المرافعة الأخيرة على أبواب مؤتمر التحالف : عبدالرازق كرار
18-Nov-2006
المركز
أقل من شهر واحد يفصلنا عن المؤتمر العام للتحالف الديمقراطي الإرتري ، وهو المستوى القيادي الذي من المفترض أن يحل مكان إجتماع القيادة المركزية السابق للتحالف ويكون أسمى منه لائحياً ، وذلك بإعتباره أعلى سلطة في التحالف ، حيث من المقرر أن يحضره ممثلين عن التنظيمات السياسية المكونة للتحالف بنسب اكبر من عضويتها في القيادة المركزية ،
كما سيحضره ممثلين للتنظيمات الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والمراكز الإعلامية والشخصيات الأكاديمية ورجال الدين وقيادات المجتمع ، هذا الحدث الذي من المفترض أن يأتي بهذه المواصفات لايفصلنا عنه سوى شهر واحد ، في ظل متغيرات سياسية متسارعة في المنطقة بدأت تأثيراتها على الساحة الإرترية ( حكومة ومعارضة ) واضحة للعيان .ولأن حدث بهذا الحجم لاينعقد لمجرد الإنعقاد بل لمعالجة قضايا تحتاجها الساحة ، وكذلك لبلورة رؤية مستقبلية تكون هادية لعمل المعارضة تستصحب كل الظروف الداخلية والخارجية ، يكون أمر التحضير الجيد له من الإهمية بمكان ، وفي هذه السانحة سنحاول ان نتلمس البنود التي يمكن أن يناقشها مثل هذا المؤتمر :أولاً : تبقى قضية استمرار التحالف ومدى جدواه وفاعليته بهذه الطريقة هى أولى محطات المؤتمر ، ورغم أن الموضوع يعتبر من المسلمات لكن كثير مما نعتبره مسلمات بقليل من النقاش الموضوعي يصبح الأمر قابلاً للأخذ والرد ، وفي تقديري أن استمرار التحالف بشكله الحالي ليس أمر لازماً فالعبرة ليس في الأشكال ولكن في الإنجاز ، وإنجاز التحالف لم يتجاوز إنجازه لحظة تكوينه وهو توافق التنظيمات السياسية في كيان واحد وميثاق واحد يرسخ لمبادئ دستورية لدولة ديمقراطية في المستقبل ، ورغم أنه لأحد يقلل من هذا الإنجاز ، ويجوز القول فيه بأنه إنجاز غير مسبوق في الساحة الإرترية ، إلا أنه غير كاف في حد ذاته ليبرر لإستمرارية التحالف ، إذا لم تكن هنالك منجزات على ارض الواقع ،وارتفاع للخط البياني لإيقاع التحالف .إذاً تبقى مناقشة بقاء التحالف من عدمه واحدة من القضايا المفتاحية لهذا المؤتمر ، ومناقشة الموضوع لايعني بالضرورة ارتداد الفكر السياسي الى الوراء ، حيث محطة التشرزم ولكن يمكن القفز خطوة الى الأمام في صيغة جبهوية اكثر فعالية ، المهم أنه من المحصلة المنظورة لنتائج النشاط السياسي لمنظومة العمل السياسي المعارض يدرك أنه ليس هنالك مسلمات وسقف لمناقشة الآليات كانت أ و الوسائل .الميثاق : إذا كان مناقشة كيان التحالف في ذاته ممكناً ومقبولاً ، فإن مناقشة ميثاقه هى من باب اولى ، والميثاق هو من القضايا التي اثارت جدلاً كبيراً طوال مسيرة التحالف الوطني أو اليمقراطي ، ونحاول هنا أن نستعرض الفقرات التي أثارت كل هذا الجدل ثم نقف على حقيقة هل كانت تستحق كل هذا التجاذب أم كانت مجرد واجهة كقميص عثمان لتعفي البعض من مسئولية النضال الجماعي وفق الآليات المتفق عليها .