تقارير

اللاجئون الارتريون … قضية شعب يتجاهلها المجتمع الدولي

17-Jan-2014

عدوليس نقلا عن موقع الخلااص

قدم الأستاذ / صالح محمد عثمان الامين العام للحزب الإرتري للعدالة والتنمية في منتدى العلاقات العربية والدولية بالعاصمة القطرية الدوحة ورقة تحت عنوان (اللاجئون الارتريون … قضية شعبيتجاهلها المجتمع الدولي ) وذلك في الندوة التي نظمها منتدى العلاقات العربية والدولية بالعاصمة القطرية الدوحة يوم 14 يناير الجاري بعنوان ( اللاجئون في الوطن العربي ) استهدفت الحديث عن لاجئي الدول : أرتريا ، فلسطين ، سوريا . وقد حضر الندوة لفيف من المهتمين وأصحاب القرار كما بثت الندوة على قناة (الجزيرة مباشر) .تعميميا للفائد ننشر النص الكامل لها .

بسم الله الرحمن الرحيم
اللاجئون الارتريون … قضية شعب
يتجاهلها المجتمع الدولي
مقدمة :
ربما قليلون من النخب والسياسين والمثقفين في العالم العربي يعرفون اويذكرون ان ارتريا ـ هذا البلد الذي يشكل جسرا للعروبة والاسلام الى افريقيا ويقع على الشاطئ الغربي للبحر الاحمرـ كانت مسرحا لحرب ضروس ، استمرت على مدى ثلاثين عاما متواصلة ، والتي وصفها بعض الكتاب والاعلاميين العرب ، بأوصاف عديدة منها : قضية شعب منسية .. بركان القرن الافريقي ..عارنا في ارتريا ..أطول حرب في افريقيا .. انها حرب كلفت شعبنا عشرات الآف من الشهداء والجرحى والمعاقين والأرامل والأيتام ومئآت الآلاف من اللاجئين في الدول المجاورة ودول العالم المختلفة.
اضاءة :
مصطلح اللجوء : يطلق مصطلح اللجوء عادة على حالات انتقال أشخاص أفراد كانوا أو جماعات من بلدانهم وأطانهم الاصلية الى بلدان اخرى لطلب الاقامة والحماية فيها . وهناك اسباب عديدة لقضايا اللجوء في العالم منها الحروب والنزاعات الاثنية والعرقية والممارسلات القمعية وكافة اشكال الاضطهادات السياسية والدينية والارهابية والثقافية التي ترتكب في حق الأفراد أو الجماعات … كما أن هناك تصنيفات لحالات اللجوء حسب الجهات القانوية والحقوقية الدولية منها : اللجوء السياسي … اللجوء الديني … واللجوء الانساني …
رحلة اللجوء في ارتريا : صاحبت قضايا اللجوء حياة الشعب الارتري على مدى نصف قرن من الزمان ولعل الكثيرون في العالم عموما وفي العالم العربي والاسلامي خصوصا ، ظنوا ـ ولهم العذر في ذلك ـ ان ملف اللجوء في ارتريا طوي وانتهى بتحرير الشعب الارتري لوطنه من الاستعمار الاثيوبي في عام 1991م ، لكن الحقيقة المرة والماثلة امام العالم اليوم هي : أن ملف اللجوء في ارتريا لم ينته ولم يطو بعد ، بل هو ملف لايزال مفتوحا ومتجددا يوما بعد يوم حيث مايزال يتدفق الارتريون الى الدول المجاورة وحتى الى الدول البعيدة ، هربا من جحيم الحياة السائدة في ارتريا في مأساة يلفها الاهمال والنسيان . وطالما نحن هنا بصدد الحديث عن قضايا اللاجئين الارتريين ، فيمكن تقسيم حياة اللجوء في ارتريا الى عهدين أو مرحلتين مختلفتين هما : اللجوء في مرحلة الاستعمار الاثيوبي واللجوء في مرحلة ما بعد الاستقلال .
