مركز سويرا لحقوق الإنسان : تقرير حالة حقوق الإنسان في إرتريا 2006
3-Jun-2007
المركز
تقديم
لم يعد إلى إريتريا بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عاماً على استقلالها حوالي 80% من مواطنيها الذين هربوا منها بسبب حرب التحرير. وقد بدأت في عام 2000 موجات جديدة من الهروب بفعل تداعيات حرب السنتين مع إثيوبيا (1998/2000)، خصوصا تمديد فترة الخدمة الوطنية المحددة حسب القانون بثمانية عشر شهراً إلى أجل غير مسمى، وبسبب التضييق على الحريات العامة الذي تصاعد بعد انتهاء الحرب.
لقد صحب تنفيذ برنامج الخدمة الوطنية سلسلة بشعة من انتهاكات حقوق الإنسان طالت كل فئات المجتمع الإريتري. فأُجبر المكلفون بالخدمة على الاستمرار فيها إلى آجال غير محددة وأُطلقت النار على الذين حاولوا الهروب من أدائها وسُجن من قُبض عليهم. وحُرم المُكلفون من حقوقهم المدنية واستغلوا في أعمال خاصة دون أجر وسُجن آلاف من أولياء أمور الهاربين منهم. وتضررت المرأة من تنفيذ هذا البرنامج فتراجعت نسبة تسجيل الفتيات في المدارس الثانوية من 48.3% في العام الدراسي 1991/1992 إلى 36.8% في العام 2000/2001 بسبب خوف الأهل أن يؤدي استمرار بناتهم في المدرسة إلى إرسالهن إلى معسكرات التدريب في (ساوا) والتعرض لمخاطر الإيذاء الجسدي والنفسي. وأغلقت الحكومة جامعة أسمرا نهائياً في عام 2006 بعد أن كانت قد أمرت إدارتها بعدم قبول طلاب جدد منذ عام 2003. وانعكس التطبيق المتعسف للخدمة الوطنية على استقرار الأسرة الإريترية حيث تراجعت نسبة الأزواج الذين يعيشون في منزل مشترك بين عامي 1995 و2002 من 60.4% إلى 30.5% بالنسبة للفئة العمرية 15-19، ومن 78.1% إلى 42% للفئة العمرية20– 24، ومن 92.1% إلى 48.9 بالنسبة للفئة العمرية 25-29 .([1]) وبسبب التطبيق المتعسف للخدمة الوطنية لجأ إلى خارج البلاد لأول مرة أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 -15 عاماً أفرز تواجدهم في معسكرات اللاجئين مشكلات من نوع مختلف لحاجتهم لرعاية خاصة في ظل انفصالهم عن أسرهم في بيئة تنعدم فيها الرعاية الاجتماعية والصحية الملائمة. وتنفرد الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة بالسلطة منذ الاستقلال فلم تسمح بقيام أحزاب أخرى ولم تجر أي انتخابات عامة في البلاد. ولضمان انفرادها بالسلطة وتكريس هيمنتها كبلت الحكومة حركة المجتمع ومنعته من أية مبادرة أو تواصل بين مكوناته، وبينها والعالم الخارجي. وليست في البلاد صحافة مستقلة ووسائل إعلام الحكومة هي المصدر الوحيد للمعلومات. وليس في البلاد نقابات أو جمعيات مستقلة تنهض بحياة منسوبيها، وتدافع عن مصالحهم. ولا تحترم الحكومة الحريات الدينية حيث تتدخل في الشؤون الروحية والإدارية والمالية للطوائف الدينية ومؤسساتها.ولضمان استمرار هيمنتها على السلطة استخدمت الحكومة الترهيب، وأهم أدواته الاعتقال التعسفي حيث احتجزت آلاف الأشخاص بلا محاكمات ودون أي تواصل مع العالم الخارجي بما فيه أسرهم لسنوات طويلة دون أن تصرح بأماكن احتجازهم متجاهلةً التقارير التي تحدثت عن وفاة بعضهم وغير عابئة بمناشدات المنظمات وناشطي حقوق الإنسان للإفصاح عن مصير هؤلاء المعتقلين وتقديمهم لمحاكمات عادلة أو إطلاق سراحهم. ولم تنفرد المجموعة الحاكمة بالقرار السياسي فقط بل سيطرت على موارد الدولة المالية وتصرفت فيها دون رقيب. فلم يحدث منذ الاستقلال أن أتيح للشعب الإريتري معرفة حجم موارد الدولة ولا بنود صرفها. وتشير الأرقام التي نشرتها المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية إلى أنه لم تكن من أولويات الصرف في ميزانيات الدولة في السنوات السابقة التنمية ولا الخدمات الصحية والتعليمية. فإريتريا حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لعام 2005 تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم من ناحية الصرف على المجال العسكري قياسا إلى الناتج المحلي حيث بلغ صرفها على هذا المجال في عام 2003 ما نسبته 19.4% من صافي ناتجها المحلي بينما كانت النسبة المخصصة للتعليم 4.1% وللصحة 3.2%. وحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية لعام 2006 تراجعت النسبة المخصصة للصحة إلى 2% والمخصصة للتعليم إلى 3.8% في ميزانية عام 2004. ومع التدهور الكبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وحاجتهم الماسة للمساعدة قامت الحكومة الإريترية في عام 2006 بطرد أكثر من عشر منظمات دولية كانت تقدم خدمات للمواطنين في مجالات الإغاثة والصحة وتحسين البيئة وغيرها من المجالات المهمة وقد فعلت ذلك بحجة عدم التزام هذه المنظمات بالشروط التي وضعتها والتي كان من أهمها إيداع أية منظمة مليوني دولار أمريكي في حساب محلي.وساءت علاقة إريتريا بالمجتمع الدولي بما فيه المانحين بسبب النزاع الحدودي مع إثيوبيا وما فرضته الحكومة من قيود على تحليق مروحيات قوات حفظ السلام، ولطردها العاملين في بعثة حفظ السلام الدولية من رعايا الدول الغربية ولبيعها المساعدات الإنسانية التي قدمتها هذه الدول. ومع إنها انضمت للعديد من مواثيق حقوق الإنسان إلا أن الحكومة الإريترية لم تلتزم بأي منها حيث ارتكبت انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية لمواطنيها منذ نيل البلاد لاستقلالها. وقد زادت هذه الانتهاكات خلال 2006 كما يوضح هذا التقرير الذي يغطي الفترة من نوفمبر 2005 وحتى ديسمبر 2006 بعد أن غطى التقرير الأول الفترة من الاستقلال وحتى نوفمبر 2005. ومع أنه لم يشمل كل جوانب تطبيقات حقوق الإنسان بسبب إعداده مثل سابقه من خارج إريتريا إلا أن هذا التقرير يعطي صورة للحالة العامة لحقوق الإنسان في إريتريا خلال عام 2006 من خلال رصد أهم الممارسات والسياسات التي تتعلق بتطبيقات حقوق الإنسان. يشتمل التقرير على ستة أقسام، يتناول القسم الأول وضع الحريات العامة والحقوق المدنية ويشتمل على عناوين فرعية هي الحريات السياسية والنقابية، الحريات الدينية،حرية التعبير،الحق في الحصول على محاكمة عادلة والحق في الخصوصية. ويتناول القسم الثاني الاعتقالات التعسفية وأوضاع السجون والتعذيب وهو يحتوي على ثلاث قوائم للمعتقلين تضمنت الأولى أسماء الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تقرير المركز لعام 2005 ولم يطلق سراحهم خلال عام 2006، والثانية أسماء لمعتقلين في الفترة من قبل نوفمبر 2005 ولم ترد أسماؤهم في التقرير السابق والثالثة والأخيرة تضمنت أسماء الأشخاص الذين اعتقلوا خلال عام 2006. ولا يدعي المركز أن هذه القوائم تتضمن أسماء كل سجناء الضمير في إريتريا فهي لا تتضمن سوى أسماء الأشخاص الذين تم التأكد من اعتقالهم من خلال اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بأسرهم أو أصدقائهم أجراها المركز وأولئك الذين تكرر وروود أسمائهم في التقارير الدولية أو اختفوا من منازلهم قسريا ولم تنف الحكومة اعتقالهم. ويتناول هذا القسم أيضاً أوضاع السجون في البلاد وأساليب التعذيب التي يتعرض لها السجناء. ويتناول القسم الثالث العنف والتمييز ضد المرأة وهذه هي المرة الأولى التي يخصص فيها التقرير قسم لأوضاع المرأة، يتناول هذا القسم العنف الذي تعرضت له المرأة من قبل المجتمع والحكومة والكيفية التي أضرت بها سياسات الأخيرة بفرص تطورها وتسببت فيها بتزايد الفارق بين الإناث والذكور في مجالات مثل التعليم والتوظيف. ويتناول القسم الرابع الانتهاكات التي تمت في إطار الخدمة الوطنية خلال 2006 حيث نفذت الحكومة لأول مرة إعدامات بحق عدة أشخاص في ساحات عامة بتهمة مساعدة فارين من الخدمة على عبور الحدود السودانية وأطلقت قواتها النار على فارين من الخدمة حاولوا الفرار عبر الحدود. وقد استمرت الحكومة خلال 2006 في اعتقال أولياء أمور الفارين من الخدمة ولم تطلق سراح سوى الذين التحق أبناؤهم بالخدمة أو دفعوا غرامات مالية. وخُصص القسم الخامس لأوضاع اللاجئين الإريتريين في كل من السودان وإثيوبيا والمشاكل التي تواجههم في المعسكرات. وخُصص القسم السادس لاستجابة المجتمع الدولي للانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإريترية وهو يتناول علاقات إريتريا مع المجتمع الدولي خلال 2006 والكيفية التي تعاملت بها الأطراف الرئيسة مع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة الإريترية. واختتم التقرير بتوصيات حول الكيفية التي يجب أن تتعامل بها الأطراف المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في إريتريا مع الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإريترية وقد وُجهت التوصيات إلى منظمات حقوق الإنسان والناشطين الإريتريين وإلى المنظمات الدولية غير الحكومية ومؤسسات المجتمع الدولي المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان. يأمل مركز سويرا أن يسهم الناشطون الإريتريون في توزيع التقرير على أوسع نطاق لفضح الانتهاكات البشعة التي ترتكبها الحكومة الإريترية ولاستنهاض طاقات قوى الخير للتصدي لها. ويتوجه المركز بالشكر للأصدقاء الذين قدموا له الدعم المالي فلو لا دعمهم السخي لما كان صدور التقرير ممكنا وللأصدقاء: سوسن خالد التي قامت بالتدقيق اللغوي ومجدي النعيم الذي قام بالترجمة إلى الإنجليزية وللأصدقاء الذين قاموا بمراجعة مسودة التقرير وأبدوا ملاحظات قيمة حولها، لهم جميعا الشكر الجزيل فقد ساعد عملهم الخلاق والمخلص على تلافي الكثير من القصور والأخطاء . ياسين محمد عبد الله رئيس المركز أبريل2007 للحصول التقرير كاملا :http://www.suwera.net/asas/re.html