الشعب الإريتري يثور ضد إثيوبيا وآبي أحمد: سيادتنا خط أحمر
7-Apr-2021
عدوليس ـ نقلا عن موقع تركيا الآن
قبل أن يمر مارس ويطوي آخر أيامه، استفزت إثيوبيا جارتها إريتريا، بتصريحات مست شأنها الداخلي وسيادتها، ما أثار غضب الرأي العام والقوى السياسية في أسمرة.وانتهز الناطق الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، مشاركته في لقاء حول العلاقات الإريترية الإثيوبية، لينفي سيادة واستقلال جارته، بل ويطالب بتوحيد البلدين، قائلًا إن الإريتريين لا يعظمون ولا يحتفلون بتاريخ انفصالهم عن إثيوبيا، وأن الانفصال كان نتيجة الحرب الباردة، مطالبًا بإعادة توحيد البلدين، زاعمًا أن هناك رغبة ورؤية للتقارب والتوحد.
فور تصريحاته المثيرة للجدل، خرجت ردود الأفعال، فقال رئيس الوحدة الإريترية من أجل التغيير الديمقراطي، يوهانس أسملاش، إن «السفير دينا مفتي يغفل نفسية الإريتريين، فاستقلالنا نتيجة 30 عامًا من الكفاح المسلح دفعنا له آلاف الشهداء وخسائر مادية ومعنوية ضخمة حتى هزمنا أخيرًا الحكومة الإثيوبية عسكريًا، ثم أغلقنا الملف بنسبة 99.83 % لصالح الاستقلال في استفتاء أجري في عام 1993».
وأكد أنه «لا ينبغي أن يكون لدى أمثال دينا مفتي أي شك بعد هذا الحدث التاريخي، لكنهم يفعلون ذلك، وإذا كان تعليق دينا مفتي بالون اختبار، فلنؤكد له أننا نحن الإريتريين صامدون أكثر من أي وقت مضى في الدفاع عن استقلالنا مهما كلف الأمر».
وأضاف «ملاحظة مهذبة.. السفير دينا مفتي، أرجوكم لا تخلطوا بين الشعب الإريتري والرئيس أسياس أفورقي، نحن نعلم أن الرئيس في شهر العسل مع حكومتك، والشعب الإريتري يدفع تضحيات غير ضرورية ولا توصف في حرب كان على الإثيوبيين تجنبها وديًا، يرجى تركيز الاهتمام داخل حدودك ودعنا نحترم بعضنا البعض كجيران جيدين، هلا فعلنا؟».
ووصف الناشط الحقوقي الإريتري، عبد الرحمن سيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية بالسفير المضلل، وطالب بإعادته إلى المدرسة الدبلوماسية ليحصل على دورة تدريبية مكثفة حول تاريخ إريتريا، وكفاح التحرير، والكرامة الوطنية، قائلًا «يجب أن يتعلم أن ازدراء الحكم المستبد لا يعني كرهًا لاستقلال إريتريا، أو الرغبة في العودة للاحتلال الإثيوبي. مطلقا!».
وأوضح أن «أفضل رد على السفير المضلل هو أن يقوم الإريتريون في جميع أنحاء العالم بتنظيم احتفالات ملونة بعيد الاستقلال في 24 مايو، وعلى الجالية الإريترية في إثيوبيا ضمان دعوة السفير وإعطائه منصة للاعتذار للشعب الإريتري عن تعليقاته المسيئة».
وبالنسبة للناشط الحقوقي والسياسي الإريتري، صابر رباط، لم تصدمه تصريحات دينا مفتي، قائلًا «منذ أن اعتلى آبي أحمد السلطه في إثيوبيا وزيارته لأسمرة التي أنهت قطيعة عقدين من الزمان وتوجت بعدد من الاتفاقيات السرية، أنتجت الحرب الأخير في إثيوبيا، ولا زالت التجاوزات الدبلوماسية والتصريحات التي تتعدى على السيادة الإريترية تخرج على مرأى النظام الإريتري، وتتكرر بين الحين والآخر في عدة مناسبات، ولكن السياق الذي جاءت فيه هذه المرة كان جريئًا ومستفزًا جدًا للشعب الإريتري في عمومه، سواء كان معارضًا للنظام أو حتى داعمًا له».
وأكد أن «تلك التصريحات تشكك في نضالات استمرت زهاء الثلاثون عاًما من الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإثيوبي توج باستفتاء شعبي ونزيه صوت فيه الإريتريون بنسبة 99.98 % للاستقلال، وفي تقديري أن هذه التصريحات ليست بالعفوية ولم تأتِ سهوًا من مؤسسة دبلوماسية عريقة مثل الخارجية الإثيوبية، بل هي جزء من مخطط آبي أحمد ومشروعه التوسعي لإعادة إنتاج الإمبراطورية الإثيوبية، وما هذه التصريحات إلا بالون اختبار لردود أفعال الشارع الإريتري من أي خطوة في هذا الاتجاه وتقدير سيناريوهات المرحلة المقبلة».
وأشار إلى تصريحات السفارة الأمريكية على صفحتها الرسمية على (فيسبوك) بعد يوم واحد فقط من تصريحات دينا مفتي، قائلًا «كانت رسالة واضحة موجهة لرأس النظام الإريتري أولًا، ثم لشركاءه في أديس أبابا، للحذر من أي خطوات غير محسوبة في هذا الاتجاه، والإثيوبيون يعلمون جيدًا قبل غيرهم حساسية الإريتريين من هذا الشأن، وأن أي مساس باستقلالهم وسيادة بلدهم خط أحمر، وخصوصًا إذا كان هذا العدوان من طرف إثيوبيا (عدوهم التاريخي)».
وبتحليل أكثر تعمق في تصريحات دينا مفتي، أكد مدير موقع «عدوليس» الإخباري، جمال همد، أن العلاقات بين أسمرة وأديس أبابا كانت تدار من خلف ظهر وزارتي الخارجيتين على عكس الأعراف المرعية بين الدول، وقال «في عهد الراحل ملس زيناوي كانت كل ملفات العلاقة مع إريتريا تدار من مكتبه، وكذا الأمر بالنسبة للرئيس الإريتري أسياس أفورقي، الذي يدير معظم العلاقات مع دول الجوار من مكتبه في منتجع (عدي هالو) القريب من العاصمة أسمرة، وبعد حرب السنتين (1998- 2000)، واتخاذ المعارضة الإريترية العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مقرًا لها، استمر الوضع كما هو عليه مع دخول جهاز الأمن الإثيوبي طرفًا مباشرًا في الملف، وظلت بقية أطراف التحالف الإثيوبي الحاكم المعروف اختصارًا بـ(الأهودق) بعيدًا عن الملف إلا الطرف الخاص بجبهة تحرير شعب تقراي ممثلًا في أجهزته الأمنية ذات الغالبية التقراوية (نسبة لإقليم تقراي)».
وأوضح أن هذا الوضع استمر أيضًا بوصول آبي أحمد للسلطة وإبعاد جبهة تحرير شعب تقراي عن سدة الحكم، ثم هزيمتها العسكرية لاحقًا على يد الجيش الفيدرالي ومليشيات الأمهرا والجيش الإريتري ورأس حربته القوات الخاصة. ومنذ توقيع اتفاقية السلام بين البلدين يدار ملف العلاقات بين الرجلين أسياس أفورقي وآبي أحمد وبقية الوزراء، وهم فقط مساعدين في التنفيذ، ثم ازداد الوضع غموضًا أثناء العلميات العسكرية المسماه (إنفاذ القانون)، على حد قوله.
وأضاف «فور ظهور تصريحات المفتي التي وحدت الإريترين في كل مكان بذل هؤلاء الوزراء المساعدون في عمليات التهدئة والنفي، بينما صمت مكتبي الرجلين وهما المعنيان بالأمر مباشرة مما يدلل أن التصريحات لم تكن من بنات أفكار الرجل الأنيق دينا مفتي، والسؤال القديم الجديد أين نصوص الاتفاقيات التي أبرمها قادة الجبهتين الشعبية لتحرير إريتريا وتحرير تقراي؟ أين نصوص الاتفاقيان بين أسياس أفورقي وملس زيناوي عقب سقوط منقستو هيلي ماريام ديكتاتور إثيوبيا السابق؟ ومتى تنشر الاتفاقيات السرية بين أسياس وآبي أحمد؟».
أما الناشط السياسي الإريتري، حامد إزاز، فأكد أن «خروج تصريحات دينا مفتي في هذا التوقيت تؤكد صحة المخاوف التي اعترت الإريتريين حول طبيعة الاتفاقيات السرية والعلاقة المشبوهة التي أبرمت بين رأسي النظامين الإثيوبي والإريتري في العام 2018، وعزز ذلك التصريحات المنتقصة ضمنيًا من السيادة الوطنية لإريتريا التي صرح بها رأس النظام الإريتري في أحد زيارته لإثيوبيا، إثر تحسن العلاقات بين البلدين، قائلًا (كل من يعتبر أن إثيوبيا وإريتريا بلدين مختلفين لا يعرف شيئًا)، إضافة لتغاضيه أو المماطلة عن المطالبة بترسيم الحدود بين البلدين، وحل المشكلة الحدوية الناتجة من النزاع المسلح الذي حدث بين البلدين حول بلدة بادمي، بين عامي (1998- 2000)، والذي بالرغم من تكبد الجانب الإريتري ما يقارب 70000 قتيل، اعتبر رأس النظام في أحد تصريحاته أن إريتريا لم تخصر شيئًا نتيجة الحرب بل ربحت توطيد علاقتها مع إثيوبيا».
وأوضح أن ردود أفعال قوى المعارضة والشارع الإريتري بعد تصريحات دينا مفتي كبيرة جدًا، قائلًا «لأنه هدد السيادة الوطنية الإريترية التي دفع فيها الشعب الإريتري أثمانًا باهظة من الأرواح والتضحيات الجسام خلال حرب التحرير التي خاضها لمدة 30 عامًا، حيث صدرت الكثير من البيانات من قوى المعارضة الإريترية تدين وتشجب التصريح وتعتبره تعديًا صريحًا على نضالات الشعب الإريتري، وعلى منجز الاستقلال الوطني الذي شهد تضحيات كبيرة في الأرواح والممتلكات.
ووفقًا لإزاز، أعلنت القوى الوطنية في بياناتها تبرأها الواضح من أي اتفاقيات يعقدها النظام مع أي دولة تمس سيادة الوطن، موضحًا «لأن هذا نظام يعتبر غير شرعي ولايمثل الشعب الإريتري، فالشعب الذي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل الاستقلال والسيادة الوطنية على استعداد للمزيد من التضحيات للدفاع عن الاستقلال وسيادة الوطن».
وأمام غضب الشعب الإريتري حاول دينا مفتي التراجع عن تصريحاته بشكل غير رسمي، بحجة أن تصريحه أسيئ فهمه، لكن إزاز أوضح أن «هذا التراجع لا يعني زوال المهدد في ظل وجود النظام الإريتري غير المؤتمن على المحافظة على سيادة الوطن، وفي ظل المطامع الإثيوبية المتصاعدة التي برزت بعد التغيير الذي دفع بآبي أحمد إلى دفة الحكم في إثيوبيا».
https://www.turkeynow.news/politics/2021/04/05/22727