مرحلة اللجوء الاولى :
كانت حرب الاستقلال هي السبب الرئيس والمباشرلقضية اللجوء في ارتريا في هذه المرحلة . حيث بدأ اللجوء بالشخصيات السياسية النافذة التي تعرضت لمضايقات شديدة من اثيوبيا بسبب رفضها لسياسات إثيوبيا الطائفية وممارساته الاستعمارية ، واشتدت موجة اللجوء بعد أن الغت الحكومة الاثيوبية الحكم الفدرالي من جانب واحد وأعلنت ضم ارتريا اليها واعتبرتها احدى المقاطعات الاثيوبية ، وتصاعدت روح المقاومة والثورة حتى وصلت الى حالة الغليان والغضب الشعبي في اوساط الارتريين. واندلعت حركة المقاومة الوطنية السياسية والمسلحة ممثلة في جبهة التحرير الارترية من اجل التحرر والاستقلال من الاستعمار الاثيوبي .
وقد قابلت اثيوبيا توجه الارتريين وحركتهم نحو التحرر بحملات قمع قاسية وملأت السجون والمعتقلات من المناضلين الارتريين بل مارست التصفيات الجسدية في حق الكثيرين من أبناء الوطن كل ذلك بهدف نشر الرعب والخوف والإرهاب في اوساط الشعب للحد من تأييده للثورة التحررية الوطنية .
سياسة الارض المحروقة والابادة الجماعية :
لم تثن الارتريين حملات القمع والاعتقالات والسجون والتصفيات الجسدية التي مارستها سلطات الحكم الاستعماري عن الوقوف خلف ثورتهم الفتية التي كانت تعبر عن أحلامهم ورغباتهم في الحرية والاستقلال عن الاستعمار الاثيوبي . لذا صعدت السلطات الاستعمارية الاثيوبية من اساليب ووسائل مواجهتها للثورة الارترية ، فتبنت ما عرف في حينه بـ سياسة الارض المحروقة او ارض بلاشعب ، فقامت بحملات الابادة الجماعية في معظم انحاء المدن والقرى والريف الذي كان يشكل الحاضنة الاجتماعية للثورة الارترية ، وقد بلغت حملات الابادة الجماعية ذروتها في عام 1967م حيث تم حرق وتدمير(62) قرية وبلدة ارترية وابادة المئات من المواطنين العزل خلال شهر واحد هوشهر فبراير من ذلك العام .
تدفق اللاجئين واتجاهات اللجوء في ارتريا :
امام هذه الابادة والمذابح الجماعية اضطرت جموع من الشعب الارتري الى التفكير في اللجوء ، فبدأت بذلك اول موجات اللجوء في في ارتريا في شهر مارس 1967م.
اتجه اللاجئون الارتريون في البداية الى الدول المجاورة لارتريا وهي السودان وجيبوتي واليمن لكن السودان كان له النصيب الأوفر من اللاجئين الارتريين ، حيث بلغ عددهم في السودان وحده قرابة المليون لاجئ ارتري حسب تقاريرالمفوضية السامية للاجئين ، كما ان هناك جهات مسؤولة في السودان تشير دائما الى وجود اعداد كبيرة من اللاجئين الارتريين تقدر بمئات الالآف غير مسجلة في سجلات مفوضية اللاجئين بالسودان .
عودة اللاجئين الارتريين الى وطنهم بعد الاستقلال :
فرح الارتريون كثيرا بتحقيق حلم الاستقلال والتحرر من الاستعمار الاثيوبي بعد نضال مسلح استمرلأ كثر من ثلاثة عقود كاملة كانت مليئة بضحيات جسيمة قوامها القتل والحرق والدمار واللجوء وآلاف الشهداء .
وفي غمرة مشاعر الفرح ونشوة الانتصارالوطني الكبيرمن جهة ، وللتخلص من آلام ومعاناة اللجوء ، اندفعت اعداد كبيرة من اللاجئين الارتريين للعودة الى الوطن وعلى نفقاتها الخاصة ، حيث لم يكن باستطاعتهم انتظار التدابيرالبيروقراطية وعقد الاتفاقيات بين الدول المستضيفة للاجئين والامم المتحدة ودولة ارتريا الوليدة لكي تعيدهم الى وطنهم بصورة رسمية ومنتظمة وعرفت تلك العودة التلقائية والعفوية بـ (العودة غير المنظمة او غيرالرسمية ) وتقدر بعض الجهات عدد اللاجئين العائدين على نفقاتهم الذاتية بعشرات الألاف .
