في ندوة الشرق الأوسط وإفريقيا ، ياسين : التدخل الإرتري لعب دوراً سالباً في الصومال
25-Jan-2007
المركز
الخرطوم : adoulis
نظم مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا ندوة بالخرطوم بتاريخ 22 يناير الجاري تحت عنوان ” الصراع في الصومال وتداعياته في القرن الإفريقي ” شارك فيها عدد من الباحثين والمهتمين بأوضاع القرن الإفريقي . فمن خلف المنصة تحدث الدكتور إبراهيم ميرغني من جامعة الزعيم الأزهري
والدكتور محمد أحمد شيخ علي الباحث في مركز الراصد للدراسات والصومالي الجنسية والأستاذ ياسين محمد عبدالله رئيس مركز سويرا لحقوق الإنسان والدارس لأوضاع القرن الإفريقي والبروفيسور حسن مكي الخبير بمنطقة القرن اففريقي والأستاذ بجامعة إفريقيا العالمية . و أدار الندوة وساهم فيها بمداخلات مهمة السفير عثمان السيد مدير المركز والسفير السوداني السابق لدى أديس أبابا . ومن خارج المنصة تحدث عدد من المهتمين السودانيين والإرتريين والصوماليين ، وفيما يلي إليكم نص ورقة الأستاذ ياسين محمد عبدالله :سوف أتناول جانبين في الموضوع الصومالي ، العامل الدولي والعامل الإقليمي ، فيما يتعلق بالأول سوف أركز على الدور الأمريكي وطبيعته في الصومال . فقد تدخلت في الصومال لأول مرة عام 1992م ، ووقتها تهمة محاربة الإرهاب لم تكن موجودة ،وكان المبرر تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الصومالي بينما كان ذلك الدور في اطار ما سمي حينها بإعادة الأمل في الوقت ان كان هنالك عدد من الشعوب الافريقية تعاني من مجاعة اكبر بكثير مما كان في الصومال ، وكان عدد الجنود الأمريكيين 28 ألف جندي . والسبب كما ذكرت بعض التقارير واعتقده سببا معقولا ، الصومال بلد إستراتيجي مهم كموقع وتمر عبره أهم تجارة عالمية وهي تجارة النفط بجانب كونه يمتلك إحتياطات نفطية هائلة . فعند إنهيار نظام سياد بري عام 1991م وكان ثلثي الأراضي الصومالية حق الإمتياز فيها أعطى لشركات أمريكية . هذا الإحتياط النفطي تم التأكيد عليه من خلال دراسات أشرف عليها البنك الدولي حيث أشارت هذه الدراسات إلى أن أكثر بلدين يمتلكان إحتياطات نفطية في أفريقيا هما الصومال والسودان . لذلك يعتقد أن التدخل الأمريكي في الصومال تم بدفع من شركات النفط الكبيرة ومعروف علاقة أسرة بوش التجارية بهذه الشركات ، هذا فيما يتعلق بأول تدخل أمريكي في الصومال . التدخلات الأخرى لأمريكا في الشأن الصومالي هو التدخل الذي تم في العام الماضي لدعم أمراء الحرب في مقديشو من قبل الإستخبارات الأمريكية في حربهم ضد المحاكم الإسلامية والنتيجة معروفة وهي إنتصار الأخيرة على أمراء الحرب وسيطرتها على العاصمة وأغلب المناطق الصومالية . الولايات المتحدة في ذلك الوقت سياستها تلخصت حسب ما أفادت به جينداي فريزر امام اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا في مجلس الشيوخ أن أولوياتها في الصومال هي أربعة : أولها التعامل مع التهديد الإرهابي ثم تأتي البقية كالمصالحة والإستقرار وغيرها ، والمتابع الآن للشأن الصومالي يشعر بالتغييربعد سيطرة الحكومة الإنتقالية ، فهناك من يدعو ويتحدث عن طرف معتدل في المحاكم لأن يكون تفاوض بين الحكومة الإنتقالية والمحاكم الإسلامية . في 17 يناير 2007م عقد في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ندوة تحدثت فيها السفيرة فريزر وطرحت اولويات جديدة يأتي في مقدمتها حشد دعم دولي للحكومة الصومالية ، ونشر قوات إفريقية وتشجيع حوار بين الأطراف الصومالية وليس هناك حديث عن الإرهاب . وكانت المشكلة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصومال طوال السنوات الماضية تكمن في الحديث حول الإرهاب وكيفية التعامل معه ، وإعتقال ثلاثة أشخاص ، دون أدنى إعتبار لمعاناة الشعب الصومالي ومساعدته على تجاوز ذلك بإعتبارها قوى كبرى في العالم ، والموقف الدولي بالعموم يرتبط إرتباط كبير بما تتبعه الولايات المتحدة من سياسات تجاه الصومال ، فإذا كانت الولايات المتحدة ترغب في دعم المصالحة الصومالية وتستطيع أن تفعل ذلك بغض النظر عن الموقف الإثيوبي وموقف الحكومة الصومالية الإنتقالية لأن الأخيرة تتلقى دعمها من