الفقرة الرابعة من المادة الأولى المنطلقات والثوابت كانت واحدة من النقاط التي اثارت ضجة كبيرة مع الفقرة الخامسة ولنستعرض معاً نص الفقرة الرابعة 🙁 إقرار مبدأ حرية المعتقدات أيا كانت حرية العبادة والحريات العامة والفردية والإقرار بالتنوع الثقافي والديني والقومي وبحق القوميات في إقرار قضاياها بنفسها على اساس من المساواة والإحترام المتبادل مع أعتبار المواطنة أساس الحقوق الواجبات ) .هذه الفقرة كانت محل أعتراض من تنظيمات ترى أن ما أعطى للقوميات أكثر مما تستحق معترضة على وجود قوميات في إرتريا من الأصل وقدمت شروحات مستفيضة عن تعريف القوميات مستعينة بكل ما جاء في علم ( الإنثربولجيا ) كما أعتبرها البعض نقلاً حرفياً للتجربة الإثيوبية وهو نقل في غير مكانه ولا سياقه ، أما التنظيمات الأخرى وخاصة التي تنطلق من منطلقات اثنية أو لها إحتكاك مباشر بالتجربة الإثيوبية فأعتبرتها إنجازاً مهماً في طريق الإعتراف بالمظالم ورد الحقوق منطلقة مما ورد في القانون الدولي الذي يعتبر حق تقرير المصير حقاً أصيلاً ، أما تنظيمات أخرى فساومت بهذا الحق مقابل الموافقة على نصوص أخرى وردت في الميثاق في إطار التكتيات السياسية ، وآخرون ساوموا بها مقابل مواقع تعطى أو مناصب لهم في قيادة التحالف . هذا هو السياق الذي جاء فيه إقرار الميثاق وبالطبع الفقرة الرابعة الواردة في المادة الأولى ولن أدعى بانني خبير في القانون الدولى ولكن من خلال الإطلاع أستطيع أن اقول أن هذه المادة تتميز بعدة سمات منها :1ـ المادة تتميز بجمعها لمبادئ دستورية كثيرة داخلها ، كما تلحظ فيها ركاكة في الصياغة والسبك فهى تخصص لتعمم ثم تعمم لتخصص ، وتورد مواد دستورية جامعة كتفصيل لمواد فرعية .2ـ خلطت بين ماهو عام وماهو خاص ، وبين ما يتعلق بالإفراد كحرية العبادة والحريات الفردية ، وما يتعلق بالجماعات كالتنوع الثقافي والديني والقومى ، وإدماج مبدأ كحق تقرير القوميات لمصيرها داخل مادة تحمل أكثر من مبدأ دستوري .المادة في جملتها تحس منها أنها صيغت على عجل ، وهو سمة الميثاق في جملته : والآن نناقش الحجج التي دفع بها المعترضون على هذه المادة وهي : •يرى الفريق بأنه لاتوجد في ارتريا قوميات ولكن مجموعات لغوية مع تداخل كبير بين هذه المحموعات وفي مثل هذه الحالات يصعب تطبيق مبدأ تقرير المصير .•يرى الفريق أن المظالم في ارتريا هي مظالم ناتجة عن الإستعمار ، ومن بعده نظام ديكتاتوري فاقد للشرعية وبالتالى المظالم واقعة على كافة قطاعات الشعب الإرتري بدرجات متفاوتة لذا من الواجب أن نعطي النظام الديمقراطي فرصة حتى نرى مدى اسهامه في تذويب هذه الفروقات .•يرى الفريق أن هذا المبدأ يساعد على تمزيق ارتريا خاصة في ظل الوضع الإستثنائي ( الإستقطاب الديني والإثني ) الذي تعيشه ارتريا ونظام أسياس الذي يستغل مثل هذه الأوضاع لترسيخ مزيد من الفرقة بين قطاعات ومكونات الشعب الإرتري ومثل هذه النداءات تساعد اسياس على مشروعه .•يرى الفريق أن نظام لا مركزي بصلاحيات واسعة للأقاليم بعد إعادة تقسيمها بما يراعي التكوينات الإثنية ، والحقوق التاريخية في الأرض تحل مشكلة المظالم النسبية التي وقعت على بعض ( القوميات ) بدرجة أكبر من الأخرى . هذه بعض حجج الفريق الذي يعترض على هذه الفقرة وبالطبع يمكن أن يضيفوا اليها قائمة طويلة ، ولكن أعتقد أن هذه أهم الحجج التي أستطعت أن أرصدها من خلال متابعتي لما يصدر عن أدبيات المعترضين .إذا كانت هذه حجج المعترضين فإن حجج المتحمسين لهذه الفقرة نستطيع أن نلخصها في الآتي :•إن مبدأ تقرير المصير مبدأ دولي ولا معني لإستثناء القوميات الإرترية من ذلك المبدأ .•إن هذه القوميات تعرضت لظلم حقيقي بدرجة كبيرة ، مما دفعها للنضال وبالتالى يجب تقدير نضالها من خلال تثبيت هذا الحق لها .•إن أثيوبيا اثبتت من خلال تجربتها نجاحاً نسبياً وليس هنالك مانع من الإستفادة من التجربة الإثيوبية .•إن وحدة إرتريا ليس أمراً مقدساً في حد ذاته بل الوحدة وسيلة لإستقرار والرفاهية ، وإذا كانت الوحدة مدخلاً للمظالم فلا معنى لها وبالتالى فالمهم هو البحث عن صيغة تكفل تلك القيم .•حق تقرير المصير ليس بالضرورة مدخلاً للتمزق فقد يكون مدخلاً للوحدة الإختيارية وهي أقوى بكثير من الوحدة الإجبارية .كان هذا استعراض لموقف التيارين ، وهنالك آخرون بنو موقفهم وفق مصلحتهم التكتيكية من هذه الفقرة موافقة أو رفضاً وهو مبدا مشروع ومعمول به في إطار التحالفات السياسية ولكنه يعفينا من إيراد مبرراتهم في هذا المجال. هذه هى منطلقات الموقفين ونحن لسنا بصدد تقييم هذه المواقف ومدى بعدها أو قربها من القانون الدولي أو الواقع الإرتري نترك ذلك كله لفطنة القارئ ، ولكن نحن بصدد مناقشة هل كانت هذه الخلافات هى سبب حقيقي في تخلف العمل التنفيذي .ولكن قبل ان نشرع في ذلك يجب أن نناقش بقية فقرات ميثاق التحالف التي هى محل خلاف وأهمها الفقرة الخامسة في المادة الأولى المنطلقات والثوابت .ولنستعرض نصها معاً : ( يحق للمسلمين تطبيق شريعتهم على شئون حياتهم ، كما يحق للمسيحين تطبيق تعاليم دينهم وأعرافهم وكذلك يحق للمعتقدات الدينية الأخرى في ظل الدستور الإرتري الواحد ) .وكما اسلفنا فإن صياغة المادة تم على عجل كما يبدو إذ تفتقر الى الصياغة المحكمة وروح الندية والإستقطاب البارزة من ثناياها مثل إيراد المسلمين والمسيحيين والديانات الأخري . ومدى صمود هذه التوصيفات أمام التحليل العلمي الذي ينبني على وقائع ومحددات علمية وواقعية .ولكن يستحسن وفق المنهج الذي اتبعناه أن نورد مبررات الطرفين المتحمس والرافض لهذه الفقرة وذلك من خلال المتابعة اللصيقة لأدبيات الطرفين ولنبدأ بمبررات الرافضين والمعترضين عليها واهمها :•يرى هذا الفريق أن عهد الدولة الثيوقراطية قد ولى وبالتالى هم ينادون بدولة تقوم على نظام علماني يفصل بين الدين والدولة .