مقالات

المعارضة الإرترية بين المطرقة والسندان كمال النيل الأمين *

21-Sep-2006

الحياة

تعتبر كل القوى السياسية المعارضة الإريترية إفرازات أوجدتها الضرورة لمعارضة برنامج الحكم ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى أيضا تعتبر إمتدادا لتجربة الماضي لكونها مضطرة للعيش خارج أرض الوطن كماهو الآن لأسباب كثيرة، جزء منها يتعلق بقوة وهيمنة وبطش النظام الحاكم وكثير من الأسباب تتعلق بالمعارضة نفسها بفعل عوامل ذاتية وخارجية ، حيث بدأت هذه المعارضة بنفس المعوقات وتحت نفس الظروف المادية والمكانية لمرحلة الكفاح من أجل الحرية.

عقد ونصف العقد مر على قيام الدولة الإريترية في ظل نظام حزب واحد هو حزب الجبهة الديمقراطية للعدالة برئاسة أفورقي . والمعارضة الإريترية لم تتمكن من إحداث أي تغيير أو تصعيد إسلوب ما للتأثير في برنامج الحكم ضد النظام الإريتري- الشئ الذي أصبح ينعكس سلبا على قابلية المواطن الإرتري أو المراقب أو كل شخص مهتم بالأوضاع الإريترية تجاه إمكانية حدوث تغيير على الساحة السياسية الإريترية من ناحية المعارضة الإريترية . وأنه إن كان لابد من إحداث تغيير سياسي فربما من داخل الدولة الإريترية وتحديدا من خلال عناصر الحزب الحاكم نفسه أو من خلال تآكل النظام وإنهياره ، وهنا أستبعد بروز إنتفاضة شعبية . أما عن المعارضة والتي تقوم أصلا على أساس ديني فإلى جانب الحزب الإسلامي توجد حركة الإصلاح الإسلامي الإريتري وهما التنظيمان الموجودان في إريتريا ويحملان الهوية الإسلامية علاوة على وجود تنظيمات أخرى يسارية وعلى الرغم من كونها في مجملها تشكل عناصر جبهة التحالف الديمقراطي الإريتري لمواجهة نظام الرئيس أفورقي وعلى الرغم من أنها تنادي أو متفقة على ضرورة إزالة النظام الإريتري وهنا أشير إلى الدور الأمريكي والإسرائيلي وهنا تكمن أهداف الصهيونية العالمية فالنظام الأمريكي مستفيد من النظام الإريتري لذلك فالولايات المتحدة الأمريكية تحمي النظام وتدافع عنه على الرغم من إعتراف الولايات المتحدة أن النظام الإريتري ليس له مستقبل وكذلك ليس له مقومات ولكن الغرب وتحديدا امريكا محتاجة لهذا النظام لأسباب إستراتيجية وأمنية حيث يمكن من خلاله تنفيذ كثير من المخططات الإمبريالية ولهشاشة النظام الإريتري يمكن أن يعتبر أهم المداخل للقارة الإفريقية في ظل رفض السودان للتحديات الغربية لذلك فالمعارضة الإريترية تواجه طرقا وعرة في سبيل الوصول إلى دفة الحكم وأول هذه الصعاب أن المعارضة الإريترية وبنسبة كبيرة جدا إسلامية وهذا ما يتعارض مع الأهداف والسياسات الأمريكية في منطقة القرن الإفريقي والذي يمثل ركنا هاما وإستراتيجيا للسياسة الأمريكية على الرغم من أن أهم أهداف المعارضة أنها تريد إستبدال وضع ديكتاتوري بآخر ديمقراطي وإحلال العدالة . وعلى الرغم من أن ملف حقوق الإنسان في إريتريا ملطخ بالدماء هذا إلى جانب الإفادات العامة التي وردت في ميثاق التحالف الديمقراطي والتي من أهم أهدافها ومبادئها عكس المشهد السياسي في الساحة الإريترية والذي يتمثل في إضعاف وحدة الصف الوطني وإنتهاكات خطيرة في ملف حقوق الإنسان في ظل غياب حكم القانون والمؤسسات الدستورية وإهدار كثير من موارد البلاد في التسلح وبناء مؤسسات قمعية لحماية لحماية النظام الإرتري فالتحالف الديمقراطي هوجبهة عريضة لكافة القوى السياسية وصورة مجسدة للأحزاب والتي ربما تكون الواقع مستقبلا على الساحة السياسية الإريترية . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى البيئة التي تعمل فيهما الحكومة الإريترية والمعارضة للنظام الحاكم أو مايسمى بالقاسم المشترك وهو الشعب الإريتري والذي فقد الأمل في التغيير وهو في نفس الوقت يضع آمالا عريضة على التحالف الديمقراطي فأغلب الشعب الإريتري اليوم لايقف بجانب الحكومة ولا إلى جانب أى تنظيم معارض ولا إلى جانب الممسكين بالحلول الوسطية ولا العسكرية وهناك من يرى أن الأنظمة الإستعمارية قد تكون أرحم من حكم وطني متسلط . حقيقة هذه المواقف يمكن أن تأخذها بكل بساطة من أولئك القادمين من الدولة الإريترية يوميا وبأعداد متزايدة والذين هم في رحلة قد تطول وقد تكون أبدية وعلى وجه الخصوص الشباب وصغار السن والطلاب وهؤلاء يرى من وجهة نظرهم أنهم لا هم في المعارضة ولا هم غيرها وهي ظاهرة أصبحت تتنامى مما يشير إلى خطورة الموقف الشئ الذي يوضح ضعف آليات المعارضة الإريترية وضعف وسائلها وخطابها السياسي في إستقطاب الرأى العام الإريتري ولا حتى وضع نظرية البديل المتكامل . المعارضة الإريترية لم تربط نفسها بالأوضاع الدولية المؤثرة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي والدول صاحبة القرار ولا من خلال عمل دبلوماسي يضع رؤية جماعية للتغيير وضمان مستقبل الإستقرار . الموقف الأمريكي متأرجح ومتذبذب وله كثير من الإهتمامات الأخرى وهذه تأتي بدرجة أهم وتحديات جسام في مناطق كثيرة ومتعددة كالنزيف الدموي في العراق وأفغانستان وقضية الملف النووي الإيراني ، وإقليم دارفور في السودان والوضع في الأراضي المحتلة ولبنان والحملة الدولية لمحاربة الإرهاب . لذلك وجهة النظر الأمريكية والقاضية بوضع الدولة الإريترية في وضعها السياسي هذا بدلامن بحث بدائل على الأقل في الوقت الحالي وحتى لايحدث إرباك في الأولويات الأمريكية في منطقة ذات بعد إستراتيجي في القرن الأفريقي لذلك لا ترى الولايات المتحدة ضرورة حالية للدخول في تصفية حسابات مع الحكومة الإريترية على الرغم من أن هنالك بعض الخلافات والتباعد في وجهات النظر وكثير من التباين الأخلاقي بين ما تنادي به أمريكا من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان وغيرها .. * نقلا عن صحيفة “الحياة ” السودانية العدد(1220)الصادر في 16 سبتمبر2006م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى