“الكيرو” .. صناع التغيير في إثيوبيا إلى أين يقودونها؟ 2من 2 بقلم / عبد القادر محمد علي
6-Feb-2020
عدوليسـ نقلا عن موقع ن بوست
عتماد الكيرو والحركات الشبيهة بها على وسائل التواصل الاجتماعي يفسر حجب الحكومة للإنترنت قبل آبي أحمد وفي أثناء الاضطرابات في عهده، ولعل هذا الاعتماد المبكر على التقنية يفسره أيضًا بدء التظاهرات في جامعة مدينة أمبو غرب أوروميا، التي يتوافر فيها مستوى عالٍ من التعليم الخاص والعام، ومنها إلى عموم الإقليم، وما تلا ذلك من دعم تقنيين متخصصين لهذا الحراك.
أثرت وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال صوت هؤلاء المحتجين وكان ملموسًا داخل البلاد وخارجها، وتردد صداه في جاليات المهجر ولا سيما في مينيسوتا الأمريكية، حيث يقيم جوهر محمد الناشط والسياسي الأورومي الشاب الذي تبنى هذا الحراك مبكرًا وأمد المحتجين بالمشورة والمعلومات والتحليلات من خلال شبكة أوروميا للإعلام التي أسسها 2003، ووصفه بالأب الروحي لكيرو، رغم رفضه إياه، يعد مؤشرًا واضحًا على مدى نفوذه وتأثيره في أوساط هؤلاء الشباب.
الكيرو وآبي أحمد.. صانع الملك والمتمرد عليه:
بشكل غير متوقع أجبر هؤلاء الشباب أحد أقوى الأنظمة الإفريقية على الاستجابة لمطالبهم بعد أن وصلت البلاد إلى حافة انفجار عرقي، واستقال رئيس الوزراء هيلي مريام ديسالين، وفي أبريل/نيسان 2018 تسيد قصر منيليك في أديس أبابا نجم المرحلة الشاب آبي أحمد، في تغير تاريخي يضع أول أورومي في سدة السلطة بإثيوبيا.
اتخذ آبي أحمد العديد من الإجراءات التي كانت مطالب رئيسية للمحتجين نحو فتح باب المصالحات السياسية مع القوى المعارضة في الداخل والخارج ومنها OLF، والعمل على إجراء مصالحات خارجية لا سيما مع إريتريا والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإجراء تغييرات إدارية تضمنت محاسبة بعض الموظفين الفاسدين، ممَّا أدى إلى انخفاض وتيرة الاضطرابات في إقليم أوروميا بشكل كبير.غير أن شكاوى الكيرو ما لبثت أن تصاعدت من رئيس الوزراء الشاب نتيجة عوامل متعددة منها ما هو مرتبط بطموحات قومية متعلقة بالأورومو يرون أن أحمد ليس ممثلًا لها كما كان يتصورون، واتهامه بالتباطؤ في إجراء تغييرات جذرية في الهيكل الإداري تتضمن إقالة ومحاسبة الفاسدين، وضعف البنى التحتية في مناطقهم والبطالة والنقمة على إجراءات أمنية اتخذها، بل وصلت الاتهامات عند البعض إلى وصفه بأنه مشروع طاغية!
وهكذا بدأ الصدام بين السلطات والكيرو، واندلعت من جديد اضطرابات وصراعات عرقية في البلاد يتهم الكيرو بأنهم طرف أساسي فيما شهدته من جرائم، ولعل انتقال العلاقة الدراماتيكي بين جوهر محمد وآبي أحمد من الدعم إلى العداء والمنافسة في الانتخابات القادمة (مايو/أيار 2020) يلقي ضوءًا كاشفًا على تردي العلاقة بين الكيرو والأخير.
ومثلت أحداث 23-28 من أكتوبر/تشرين الأول 2019 مؤشرًا بالغ الخطورة، فما إن نشر جوهر محمد في صفحته على الفيسبوك أن عناصر حراسته أُمروا بالانسحاب، فيما يبدو تمهيدًا لمحاولة اغتياله، حتى تجمع المئات من الشباب حول منزله، وهزت الاحتجاجات بعض مدن أوروميا وأدى ذلك إلى مواجهات عنيفة بين الكيرو وقوات الأمن، وبين الأولى وقوى من جماعات عرقية أخرى، أدت إلى سقوط 83 قتيلًا، فيما بدا “بروفة” للمدى الذي قد تصل إليه الكيرو في التمرد على الدولة من جهة، ومدى ولائها لجوهر محمد من جهة أخرى، وطرح أسئلة مقلقة عن ردة فعلها في حال كانت العملية الانتخابية أو نتائجها سببًا لتطورات غير متوقعة.
يرى باحثون على أن الكيرو استطاعت تحقيق إنجاز تاريخي سواء بالنسبة للأورومو أم لإثيوبيا، لكن بعضهم في المقابل يؤكدون أن هذه القوة تفتقد للخبرة والنضج السياسيين المانعين لها من الانسياق وراء دعايات الأحزاب المتصارعة، كما أن التعقيدات المتراكمة منذ عقود طويلة في البلاد تلقي بظلالها السلبية على الوضع السياسي عمومًا، ممّا يطرح التساؤل عن خيارات الكيرو فيما بعد الفترة الانتقالية وهل ستصب في تأمين استقرار البلاد أم أنها ستخرج عن السيطرة، الأمر الذي يخشاه الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عبد القادر محمد علي صحفي مهتم بالقرن الإفريقي.