•يرى الفريق أن هذه الفقرة تستدعي الأخريين للتكتل وهذا يؤدي الى تمزيق النسيج الإجتماعي الغير متجانس اصلاً نتيجة لعوامل داخلية وخارجية .•يرى هذا الفريق أن الشريعة برنامج الحد الأعلى لبعض التنظيمات وبالتالى لا يمكن تضمينها في ميثاق التحالف الذي هو برنامج الحد الأدني لكافة التنظيمات السياسية .•يرى هذا الفريق أن هذه الفقرة تستعدى الأطراف الغربية التي تصف التحالف بهيمنة الإسلاميين عليه مستدلين بهذه الفقرة ، في وقت أصبح فيه الغرب يحمل صورة نمطية للإسلاميين خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.• يرى هذا الفريق أن المسلمين في حد ذاتهم غير مجمعين على هذا المطلب حتي يتم التحدث باسمهم في هذا الشأن ، وحتى الدول التي كل أو جلَ سكانها من المسلمين لم تضمن مثل هذه الفقرة فكيف بإرتريا .نستطيع أن نقول أن هذه هي أهم حجج الفريق الرافض لهذه الفقرة ويعتبرها فقرة معيقة لعمل التحالف ، أما الفريق المطالب بالإبقاء على هذه الفقرة فيستند الى الآتي :•حكم الشريعة يعتبر من الواجبات التي لايكتمل ايمان المسلم إلا بالسعى لتطبيقه وبالتالى ليس لهم في الأمر مفاضلة بين خيارات كثيرة .•أن الشريعة لاتفتئت على حق الآخرين وبالتالي ليس هنالك مخاوف من تطبيقها ، وإن مايحمله الآخريين عنها هى صورة نمطية لا تمت الى الحقيقة بصلة .•الشريعة الإسلامية هى واحدة من مصادر القانون الدولي وهذا أعتراف بثرائها ومرونتها .•إن المسلمين دائماً ما يحسون أنهم مستهدفون في دينهم سواء كان من الأستعمار أو الجبهة الشعبية وإن رفض هذا المبدأ هو استمرار لإستهدافهم مع أنهم الأكثر تضحية وتضرراً من الأستعمار او نظام أسياس الدكتاتوري .•إن رفض هذا المبدأ يحرم المعارضة من قاعدة كبيرة من المسلمين يقفون معها من اجل هذا المبدا فليس هنالك ما يمنع من إيراده طالما انه سيكون في إطار المسلمين ومن خلال الخيار الديمقراطي الذي يعتمد على صناديق الإقتراع .قد تكون هذه أبرز حجج المؤيدين والمدافعين عن هذه الفقرة مع مبررات أخرى لا تبتعد كثيرا عنما أوردنا .الإختلاف على ميثاق التحالف لا يتوقف عند هاتين الفقرتين وإن كانتا هما الإبرز ولكن هنالك خلاف حول وسائل عمل التحالف إذ تنص الفقرة الثانية في المادة الثانية على الآتي 🙁 إتباع الوسائل المتاحة وفق ظروف كل مرحلة ويترك كيفية تنفيذها لقيادة التحالف ) وهي فقرة يرى البعض أنها فضفاضة جداً ويجب تقييدها ، بينما ترى تنظيمات أخرى ترى في العمل العسكرى وسيلة غير مناسبة ، إن هذه المادة تم تفسيرها من خلال إيجاد مكتب عسكرى في النظام الأساسي للتحالف ، وهى وسيلة مختلف عليها في الأصل .هنالك خلاف غير اساسي حول فقرات،المرحلتين المؤقتة ، والإنتقالية ، ومؤتمر الوفاق الوطني ولكن بالجملة تظل الملاحظات التي اوردناها في البداية عن العجلة في كتابة الميثاق وعدم تخصص الذين صاغوا الميثاق حيث تجد تداخل بين الفقرات ، وتقديم المهم وتأخير الأهم ، وأغفال مبادئ مهمة ، وإيراد قضايا فرعية لكن بالجملة تبقى روح الميثاق هى الأهم وبالتالى يجب صياغة الميثاق من جديد مع المحافظة على روح التوافقية الواردة فيه .التمثيل : بما ن القيادة المركزية هى أعلى سلطة في التحالف وفق منصوص المادة السابعة من النظام الأساسي للتحالف ، فقد ظل تمثيل التنظيمات في هذا المستوى واحدة من المواضيع المعقدة ، ففي حين ابتدأت التجربة بتمثيل متساوى بين التنظيمات في القيادة ، ولكن في تجربة التحالف الديمقرطي الذي جاء على أنقاض التحالف الوطني فقد أعتمد صيغة التنظيمات الكبيرة والصغيرة وهو ما أثار لغطاً كثيفاً حول معايير تصنيف حجم التنظيمات ، وقد جاءت أقوى الإنتقادات من الحركة الديمقراطية الفيدرالية .إذا كان ذلك في الماضي فإن قضية التمثيل لهذ المرحلة تحتاج تدقيق أكبر ومعايير أوضح ، فالتنظيمات التي اجتمعت قبل عام ليست هى بذات الديناميكية القديمة فقد عقدت تنظيمات مثل المجلس الثوري والحزب الديمقراطي مؤتمراتهم ، وخرجوا برؤى سوف يحاولوا بلورتها في هذا المؤتمر ، كما ظهر على الساحة تنظيم جديد هو ( جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية ) كنتاج لوحدة ثلاث تنظيمات كلها أعضاء في التحالف وهم ( جبهة التحرير الإرترية ـ المؤتمر الوطني ) و( الحركة الشعبية الإرترية) و ( الجبهة الديمقراطية الثورية الإرترية ـ صدقئ ) وتمثيل مثل هذا التنظيم في حد ذاته ينسف القاعدة القديمة المتمثلة في التنظيمات الصغيرة والكبيرة . هذا من ناحية التنظيمات السياسية ، أما بقية مكونات المؤتمر وفق القرار الصادر من القيادة المركزية في أخر إجماعاتها في يونيو الماضي فتتمثل في منظمات المجتمع المدني ، والأكاديميين ورجالات المجتمع الإرتري ، وتمثيل هؤلاء ونوع عضويتهم في المؤتمر من القضايا التي تحتاج الى رؤية وبصيرة كبيريتين .القيادة : كانت ولا تزال القيادة واحدة من مشكلات الساحة الإرترية التي إستعصت على الحل ، وإن لم نكن الآن بصدد تقليب التاريخ الإرتري لنبحث فيه عن تأثير القيادة والتنافس عليها في تشكيل مستقبل إرتريا وفق ماهو موجود الآن ، لكن يمكن التذكير فقط أن قضية ( من يقود ) لم تنتهى مع نهاية حقبة الإستعمار ، والكل مثلاً يذكر أن أكبر مشكلات التحالف الوطني في مرحلة تأسيسه كان التنافس على القيادة مما أفقده الكثير من الديناميكية المطلوبة وهو في بدايته .إذاً مشكلة القيادة حاضرة في العمل السياسي المعارض بقوة ، ولعلها كانت أكبر القضايا التي تجاوزها إجتماع القيادة المركزية الآخير بصعوبة بالغة ، وهنالك أفكار مطروحة مثل قيادة التنظيم الرائد ، أى بمعني ان يقود تنظيم محدد الجهاز التنفيذي للتحالف ، وغيرها من الأفكار النابعة من الداخل أو الوافدة من الخارج .وإذا كانت القيادة مشكلة في ظل تمثيل محدود للتنظيمات السياسية في القيادة المركزية للتحالف ، فإنها ولا شك ستكون حاضرة في مؤتمر يتسع فيه التمثيل للتنظيمات السياسية ، وتشاركها كذلك منظمات وشخصيات أخرى ، وبالنظر الى التاريخ الإرتري يمكن أن تكون مشكلة القيادة واحدة من القضايا التي تعصف بكل هذه الجهود إذ لم يتم التحضير بشكل جيد ، على الأقل على مستوى الأفكار والصلاحيات إن لم يكن على مستوى الشخصيات . الوسائل : بإجماع المراقبين ، والمتعاطفين ، والأعداء ظل إداء التحالف ضعيفاً جداً منذ تأسيسه ولم يتبع وسائل يمكن أن تقنع الآخريين بأنه موجود ، وحتى لانخوض كثيراً في هذا الموضوع يجب ان نتفق على أن الوسيلة هى الطريق المؤدى الى الهدف ، وإذا كانت أهداف التحالف الأساسية إسقاط النظام ، أو إنتزاع الإعتراف منه على أقل تقدير ، إو إقناع الآخريين بأنه البديل المناسب للنظام ، فذلك لم يحدث حتى الآن ، ونظام أسياس دون شك يعاني من مشكلات داخلية كثيرة ، ومشكلات خارجية أكثر ولكن كل هذه المشكلات لم يكن للتحالف فيها دخل ، فهى مشكلات تسببت فيها بنية النظام وطريقة تفكيره في التعامل مع الآخريين .إذاً التحالف حتى الآن لم يستطع ان يقول للداخل أو الخارج أنا موجود ، وليس له كروت ضغط مؤثرة على النظام حتى يجره الى مائدة المفاوضات ، وأسياس ليس بالشخص الكريم أو النبيل حتى يقدم من عند نفسه ليتفضل على الآخريين بعطايا التنازل عن السلطة أو إقتسامها عبر مفاوضات مع كيان وهمى لايرى له وجود كما يعتقد ، ولم يدفعه الآخر أيضاً الى ما يجعله يغير هذا الإعتقاد .إن مراجعة وسائل التحالف تبقى من أولويات المؤتمر ، التجربة الماضية كافية لتثبت أن وسائل التحالف كانت عاجزة وبالتالى ليس من الحكمة إمتطائها وإنت تدرك أنها لن توصلك الى أهدافك ، ولست بصدد إقتراح وسائل لأن هذا ليس مكانها ، ولكن إن لم يصاحب هذه الوسائل تضحيات فلن يكون لها معنى ولا قيمة ، ولم نسمع بديمقرطية جاءت من غير إعتقالات أو تعذيب أو إستشهاد ، ولنا في تجارب من سبقونا دروساً وعبر .خاتمة : إن تجربة التحالف غير المسبوقة في التاريخ الإرتري الحديث ، ميثاقة الذي حمل مبادئ دستورية يمكن أن تكون نواة لدولة يسودها حكم القانون ، وتتدول فيها السلطة عبر صناديق الإقتراع تجبرك على ان تحترمه ، ولكن إذا توق الأمر عند تكوين التحالف و الميثاق فإن الموقف سيتغير دون شك ، فالتحالف ليس هدفاً في ذاته ، والميثاق يظل في النهاية نصوص حالمة يمكن ان يكتبها أى قانوني مبتدء ، بل يمكن أن يأتي شاعراً يحلق بنا في تجسيد للدولة الفاضلة التي لن تتحقق أبداً على أرض الواقع ، والإرترى البسيط لايعرف كثيراً عن الميثاق وإن كان يقدس الوحدة لأنه وفق تجاربه يعتبرها الطريق الى النصر ، هذا الإرتري الذي يعاني الأمرين ينتظر الخلاص ، ولن يأتي الخلاص مما هو موجود ، كما لن يأتي بدونه ، إذاً المطلوب من المؤتمر هو المقاربة بين ماهو موجود وماهو مطلوب ، وإلا فلن يكون لهذا المؤتمر قيمة ولا معني والعبرة دائماً في الخواتيم .