مقالات

حوش صاحبة الجلالة : حنان مران

18-May-2012

المركز

حرية الصحافة كانت أحدى أحلامنا البسيطة التى كنت سأتطرق إليها لاحقا نظرا لأنها تعد من رفاهيات المطلوب فى دكتاتورية فاقت كل التصورات فى القرن الحادى والعشرين، مقارنة بأبجديات المطالب الأساسية التى حرمت سياسة الشعبية الوطن والمواطن منها وهى على كثرتها بسيطة وأبسط حقوق الآدميين على ظهر البسيطة، وسأخصص لكل مطلب بسيط مقالة أبسط منها، وهى مجملة :-

1: حرية دخول الوطن والخروج منه دون شرط أو قيد للمقيمين به إقامة دائمة وجبرية والذين يتمنون فى غياب تلك الحرية ألا تدوم الإقامة بالوطن ويحلمون بمرض عضال يستميحون به الدولة عذرا ليخرجوا منها بغير سلام ولكن آمنين.2: ” ساوا ” والسخرة الوطنية التى أصبحت ملتقى الأسرة حيث يلحق الإبناء بآبائهم فى المعسكر دون أن تنتهى خدمة كليهما ما تقيدا بالحياة.3: الإقتصاد وإطراد تنفيه مجاعة تأبى عزة نفس شعب أن يفصح عنها ناهيك عن دولة تتبع سياسة ” جوع شعبك يتبعك” وبوابة الإستثمار المغلقة فى وجوه أبناء الوطن وغيرهم.4: لاجئوا ما بعد الإستقلال أكبرهزيمة تمنى بها الشعبية ، وإنتهاك عرض إرتريا بسيناء عار على جبين رأس الرئيس شخصيا.5: التعليم وعلاته الكثيرة ، وسخرة التلاميذ فى الأجازة الصيفية، وتفكيك الجامعة الوحيدة باسمرا ونثر أقسامها فى بقاع البلاد ومن ثم إنقطاع الطلبة عن أهليهم أو إنقطاعهم عن الدراسة.6: تهميش غالبية القوميات التسعة عند المشاركة فى مهام الدولة العليا و إحتكار السلطة و إختزال الدولة فى قوميتين أو ثلاثة على الأكثر.7: اللغة ، وفيها من الإشكالات ما يستعصى على فكر رجل واحد أن يحلها دون أن يربط بها ألسنة شرائح كبيرة من أبناء أمته.8: ” المدسكال” والإستغناء عن الخدمة دون الإستغناء عن رقبة صاحبها، وفى هذا نجد أن خيل الحكومة فى مصر عند التسريح أفضل حالا من رجال حكومتنا إذا حلت عليهم لعنة التسريح غير المريح.9: تنصيب أسمرا نفسها حكما عدلا بين شعوب القرن بإحتضان معارضات دول الجوار خاصة دفاع الرئيس المستميت عن الصومال ومعارضته ” محظية ” أسمرا لدرجة يتمنى فيها المواطن الإرترى أن يكون صوماليا ليحظى بحب وشفقة الرئيس وقلبه الحــــــانى على هذا الشعب.10: لقاءات الرئيس فى الفضائيات العربية والعالمية العقيمة والتى ينتهى كل سؤال يطرح فيها عليه بسؤال مقلوب للسؤال المطروح حتى تنتهى المقابلة ” بالعكس” وهى الإجابة الثابتة لكل سؤال.هذا الموجز وستنبئ الشهور القادمة ” بحوله وقوته” بتفصيل المقالات الساخرة من أقبح وجوه الدكتاتوريات على الإطلاق .نعود لصاحبة “الجلالة المهانة” فى شوارع أسمرا وحواريها، وفى هذا، الصدد، يحكى أنه يا سيدى الرئيس، فى أحد شهور صيف عام 92 كنت قد كتبت مقالة عن عظمة سعادتك وأنت تخطب فى الجامعة العربية وتعلن لهم عدم موافقتك إنضمامنا إليهم نظرا لتخاذلهم عن دعم جبهتك قبل الإستقلال وعدم إكتراثهم بالقضية الإرترية فى نضالها ضد إثيوبيا ووو … الخ، وكنت وقتها ناقمة على العروبة بسبب غزو الكويت وتحريره على يد عاصفة الصحراء وثعالبها ، والتخاذل العربى العربى _القائم حتى تاريخه_ ممثل فى قرارات الجامعة العربية التى ” لا تودى ولا تجيب” وممتغصة من القمم القيعانية الكثيرة فى شرم شيخ الرئيس المخلوع، فى ذات الوقت كنت تواقة لأن أرى أحد أبناء بلدى قائدا فذا وبطل حقيقى ومعاصر فما أكثر أبطال أمتنا الذين لم نتحسس وجودهم غيبهم الموت وأشياء أخرى، ورأيت فيك شجاعتين وقتها ، تحرير بلادنا من العدو، وعدم