ثم تلت ذلك ما سميت بـ (العودة المنظمة ) التي تمت بموجب الاتفاقيات بين الاطراف الثلاثة السودان والامم المتحدة وارتريا والتي اعترتها الكثير من التعقيدات والمشاكل والتأجيلات بسبب سياسات ومواقف النظام الارتري المتقلبة ، ومطالبتها للمجتمع الدولي بمبالغ كبيرة مقابل اعادة هؤلاء اللاجئين الى وطنهم ، وقد عادت بموجب هذا الاتفاق في نهاية المطاف اعداد من اللاجئين بلغ عددهم ( 104323 ) لاجئ من اصل (579000 ) لاجئ حسب احصائيات عام 1991م وهو العام الذي تحررت فيه ارتريا ، مع العلم ان هذه الاحصائيات ليست دقيقة ، فبحسب تقديرات بعض الجهات المعنية بملف اللاجئين ان العدد الحقيقي للاجئين الارتريين كان اكبر من هذا الرقم بكثير . والجدير بالملاحظة أن أغلب هؤلاء العائدين لجأوا الى السودان ثانية لتعذر العيش في المخيمات الجديدة التي وضعتهم فيها الحكومة الارترية بدلا من اعادتهم في موطنهم الأصلي.
الرافضون للعودة الى ارتريا : بالرغم من اعداد العائدين المشاراليهم اعلاه ، فانه لابد ايضا من الاشارة هنا الى بقاء ما يقارب ثلاثة اضعاف من عادوا الى ارتريا ، من اللاجئين قرروا البقاء في بلدان اللجوء نتيجة لتفضيلهم معاناة اللجوء على السياسات القمعية للنظام الارتري الذي كان يمارس الكثير من انواع الظلم والدكتاتورية حتى في مرحلة الثورة .
رفض التوطين : طرحت المفوضية السامية للاجئين في عام 2004م برنامج التوطين حيث قسمت اللاجئين الإرتريين الى ثلاثة فئات فئة يجب ان تعود لأنها ليست لها مشكلة مع النظام القائم في ارتريا ، وفئة يمكن توطينها في السودان وتدفع مقابل ذلك مبالغ لتاهيل المنطقة التي ستستوعبهم ، وفئة ثالثة يمكن توطينهم في بلد ثالث ، الا ان أغلب الارتريين رفضوا فكرة التوطين وتمسكوا بحقهم كلاجئين ارتريين يجب تقديم الخدمات لهم في مناطق اللجوء وحل مشكلتهم الرئيسة للعودة الى وطنهم الأصلي.
المرحلة الثانية من قضية اللجوء ودواعي تجددها :
ما ان هدأت مشاعرالفرح الغامر ونشوة وضوضاء الاحتفالات بالانتصار الوطني لدى الشعب الارتري ، فتح الارتريون اعينهم على واقع جديد في ارتريا …. فوجدوا وطنا تحول الى سجن مظلم … تمارس فيه اسوأ انواع الانتهاكات لحقوق المواطنة …
ونتيجة للاحباطات والصدمات الهائلة التي أحدثتها هذ الاوضاع اتجه الارتريون مرة أخرى من جديد الى اللجوء الى الدول المجاورة وغيرها هربا من جحيم سياسات نظام الجبهة الشعبية الحاكم في ارتريا ، وقد بدأ اللجوء مجددا من عام 1995م بالنسبة للمسلمين بسبب السياسات الطائفية للنظام ، ومن عام 2001م شملت المكونات الارترية كافة السياسية منها والدينية والإنسانية ، وتكثفت من عام 2007م في فئة الشباب ، وما زال اللجوء مستمرا حتى يومنا هذا . شملت السياسيين والدبلوماسيين والضباط والرياضيين وغيرهم رجالا ونساء واطفالا.
الدول المستهدفة باللجوء :
اولا : الدول المجاورة لارتريا :
عادة ماتتجه موجات اللجوء الاولى الى الدول المجاورة لارتريا ، فكانت دول السودان وجيبوتي واليمن والسعودية واثيوبيا التي دخلت هذة المرة (كبلد مستضيف للاجئين الارتريين)هي الوجهات المقصودة للاجئين الارتريين في المرحلة الاولى من اللجوء وقد وصل بالفعل عشرات الآلاف من اللاجئين الى تلك الدول منذ ان تجدد لجوء الارتيين في عهد ما بعد استقلال ارتريا . ثانيا : الدول الاخرى :
لم يقتصر توجه الاجئين الارتريين هذه المرة الى الدول المجاورة ، بل اتجهوا الى دول اخرى كثيرة من دول العالم . فقد توجهت افواج من اللاجئين الى دول بعيدة مثل مصروليبيا واسرائيل في الشرق الاوسط وعدد من الدول الاوربية كالسويد والنرويج والمانيا وبريطانيا وهولندا وسويسرا وفرنسا وايطاليا وحتى كندا وامريكا واستراليا وغيرها وذلك بسبب الكثير من المعانات والتحديات التي واجهها اللاجئون في بلدان اللجوء المجاورة لارتريا .كما ان اعدادا من اللاجئين الارتريين اضطرتهم الظروف الى التوجه نحودول القارة الافريقية حيث يهيمون على وجوههم في بلدان مثل كينيا ويوغندا وجنوب السودان وجنوب افريقيا ونيجيريا لكن لابد من الاشارة الى عدم توفر احصاءات دقيقة عنهم ولا احد يعلم طبيعة الظروف والمعاناة التي يعيش فيها هؤلاء .
وهنا لابد من الاشارة بشئ من التفصيل الى اوضاع اللاجئين في بعض البلدان التي يتركزون فيها وذلك على النحو التالي :
السودان :
بدأت عمليات الفحص القانوني في شهر ينايرمن عام 2004م للاجئين الارتريين المتدفقين بكثافة الى الحدود السودانية وتم استقبالهم في مخيم ودشريفي إلا أنه ومع تزايد الاعداد تم نقل مخيم الاستقبال لمخيم الكيلو26وفي الفترة من (2004م ـ2007 م) تم استقبال 82700 لاجئا اوطالب لجوء بعدها تم نقل اللاجئين الى مخيم الشجراب حيث بلغ عدد اللاجئين المسجلين في الفترة من (2008م ـ 2010 م) في هذا المخيم حسب تقارير رسمية (97.700) لاجئ ولاجئة .من يناير 2010م حتي 26 ديسمبر 2013م بلغ عدد اللاجئين الارتريين المسجلين (64840) لاجئ ولاجئة منهم عدد (1300) طفل دون سن الخامسة عشر .
شكل الشباب الارتري من سن 15عاما حتي35عاما نسبة (80% ) من اللاجئين الارتريين في هذا العهد اما نسبة الاطفال وسط اللاجئين الجدد فتبلغ 10% من مجموع اللاجئين كما بلغت نسبة النساء في العام2010م وحسب احصائيات رسمية 27% من جملة اللاجئين البالغ عددهم عشرون الف لاجئ .
وبهذا يصل جملة اللاجئين الارتريين المسجلين رسميا في السودان في سجلات اللاجئين للفترة من عام 2004 وحتي عام 2013م (162.540) لاجئا ولاجئة هذا غير الذين دخلو السودان ولم يتم إدارجهم في كشوفات اللاجئين وهم جدا كثيرون .
اما اللاجئون الارتريوين القدامى في السودان فيقارب عدد هم (600,000) لا جئ يتوزعون على (12 مخيما) بعد أن تم دمج وتقليص المخيمات ال (29) المنتشر في الولايات الشرقية بالسودان هذا عدا الاعداد الكبيرة من اللاجئين غير المسجلين والذين يعيشون في المدن والقرى السودانية بحكم التداخل الاجتماعي بين ارتريا والسودان .
اثيوبيا :
أعداد اللاجئين : وصل عدد اللاجئين الارتريين في اثيوبيا بنهاية عام 2013م الي 86010 لاجئا ولاجئة ويتوقع ان يصل هذا العدد بنهاية العام الحالي الي 116750 لاجئا وبمعدل شهرى من 2500 الي 3000 لاجئ يتوزعون علي 6 مخيمات في اقليمي تجراي والعفربشمال اثيوبيا . ودخل خلال شهر يونيو 2013م لوحده فقط 4600 طالب لجوء من خلال 16 نقطة عبور بين البلدين . ويمثلون كل الفئات العمرية من سن الرضاعة الي ما فوق ال60 عاما من العمر يمثلون كل المهن والفئات : عمال ، طلاب ، جنود وضابط الجيش والشرطة والديبلوماسين … الخ ، ومن كل الاثنيات والديانات .
عدد المخيمات : توجد في اثيوبيا عدد (6) مخيمات للاجئين الارتريين موزعة على الاقاليم على النحو التالي :
أ?. اقليم تجراي : وتوجد فيه مخيمات : شملبا تم تأسيسه في عام 2004م وماي عيني في عام 2008م وعدي حريش في 2010 وساسرات في 2013م .
ب?. اقليم العفر : وتجد فيه مخيمات : برحلي وعدوكوة . وتوجد مخيمات اخرى صغيرة اقامها الاهالي .
وتقدم المفوضية السامية للاجئين في هذه المخيمات مواد الاغاثة بصورة منتظمة فتحت الحكومة الاثيوبية في السنين الاخيرة فرصا محدودة في التعليم للذين انقطعوا عن الدراسة خاصة المستوي الجامعي بالتعاون مع المفوضية السامية حيث تتحمل المفوضية من التكاليف التعليمية نسبة 25 % والباقي 75%علي الحكومة الاثيوبية .
اليمن :
لاتوجد احصائية رسمية للاجئيين الارتريين في اليمن بالرغم من قدم اللجوء فيها ويقدر عددهم بعدة آلاف غالبيتهم في معسكر الخوخة الذي انشئ في غام 1977م كما توجد اعداد في بعض المدن مثل تعز وحديدة وصنعاء .
جيبوتي :
يبلغ عدد المسجلين في جيبوتي حوالي (500) لاجئ ولاجئة معظمهم من الجنود الذين هربوا من الحرب بين ارتريا وجيبوتي ويوجد من ضمنهم اعداد من العائلات ويعاني اللاجئون الارتريون هناك نقصا شديدا في الخدمات المختلفة ويشكون من قلة الاهتمام بقضاياهم ، كما توجد اعاد أخرى من اللاجئين الارتريين غير مسجلة في سجلات رسمية بحكم التداخل الاقليمي والاجتماعي .
اسرائيل :
يقدر عدد اللاجئين الارتريين الذين دخلوا الى اسرائيل بـ (40.000) لاجئ ارتري من أصل (60,000 لاجئ افريقي) كلهم من الشباب ووصلوا اليها بواسطة المهربين وعصابات التجارة البشرية عبر طرق صحراء سيناء ، يعيشون في مخيمات مغلقة ، ومهددون بالترحيل القسري الي بلدهم ، إلا أن الحكومة الاسرائيلية لا تعترف بهم كلاجئين ، مع أنهم طالبوا اسرائيل الى الاعتراف بهم كلاجئين كما ظلوا يناشدون المجتمع الدولي بالوقوف الى جانبهم في مطالبهم المشروعة . بينما تحاول اسرائيل اعادتهم الى ارتريا التي هربوا منها أو الى دولة ثالثة لي افريقيا مقابل مبالغ مالية تدفعها لتلك الدولة.
معاناة اللاجئين في بعض الدول المستضيفة اواثناء رحلة اللجوء :
كثيرة هي التحديات والمعاناة التي تواجه اللاجئين الارتريين في الدول التي يعيشون فيها او في طريقهم الى الدول التي يقصدونها ويمكن هنا الاشارة الى ابرزها على سبيل المثال لا الحصر :
I.1.النقص الحاد في الخدمات : يعاني اللاجئون في المخيمات من نقص في امدادات الغذاء وخدمات الرعاية التعليمية والصحية والمياه الصالحة للشرب …الخ وذلك بسسب تنصل المنظمات الدولية عن تحمل مسؤولياتها وواجباتها تجاه اللاجئين الارتريين في العديد من البلدان من جهة وللحالة الاقتصادية المتردية في اوساط اللاجئين في المخيمات التي يعيشون فيها ، حيث لا يسمح لهم بالعمل والتنقل الا عبر تصاريح مرور . ومع أن كلا من الحكومة السودانية والإثيوبية قد وقعتا على اتفاقية 1951م المتعلقة بحقوق اللاجئين والمادة 26 من هذه الاتفاقية المتعلقة بحرية التنقل للاجئين الا أنهما يتحفظان عليها . وكنموذج لندرة الخدمات نأخذ التعليم في مخيمات اللاجئين في السودان فالأطفال الذين هم في سن التعليم بمرحلة الأساس تصل نسبتهم الى 49% ونسبة 51% لا يجدون فرص التعليم .
II.2.المهددات الامنية الخطيرة : يتعرض اللاجئون في بلدان اللجوء الى مهددات كثيرة وأخطرها الاغتيالات والاختطافات من قبل اجهزة استخبارات النظام الارتري التي تلاحق اللاجئين الارتريين في بعض البلدان .
الاعادة القسرية : وفقا ل هيومن رايتس ووتش “إن نحو 80 في المئة من طالبي اللجوء الاريتريين “يمنحون شكلا من أشكال الحماية في جميع أنحاء العالم بسبب المخاوف الحقيقية التي سيتعرضون لها في بلدهم في حالة عودتهم ومنها عقوبة التهرب من الخدمة العسكرية الغير متناهية اضافة الى انتهاكات أخرى واسعة لحقوق الإنسان”. وبالرغم من ذلك فان عددا من الدول قامت باعادة عدد من اللاجئين الإرتريين قسرا الى بلدهم مثل (مصر والسودان وليبيا ومالطا ) فعلى سبيل المثال اعادت الحكومة المصرية عدد 1200 لاجئ ارتري قسرا الى ارتريا في عام 2008م ، كما أعادت السلطات السودانية عددا من اللاجئين في اوقات مختلفة ، وكذلك من ليبيا في عهد القذافي ولا يزال اللاجئون الارتريون في كثيرمن دول العالم الثالث يطاردهم شبح الإبعاد والاعادة القسرية كل يوم ، ولا شك ان مصير أولئك العائدين سيكون إما الإعدام ، أو الموت البطيء في سجون تحت الارض.
I.3.الموت ظمأ وجوعا وغرقا : يتعرض المئات وربما الآلاف من الارتريين لمخاطر الموت اما عطشا وجوعا في الصحارى اوغرقا بالجملة في البحار حيث اصبحت صحارى ليبيا وسيناء مقابر جماعية لمئات الشباب من الارتريين من الجنسين الذكور والاناث ، كما ابتلعت البحار بين كل من ليبيا وايطاليا وبين تركيا واليونان جثث الكثيرمن فتيان وفتيات ارتريا وهم يحاولون اللجوء الى تلك الدول ، وليست حادثة غرق سفينة اللاجئين الارتريين قبالة سواحل جريرة لمبيدوزا ببعيد من ذاكرة العالم الذي صعق من هول الصدمة التي راح فيها من اللاجئين الارتريين وحدهم (361) لاجئا ولاجئة .
II.4.الاتجار بالبشر :
بعد تجدد موجات اللجوء المتتالية للارتريين برزت الى الوجود ماسميت ( بالتجارة القذرة) عبرعصابات الاتجار بالبشروفي الاعضاء البشرية (تجارة الجملة والقطاعي ) وهي من اشد المخاطر التي تواجه اللاجئين الارتريين اثناء رحلاتهم للجوء .
وفي تقرير قام به ثلاثة من الباحثين الأوروبيين ، خلص إلى أن معسكرات التعذيب وعصابات التهريب في مناطق مختلفة تسببت في مقتل اعداد تتراوح بين (5000 الى 10000 لاجئ) في الفترة من 2009م الى 2013 م معظمهم من إريتريا .
وتوجد حسب التقديرات حوالي 50 عصابة للاتجار بالبشر وقدرت المبالغ التي ابتزتهاهذه العصابات 600 مليون دولار في صورة فدى في الفترة المذكورة ، ووفقا للتقرير فإن أكثر من 90% من الضحايا هم من الإريتريين
وقد نشطت شبكات المافيا الممتدة من داخل ارتريا الى العديد من الدول الاخرى البعيدة والقريبة (السودان وليبيا ومصروحتى اليمن ) . وقد صار اللاجئون الارتريون فرائس سهلة في الحدود الارترية السودانية ومن ثم يساقون (كقطعان الماشية ) واخفائهم رهائن في مخابئ عديدة سواء في السودان اوصحراء سيناء او صحارى ليبيا او حتى في اليمن ، ويبتزون أقارب الضحايا بعد ذلك لدفع عشرات الآلاف من الدولارات مقابل اطلاق سراحهم , اما الذين لايستطيعون الدفع فيتم قتلهم وبيع اعضائهم لعصابات الاتجار بالبشر في صحراء سيناء .
وتتكون عصابات الاتجار بالبشر من شبكات واسعة ومتعددة الاجنسيات تضم في صفوفها الكثيرين من ذوي النفوس الضعيفة من السماسرة والمرتزقة من الارتريين والسودانين والمصريين والليبيين المنتشرين على طول طرق التهريب من داخل ارتريا الى صحارى سيناء وليبيا مرور بالسودان ، كما ان بعض اجهزة الاستخبارات التابعة للحكومة الارترية متهمة بالضلوع في عمليات الاتجاربالبشر .
وذكر التقرير الذي أصدره «فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا التابع للأمم المتحدة» في يوليو/ تموز 2013م أن مسؤولين إريتريين، ومن بينهم مسؤولون عسكريون كبار، أشرفوا على عمليات تهريب الأسلحة والاتجار بالبشر من خلال شبكات إجرامية في السودان وسيناء بمصر. كما ذكر التقرير أن حجم النشاط يشير إلى وجود تواطؤ من الحكومة الإريترية.
وأدرج تقرير الخارجية الأمريكية لسنة 2013 م ارتريا ضمن أسوأ البلدان التي لا تمتثل لأقل المعايير، للقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر .
واشار التقرير الى سعى المهربين وتجار البشر الدولين الى استغلال اللاجئين الإرتريين في مخيمات اللجوء وخاصة في السودان وابتزازهم أو تعذيبهم في طريق نقلهم الى شبه جزيرة سيناء.
المنظمات الطوعية العاملة في اوساط اللاجئين :
هناك عدد من المنظمات الطوعية التي تعمل في مجالات الخدمات المختلفة في اوساط اللاجئين الارتريين ، وبالرغم من وجود فجوة واسعة تتطلب تضافر جهود دولية لتوفير الاحتياجات الأساسية لهؤلاء اللاجئين ، فان هناك بعض المنظمات في السودان تقوم بخدمات مقدرة لسد بعض احتياجات اللاجئين منها:
المنظمةمجالات خدماتها المعسكر
منظمة السقيامياه الشرب والصحة الوقائيةام قرقور ، ودشريفي .
هيئة الاعمال الخيريةالصحة العلاجيةام قور ، والشجرابات .
الهلال الاحمر السوداني الصحة العلاجيةعبودة ، ودشريفي .
معتمدية اللاجئين التعليم الشجرابات ، كيلو26، خشم القربة ، ودشريفي ، عبودة .
مظمة سولو لتعليم الكبار تعليم كباركيلو 26 ، خشم القربة ، الشجراب .
الهلا ل الاحمر السوداني تدريب مهنيالشجراب ، القربة ، عبودة ، ام قرقور ، كيلو 26 ، ودشريفي ، الفاو (5) .
جهاز التعليم الارتري التعليمأم سقطة ، سالمين ، القربة ، أم قرقور، كسلاالهلال الاحمر السودانيبرنامج التمويل الاصغر كل المعسكرات
الهيئة الخيرية للرعاية الاجتماعيةكفالة ايتام ، تعليم ثانوي ، تمليك وسائل انتاج ، حفرآبار، صحة علاجيةكل المعسكرات
جمعية تحفيظ القران الكريم وعلومهتعليم ثانوي ، خلاوي لتحفيظ القران كسلا ، سالمين
إيثار للإغاثةكفالة ايتام ، تعليم ثانوي ، تمليك وسائل انتاج ، حفرآبار، صحة علاجيةجميع المعسكرات
مؤسسة الفجر الخيرية التعليم ، ثانوي ، اساس ، إغاثةالقربة ، القضارف ، ود شريفي كيلو 26
جمعية الاحسان الخيريةالتعليم ، كفالة ايتامودشريفي ، سالمين ، كسلا ، الشجرابات
المعالجات والحلول لقضايا اللاجئين : في ظل هذه الاوضاع المأسوية التي يعيشها اللاجئون الارتريون في عدد من دول العالم ( من اختطافات وتعذيب و قتل وبيع والموت بالغرق في البحار او عطشا وجوعا في الصحارى واغتصاب ) فلابد من ان يصحوا الضمير العالمي ويلتفت الى هذه المأساة ويضع لها بعض الحلول . وهناك في رأينا نوعان من الحلول لمأساة اللاجئين الارتريين وهي :
اولا : الحلول الآنية والمؤقتة في البلدان التي تستضيف اللاجئين وتتمثل في الآ تي :
1.1.تهيئة المناخ وبئة استقرارمناسبة للاجئين بتوفير الحد المناسب من الخدمات في بلدان اللجوء وضمان الحماية الكافية لهم وتيسيرسبل العيش والانتقال الى ان تتهيأ للاجئين فرص العودة الى وطنهم .
2.2.توفير فرص التعليم الكافية لابناء اللاجيئن في المستويات المختلفة من التعليم الاساس الى التعليم العالي في بلد اللجوء اوعبر منح دراسية في بلدان اخري .
3.3. منح الاقامة وحق العمل في البلدان التي يتواجد فيه الارتريون كلاجئين اوجاليات وهذا سيساهم في حل المشاكل المعيشية المعقدة .
4.4.محاربة الاتجار بالبشرالتي تمارسها مافيا وعصابات التجارة في البشر التي يتعرض لها اللاجئون الارتريون بصورة يومية في العديد من البلدان وهنا يجب علي الدول المضيفة والمجتمع الدولي التصدي لهذه العصابات بقوة والقضاء علي هذه الظاهرة القذرة التي تشكل وصمة عار علي جبين الانسانية في القرن الواحد والعشرين .
ثانيا : الحلول الجذرية :
هناك حل ناجع وجذري واحد لمشكلة الاجئين الارتريين وهو حل يتعلق ببلد المنشأ او الوطن الاصلي للاجئين وقد يبدو من اصعب الحلول ولكنه الحل الجذري في نهاية الامر ، وذلك اذا توفرت الارادة الحقيقية للمجتمع الدولي للتحرك بهذا الاتجاه وتبني سياسات ازاء النظام الارتري الذي يعتبر السبب المباشر لقضية اللجوء في ارتريا بعد الاستقلال .
كلمة اخيرة : اذا كانت السياسات القمعية الاثيوبية هي السبب المباشرلقضية اللجوء في ارتريا في عهد الاستعمار !! فان سياسات الاقصاء الطائفي ، والدكتاتورية والقمع والتعذيب والقتل والاستعباد والسخرة التي يمارسها النظام الحاكم في ارتريا اليوم هي السبب المباشر لحالة اللجوء في ارتريا ما بعد الاستقلال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى