عواتى الرمـــز:ابوحيوت
17-Sep-2009
المركز
زمان – عندما كان الوطن هو الهم الرئيسي الذي لا يعلو عليه أى شيئ مهما كانت مكانته حتى الأولاد والبنات- كان الفاتح من سبتمبرعواتي هوالمناسبة التي تتجدد فيها الروح الوطنية وروح الفداء والتضحية وكذلك التفاؤل بمستقبل أفضل…ولهذا كانت عبارة ” إن شاء الله السنة القادمة في إرتريا ” هي الدعاء التي يكررها الجميع .. واليوم تغيرت الأمنية والدعاء وأصبحنا نردد ” ربنا يحررنا من السجن الكبير”
كان عواتي صاحب رسالة تاريخية وهدف كبير وكان مقتنعاً بأن الهدف سوف يتحقق مهما طال الزمن وأن الشعب الإرتري سيلبي نداءه ولن يخذله.. وبالفعل تسابق ابناء عواتي من الرعيل الأول للحاق به ووجد التأييد والدعم اللامحدود من كل الأحرار. لم يتوان عواتي في تلبية النداء التاريخي من مؤسسي جبهة التحرير الإرترية ولم ينظر الى الوراء- الى اسرته الصغيرة – لأنه كان يحلم بوطن يولد من العدم وقد تحقق حلم عواتي الكبير بعد 30 عاماً من النضال المرير.. ولكن …وئد الحلم لحظة مولده وماتت الفرحة في شفاه الناس بغتة إثر وصول مجموعة مريضة الى الحكم.. همها الأول والأخير السلطة .. وشعارها : الى الجحيم لكل ماقيل للشعب عن الحرية و الديمقراطية ..يأتي الفاتح من سبتمبر هذه العام والوضع في إرتريا سيئ للغاية وعلى حافة الإنهيار.الكهول والأطفال يحصدهم المرض والجوع , والشباب يقضي حياته في الدفاعات وأعمال السخرة , أو يترك البلاد الى المجهول ليموت في الصحاري أو تبلعه الحيتان في البحار والمحيطات . و نحن في الخارج حالنا أتعس ” نسمع جعجعة ولا نرى طحينا ” بطوننا مليئة وعقولنا خاوية . نشغل أنفسنا بقضايا انصرافية لا تخدم إلا الطاغية وتطيل في عمر نظامه البغيض. تنظيماتنا تتعارك على لا شيئ . منها من يطالب باعتماد كل الوسائل لاسقاط النظام ومنها من يقول باللجوء الى الوسائل السلمية .ومنظمات مجتمع مدني ضائعة بين هذا وذاك.. ومثقفون – ومدعو ثقافة- يستعرضون عضلاتهم التنظيرية وقدراتهم الكتابية على صفحات الإنترنت ويثيرون قضايا هامشية ربما لا ترقى إلى مستوى يؤهلها لكى يضعها الشعب في ذيل اجندته التي يأتي في مقدمتها مطلب التخلص من الطاغية ونظامه البغيض .. لنرجع الى موضوعنا وهو الفاتح من سبتمبر الذي يأتي هذا العام وبعض الأصوات النشاز تشن حملة ضد كفاحنا المسلح. وعلى رأس هذه الاصوات السيد يوسيف قبريهوت الذي يسأل : ” هل كان الإستقلال يستاهل كل هذه التضحيات ؟” والجواب بإختصار ” نعم.. لأن إرتريا اصبحت دولة ذات سيادة وعضو في النادي الدولي اما الديمقراطية والعدالة والمساواة فهذه قضايا اختطفها اسياس. والمطلوب هو النضال من أجل تحريرها والتخلص من الطاغية ونظامه الى الأبد .. اما الجريمة االتي لا تغتفر هى الإفتراء الذي تجاوز الحدود بالتعدي على رمز الثورة ومفجرها الشهيد حامد ادريس عواتي ووصفه بقاطع طريق.. ولن اقول اكثر من أن ” هبي إيلنططا اكيتا لبل” ومعناها ” القرد يصف كل ما لا يلحق به بالسيئ” وهذا حال يوسيف قبريهوت وهو باختصار تكرار لما كانت تقوله جماعة نحنان علاماننا كما قال الأخ اكليلو زرئي في مقاله الرائع المنشور في عواتي . والتطاول على التاريخ – مع الاسف الشديد – لم ينته هنا بل جاء مقال الأخ عبدالرحمن سيد المنشور بتأريخ 5 اغسطس في عواتي بعنوان ” تعليق على تيارين” ليزيد الطين بلة . وفي هذا المقال يشيد الأخ عبد الرحمن بحركة تحرير إرتريا لأنها كانت تؤمن بتحرير ارتريا من الاستعمار بالوسائل السلمية ..