أروبا وكذلك إثيوبيا التي تدخلت لأسباب خاصة بها إلاً أنها لا تستطيع أن تقف أمام التوجه الأمريكي إذا كان صادقا . أمريكا أيضا تهتم بالصومال لأسباب إستراتيجية فقاعدتها العسكرية في جيبوتي سوف يتم توسيعها لتصبح مقر رئسا لقيادة جديدة للجيش الأمريكي تكون مسئولة عن الأوضاع في أفريقيا . وأفريقيا مهمة جدا لأمريكا ، فهي تستورد حتى الآن 15% من إستهلاكها من النفط الإفريقي وهي بصدد أن تجعل هذه النسبة تصل إلى 25 % في السنوات القليلة القادمة ، لذلك يمكن أن تغير أمريكا تكتيكاتها تجاه الصومال فبدلا من إتباع الأسلوب الخشن الذي إتبعته في العراق يمكن اتباع أسلوب ناعم في الصومال ، وصولا إلى قيام نظام سياسي موالي لها ويكون هنالك شكل من أشكال الإستقرار يضمن مستقبلا وجود بلد حليف وتحصل على الإحتياطات النفطية في الصومال . نخلص للقول أن التدخل الامريكي في الصومال له ثلاثة أسباب هي :-النفط ، الموقع الإستراتيجي ، والثالث هو التهديد الإرهابي وهو سبب غير قوي و غير حقيقي ومؤثر في رأي.أما العامل الإقليمي ، فإن اللاعب الإقليمي في المنطقة هو إثيوبيا ، ولها دوافعها الخاصة بالإهتمام بالصومال ، كالمشكلة التاريخية بعيدة المدى وأعني مشكلة الأوغادين ، وكذلك التهديد الذي ظهر من خلال الخطاب المستفذ الذي أطلقته المحاكم الإسلامية ، وكذلك إهتمام إثيوبيا بإستخدام المنافذ البحرية الصومالية مستقبلا بعد أن فقدت المنافذ الإرترية . والخوف من إستخدام إرتريا الصومال ضدها وكذلك إستخدام المعارضة الإثيوبية للأراضي الصومالية . وعندما سألت السفيرة فريزر في المؤتمر الذي أشرت إليه والذي عقد في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية عن الثمن الذي قبضته إثيوبيا مقابل تدخلها في الصومال . قالت نحن لا ندفع لإثيوبيا مقابل حماية مصالحها . فقد دخلت إثيوبيا الصومال حماية لمصالحها الخاصة . أيضا أنا أعتقد أن لا تطابق تام بين المصالح الإثيوبية والأمريكية ،فالأخيرة وحسب مانعلم لا تسمح لأي قوى إقليمية بالهيمنة على الدول الأخرى فهي تحب أن يكون إرتباط هذه الدول مباشرا بها ، لذا سوف لا تسمح لإثيوبيا أن تسيطر على الصومال وفي وقت ما سوف يظهر الإختلاف وقد يظهر الآن من خلال تبني أمريكا لموضوع التفاوض وأرى أن إثيوبيا لا تشجع على ذلك ولا تتحمس له ، أيضا أن أحد دوافع التدخل الإثيوبي في الصومال كانت إرتريا التي دخلت كعامل قوي ومؤثر في الصومال من خلال دعمها للمحاكم الإسلامية ، وكلنا نعرف أن إريتريا لا تحمل ودا لكل الإسلاميين في أي مكان في العالم ، لكن رأت أن تستخدم الورقة الصومالية ضد إثيوبيا ، وأضاف ذلك هاجسا جديدا إلى الهواجس الإثيوبية تجاه إستقرار الصومال ، وبالتالي التدخل الإرتري لعب دورا سلبيا ، والخطر الآن أن تستمر إرتريا في تحريض أي قوى صومالية ، وهذا يقوض عملية الإستقرار ، وبغض النظر عن وجهة نظرنا فإن هذه اللحظة يمكن ان تكون منطلقا لإستقرار الصومال وبناءه ، و أرى أن الواقع السياسي الراهن يمكن أن يكون منطلقا ليكون هناك إستقرار في الصومال .أما بشأن المعالجة الإقليمية التي تتبناها الولايات المتحدة أعتقد أن أي قوة إقليمية تأتي للصومال لا تستطيع أن تحل محل القوات الإثيوبية لأن الإثيوبيين لهم دوافعهم للقتال لذا فإن أي قوات أخرى سوف لا يكون لها نفس الدوافع حتى لو كانت قوات من دول إسلامية ، كما يعتقد الأمريكان ، والحل يكمن في الإسراع في إعطاء موضوع الوحدة الوطنية والمصالحة الأولوية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعطي الأولوية للمصالحة ، أما إخراج القوات الإثيوبية والمجئ بقوات أخرى مهما يبلغ عددها ، فهذا لا يحل المشكلة ، وهذا لا يعني إستمرار القوات الإثيوبية لأنها سوف لا تستطيع في المحافظة على الأمن والإستقرار.والطريقة الخاطئة التي تتعامل بها الحكومة الإنتقالية مع قوات المحاكم وقادتها كمجرمين أظنها مسألة مضرة ، وكذلك إقالة رئيس البرلمان ولا يخدم ذلك مسألة المصالحة ، لأن هذه الحكومة جاءت في ظروف معينة ومهمتها هي الإنتقال بالصومال من حالة التشرذم إلى حالة الإستقرار، ولكنها ليست القوة التي يجب أن يساعدها المجتمع الدولي حتى تنتصر على بقية الفرقاء .