الزج بنا فى جامعة أقصى ما تملكه عصى تهش بها على وقفها من البهائم ، نشر وقتها مقالى فى وحيدتكم ” إرتريا الحديثة ” بنفس هذا الإمضاء، وكانت الصحف المصرية أيضا قد عبرت عن إعجابها بالشخصية القوية للرئيس الشاب وقتها خاصة وأنه ألقى خطابه بعربية نظيفة أدهشتهم ولكن لم تخفى إستيائها من مواقفه من الجامعة العربية ، ثم مرت السنوات سراعا لأدرس ” السلطة الرابعة ” وأتخرج من بلاط صاحبة الجلالة وأتخصص فى مسحه ، وقد طلب إليى فى حفل التخرج أن ألقى قصيدة بإسم الدفعة التى دشنت إعلام الأزهر للفتيات فكتبت قصيدة كان مطلعها قسم وعهد لا لصحيفة ولا مؤسسة بعينها ولا حتى وزارة إعلام ولا دولة بل لله وحده وللضمير قلت فيها ،،،،،،عهدا لله علينا تسطر نوارا أقلامنا *** جندا للحق أتينا ينطق صدقا إعلامناوكان لزاما على أن أوفى قسمى ما كتبت حرفا فى قضية ما تخص بلادى أو غيرها طالما كانت بمهنية وحرفية ومسؤلية وضمير، لذلك عندما تنبهت وأفقت كباقى الشعب على مهانة لم يسبق لها مثيل على يد سيادة بطل الأمة وراعنى ما يصيب شبابنا من أهوال بحثا عن أمل فى الحياة، فى الوقت الذى كان من المفترض إحتوائهم وإستثمار طاقاتهم فى خدمة الوطن وإسثمار شجاعاتهم وبطولاتهم التى أجبروا على إبداعها و إثباتها فى فن الهروب من الوطن فى النهضة ببلاد مثلت ملحمة وطنية فى الإنعتاق الذاتى وكان ينتظرها مستقبل يراهن عليه ، فأشهرت قلمى بما أستطيعه من قوة مكتوبة لنصرة أهم قضاياى على الإطلاق واضعة أمامى حديث المصطفى ” أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ” فكاشفت المظلوم حولا كاملا بأسباب ظلمه لكى يرفها عن كاهل كلينا ، ثم تحولت لأستجدى الظالم بالنصح ” لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى” ، والإستجداء ” لأنه فى مركز قوة يستحق معها إستجداء ما عنده، بعد أن تبين لى أنه بالفعل أنه يملك عصى غليظة يهش بها على شعبه طاردا لهم عن أرض الوطن بدبلوماسية خطيرة تتفق مع سياسة التغيير الديمغرافى ” المأمور ” بتنفيذها فى البلاد وتتناسب مع المصالح العليا للأيادى الخفية اللامع نجمها فى عز سماء الشرق مخيفة الهلال العربى وفضائياته والتى تقف وراء قوة الرئيس وصمود نظام حكومته ” المؤقته ” حتى تاريخه، و الذى يضمن وجود منفذ ومتنفس ” غير عربى” فى بحر أحمر تكتمل حلقة عروبته بشواطئنا ” وهو سر قرار عدم الإنضمام للجامعة العربية ” ، لتعود الفئة غير المرغوب فيها وفى لغتها وديانتها من حيث أتت سارحة فى بلاد الله الواسعة ولكن هذه المرة لجوء ونزوح بيد إبن جلدتهم لا بيد عمر الحبشى ، ومن بقى داخل السجن الفسيح يستخدم آدميته فى حالتين فقط، عند النطق والإقرار بما رأى وسمع وما يتوقع أن يسمع، أوعند المشى فى إعجاز ” الشدة ” حيث يثبت وقتها إنه ليس من ذوات الأربع، فيما عدا ذلك ، يعود إلى القطيع لينضم تحت لواء عصى راعيه طويل العمر و اليد واللسان.وقد أثبتت الشائعة الأخيرة للنظام فى أسمرا بالدليل القاطع أن المرحومة صاحبة الجلالة لا تملك حتى ” حوش ” تدفن فيه وجهها أو تراب يعفره أبناؤها ويحدثوا فيه عن غبار الدولة ناهيك عن ” بلاط ” يمسحوا فيه سموه وحاشيته وزبانيته أو يتقصوا فيه حقائق ليخبروا بها ، فالسلطة الرابعة وإن كان لها مجازا ” حوش ” ممثل فى صحيفة وحيدة و فضائية ، فصاحبة الجلالة صورة من مومياء محنطة مدفونه فى غيابات جيب الحكومة ومن ثم مدفونه فى الحوش المسور بسلاسل من قيود لا ينفذ منها للدنيا سوى إحتفالات وطنية تمجد الشعبية أو صور الرئيس وهو يمشى أعزل ويرقص بين شعب يهرول من وراءه فرحا ، أو مواقف الرئيس العظيمة وهو يوارى أحد رفاق النضال الثرى، وأما أجمل ما يمكن أن تسمعه وتراه على الإطلاق ” الشنقروا ” وكأنها غاية شعب يتمرق فى النعيم، و أما ما ينفذ له من معلومات عن الدنيا لا يتعدى غرائب دول أسيا وأمريكا اللاتينية وعجائبها الترفيهية أو مصائب بلدان بسبب ثورات الطبيعة وإعصاراتها لا الشعوب و ثوراتها ، وبهذا تكون السلطة ” التابعة ” قد حققت تبعيتها و ” سلطتها ” بفتح السين واللام وسكون التاء.وحيث أن كل فتاة برئيسها معجبه، وأن من شابه رئيسه فما ظلم شعبه، فإننى سأستعمل حقى فى مشابهة سعادة الرئيس وهو يتحدى ” ماما أمريكا” ويناطحها فى اللوم والعتاب والندية شفهيا نافشا ريشه وواضعا رأسه برأسها ، كذلك أفعل كتابيا ناثرة حبرى وواضعة قلمى فى محبرته ، وما حجمى بالنسبة لرئيسى إلا كحجم أسمرا بالنسبة لواشنطن، غير أن ” حضن خاله مريكا ” الدافى وهى جالسه على تل المخروبة، يهدىْ أعصاب أونكل سام ويعتذر عن شقاوة رئيس ( ظغنون ) ،و واشنطن دائما تغفر لمن تشاء و ” تقرص ودن ” من لا تشاء متى خدم مصالح التل ، لكننى لا أخفى فى ذات الوقت إعجابى بحنكة رئيس يذكرنى بالمثل المصرى القائل ” ياما فى الجراب يا حاوى” حيث أن جيب الحاوى لا يفرغ تجد فيه كل ما لا تتخيل وهو عين لعبة السياسة التى يجيدها رئيسنا واضعا يده فى جيبه والشعب مشدوه له والمعارضة فاغرة فاها تنتظر ما يخرجه الحاوى وهل يحول المنديل الأبيض إلى حمام زاجل يحمل رسالة وعيد، واضعا كل مثبتات إحكام الإلتصاق بكرسى الحكم فى جيبه من كبارات رؤوس القوى المتواجدة بالمنطقة، مع إيهام الجميع أن أسمرا محظية خاصة به.عموما سرهذه الثقة التى خرجت بها أسمرا فتية وعفيه للعالم ، لم يعد خافيا ، وسر بقاء أسياس فى سدة الحكم حتى الآن رغم إداناته الكثيرة هو ذات السر الذى يبقى على أفراح البشير وعصاه عاليا رغم مذكرة توقيفه، وهوذات العامل المشترك الذى ظل يدرب جنوب السودان على رفع الأثقال مليا ليخرج للعالم بعضلات مفتولة ربما إنتصر بها لإنفصال دارفور وكردفان قريبا بمباركة تمثال ” الحرية “، ومن الطبيعى لقواد العالم -الديمقراطيين فى أنفسهم وشعوبهم وأندادهم ،الدكتاتوريين على المستضعفين فى الأرض- أن يتبنوا الديكتاتوريات التى تخدم المصالح بل و يزيدوها هيبة بالسماح لها بالندية والتحدى، وبلادنا كنموذج ولا أعظم لدكتاتورية العالم الثالث التى تتحكم فى شفاه أبناء الوطن فردا فردا، من الطبيعى أن تستأثر بصحيفة وفضائية يتيمتين، فإعلام الداخل ممنوع من الصرف ومكتوم الكوادر صوت وصورة وهو حق مكفول لكل دكتاتورية تحكم شعب ميت فى جلده بالداخل أو هارب بجلده فى الخارج ، ومتى حك هذا الشعب جلده بظفره وتولى وحده جميع أمره ” وشغل مخه” لتوحيد صفه وصوته وتقوية شوكته بإستعمال الدهاء فى إستمالة قوى ذات نفوذ موازيه للقوى التى تدعم النظام ، أو منافسة النظام فى الإستئثار بمن يدعمه ويقف وراء جبروته بعمل شىء يثبت لهذه القوى أن الكلمة العليا ستئول للشعب وممثليه الأكفاء الذين يحملون آماله وطموحاته ليضعوها قيد التنفيذ بسواعدهم وأن صوت الشعب موحد خلفهم وأن المصالح المستقبلية ستكون مرهونة بهم، والسياسة قائمة على المصالح التى تضرب بكل القوانين والتشريعات و الإتفاقيات عرض الحائط، فربما تعادلت كفة الميزان المائلة بكاملها لصالح النظام، لتكافىء شعب على صبره وسلوانه حينا من الدهر.حنان مرانhmaran1@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى