وردي في قلوبِ الإرتريين : أحمد عمر شيخ
7-Mar-2012
المركز
شامخٌ كنيل .. حالمٌ كفنّ خصبٌ كإفريقياالثامن عشر من فبراير 2012 يأتي الخبرُ كوقعِ حزنٍ ثقيلٍ يدبَُ بأوصالهِ في تلافيفِ ذاكرةٍ فنيّة تحتشدُ بعطاءِ ذلك الفنان الشامخ كالنيل والممتدّ على ضفافِ حالمٍ إفريقي ناصعٍ وبهي.تداعتْ بي الأوراق إلى العام 1997 – اللقاء الذي جمعني بهذه القامة الشاهقة كأشجار البان / القلامطوس , حين غنى كلماتٍ كتبتها له وفق رغبته أنْ يغني مِنْ إرتريا وعنها .
كانت تجربتي الأولى والوحيدة – إلى حين كتابة هذه السطور- في مجال كتابة النصوص الغنائية ,, حيث انصب جهدي ومازال في الكتابة الشعرية والروائية. هذا وقد وظف الفنان الكبير وردي ايقاع قومية التغري الارترية في تلحين النشيد.كانت هي المرَّة الثانية التي قدِم فيها إلى إرتريا , حيث كانت المرَّة الأولى في ستينيات القرن الماضي .كان وردي قادراً على الدفع وشحذ المخبوء لدى الغير وبلورته في صورة منتوجٍ فنّي وهو مافعله معي لأجرب الكلمة الغنائية ,, جاء وردي نهاية العام 1996 إلى أسمرا ومكث بهاقرابة الثلاثة أشهر هي عمر اجتماعي به في شقة الأخ/ فكري الحسن محمد عثمان إلى جوار ميدان فيات – في تلك الآونة- فكري الذي نعده سودانياً / إرتريا بحكم طول مكوثه في العاصمة الإرترية أسمرا شأنه شأن العديد من الإخوة السودانيين في إرتريا.كان وردي وبعظمة الفنان العارف يطلب منَّي أنْ استمع له وهو يقرأ لي مِنْ دفتره الأحمر الغلاف قصائد غنائية لإسماعيل حسن وإسحاق الحلنقي ومحمد المكي إبراهيم وغيرهم مِنْ شعراء الغناء السوداني الكبار , وذلك في طوافٍ شعريٍ رائع مع الذاكرة الفنية في سوداننا الحبيب.ظللتُ أرى أنَّ النسيج الثقافي الإرتري السوداني يتداخل حدَّ التماهي والالتحام إلى أنْ حظيتُ بشرف أنْ يلحن ويغني الفنان العظيم الراحل من كلماتٍ متواضعة كتبتهها في حبّ إرتريا ( هن اك خلف رابية .. هنا / ملامحٌ لنا/ ياوطناً يطلُّ في بيارق النشيدْ / ومدناً تهدهد القاماتِ في أحشائها/ نحنُ لها/ نحنُ له/ نوارساً / مشاعلا/ حلماً وعيدْ .يعشقُ الإرتريون كما السودانيين غناء وردي وصدحه الجميل الآسر على مرّ الحِقَب والعهود مابقتْ تلك الوشائج والروابط المتينة بيننا وبينكم ,, وهو ماأمَنَ عليه الفنان الإرتري الأب الفاضل/ الأمين عبداللطيف في آخر لقاءٍ له مع إذاعة صوت أميركا بصدد تأبين الفنان الكبير محمد وردي , لتضحي مسيرة وردي كحلمٍ سوداني إرتري / إفريقي متنامي ممتداً في عطاءٍ استمر وسيستمر كجريان النيل الشامخ وعذوبة اللغة العربية ونهر القاش وكلّ المساحات التي صدح فيها ومعها فناننا ذائع الصيت , معانقاً فضاء الحرية والانطلاق صوب صبحٍ جديد.هكذا كان ومازال محمد وردي منارة انعتاق وامل وشمعة حبٍّ لاتنطفيء مابقى الإنسان والفنّ الرسالي الخالد.الهم الله الشعب السوداني والإرتري والعربي والإفريقي والعالم الصبر والسلوان / وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.أسمرا 5-3-2012