وهذا لا غبار عليه لأن الحركة حلقة في سلسلة نضال شعبنا التي بدأها الأباء كبيري وسلطان وآخرون .وقد كان للحركة محاولة ايجابية لتلطيف الأجوء من تبعات الإنقسام الذي حدث خلال فترة حق تقرير المصير بين من كانوا يطالبون بالإستقلال وانصار الوحدة مع اثيوبيا. , لكن الأخ عبد الرحمن تجنى على الحقيقة عندما قال :” للمرة الإولى وربما الأخيرة في تأريخ الشعب الإرتري تمكنت الحركة من توحيد الشعب الإرتري, المسلمين والمسحيين والمرتفعات والمنخفضات” وهذا القول يحمل بين طياته إدعاءا باطلا .فان توصف حركة التحرير الارترية بانها كانت الوحيدة في مجال توحيد الشعب الارتري فيه تجن واضح على جبهة تحرير إرتريا التي وحدت الشعب كله تحت راية النضال وتمكنت من كسب المليشيات والباندا الذين كانوا يوجهون فوهات بنادقهم ضدها لينحازوا للثورة على الرغم من دعايات العدو وعملائه. لماذا هذا التجاهل ياترى؟ كل ما يمكن أن يقال هو ابتعاد الكاتب عن الموضوعية والإنصياع وراء الهوى, هوى الأسلوب السلمي, موضة هذه الأيام. جاءت جبهة التحرير لتواصل المشوار عبر الكفاح المسلح الذي وجد التأييد والدعم من الشعب حتى تحقق الحلم بعد دفع المهر الغالي. أما قول عبدالرحمن بأنه كان يستحسن لو لم تقم جبهة التحرير الإرترية معناه انه بسهولة وبجرة قلم يريد التخلص من حقبة مهمة وتاريخية من نضالنا ..هل يعقل هذا؟ ماذا عن كل تضحيات الشعب؟ وماذا عن الدماء التي سالت والدموع التي سكبت ؟ وماذا عن الأطفال الذين يتموا والزوجات اللائي ترملن؟ واخيراً.. ماذا عن الاف الشهداء وجرحى حرب التحرير؟ومسك الختام لمقاله جاء على شكل دعاية اعلانية لحزب الشعب والديمقراطي الذي وصفهما بالمجموعات الوطنية ..هذه الدعاية ذكرتني بأيام زمان البعيدة في مدينة كرن عندما كان المرحوم بخيتاي يناديى في وسط السوق ايام الجمعة لأفلام سراج منير (عنترة وعبله) وعبدالحليم حافظ (شارع الحب) وجون وين في الكاوبوي ويقول ” سلفوا وتكلفوا من سينما يوم يتترفوا” و لحظتها كنا نبدأ في البحث عن القرابيت بشتى الوسائل مثل إدعائنا ” استاذ كراس جديد طلبا او قلم رصاص واستيكت الخ الخ. اخي عبدالرحمن : اسمح لي أن اسألك من الذي جعلك قاضياً لتحكم على التنظيمات بأن هذه وطنية وهذه انعزالية ( أى غير وطنية حسب فهمي المتواضع) وهل كنت أنت غير وطني عندما كنت تلتزم بهذه الجماعات الواحدة تلو الأخرى عملا بالمبدأ التجريبي الذي تؤمن به (حسب إعتقادي )؟واخيراً نصيحة من أخ يحترم اختياراتك حتى ولو لم يتفق معك فيها كليا أو جزئيا : اترك للأخرين حرية الإختيار وبلاش مؤثرات خارجية . ولا تنس بأن من صنفتهم بـالجماعات الوطنية والإنعزالية هم من الرواد وهم من القلة التي لم يخضعها السراب وتشد الرحال لتقول ” حضرت سيدي الرئيس” وهم من ادخلوا مصطلح المقاومة في قاموسنا وكذلك لا تنس بأنهم يناضـلون معــا من خندق واحد على الأقل حتى الأن . وكل عام وانتم بخير واعاده عليكم وعلينا وشعبنا والوطن قد تحرر وراية عواتي قد عادت لترفرف في سماء الوطن من جديد. ابوحيوت