وول ستريت جورنال: إريتريا تعرّض اتفاق السلام الإثيوبي للخطر
أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية نقلا عن مسؤولين دوليين ومحليين بأن القوات الإريترية تقف حجر عثرة في وجه اتفاق للسلام أبرمته إثيوبيا مع متمردي إقليم تيغراي شمالي البلاد، لوضع حد للحرب الأهلية الدائرة هناك.
وأوضحت تلك المصادر أن قوات دولة إريتريا المجاورة أخفقت في الانسحاب من الأراضي الإثيوبية بعد إبرام حكومة أديس أبابا اتفاقا للسلام في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وذكرت الصحيفة الأميركية -في تقرير لمراسلها في شرق أفريقيا ومنطقة البحيرات نيكولاس باريو المقيم في العاصمة الأوغندية كمبالا- أن الجنود الإريتريين لا يزالون يسيطرون على أكثر من 12 بلدة في تيغراي رغم مرور شهرين ونصف الشهر على توقيع قادة متمردي الإقليم اتفاقا مع الحكومة الاتحادية الإثيوبية ينص على وقف القتال بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين محليين ودوليين القول إن الجنود الإريتريين ظلوا يمارسون عمليات قتل وخطف المدنيين، ويعيقون وصول المساعدات لملايين الناس.
ووفقا لتقرير داخلي صادر عن مركز تنسيق الطوارئ في تيغراي الذي يضم وكالات تابعة للأمم المتحدة ومسؤولين من الحكومة الإثيوبية، فإن القوات الإريترية قتلت ما لا يقل عن 2708 أشخاص واختطفت 645 آخرين في الفترة بين الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني و30 ديسمبر/كانون الأول 2022.
كما أشار التقرير إلى عمليات قتل مزعومة لألف شخص آخرين على أيدي مقاتلين من إقليم أمهرة الواقع في جنوب غربي إثيوبيا، والذين دعموا الحكومة الاتحادية أيضا.
وجاء في التقرير -الذي اطلعت عليه صحيفة وول ستريت جورنال- أن شهود عيان التقتهم منظمات المجتمع المدني تحققوا من حدوث تلك الوفيات، فيما أفاد عمال إغاثة بأن الانتهاكات التي يرتكبها الجنود الإريتريون استمرت طوال العام الماضي.
وقالت متحدثة باسم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه “لكي يستمر السلام في تيغراي يجب على جميع أطراف النزاع -بما في ذلك القوات الإريترية- وضع حد فوري للانتهاكات”.
نفي إريتري
لكن وزير الإعلام الإريتري يماني جبر مسقل زعم أن قوات بلاده دخلت تيغراي، لوقف ما قال إنها خطط لجبهة تحرير شعب تيغراي لتوسيع أراضيها إلى إريتريا، نافيا أن تكون وراء قتل المدنيين وانتهاكات أخرى.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه لطالما كانت هناك توترات بين الجانبين يزيد أوارها في جانب منها موقع إريتريا في الشمال الشرقي، مما أدى إلى عزل إقليم تيغراي الإثيوبي عن الممرات المائية الإستراتيجية للبحر الأحمر.
كما قادت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الجيش الإثيوبي خلال حرب استمرت عقودا من الزمن مع إريتريا، ولم تنته رسميا إلا بعد وصول رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي آبي أحمد إلى السلطة في عام 2018.
والتزمت حكومة آبي أحمد -التي تحالفت مع إريتريا بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020- الصمت حيال الانتهاكات المزعومة من قبل القوات الإريترية.
وصرح رضوان حسين مستشار آبي أحمد للأمن القومي -في اجتماع للزعماء السياسيين عقد في أديس أبابا في الأول من يناير/كانون الثاني الحالي- بأن الإريتريين ساعدوا إثيوبيا على قلب مسار الحرب، وينبغي ألا يُطلب منهم المغادرة، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المحلية.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد دعا خلال لقائه آبي أحمد -على هامش القمة الأميركية الأفريقية في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول 2022- إلى انسحاب القوات الإريترية من إثيوبيا ووصول مراقبي حقوق الإنسان الدوليين إلى مناطق الصراع.
وتساءل بعض المحللين عن مدى قدرة آبي أحمد على التأثير على الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي ساعد دخوله الصراع في إثيوبيا على قلب دفة الحرب ضد مقاتلي جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي “المدججين بالسلاح والمتمرسين في القتال”، على حد تعبير وول ستريت جورنال.
ونسبت الصحيفة إلى كاميرون هدسون -وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية ويعمل الآن في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن- قوله إن رئيس الوزراء الإثيوبي “يريد أن ينعم بعلاقات طيبة مع واشنطن، لكنه في الوقت نفسه يعقد صفقة مع الشيطان للبقاء (في منصبه) داخل بلده، وهو ما يقوض طموحاته العالمية”.
وأضاف هدسون أن “الطريقة التي يسعى بها رئيس الوزراء الإثيوبي لإرضاء أفورقي والغرب معا لا تتيح له هامشا كبيرا للمناورة لتحقيق ما يصبو إليه”.