مقالات

إرتريا ..من الثورة الظافرةالى الدولة الحائرة الحلقة (3): عمر جابر عمر – ملبورم – استراليا

11-Feb-2006

المركز

ثانيا – تجربة الجبهة الشعبية : منذ البداية قامت الجبهة الشعبية لتحقيق دولة ذات مواصفات محددة تقودها فلسفة معينة ويكون محتواها الاساسى من تركيبة اجتماعية وثقافية تتمثل فى ابناء المرتفعات الارترية من المسيحين – وما تبقى من المسلمين فهو اضافة لدعم الفكرة ولكن دون التأثير على القرار المركزى.

وهناك ثلاث محطات فى الوصول الى تلك الغاية : اولا : بيان نحن واهدافنا والذى كان بداية الفرز الاجتماعى واعلانا برفض ما كان موجودا ( جبهة التحرير ) والعمل على ايجاد البديل. ثانيا : بعد انفصاله عن القيادة العامة (1969) وجد اسياسى افورقى نفسه محاصرا من القوات الاثيوبية من جهة ومطاردا من قبل جبهة التحرير التى انشق عنها. وامام لحظة يأس من امكانية تحقيق الحلم – قرر التسليم الى السلطات الاثيوبية ولكنه لم يكن وحيدا فى (الحلم ) لذا فقد اتصل به العرابون من داخل ( اسمرا ) . وقال له : ان الثورة منتصرة لا شك فى ذلك وان الامبراطورية الاثيوبية ستنهار واذا انتصرت الثورة بما هى عليه الان فان المسلمون سيحكمون ارتريا .. اذا كنت تريد مالا اعطيناه لك واذا كنت تريد رجالا – ارسلناهم اليك – فقط ابقى حيث انت . وبقى اسياس وتدفقت عليه الاموال والتحق به الرجال ! كان العرابون : تسفا يوهنس برهى – حرقوت اباى – قشى ديمطروس واخرون يعرفون ما يجرى داخل اثيوبيا – لذا قاموا بمبادرتهم من اجل المستقبل. ثالثا: بعض التقاط الانفاس – بدأ اسياس يبحث عن تحالفات محلية – كل من اختلف مع جبهة التحرير اصبح حلف له ( قوات التحرير) وكل من وجد نفسه مهمشا التحق به _ حتى اصبح رئيس اللجنة الادارية لذلك التحالف – ثم ( تخلص) من البعثة الخارجية وبعد الاعداد لتاسيس تنظيمه ( الجبهة الشعبية ) عام 1976 . وبعد تاسيس الجبهة الشعبية كان البرنامج :(1) التخلص من جبهة التحرير – تنظيما وتوجها وموقفا , فى ذلك الاتجاه عمله داخليا واقليما ودوليا – والتحالف مع ( ويانى تقراى ) استخدم ايضا لتحقيق ذلك الهدف. (2) الغاء اللفة العربية وفرض التغرنية فى كل انشطة ومفاصل التنظيم. (3) استخدام خطاب اسياس خارجى ومحلى ( موجة للمسلمين) بان الجبهة الشعبية هى البديل وهى للشعب الارترى كله – فى حين ان خطابها السرى والتعبوى لابناء المرتفعات من المسيحين كان مختلفا – كان يبشرهم بدولة تعبر وتحقق احلامهم وتجعل منهم ( امة) متفوقة حتى على جيرانها ! (4) فى الوقت الذى كانت تتهم فيه جبهة التحرير بالدكتاتورية ورفع شعار ( تنظيم واحد_ قيادة واحدة) كانت الجبهة الشعبية تبنى تنظيما حديديا لا يسمح بابداء الراىء ولا يقبل مناقشة قرارات القيادة وتطبيق نفس الشعار الذى رفعته جبهة التحرير وفشلت فى تطبيقه : تنظيم واحد – قيادة واحدة !! وهكذا سارت الامور مع ازدياد اخطاء الجبهة وتكالب الاعداء الاقليميين والدوليين عليها وتصاعد الصراع الداخلى بين قواها _ كانت النتجة خروج جبهة التحرير من الساحة ودخولها الى السودان. انفردت الجبهة الشعبية بالعمل السياسى والعسكرى داخل ارتريا واعلنت وطبقت ما كانت تخفيه فى السابق. فى عام 1989 ذهب وفد يمثل الحكومة السودانية الى داخل ارتريا وقام بجولة فى مواقع ومناطق سيطرة الجبهة الشعبية وعاد بتقرير يقول : لقد وجدنا دولة ! كل متطلبات تكوين الدولة متوفرة حتى شرطة المرور ! ما غاب عن ذلك الوفد – وهو نتيجة لسياسة الدكتور الترابى فى ذلك الوقت – مفهوم الدولة. من شروط الدولة : • وجود عقد بين الحاكم والمحكوم – بين الشعب والسلطة – دستور وقوانين دولة ان تعبر الدولة عن مجموع الشعب – مصالحهم وهو يضم ( ثقافة وتاريخ) • ان يكون هناك من يمثل الشعب – برلمان – يشرع ويراقب وحاسب. • ان يكون هناك قضاء مستقل. ما راه الوفد السودانى ليس ( دولة وانها تنظما قويا وكبيرا – والتارخ ملىء بالامثلة – تنظيمات حاولت ان تجعل من نفسها ( دول ) ولكنها فشلت لعدم معرفتها وعدم امانها بشروط الدولة واصرارها على احلال التنظيم مكان الدولة – ودولة طالبان فى افغانستان – دولة الخمر الحمر فى كمبوديا ..الخ بل ان بعض التنظيمات بغض النظر على اهدافها حتى لو كانت للمتاجرة والاجرام – نجحتا فى ان تكون موسسات قوية وكبيرة –( المافيا) فى ايطاليا!! الى اين انتهت دولة الاحلام ؟ لماذا وكيف فشلت الجبهة الشعبية ؟؟ 1/ النهج كان قاصرا واقصائيا وجزئيا مما جعل معظم المسلمين قفون ضد المشروع من بدايته. 2/ انتهاء التحالفات الاقليمية – تقراى والسودان بحيث اصبحت الدولة الارترية معزولة اقليميه. 3/ غياب الحريات العامة والخاصة وفشل المشاريع الاقتصادية وسيطرة اجهزة الامن والجيش على الحاة العامة ( برنامج ساوا للتجنيد) كل ذلك جعل المظلة التى كانت تجمع الكثيرين من ابناء المرتفعات تتغلص ويتم تفصيلها لتناسب التنظيم الحاكم ومن بعد ومن قبل القائد الاوحد! وجد ابناء المرتفعات انفسهم امام سؤال : ماذا بقيه لهم فهم لم يجدوا(سنغافورة) ولا وجدوا سلطة واستيغظوا ليجدوا ان الحلم كان كابوسا يجب الافاقة منه. اللغة التغرنية ؟ يستطيعون التحدث بها فى منازلهم ! وحتى هذه حاول السلطان ان يدخل فيها من المفردات والقواعد والتعبيرات ( بهدف تطويرها كما ادعى ) ما جعلهم يفقدون حتى ما كان يخصهم ويعبر عن ثقافتهم. المشروع الوطنى الكبير الذى بداته جبهة التحرير وواجهة فيه وبه معادلة : نحن وهم انغلب الى مشروع صغير.. صغير حتى تلخص فى معادلة سمعها ابناء المرتفعات قبل غيرهم : ان .. وانتم .. وهم!؟ هكذا وجدت الدولة الارترية امام مفترق طرق. لا هى اقنعت ولا كسبت مواطنيها ولا هى اصبحت على علاقة طيبة مع جيرانها والعالم من حولها : اثيوبيا – السودان – اليمن – امريكا- واوربا – الامم المتحدة. لقد احتار فى امرها المراقبون وحيرت افعالها ومواقفها خبراء السياسة والمتابعين – ولكن الماساة الكبرى هى انها ايضا فى حيرة من امرها . انها ليست بقادرة على التحرك الى الامام – لانها وصلت الى طريق مسدود- وهى عاجزة عن التراجع لان احلامها تحولت الى ( كوابيس ) تورقها وتشل قدرتها على الفعل او حتى التفكير بحكمة وواقعة. ان المفر وما هوا المصير ؟ الجابة : الشعب الذى صنع الثورة الظافرة قادر على ان يبنى دولة تكون نموزجا للتعايش والتالف والتفوق على الضعف البشرى • دولة للخير بدلا عن الشر • دولة للجميع بدلا عن الجزء • دولة تكون عتها سيادتها فوق العقد الشخصية والقيادات وطموحاتهم الضيقة. • دولة تجمع ولا تفرق- تكون اضافة اجابية لمحيطها وليس تهديدا لجيرانها. • دولة يشعر فيها المواطن بالانتماء ولا يقبل بالستلاب وفقدان الهوية. • دول يأمن فيها المواطن على بته واسرته وعيشه ويمارس فيها كل الحقوق التى اقرتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية. • دولة تكون النتاج الطبيعى وترجمة لكل ما ضحى من اجله ابناء وبنات الشعب الارترى. كان الله فى عون الشعب الارترى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى