحكم علي أهم مدخل مائي سيوفر حماية ملحة و ضرورية في الصراعات المحمومة التي تشهدها المنطقة مما سيحلق نزاعات ، و كل هذا يجب أن يرتكز علي مشروع وطني يستطيع أن يجيب علي كل التساؤلات لأن الأقطار ما عادت تصنع برامجها و مشاريعها بمعزل عن الإهتمامات الإقليمية و الدولية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى