اللاجئون الإريتريون في مصر .. مصائر بين البحر والأحلام! بقلم / حسن إدريس طويل *
27-Sep-2018
عدوليس ـ ملبورن
تتحدث ” أرهيت تيدروس “، والأسي يلقى بظلاله على وجهها, لقد قمت بمقابلة تحديد الوضع منذ سنتين ، وبعد عام ونصف أبلغوني بأن أجري مقابلة تكميلية(وهي أم لأربعة لأطفال ثلاث بنات وولد).. تستطرد أرهيت: سجلت في المفوضية منذ العام 2014 والى هذه اللحظة لم يتم قبولي كلاجئة، وأعيش كطالبة لجوء, وقد تم حرماني من الإعانة المادية من قبل منظمة ” كارتاس ” حيث أخبرتني الموظفة : يمكنك أن تعملي وتعيلي أبنائك. وتضيف أرهيت: سوق العمل رائجة في مصر ولكن ليس هنالك ضمان بأن تستوفي أجرتك من المخدم. وهو الامر الذي يجعلنا لا نستطيع أن ننزل للعمل . فالكثير من أخواتنا تعرضن لعدم دفع رواتبهن، وتم استغلالهن ؛ لأن القانون لا يسمح للاجئ بالعمل.
عبد القادر إدريس 16 عاماً يقول : ” لقد قمنا بثلاثة احتجاجات سلمية أمام المفوضية السامية لتحل مشاكلنا ومن غير جدوى ولا نتيجة ” ويضيف لقد : ” أتيت لأعبر البحر الى إيطاليا منذ عامين ، وتوقفت عملية العبور الى أوروبا عبر المتوسط من مصر ، إلى جانب سوء الأوضاع الأمنية في ليبيا . وذلك ما جعل حظه سيئاً ، وجعله عالقاً في مصر ، يواصل عبد القادر حديثه : “سلَّمت بطاقة اللجوء منذ عام ، والآن يدعمونني ب 600 جنيه مصري وهي لا تكفي للإعاشة, وأتعلم اللغة الإنجليزية في منظمة سانت أندروز”.
“أدحنت مقوس” فتاة أسمراوية 17 عاماً تعمل في مقهي حبشي الطابع ، تستقبلك بابتسامة, ومتفائلة بالمستقبل ، رغم الظروف القاسية التي تعيشها في مصر. وعندما سألتها توجست في البدء، ثم حكت لي عما تواريه خلف ابتسامتها الخلابة من معاناة الرحلة من أسمرا الى القاهرة، عبر السودان، وما صادفها من احداث درامية عند دخولها السودان وكيفية تكدَسهم في غرفة واحدة، والانتظار حتى يكتمل العدد للرحلة الشاقة.
أما ” دانئيل أبرها ” فيقول: أن وضعنا المعيشي، ولسلامتنا، يحتم علينا أن نعيش مجموعة متجانسة من الأقارب رجالا ونساء في شقة واحدة، ونتشارك في الإيجار والمصروفات. ونظراً لاختلاف المفاهيم الذي هو بمثابة حجر عثرة، فإن الكثير من أصحاب المنازل المستأجرة لا يتفهمون وضعنا.
وحين سألته عن السلام الذي تم مؤخراً بين إريتريا وأثيوبيا أجابني، ضاحكاً: السلام العادل مطلبنا، فنحن شعب يحب السلام ولكن أنظر للفرق الكبير في الأوضاع الداخلية بين الدولتين: أثيوبيا تنعم بالسلام داخلياً. أما نحن فحدث ولا حرج. لقد أصبح الوطن سجناً كبيراً، وقادة الجيش والامن هم من يتحكمون في مصيرنا. والخدمة الوطنية ممتدة الى أجل غير معروف. “عبد الواسع خيار” شيخ ستيني قدم من السعودية، وقاره تشوبه مرارة تعلو وجهه يقول: ” أسرتي تتكون من سبعة أفراد، ثلاثة من البنين، وبنتان وأنا وزوجتي سجلنا في المفوضية منذ ثلاثة أشهر وموعدنا للمقابلة في تشرين الثاني / نوفمبر القادم” ويعقب: ” لا يقدمون لنا مساعدة مادية. وثلاثة من الأبناء في المرحلة الجامعية ولم يجدوا الفرصة لإكمال تعليمهم” مضيفاً: ” وهذه العقبة التي ستعوق مستقبلهم. أما الصغار فقد التحقوا بالمدارس السودانية. ويقدم لهم دعم مادي من قبل بعثة الكنيسة الكاثوليكية (CRS) وكذلك كرتونة غذائية كل شهر.) ويتحسر ” عبد الواسع ” على ما ضاع من عمره في السعودية حيث ضاعت آماله في أن يرى فلذات كبده وهم مستقرون، وكيف كان أصدقائه ينصحونه بالهجرة أو إرسال أسرته الى الغرب، فيما كان يعيرهم أذناً صماء، ويرى أن أرض الإسلام (يقصد المملكة العربية السعودية) أفضل لمستقبل أسرته، ثم كيف تبخر هذا الحلم مع قرار الضرائب المجحفة التي فرضت على المقيمين في المملكة العربية السعودية.
” تيدروس مايبتوت “: شاب ثلاثيي، تحدث عن معاناة اللاجئين مع أقسام الشرطة قائلا: ” عندما يتقدم اللاجئ ببلاغ ضد مواطن يقابل بصلف وسخرية من لونه ويردونه خالي الوفاض” مضيفاً بمرارة: ” حتى التأمين الذي ندفعه عند استئجار الشقة لا يتم ردّه، وقد يصل الى مبلغ ألفي جنيه مصري”. هذا، إلى جانب أن كثيراً من اللاجئين يتعرضون لعمليات سلب الهواتف النقالة، وحقائب اليد. من قبل راكبي دراجات نارية.
مفوضية شؤون اللاجئين:
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الكائنة في الحي السابع لمدينة 6 أكتوبر بضواحي القاهرة، تغص الشوارع المؤدية إليها بطالبي اللجوء من مختلف الجنسيات، حيث يرى المار أمام بوابة الدخول، وشباك للشكاوى والاستفسارات، لاجئين من مختلف الجنسيات.
وبالرغم من أن المفوضية تفتح أبوابها منذ التاسعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، إلا أن مقدمي طلبات اللجوء والخدمات يأتون منذ الرابعة صباحاً، ومنهم من يقضي ليلته في الصف لبعد مكان إقامته.
” تمتلك المفوضية شبكة من الموظفين الإعلاميين في كافة أنحاء العالم” وهم متوفرون على مدار الساعة للرد على أي استفسار بشأن أي جانب من جوانب عمليات المفوضية وسياساتها. الفقرة أعلاه مقتطفة من مهام المفوضية.
وفي سياق إعدادي لهذا التحقيق، أرسلت رسالة عبر البريد الالكتروني، مستفسراً عن خدمات المفوضية، فتلقيت منهم رسالة تطلب مني تحويل الاستفسارات إلى مدير العلاقات العامة، الذي حولني، بدوره، للموظفة المسؤولة عن الرد على الأسئلة، لكنها هاتفها لم يجب على اتصالاتي الهاتفية المتكررة.
شركاء المفوضية:
شركاء مفوضية اللاجئين ومن أهم شركائها في مصر:
1 ــ بيستك :
وهي إحدى الجهات التي تتشارك مع المفوضية في خدمة اللاجئين حيث تقدم الدعم في مجال العلاج النفسي لضحايا تهريب البشر والعنف المصاحب له، وكذلك استضافة من تقع عليهم الحماية القانونية من المفوضية وكثيراً ما ترد الشكاوى على سوء خدماتها. يقول ” تيدروس تسفاي ” الذي تقدم لمقابلة عمل ــ وهو يجيد ثلاثة من اللغات المحلية إضافة للعربية والإنجليزية ــ ” أجريت كل الاختبارات للتوظيف وقيل لي سنتصل بك .. ومنذ عام، وأنا في انتظارهم!”
2ــ هيئة الإغاثة الكاثوليكية مصر (CRS) :
وهي منظمة تقدم الدعم لطلاب المدراس. وكذلك تقدم الدعم العلاجي والغذائي للأطفال وهي أكثر المنظمات ترتيباً وتنطيماً في تقديم الخدمات، بحسب شهادة اللاجئة : ” فاطمة إسماعيل.”
3 ــ منظمة الهجرة الدولية :
وهذه المنظمة تقدم المساعدة للمهاجرين، قبل إكمال إجراءات التسجيل، ولكن المجتمع الإرتري لم يستفيد من خدماتها الأولية، أولاً، لجهل معظم اللاجئين الإريتريين بما تقدمه من خدمات، وثانياً، لكثرة المواعيد، وتردد بعض اللاجئين الإريتريين في الذهاب إليها. وعندما حاولت الاتصال بهم للاستفسار عن الخدمات المقدمة للإريتريين، قوبل سؤالي بالرفض.
4 ــ منظمة إنقاذ الطفولة :
وهي تنشط في مجالات التعليم والصحة. وكذلك تأهيل اللاجئين وبحث فرص التوظيف مع الشركات.
5 ــ أطباء بلا حدود:
وهذه المنظمة طوعية فرنسية، تقدم الدعم النفسي لضحايا الإتجار بالبشر والعنف، ولهم معالجون نفسيون في المراكز الصحية.
الإقامة:
تعتبر وثيقة الإقامة للاجئين في مصر، من ضرورات وجودهم القانوني، لكن هناك معاناة مرهقة للحصول عليها، حيث تمتد إجراءاتها الى ثلاثة أشهر؛ تبدأ من وزارة الخارجية عبر حضور مبكر، لأخذ رقم كرت المفوضية، وصولاً الى مجَّمع الجوازات بعد شهر. ومن ثم تبدأ إجراءات تمتد الى شهرين حتى استخراجها، الأمر الذي يتطلب الحضور الى المجمع لثلاث مرات مختلفة. ويتم استخراجها لثلاثة أشهر فقط، لتبدأ رحلة تجديدها وتمديدها، مرة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب إريتري يقيم بالقاهرة.